رواية «فتاة، وامرأة، وأخرى»: تتعين قراءتها عن بريطانيا المعاصرة وعن المرأةالباب: مقالات الكتاب
د. محمد منصور الهدوي الهند |
الكتاب: "فتاة، وامرأة، وأخرى"
المؤلف: برناردين إيفاريستو
الناشر: Grove Press, Black Cat; Later Printing edition
عدد الصفحات: 464 صفحة
تاريخ النشر: 5 نوفمبر 2019
اللغة: الإنجليزية
الرقم المعياري الدولي للكتاب:
ISBN-13: 9780802156983
تعد برناردين أول كاتبة سوداء لروايتها المشهورة " فتاة، وامرأة، وأخرى" تنال البوكر على مدار تاريخ الجائزة منذ أن أطلقت عام 1969، وفيها تمنح الكاتبة صوتها إلى 12 شخصية مختلفة، معظمها من النساء السود ومن خلفيات ثقافية متنوعة، لكسر حالة الصمت المفروضة على السود، هؤلاء النساء يقمن برواية قصص عن أنفسهن وعائلاتهن وأصدقائهن وعشاقهن، لافتين الانتباه إلى قضيتين رئيسيتين؛ العنصرية والنسوية؛ فضلاً عن أفكار أخرى بشأن الهوس بالجمال، تتركك في دوامة نشطة، وتجمع السرد والشعر والتاريخ الاجتماعي وأصوات النساء في بوتقة واحدة.
ولدت برناردين إيفاريستو عام 1959، في مدينة وولويتش، جنوب شرقي لندن، لأم إنكليزية وأب نيجيري، وتشمل كتاباتها أيضًا القصة القصيرة والدراما والشعر والمقال والنقد الأدبي ومشاريع المسرح والإذاعة، فلها مسيرة مهنية كبيرة في المسرح، حيث شاركت في تأسيس شركة مسرح النساء السود عام 1982، واختيرت في 2018 زميلة في كلية روز بروفورد للمسرح والأداء، كما حصلت على جائزة MBE عام 2009 لخدمات الأدب، وجائزة غوردن بيرن عام 2019، وتعتبر روايتها الفائزة ثامن أعمالها، وتحاول إيفاريستو في كتاباتها كسر حالة الصمت التي فرضت على السود على مدار التاريخ، من سلبهم أصواتهم، خاصة سلب أصوات النساء منهم، وقد عكست الشقراء صاحبة الجذور الأفريقية مسألة تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، حيث تعتبر روايتها الفائزة بالبوكر إحدى أهم الروايات التي يتم ترشيحها لفهم بريطانيا المعاصرة.
رواية "فتاة وامرأة" لبرناردين إيفاريستو، تتناول صراعات اثني عشر شخصًا مختلفًا في بريطانيا، معظمهم من الإناث والسود، تتراوح أعمارهم بين 19 و93 عامًا، وتتنوع خلفياتهم الثقافية وشخصياتهم الجنسية ومهنهم وهم يروون قصصًا عن أنفسهم وعائلاتهم وأصدقائهم وعشاقهم في جميع أنحاء البلاد وعبر السنين، وتركز الرواية على قضيتين رئيسيتين هما: العنصرية والنسوية؛ فالعنصرية لا زالت حاضرة حتى يومنا هذا في المملكة المتحدة، ونجد أن السود يناهضونها عن طريق "الشللية" أو مؤازرة الأبطال لبعضهم البعض في المواقف والأزمات، بالإضافة إلى التعامل بالتسامح واللين فيما بينهم، وحرصهم على أن يكونوا عائلة واحدة كبيرة في كل الأوقات.
ومن القضايا الأخرى التي تعالجها الرواية فكرة الهوس بالجمال التي فرضها الإعلام على الساحة، فأصبحت كل امرأة ترى أنها إن كانت ليست جميلة كنجمات السينما فلا حق لها في الوجود، وقد طرحت الكاتبة تلك القضية- وجميع القضايا الأخرى- بشكل غير مباشر وغير وعظي، أي عن طريق إلحاقها بالحوار بين الشخصيات، والحوار في الرواية سهل ممتنع إلى أقصى حد.
