ما بعد الحداثة.. التمرد على مفهوم الحداثة


مجلة فكر الثقافية:

بعد الحرب العالمية الثانية، فقد العديد من المثقفين والفنانين في أوروبا إيمانهم بالحداثة التي ارتبطت لديهم بالهوية واليقين والسلطة، لتظهر موجة بعدها سميت بما بعد الحداثة للتعبير عن مرحلة جديدة في تاريخ الحضارة الغربية، من سماتها الشعور بالإحباط من الحداثة ومحاولة نقد هذه المرحلة والبحث عن خيارات جديدة، وكان لهذه المرحلة أثر في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والفنية.

فظهرت أولاً في كتابات بعض المفكرين والفلاسفة، ثم توسعت إلى الأوساط الأكاديمية في أوروبا وخارجها. ومـنذ ستينيات القرن العشرين بدأت تشق طريقها إلى الحياة العامة بدءًا ببعض الفنون، كفن العمارة والرسم والموسيقى.

تعبر كلمة "ما بعد الحداثة" عن مرحلة جديدة في تاريخ الحضارة الغربية تتميز بالشعور بالإحباط من الحداثة ومحاولة نقد هذه المرحلة والبحث عن خيارات جديدة وكان لهذه المرحلة أثر في العديد من المجالات:

في حين أن "الحديث" في حد ذاته يشير إلى شيءٍ ما "متصلٍ بالحاضر"، فإن حركات الحداثة وما بعد الحداثة تُفهَمُ على أنها مشاريعُ ثقافية أو على شكل مجموعةٍ من وجهات النظر. وهي تُستخدمُ في النظرية النقدية لتشير إلى نقطة انطلاق أعمال الأدب والدراما والعمارة والسينما والصحافة والتصميم، وكذلك في مجال التسويق والأعمال التجارية، وفي تفسير التاريخ والقانون والثقافة والدين في وقتٍ متأخرٍ من أواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين.

لكن يجب علينا الإشارة أولاً إلى أنه على الرغم من أن نقد العقلانية هو أحد المحاور الأساسية في ما بعد الحداثة، فهي لا تقدم بديلاً "لاعقلانيًا" عنها. على العكس من ذلك، هي تنتقدها لأنها ليست "عقلانية" ووضعية بما فيه الكفاية. وكما يقول جاك دريدا: «إنها تعرف قبل أن تعرف». أي إنها تفترض مسبقًا ما يجب أن تبرهنه من حقائق، ثم تجد المناهج إلى ذلك، مستخدمة بوعي أو من دون وعي، الرغبات والتمنيات والنزعات الخاصة والقناعات الراسخة منذ عقود. فتصبح الحقيقة التي نحصل عليها، بنظر مفكري ما بعد الحداثة، مجرد صياغة رمزية ولغوية لا أكثر.

في عام 1971 أصدر إيهاب حسن، الناقد الأمريكي المصري الأصل كتابًا لافتًا عنوانه "تقطيع أوصال أورفيوس: نحو أدب ما بعد حداثي"،  وهو عمل مبكر للنقد الأدبي من منظور ما بعد الحداثة يتتبع تطور ما يسميه "أدب الصمت" من خلال ماركيز دي ساد، فرانز كافكا، إرنست همنغواي، صموئيل بيكيت.

مصطلح ما بعد الحداثة Postmodernism يعود بتاريخه إلى تلك الفترة بالذات. ولعل هذا الناقد هو أول من أطلق هذا المصطلح للدلالة على ما أسماه في كتاب لاحق "منعطف ما بعد الحداثة". هذا المنعطف يؤكد على تداخل مفهومي "الحداثة" و"ما بعدها". إذ ليس ثمة من قطع أو انقطاع بينهما، بل منعطف يؤذن بحدوث تغيير في مسار الحداثة نفسها.

وقد لجأ إيهاب حسن إلى الأسطورة اليونانية من أجل شرح المقصود من هذا التحول الذي طرأ على مفهوم الحداثة. واختار لذلك أسطورة أورفيوس على وجه التحديد. لماذا هذه الأسطورة بالذات؟ لأن دلالتها تشير إلى حالة التشظي. كانت الحداثة أو بالأحرى الأيديولوجيات أو الأفكار الشمولية التي تستظل بها، تدّعي أن لديها حلولاً جاهزة لكل المشكلات، وأن التطور البشري يتسم بـ"الخطيّة" أي التحرك على شكل خط صاعد مستقيم في اتجاه التقدم، وبالتالي فإن الحداثة تملك مفاتيح الحقيقة المطلقة. ولكن نزعة ما بعد الحداثة تمثل في هذا السياق بالذات، حركة التحول من الحقيقة المطلقة إلى الحقيقة النسبية.

