طبعة جديدة لكتاب: قصة القصة لـ«نادية هناوي»
المحرر الثقافي:
الكتاب: "قصة القصة: دراسة ميثودولوجية في جريان القصة العراقية من المنابع إلى المصبات"
المؤلف: د. نادية هناوي
الناشر: مؤسسة أبجد للترجمة والنشر ببغداد
تاريخ النشر: 2024
خلال مسيرتها النقدية التي نافت على العقدين، تعددت مساهمات الأكاديمية والناقدة د. نادية هناوي الإبداعية التطبيقية والنظرية كتبا ودراسات ومقالات ومحاضرات على الصعيد الفكري عامة والنقدي خاصة. وآخر أعمالها التأليفية كتابها الجديد الموسوم (قصة القصة: دراسة ميثودولوجية في جريان القصة العراقية من المنابع إلى المصبات) والصادر مؤخراً بطبعة ثانية عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر ببغداد. والموضوع الذي عليه قامت أطروحة هذا الكتاب يتمثل في تتبع تطور القصة العراقية وأسباب تميزها عربياً كونها لم تركن إلى الحكاية أو تتخندق عندها، بل كان القاص العراقي يراهن على تجاوز السياق القصصي المعتاد، وفي توق دائم إلى المغامرة والمغايرة، منذ أن جسّد محمد روزنامجي صورة القاص المتمرد على ما بناه مجايلوه من مكونات سردية، فتمكن نفر من قصاصي تلك المرحلة تجاوز الواقع نحو تجريب تيارات واتجاهات جديدة كالفنتازية والتعبيرية والميتاتاريخية والميتاسردية مع المداخلة بين التأثر السايكولوجي لتيار الوعي وبين التأثر بالسينما وأسلوب الوصف الخارجي الموضوعي، متاخمين بذلك منطقة جديدة بالنسبة إلى القصة القصيرة العربية، محاولين الخروج من عنق الزجاجة الواقعية، واقعين في قمقم المارد التجريبي منتقلين من الفوتوغرافية إلى السيمية.
ولم يتوان القاص العراقي أيضا عن مراجعة ذاته باستمرار، وهو ما يبيح لنا أن نصف هذا القاص بأنه (قاص قلق) فهو يكتب بقوة لكنه يجرب وما أن ينكمش حتى يسرع ليواصل مع ما سبقه أو جايله، وقد يفترق أو ينقطع عن مجايليه ثم نجده يواصل وقد يتشاكل مع الخط نفسه. وترى المؤلفة أن رغبة القاص العراقي في التفاعل والامتزاج بالقصة العربية كانت كبيرة من خلال الحرص على نشر نتاجاته في بلدان مثل لبنان ومصر، محاولا اختراق العزلة وصعوبات بعد كل بلد عربي عن الآخر متواصلاً مع القصاصين العرب محاولا حفر اسمه في مجلاتهم. وهذا ما ينطبق على عبدالملك نوري وفؤاد التكرلي ومهدي عيسى الصقر في تداعيات مسروداتهم ومحمد روزنامجي في مناحي وجوديته وسينمائيته.
وما هو جديد في القصة العراقية بعد منتصف القرن العشرين انها ذات آفاق أوسع وأمداء أعمق مما هو منظور منها. وتتبعت المؤلفة تقاليد السرد القصصي التي أفرزتها مرحلة الوضوح والتبلور خلال ستينيات القرن العشرين وسبعينياته ووجدت أن المنحى التجريبي واضح عند أولئك القصاصين. وتبعه بروز المنحى الميتاسردي الذي كان كتّاب القصة السابقون قد دشنوه قبيل مرحلة الوضوح والتبلور مثل عبد الحق فاضل ومحمد روزنامجي وفؤاد التكرلي ليمتد خط التمرس بالتجريب عند من تلاهم. هذا إلى جانب تنامي الوعي النسوي العام وتصاعده أدبياً أيضاً في شكل قصة نسوية فيها المرأة هي الساردة والمسرودة، وهو ما جسدته أقلام نسوية كثيرة مثل بثينة الناصري ولطفية الدليمي وسهيلة داود سلمان وسميرة المانع ومي مظفر وغيرهن.
بيد أنّ قلة الاكتراث النقدي آنذاك بنتاجهن وتواصل اللامبالاة بكتابتهن في المراحل اللاحقة لم يجعل القاصة مقلة في الكتابة أو معتزلة الحياة الأدبية حسب وإنما أضاع قسما ليس بالقليل من نتاجهن، تفرق بين الصحف والمجلات فلم تمتد إليه أقلام مؤرخي تاريخ الأدب القصصي إلا لماماً.
تغريد
اكتب تعليقك