البردوني ينقل الواقع اليمني والعربي بعد 17 عامًا من الرحيل
فكر – المحرر الثقافي:
تُوافق هذه الأيام الذكرى الـ17 لرحيل الشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني، فبالرغم من فقده البصر في سن مبكرة، فإنه استطاع من خلال قصائده أن ينقل الواقعين اليمني والعربي بجوانبهما الحالكة والمضيئة، حيث تخطت شهرته حدود اليمن؛ ليصبح أحد أكبر الشعراء العرب في القرن العشرين.
ولد البردوني في إحدى قرى محافظة ذمار عام 1929، وأصيب بالجدري وهو في الخامسة من عمره، حتى أفقده الوباء بصره كليًا، لكن هذا لم يحل دون نبوغه الشعري الذي جعله من أبرز الشعراء والأدباء في العالم العربي منذ سبعينيات القرن الماضي.
سمّي البردوني بالرائي المبصر، فأشعاره تحكي الواقع بتجرد، كما لم تخل كلماته من نقد لاذع وسخرية مبكية من حال الطبقة السياسية في ذلك الوقت.
ورغم شهرته التي تخطت الحدود لم يسع البردوني لمخالطة ذوي النفوذ، ولم يكن يومًا على وفاق مع أصحاب السلطة في اليمن، وإنما عرف بتواضعه وتبنيه هموم المهمشين والمعدمين.
وخلال مسيرته الأدبية أصدر البردوني 12 ديوانًا هي وفق الصدور: "من أرض بلقيس"، "في طريق الفجر"، "مدينة الغد"، "لعيني أم بلقيس"، "السفر إلى الأيام الخضر"، "وجوه دخانية في مرايا الليل"، "زمان بلا نوعية"، "ترجمة رملية لأعراس الغبار"، "كائنات الشوق الآخر"، "رواغ المصابيح"، "جواب العصور"، "رجعة الحكيم بن زائد". وقد صدرت هذه الأعمال في مجلدين عن الهيئة العامة للكتاب عام 2002، ثم أعيد طباعتها مرارًا.
ومن مؤلفاته الفكرية : "رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه"، و"قضايا يمنية"، و"فنون الأدب الشعبي في اليمن"، و"اليمن الجمهوري"، و"الثقافة الشعبية تجارب وأقاويل يمنية"، و"الثقافة والثورة"، و"من أول قصيدة إلى آخر طلقة"، دراسة في شعر الزبيري وحياته، و"أشتات".
اكتُشِف عبد الله البردوني عربيا قبل أن يُكتشف يمنيًا وقد كانت قصيدته "أبو تمام وعروبة اليوم" هي بوابة العبور إلى عالم الشهرة، وفي بعض أبياتها يقول الشاعر الراحل:
حبيبُ وافيتُ من صنعاءَ يحملني
نسرٌ وخلف ضلوعي تلهثُ العربُ
ماذا أحدثُ عن صنعاءَ يا أبتي
مليحةٌ عاشقاها السلُّ والجربُ
ومن يسمع أشعاره التي كتبت قبل عشرات السنين يدرك أنه كان يتمتع ببصيرة ثاقبة تخطت الزمان والمكان، كأنه يصف حال اليوم.
توفي البردوني في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 30 آب/أغسطس 1999م وفي آخر سفرات الشاعر إلى الأردن للعلاج توقف قلبه عن الخفقان بعد أن خلد اسمه كواحد من شعراء العربية في القرن العشرين.
تغريد
اكتب تعليقك