في واحدٍ من الأعمال الأصيلةِ في هذا الموضوع، وصف الفيلسوف والناقد الأدبي "فريدريك جيمسون" ما بعد الحداثة بأنها "المنطق الثقافي المهيمن للرأسمالية المتأخرة"، التي هي، الممارسات الثقافية المترابطة ترابطًا عضويًا مع العنصر الاقتصادي والتاريخي لما بعد الحداثة ("الرأسمالية المتأخرة"، وهي الفترة التي تسمى أحيانًا الرأسمالية المالية، أو ما بعد الثورة الصناعية، أو الرأسمالية الاستهلاكية، أو العولمة، وغيرها). في هذا الفهم إذن، يمكن أن ننظر إلى هيمنة فترةِ ما بعد الحداثة على أنها بدأت في وقتٍ مبكرٍ من الحرب الباردة (أو، لإعادة الصياغة، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية) واستمرت حتى الوقت الحاضر.

يمكن فهم ما بعد الحداثة أيضًا على أنها ردُ فعلٍ على الحداثة. في أعقاب الدمار الذي لحق بالفاشية، والحرب العالمية الثانية، أصبح العديد من المثقفين والفنانين في أوروبا لا يثقون في الحداثة السياسية والاقتصادية والمشروع الجمالي برمته. في حين أن الحداثة كانت ترتبط في كثيرٍ من الأحيان بالهوية والوحدة والسلطة واليقين، وما إلى ذلك، فإن ما بعد الحداثة كثيرًا ما يرتبط بالفروق، والانفصال، والنصية، والتشكك، الخ.

غالبًا ما ينظر إلى ما بعد الحداثة على أنها ثقافة من الاقتباسات. مثلاً "ذي سيمبسونز" (1989) البرنامج التلفزيوني متقن الصنع الذي يقتبس العصر الكلاسيكي لحكايات السيتكوم (برامج هزلية عائلية).

في هذا المسلسل، تسخر الشخصيات بحظها العاثر من كافة أشكال السلطة المؤسسية عبر الاقتباس اللامتناهي من النصوص الفنية والإعلامية الأخرى. وهو ما يُعرف بـ"التناص"، لكنه يكتسب هنا وعيًا متقدمًا ونظرة ساخرة تطالع العالم بعين ما بعد الحداثة.

العلاقة بالحداثة

تنبع صعوبة تحديد ما بعد الحداثة كمفهوم من استخدامه على نطاق واسع في مجموعة من الحركات الثقافية منذ السبعينيات. حيث لا تصف ما بعد الحداثة فترة بعينها فحسب، بل مجموعة من الأفكار كذلك، ولا يمكن لنا فهمها إلا بالرجوع لمصطلح آخر له نفس القدر من التعقيد وهو الحداثة.

كانت الحداثة فنًّا وحركة ثقافية متنوعة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكان موضوعها المشترك هو كسر التقاليد. ويُفهم معنى ما بعد الحداثة على أنه التشكيك في الأفكار والقيم المرتبطة بأشكال الحداثة التي تؤمن بالتقدم والابتكار، حيث تصر الحداثة على وجود فجوة واضحة بين الفن والثقافة الشعبية، بينما لا تخصص ما بعد الحداثة نمطًا واحدًا من الفن أو الثقافة، بل إنها ترتبط بالتعددية والتخلي عن الأفكار التقليدية للأصالة.

الهندسة المعمارية ما بعد الحداثية

إن نزعة ما بعد الحداثة توصف بكونها انتقائية eclectic. وهذه السمة تتجلى في اعتماد الأعمال الفنية ما بعد الحداثية على عناصر مستمدة من أجناس أدبية متعددة وتيارات وأساليب وتقنيات مستلّة من مصادر متباينة.

وعلى الرغم من أن بعض المؤرخين يشير إلى أن هذه النزعة بدأت في مجال الهندسة المعمارية في مطلع القرن الماضي فإن تداولها شاع في سبعينيات ذلك القرن مع انحسار حد الحداثة وظهور ثقافة ما بعد الصناعة.

يمكن رؤية التحول من الحداثة إلى ما بعد الحداثة بشكل كبير في عالم الهندسة المعمارية، حيث اكتسب المصطلح لأول مرة قبولاً واسعًا في السبعينيات، إذ وصف الناقد المعماري تشارلز جينكس، أحد أوائل مستخدمي المصطلح، إن نهاية الحداثة يمكن أن تعود إلى حدث في سانت لويس في الولايات المتحدة في الخامس عشر من يوليو/تموز 1972 في تمام الساعة 3:32 مساء؛ ففي تلك اللحظة، هدم مشروع الإسكان العام "برويت- إيغو"، الذي بني في عام 1951 واحتفل به في البداية، وأصبح دليلاً على الفشل المفترض للمشروع الحداثي كله.