قدمت الكاتبة البريطانية برناردين إيفارستو رواية بعنوان "فتاة، وامرأة، وأخرى" وهي عبارة عن 12 مجموعة قصصية لـ12 امرأة بريطانية من ذوات البشرة السمراء في أعمار مختلفة ممتدة من المراهقة حتى الشيخوخة عبر حكايات تغطي عقدًا كاملًا من الزمن، مع وجود شخصية رئيسية محورية لكاتبة مسرحية تدعى (إيما)، نتعرف من خلال القراءة أن جميع الشخصيات مرتبطة بها بشكل ما، وهذه الرواية الثامنة للمؤلفة الإنجليزية، استغرقت المؤلفة 6 سنوات لكتابتها، ونعرف من خلال فصولها- التي خصصت المؤلفة لكل امرأة من الاثنتي عشر فصلًا فيها- أن الشخصيات جميعها مترابطة بشكل ما، فهم إما أصدقاء أو أقارب أو متحابين مع اختلاف الحبكة الدرامية والتجارب والاختيارات التي تقوم بها كل شخصية.
وترصد أيضًا قضايا أخرى مثل قضية الحريات لا سيما الحريات الجنسية؛ فبطلة القصة، إيما، كانت متزوجة من قبل من رجل يدعى رولاند وأنجبت طفلة تدعى ياز إلا أنها بعد الانفصال بفترة قررت أن تصبح سحاقية، وواحدة أخرى من الشخصيات قررت أن تصبح متحولة جنسيًا ، وتشير الرواية إلى مستوى الحريات في بريطانيا المتدني عن الولايات المتحدة الأمريكية حتى أن واحدة من الشخصيات وتدعى دومينيك تقرر مغادرة بريطانيا والذهاب إلى أمريكا بسبب شعورها أنها تعيش في الماضي وهي في بريطانيا، حتى وإن كانت النتيجة على الحائط تشير للعكس، كما قال زوج إيما السابق في إحدى المواقف، أن السود في بريطانيا لا زالوا يحملون على أكتافهم عبأ “تمثيل العرق”، بمعنى أن أي شىء يقومون بفعله يتم تأويله على جنس السود بأكملهم، أما الأشخاص ذوو البشرة البيضاء فلا يمثلون إلا أنفسهم بدون أية تداعيات عرقية.
لقد استعملت المؤلفة في الرواية العديد من اللهجات الإنجليزية الأفريقية كما هو الحال في روايتها السابقة بعنوان "مستر لفرمان" ، كلهجة الباتوا المستعملة في جامايكا، والبيدجن المستعملة في نيجيريا، والكوكني الموجودة في بريطانيا، بالإضافة إلى الإنجليزية العادية.
وأكثر ما يميز الرواية هو استعمال الكاتبة للدلالات الرمزية التي لا تمر الواحدة منها مرور الكرام، ولكنها تخدم الحبكة الدرامية بشكل ما، نورد منها على سبيل المثال: الحجاب ذي الترتر لواحدة من الشخصيات، والقدم العارية لواحدة أخرى، وعقد اللؤلؤ الخاص بشخصية ثالثة.
وهكذا نرى أن عالم إيفارستو ليس مثاليًا، ولكنه ساحر "سحرًا واقعيًا" إن جاز التعبير، ففي النهاية كل الشخصيات والأحداث مترابطة بشكل ما والرواية تنتهي بحفل كبير تنظمه إيما وتحضره الإثنتا عشر شخصية فيشعر القارىء أنهن بالفعل عائلة واحدة كبيرة تمثل نسخة جديدة من الواقع الذي نعرفه؛ موجودة وإن كانت غير منتشرة.
تغريد
التعليقات 1
جميل
اكتب تعليقك