ويمكن القول إذن إن نزعة ما بعد الحداثة استمرت في استخدام بعض تقنيات الحداثة التجريبية، ولكنّها أظهرت العداء تجاه سمات حداثة أسلوبية معيّنة كالحرص على صفاء الشكل وضرورة البعد عن الهجنة التي يسببها المزج بين مختلف الأجناس الأدبية.

ولعل أحد أبرز سمات النزعة ما بعد الحداثية الاعتراض على ما تدعوه بالسرديات العظمى Grand Narratives، أي محاولة تغيير السلوك البشري من خلال نظرية أو أيديولوجية واحدة كالماركسية أو علم النفس الفرويدي أو البنيوية.

وأما الفكرة المركزية التي تطرحها فتكمن في نفي وجود سردية (أي قصة لها بداية ونهاية) تزعم القدرة على امتلاك الحقيقة (على غرار تلك التي بشرت بها النزعات التي استظلت بالحداثة). وأساس هذه الفكرة هو الاعتقاد أن المجتمع المعاصر متشظ ومنقسم بفعل طغيان ثقافة استهلاك السلع التي توصف بالتفاهة، وتجعل فهم ذلك المجتمع كوحدة كلية أمرًا متعذرًا.

المعرفة أصبحت سلعة!

يصف ليوتارد في كتابه الشهير "حالة ما بعد الحداثة" (1979) المعرفة بأنها لم تعد حاجة بحدّ ذاتها، بل أصبحت سلعة كباقي السلع. وتداولها يخضع للمؤثرات نفسها، خاصة تأثيرات ما بعد حداثية (مثل التشابه بين محرك البحث غوغل والسوبرماركت). ويقول إن التكنولوجيات الجديدة ومنها السيبرانية (لم يكن تعبير التكنولوجيا الذكية قد انتشر) قد أنهت العلاقة بين كسب المعرفة والتعليم. لقد أصبحت المعرفة متوفرة كسلعة وتخضع لقوى السوق، أي إنه لم تعد لها قيمتان فقط كما في عصر الحداثة، أي القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية، بل أضيفت إليها القيمة الدلالية مثل "الماركة" وغيرها. وهذه القيمة الجديدة هي الأهم، وعلى أساسها يتفاعل ويعمل مجتمع الاستهلاك ما بعد الحداثي، وتتمحور حولها العلاقات الإنسانية والحياة العصرية على حسب قوله.

التسويق ودلالاته الاجتماعية الجديدة

تنظر ما بعد الحداثة إلى العلاقات الاجتماعية المعاصرة بطريقة مختلفة كليًّا عما عهدناه. والحال أن كثيرًا من علوم التسويق والدعاية والإعلان والعلاقات العامة وغيرها الكثير، بدأت منذ فترة غير قصيرة بالتأثر بعمق بهذه النظريات. خاصة مع الانتشار الواسع للهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي بدأت تدفع الأدوات القديمة كالتلفزيون والسينما وإعلانات الشوارع إلى الوراء.

يقوم التسويق في عصر ما بعد الحداثة أساسًا على نظرية الواقع الافتراضي المبين أعلاه، إضافة إلى استغلال كثير من أفكار ما بعد الحداثة، ومنها مثلاً خلط الأدوار بين المنتج والمستهلك. أي إنه لم يعد هناك فصل تام بين الاثنين كما كانت الحال في العصر السابق. فالمنتج يخلق حاجات عند المستهلك، والمستهلك بدوره يشارك، خاصة من خلال مواقع التواصل، في عملية الإنتاج. وكذلك تفكيك السوق إلى أجزاء لا حصر لها على أساس مجموعات منفصلة والتعامل مع خصوصياتها ورغباتها (الحقيقية والزائفة) برشاقة وعقل منفتح على التغيير المستمر.

الحال أن التسويق في ما بعد الحداثة يقوم على تحقيق رغبات الفرد ليس بالترويج للسلعة بحدّ ذاتها، بل باعتبارها رمزًا أو دلالة يتم من خلالها الدخول إلى نظام العلاقات الاجتماعية الجديد. فقد أصبحت السلعة في عصر ما بعد الحداثة واسطة ولم تعد هدفاً نستدر منه المنفعة. لذا، فإن المستهلك في هذا العصر لا يكتفي بامتلاك السلعة. فكيف له أن يكتفي وحاجاته تنتمي إلى واقع زائف؟ عليه أن يتسوق ويتسوق، لأن الغاية ليست استهلاك مضمون السلعة بل استهلاك رمزيتها. فهذا النظام ليس جامدًا، تدخل إليه وكفى، إنه متجدد وعليك اللحاق دائمًا.

لقد أصبح التسوق عملية تبادل رمزي للمواقع الاجتماعية المتغيرة باستمرار. وإذا سمحنا لأنفسنا استعارة تعابير حداثية لوصف التسويق، نستطيع القول إنه أصبح عملاً اجتماعيًا يتطلب مهارات من اختصاصات عديدة ورشاقة فائقة وتجدد وتغيير مستمر.

تأثيراتها الواقعية "ما بعد الحقيقة" و "تحولات التعلم"

لم تعد تأثيرات ما بعد الحداثة مقتصرة على تأملات بعض المفكرين والفلاسفة كما كانت الحال في بدايتها. بل تركت تأثيرات عميقة على الحياة العامة في أنحاء متعدِّدة. ومن دون إصدار أية أحكام قيمة، سلبية كانت أم إيجابية، نورد مثلين حيين على ذلك:

فقد اختار قاموس أكسفورد كلمة السنة لعام 2016 تعبير "ما بعد الحقيقة" (Post Truth)، للتزايد السريع في استعماله. وجاء في تبرير اللجنة التي اختارته أن "الوقائع (أصبحت) أقل تأثيرًا في تشكيل الرأي العام من الدعوات العاطفية والقناعات الشخصية".

أما المثل الثاني فهو تربوي ومدرسي. فقد انعقد في نوفمبر من العام الماضي مؤتمرًا تربويًا لمناقشة مشكلات التعليم في دول الاتحاد الأوروبي، شارك فيه ممثلون عن الأساتذة والمعلمين الذين عرضوا ملاحظاتهم حول التحولات التي طرأت على علاقة الطالب بالتعلم، ومفاده أن الطلاب اليوم مختلفون عن صورتهم السابقة: إنهم لا يهتمون بالوقائع والحقائق بحدّ ذاتها. ففي مادة التاريخ مثلاً، يأتي المعلم إلى الفصل وقد استعد بتفاصيل فتوحات نابليون بونابرت ومزودًا بتواريخها ومسارح القتال وأساليب القيادة ومعنويات الجنود، ليفاجئـــه الطلاب باهتمامهم أكثر بسلوكيـات نابليون وذوقه في اختيار زوجاته.

وقد عرض المعلمون أيضًا نماذج من موضوعات أخرى تبيِّن جميعها أن التلامذة لا يهتمون بالوقائع والحقائق وأهميتها في صناعة حاضرنا، بل ما يحيط بها من قصص وشائعات وأقاويل وإصدار الأحكام على القضايا بموجبها. كما لاحظوا أن أجوبة الطلاب عن أسئلة الامتحانات لم تعد تحليلية ووصفية، بل إصدار أحكام على هذه الحقائق، أحكام تفضح وتشوّه دون أن يعلموا حقيقة حيثيات ما يحكمون عليه.

تاريخ مصطلح ما بعد الحداثة

استخدم المصطلح لأول مرةٍ في حوالي سبعينيات القرن التاسع عشر في مختلف المجالات. على سبيل المثال، أعلن "جون واتكنز تشابمان" "نسقًا من اللوحات ما بعد الحداثي" تجاوزا الانطباعية الفرنسية. ثم استخدمها "جي. إم. ثومبسون" في مقالته لعام 1914 في مجلة هيبرت (وهي دوريةٌ فلسفيةٌ فصلية)، وقد استخدمها لوصف التغييرات في المواقف والمعتقدات في نقد الدين: "إن علة وجود مرحلة ما بعد الحداثة هي للهروب من ضعف أفق الحداثة، بأن نكون مُجـِّـدين في نقدها عن طريق توسيع نطاقها لتشمل الدين فضلاً عن اللاهوت، وإلى الشعور الكاثوليكي، وكذلك التقاليد الكاثوليكية ".

في عام 1917 استخدم رودولف بانويتز هذه العبارة لوصف الثقافة التي تنحى منحىً فلسفيًا. جاءت فكرة ما بعد الحداثة إلى بانويتز من تحليل نيتشه للحداثة وغاياتها من الانحلال والعدمية. التغلب على الإنسان الحديث سيكون مرحلة ما بعد الإنسان. ولكن، خلافًا لنيتشه، أشمل بانويتز أيضًا العناصر القومية والأسطورية.

كانت تستخدم في وقتٍ لاحقٍ في عام 1926 من قبل "برنارد إيدنغز بيل " في كتابه "ما بعد الحداثة وغيرها من دوائر العمل". في عامي 1925 و1921، كانت تستخدم لوصف الأشكال الجديدة من الفنون والموسيقى. في عام 1942، قام إتش. آر. هايس باستخدامها لشكلٍ أدبيٍ جديد، ولكنها استُخدمت بوصفها نظرية حركةٍ تاريخيةٍ عامة لأول مرة في عام 1939 من قبل المؤرخ أرنولد جي توينبي: "فعهدنا ما بعد الحداثة تم تدشينه من قبل الحرب العامة لأعوام 1914 - 1918 ".

في عام 1949، كانت تُستخدمُ للدلالة على عدم الرضا عن العمارة الحديثة، مما أدى إلى الحركة المعمارية ما بعد الحداثة. تتميز ما بعد الحداثة في العمارة بعودة ظهور الزخرفة السطحية، والإشارة إلى المباني المجاورة في مجال العمارة الحضرية، والمرجعية التاريخية في الأشكال الزخرفية، والزوايا غير المتعامدة. وقد تكون ردًا على الحركة المعمارية الحداثية المعروفة بالطراز الدولي.

تم تطبيق هذا المصطلح على مجموعةٍ كاملةٍ من الحركات التي كان العديد منها في الفن والموسيقى والأدب، وكانت ردات فعلٍ ضد الحداثة، وعادةً ما اتسمت بالإحياء لعناصر وتقنياتٍ تقليدية. يحدد والتر ترويت اندرسون ما بعد الحداثة بوصفها واحدة من أربعة نظراتٍ للعالم. وهذه الآراء الأربعة هي ما بعد الحداثة الساخرة، والتي ترى أن الحقيقة منتجٌ اجتماعي؛ والعلمية-العقلانية التي ترى الحقيقة من خلال المنهجية، والتحقيق المنضبط؛ والاجتماعية-التقليدية التي تُعلم الحقيقة فيها من تراث الحضارة الأمريكية والغربية؛ والرومانسية الجديدة، التي ترى الحقيقة من خلال تحقيق الوئام مع الطبيعة و/أو الاستكشاف الروحي للذات الداخلية.

في عام 1971، في محاضرة ألقاها في معهد الفن المعاصر بلندن، وصف ميل بوكنر "ما بعد الحداثة" في الفن بأنها بدأت مع جاسبر جونز "الذي رفض أولاً بيانات المعنى ووجهة النظر الفردية باعتبارها أساسًا لفنه، وتعامل مع الفن على أنه تحقيق نقدي".

في عام 1996، وصف والتر ترويت أندرسون ما بعد الحداثة بأنه ينتمي إلى واحدة من أربع وجهات نظر عالمية نموذجية يعرفها على أنها:

(أ‌) ما بعد الحداثة، المفكر، الذي يرى الحقيقة مبنية اجتماعياً.

(ب) العلم العقلاني، الذي تُعرَّف فيه الحقيقة من خلال الاستقصاء المنهجي المنضبط.

(ج) التقاليد الاجتماعية، التي توجد في تراث الحضارة الأمريكية والغربية.

(د) الرومانسية الجديدة، حيث يتم العثور على الحقيقة من خلال تحقيق الانسجام مع الطبيعة أو الاستكشاف الروحي للذات الداخلية.

نشأة النظرية

حدث تطور في حركةِ ما بعد الحداثة؛ ألا وهو "نشأة النظرية" بين أوساط المثقفين والأكاديميين؛ إذ طوَّر العاملون في جميع المجالات وعيًا ذاتيًّا نقديًّا مفرطًا. فوجَّه بعد الحداثيين اللوم إلى الحداثيين (وإلى قرائهم أو مشاهديهم أو مستمعيهم الإنسانيين الليبراليين «السذج» حسب افتراضهم) على إيمانهم بأن عملًا فنيًّا قد يروق بطريقةٍ ما إلى البشرية جمعاء؛ مما يعني كونه خاليًا من الملابسات السياسية الباعثة على الانقسام.

إنَّ صعودَ فنانين تجديديين عظماء في فترةِ ما بعد الحرب -أمثال شتوكهاوزن، وبوليز، وروب جرييه، وبيكيت، وكوفر، وراوشنبِرج، وبويس - تلاه (ودعمه وفسَّره كما يزعم كثيرون)؛ نموٌّ هائل في تأثير عدد ضخم من المثقفين الفرنسيين، نخص منهم بالذكر المنظِّر الاجتماعي الماركسي لويس ألتوسير، والناقد الثقافي رولان بارت، والفيلسوف جاك دريدا، والمؤرخ ميشيل فوكو، وقد بدءوا جميعًا عملهم في الواقع عبر تأمل مضامين الحداثة، ونادرًا ما جمعت أيًّا منهم علاقة ممتدة حقًّا بالحركة الطليعية المعاصرة. كان ألتوسير مهتمًّا ببريخت، بينما ركَّز بارت على فلوبير وبروست، أما دريدا فقد اهتم بنيتشه وهايدجر ومالرميه، في حين انشغل فوكو بنيتشه وباتاي. ومع منتصف السبعينيات من القرن العشرين، أصبح من الصعب معرفة ما الأهم لدى أتباع ما بعد الحداثة، أهي صياغة شكل محدد من أشكال التجارب (الصادمة) داخل إطار الفن، أم فرص عرض التفسيرات السياسية والفلسفية الجديدة التي يتيحها هذا الشكل المحدد. قد يزعم كثيرون الآن أن بعد الحداثيين المخلصين لاتجاههم طالما «فضَّلوا» (على نحوٍ كارثيٍّ) المضامين التفسيرية على التجسيد الفني الممتع والتعقيد الشكلي الذي اعتاد الكثير من الناس تقديره في الفن الحداثي.

انتقل هذا الإطار الفكري الجديد والمفزع من فرنسا إلى إنجلترا وألمانيا والولايات المتحدة في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين. وباندلاع ثورات الطلبة عام 1968، كان التفكير الفلسفي الأكثر تطورًا قد ابتعد عن الوجودية الفردية ذات الحِس الأخلاقي القوي التي ميَّزت حقبةَ ما بعد الحرب مباشرةً (والتي كان سارتر وكامو أشهر ممثليها) نحو مواقفَ أكثر تشككًا ومعادِيةٍ للمذهب الإنساني. وجدت تلك المعتقدات الجديدة منبرًا لها فيما أصبح معروفًا بالنظرية التفكيكية وما بعد البنيوية. كذلك لم يعد «الروائيون الجُدد» في فرنسا مهتمين بحالات القلق العام والعبثية ذات الطابع الفلسفي والشعوري، ولا ملتزمين بالمتطلبات المتشابهة للروايات التي تتبع أسلوب السرد التقليدي، مثل "الغثيان" لسارتر أو "الطاعون" و"الغريب" لكامو، بل تحولوا إلى أسلوب أكثر برودة بمراحل، يعج بالمتناقضات، ويعادي السرد كما نلاحظ في نصوص آلان روب-جرييه، وفيليب سوليرز، وغيرهم ممن لم يُبدوا اهتمامًا كبيرًا بالشخصية الفردية، أو بالتشويق والجاذبية التي تميِّز السرد المتماسك، على قدر اهتمامهم بالتلاعب بلغة الكتابة التي يستخدمونها.

في الواقع، تضرب هذه الأفكار الجديدة بجذورها خارج الفنون، رغم أنها ألهمت عددًا من الأعمال الأدبية وهيمنت على تفسير تلك الأعمال في الدوائر الأكاديمية. تمحور اهتمام بارت حول تطبيق النماذج اللغوية على تفسير النص، بينما اتخذت أعمال دريدا الفلسفية في البداية شكل تحليلات نقدية لعلم اللغة، أما فوكو فقد انصبَّ تركيزه على التاريخ والعلوم الاجتماعية. كذلك استرشدوا جميعًا بدرجات متفاوتة بقراءة ثانية أو إحياء لأعمال ماركس (الذي كانت هيمنتُه في أماكن مثل الاتحاد السوفييتي - قبل عام 1989 - تُفسَّر بخفة نسبيًّا على أنها نابعة من "اشتراكية بيروقراطية" أسيئ تطبيقها)؛ إذ كان معظم المثقفين الفرنسيين الذين أوحوا بنظريات ما بعد الحداثة يتبعون نموذجًا ماركسيًّا بوجه عام.

ومن ثمَّ، اعتمدت مبادئ ما بعد الحداثة اعتمادًا هائلًا على الفكر الاجتماعي والسياسي والفلسفي، الذي ألقى بذوره في الحركة الطليعية الفنية (لا سيَّما في الفنون المرئية) وفي أقسام الدراسات الإنسانية في جامعات أوروبا والولايات المتحدة باعتباره «نظرية». وتتميز حقبة ما بعد الحداثة بالهيمنة الاستثنائية لأعمال الأكاديميين على أعمال الفنانين.

إلا أن هذا الفكر لم يتفق مع تعريف «النظرية» حسب قواعد فلسفة العلوم (حيث تُختبَر النظريات ومن ثمَّ يثبت صحتها أو خطؤها) أو الفلسفة الأنجلو أمريكية التجريبية بوجه عام، بل نزع أكثر إلى كونه نوعًا تشككيًّا من الخطاب يتمركز حول ذاته، ويطوِّع مفاهيم عامة مستوحاة من الفلسفة التقليدية لتلائم أعمالًا أدبية أو اجتماعية أو غيرها من الأعمال التي دُمِغت نتيجة ذلك بطابعٍ ما بعد حداثي.

مظاهر ما بعد الحداثة

الفن

الفن ما بعد الحداثي هي مجموعة من الحركات الفنية التي سعت إلى تناقض بعض جوانب الحداثة أو بعض الجوانب التي ظهرت أو تطورت في أعقابها. يوصف الإنتاج الثقافي الذي يظهر على أنه وسيط، وفن التثبيت، والفن المفاهيمي، وعرض التفكيكي، والوسائط المتعددة، ولا سيما الفيديو، على أنه ما بعد الحداثة.

التصميم الجرافيكي

ظهر التصميم الجرافيكي ما بعد الحداثة كعنصر في المجلة البريطانية "ديزاين" Design.

الأدب

غالبًا ما يُنظر إلى القصة القصيرة لخورخي لويس بورخيس "بيير مينار، مؤلف كيشوت" (1939)، كتنبؤ ما بعد الحداثة وهو نموذج محاكاة ساخرة، ومن الروائيين الذين يرتبطون بشكل عام بأدب ما بعد الحداثة فلاديمير نابوكوف، وويليام جاديس، أومبيرتو إيكو، بيير فيتوريو تونديلي، جون هوكس، ويليام إس بوروز، جيانينا براشي، كورت فونيجوت، جون بارث،جان ريس، دونالد بارثلمي، ريتشارد كاليتش، جيرزي كوسينسكي، دون ديلو، توماس بينشون.

في رواية ما بعد الحداثة (1987)، يفصل برايان ماكهيل تفاصيل التحول من الحداثة إلى ما بعد الحداثة، بحجة أن الأول يتميز بهيمنة نظرية المعرفة وأن أعمال ما بعد الحداثة تطورت من الحداثة وتهتم أساسًا بمسائل الأنطولوجيا. يقدم كتاب مكهيل الثاني، بناء ما بعد الحداثة (1992)، قراءات للخيال ما بعد الحداثي وبعض الكتاب المعاصرين الذين يندرجون تحت اسم السايبربانك. مكهيل "ما كان ما بعد الحداثة؟" (2007) يتبع ريمون فيديرمان تقدمه في استخدام الفعل الماضي عند مناقشة ما بعد الحداثة.

الموسيقى:

كتب جوناثان كرامر أن التراكيب الموسيقية الطليعية (التي قد يعتبرها البعض عصريًا بدلاً من ما بعد الحداثة) "تتحدى أكثر من إغواء المستمع، وهي تمتد من خلال مقلقة محتملة تعني فكرة ماهية الموسيقى". ظهر الدافع ما بعد الحداثة في الموسيقى الكلاسيكية في السبعينيات مع ظهور التبسيطية الموسيقية. رد الملحنون من أمثال تيري رايلي وجون آدامز، وستيف رايش، وفيليب قلاس، ولو هاريسون على النخبوية المتصورة وصوت نشاز الحداثة الأكاديمية، من خلال إنتاج الموسيقى التي تملك المواد البسيطة والألحان المتجانسة نسبيًا. تأثر بعض الملحنين بشكلٍ علني بالموسيقى الشعبية والتقاليد الموسيقية العرقية العالمية. ولئن كان ذلك يمثل عودةً عامةً لمفاهيمَ معينة من الموسيقى، تلك التي غالبا ما تعتبر الموسيقى الكلاسيكية أو الرومانسية، ولكن لم يختبر كل ملحني ما بعد الحداثة التضاد مع المعتقدات التجريبية أو الأكاديمية للحداثة. فأعمال الملحن الموسيقي الهولندي لويس أندريسين، على سبيل المثال، تعرض الانشغال التجريبي الذي هو بالتأكيد مضادٌ للرومانسية. الانتقائية وحرية التعبير، كرد فعلٍ للجمود والقيود الجمالية للحداثة، هي السمة المميزة لتأثير ما بعد الحداثة في التأليف الموسيقي.

لاحظ دومينيك ستريناتي، مؤلف ما بعد الحداثة، أنه من المهم أيضًا "تضمين هذه الفئة ما يسمى بالابتكارات الموسيقية "فن الروك "ومزج الأنماط المرتبطة بفنانين مثل لوري أندرسون، مع واعية "إعادة اختراع الديسكو" من قبل متجر الحيوانات الأليفة ".

التخطيط الحضري

سعت الحداثة إلى تصميم وتخطيط المدن التي اتبعت منطق النموذج الجديد للإنتاج الصناعي الشامل. العودة إلى الحلول واسعة النطاق، والتوحيد الجمالي وحلول التصميم الجاهزة. أدت الحداثة إلى تآكل الحياة الحضرية بفشلها في التعرف على الاختلافات والهدف نحو مناظر طبيعية متجانسة.

كتاب جين جاكوبز عام 1961 "موت وحياة المدن الأمريكية الكبرى" كان نقدًا مستدامًا للتخطيط الحضري كما تطور في الحداثة وكان بمثابة انتقال من الحداثة إلى ما بعد الحداثة في التفكير في التخطيط الحضري.

غالبًا ما يقال أن الانتقال من الحداثة إلى ما بعد الحداثة قد حدث في الساعة 3:32 مساءً في 15 يوليو عام 1972، عندما كان برويت إيغو . تطوير سكني لذوي الدخل المنخفض في سانت لويس صممه المهندس المعماري Minoru Yamasaki، والذي كان نسخة حائزة على جائزة من "آلة الحياة الحديثة" في Le Corbusier اعتبر غير قابل للسكن وتم هدمه. منذ ذلك الحين، اشتملت ما بعد الحداثة على نظريات تتبنى وتهدف إلى خلق التنوع. إنه يرفع من عدم اليقين والمرونة والتغيير ويرفض الطوباوية بينما يتبنى طريقة خيالية في التفكير والتصرف. يسعى ما بعد الحداثة من "المقاومة" إلى تفكيك الحداثة وهو نقد للأصول دون العودة إليها بالضرورة. نتيجة لما بعد الحداثة  فإن المخططين أقل ميلًا إلى تقديم ادعاء ثابت أو ثابت بوجود "طريقة صحيحة" واحدة للانخراط في التخطيط الحضري وأكثر انفتاحًا على الأساليب والأفكار المختلفة حول "كيفية التخطيط".

دراسة الحضارة ما بعد الحداثة نفسها، أي طريقة ما بعد الحداثة لخلق وإدامة الشكل الحضري، ونهج ما بعد الحداثة لفهم المدينة كانت رائدة في الثمانينيات من خلال ما يمكن أن يطلق عليه "مدرسة لوس أنجلوس للجغرافيا" التي تركز على جامعة كاليفورنيا. قسم التخطيط الحضري في الثمانينيات، حيث اعتبرت لوس أنجلوس المعاصرة مدينة ما بعد الحداثة بامتياز، مخالفة لما كانت الأفكار السائدة لمدرسة شيكاغو التي تشكلت في عشرينيات القرن العشرين في جامعة شيكاغو، مع إطارها "الحضرية علم البيئة "وتركيزه على المجالات الوظيفية للاستخدام داخل المدينة و" الدوائر المتحدة المركز "لفهم فرز المجموعات السكانية المختلفة. إدوارد سوجا جمعت مدرسة لوس أنجلوس بين وجهات النظر الماركسية وما بعد الحداثة وركزت على التغيرات الاقتصادية والاجتماعية (العولمة والتخصص والتصنيع/نزع التصنيع والليبرالية الجديدة والهجرة الجماعية) التي تؤدي إلى إنشاء مناطق كبيرة للمدينة مع خليط من المجموعات السكانية والاستخدامات الاقتصادية.

 

المصادر:

1 - كريستوفر باتلر، ما بعد الحداثة: مقدمة قصيرة جدًّا، ترجمة نيڤين عبدالرؤوف، مؤسسة هنداوي للتعيم والثقافة.

2 - خلدون الشمعة، أفول عصر التنوير وصعود ما بعد الحداثة في الأدب العربي، جريدة العرب اللندنية، العدد: 10199، 2016/02/28.

3 - أمين نجيب، ما بعد الحداثة حقيقتها وأثرها على عالمنا اليوم، مجلة القافلة، عدد 3 المجلد: 66، يونيو 2016.

 - 4Nuyen, A.T., 1992. The Role of Rhetorical Devices in Postmodernist Discourse. Philosophy & Rhetoric, pp.183-194.

5 - Torfing, Jacob (1999). New theories of discourse : Laclau, Mouffe, and zizek. Oxford, UK Malden, Mass: Blackwell Publishers.

6 - Jump up to: Aylesworth, Gary (5 February 2015) [1st pub. 2005]. "Postmodernism". In Zalta, Edward N. (ed.). The Stanford Encyclopedia of Philosophy. sep-postmodernism (Spring 2015 ed.). Metaphysics Research Lab, Stanford University. Retrieved 12 May 2019.

7 -  Jump up to: Duignan, Brian. "Postmodernism". Britannica.com. Retrieved 24 April2016.

8 – "postmodernism". American Heritage Dictionary. Houghton, Mifflin, Harcourt. 2019. Archived from the original on 15 June 2018. Retrieved 5 May 2019 – via AHDictionary.com. Of or relating to an intellectual stance often marked by eclecticism and irony and tending to reject the universal validity of such principles as hierarchy, binary opposition, categorization, and stable identity.

9  - Bauman, Zygmunt (1992). Intimations of postmodernity. London New York: Routledge. p. 26.

10  - Jump up to:    "Postmodernism Glossary". Faith and Reason. 11 September 1998. Retrieved 10 June 2019 – via PBS.org.

11  - Ian Bryant; Rennie Johnston; Robin Usher (2004). Adult Education and the Postmodern Challenge: Learning Beyond the Limits. Routledge. p. 203.

12  - Kellner, Douglas (1995). Media culture: cultural studies, identity, and politics between the modern and the postmodern. London / New York: Routledge.

13  - Lyotard, Jean-François (1989). The Lyotard reader. Oxford, UK / Cambridge, Massachusetts: Blackwell.

14 – "postmodernism". Oxford Dictionary (American English) – via oxforddictionaries.com.


عدد القراء: 6778

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-