الكتاب المسموع.. وسيلة اطلاع حديثة تصارع من أجل الانتشار عربيًا

نشر بتاريخ: 2018-08-14

المحرر الثقافي:

يقول ناشرون ومؤلفون إن الكتاب المسموع حقق انتشارًا خلال السنوات القليلة الماضية في المنطقة العربية لكنه رغم ذلك يواجه بعض الصعوبات التي تحول بينه وبين الصدارة في وسائل الاطلاع بحكم سرعة وسهولة تداوله حسب رويترز.

ورغم أن تحويل النصوص المكتوبة إلى مواد مسموعة معروف منذ ثلاثينيات القرن العشرين تقريبًا عندما كانت تستخدم في المناهج التعليمية بالمدارس والجامعات فإن الشكل الحديث لتحميل الكتب على منصات ومواقع إلكترونية وطرحها للبيع لم يظهر إلا بعد ذلك بنحو نصف قرن. وفي المنطقة العربية ظهرت هذه المواقع قبل سنوات قليلة.

وقال شريف بكر رئيس لجنة التطوير المهني والنشر الإلكتروني باتحاد الناشرين المصريين ”لا توجد إحصاءات موثوقة عن عدد مستخدمي الكتب المسموعة في المنطقة العربية وهو ما ينطبق كذلك على الكتب المقروءة. لكن المؤكد أن الإقبال على الكتب المسموعة في تزايد“.

وأضاف ”تزايدت تطبيقات ومواقع الكتب المسموعة خلال العامين أو الثلاثة الماضية من عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة إلى العشرات عبر نظامي أندرويد و(آي.أو.إس)، منها مواقع جادة تقدم خدمة حقيقية وأخرى عبارة عن مشاريع وهمية ظهرت واختفت سريعًا لعدم قدرتها على مواكبة السوق واحتياجات المستخدمين“.

وتابع قائلاً ”ما يساعد على انتشار الكتب المسموعة هو انجذاب فئة الشبان لها، فالأجيال الجديدة معظمها تشعر بحاجز بينها وبين الكتاب بسبب الميراث المتراكم من الحفظ في مناهج التعليم لكن الكتاب المسموع يشكل وسيلة أكثر قبولاً لهم للتفاعل مع الكتب“.

وأشار إلى دراسة أجراها اتحاد الناشرين المصريين عن كيفية جذب المزيد من القراء والتوسع في سوق النشر وإدخال فئات جديدة كانت لها مؤشرات واضحة حول مستخدمي الكتب المسموعة.

وقال ”ركزنا على الفئة العمرية من 18 إلى 24 عامًا، وضعنا شابا داخل حجرة بمفرده ومعه كتاب مطبوع فلم يقربه، ثم وضعنا معه كتابًا إلكترونيا فتردد في مطالعته، وعندما قدمنا له كتابًا مسموعًا رحب بخوض التجربة والاستماع للكتاب“.

وبعدما كانت المنصات الإلكترونية ومواقع الكتب المسموعة تقدم في بداياتها مجموعات شعرية وبعض المقالات فحسب تحولت في الأعوام القليلة الماضية إلى تقديم نصوص أدبية وفكرية لكتاب كبار أمثال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وزكي نجيب محمود وحرص عدد من الروائيين على طرح إصداراتهم الجديدة في الأسواق مطبوعة ومسموعة في ذات الوقت.

ويقول حمزة الفقهاء المدير التنفيذي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتطبيق (كتاب صوتي) الذي انطلق في 2016 ويضم نحو 100 كتاب مسموع ”لو رجعنا بالوقت لعامين ماضيين لم يكن أحد يتوقع حجم النمو في سوق الكتاب المسموع العربي، هذا المجال أحدث دهشة حتى بالنسبة للمستثمرين بمجال النشر“.

وأضاف ”هناك إقبال من القارئ العربي على الكتاب المسموع، لدينا حاليا ما بين 400 إلى 500 ألف مستخدم للتطبيق معظمهم من الشباب. كنا نتوقع إقبالا بالطبع من الشباب لأنهم أكثر تطورا واستخداما للتكنولوجيا لكن الحقيقة إقبالهم فاق التوقع، ورغم ما يبدو ظاهريًا من توجه الشباب إلى الثقافة الغربية سواء في السينما أو الموسيقى أو القراءة حظى المحتوى العربي المسموع باهتمام كبير من الشباب“.

مشكلات وحلول

لكن رغم الخطوات المتسارعة التي حققها الكتاب المسموع في السوق العربي تواجهه بعض الصعوبات في سبيل تحقيق انتشار أوسع وجني عائدات أكبر تصب في صالح الشركات التي تتطلع لتطوير منتجها الثقافي.

ويقول خالد الفحام مؤسس ومدير تطبيق (اسمع كتاب) ”المشكلة الحقيقية أن معظم المستخدمين يريدون الكتب مجانًا. وعي الناس أيضًا يحتاج إلى تطوير، كيف ندفع 100 أو 200 جنيه في وجبة ونتردد أمام دفع 20 أو 25 جنيهًا في كتاب؟“.

وأضاف ”للأسف كثير ممن قاموا بتحميل التطبيق على هواتفهم الذكية استمعوا إلى الأجزاء المجانية التي تروج للكتاب أو الكتب المجانية تمامًا ثم عزفوا بعد ذلك عن الشراء“.

وعلى الجانب الآخر يلخص الطالب الجامعي سامح سمير (19 عامًا) الذي يستخدم الكتب المسموعة منذ عام ونصف تقريبًا الصعوبات التي تواجهه مع الكتب المسموعة في نقطتين.

قال ”جربت أكثر من تطبيق عبر الهاتف، هناك تطبيقات ضعيفة جدًا سواء في محتوى الكتب الذي تقدمه أو طريقة تشغيلها. أتمنى أن تتطور هذه التطبيقات سريعًا وتتيح تنوعًا أكبر للمحتوى“.

وأضاف ”لدي مشكلة أخرى في طريقة السداد. أنا لا أملك بطاقة بنكية وهذه التطبيقات تطلب الدفع إلكترونيًا، وبالتالي أطلب من أحد أصدقائي أو أفراد عائلتي أن يدفعوا لي“.

أما الطالبة مروة المعداوي (22 عامًا)، التي استمتعت كثيرًا بتجربتها مع الكتب المسموعة، فتتركز مشكلتها في عدم توفر كل ما تريده من كتب ومؤلفات في تطبيق واحد مما يضطرها للتنقل بين أكثر من تطبيق ويحملها تكلفة مالية أكبر ويجبرها على التعامل مع أكثر من نظام سداد لأن بعض التطبيقات تعمل بنظام الاشتراك الشهري مع إتاحة الاطلاع المفتوح بينما تعمل أخرى بنظام شراء كل كتاب على حدة.

ويرى بكر صاحب دار العربي للنشر والتوزيع أن ”الاتجاه مستقبلاً سيكون نحو التكامل بين منصات ومواقع الكتب المسموعة لأنه إذا استطاعت شركة ما الحصول على حقوق مؤلفات كاتب كبير فهي لن تستطيع جمع كل الكتب. ومن جانبه لا يستطيع القارئ تتبع كتبه المفضلة عبر أكثر من تطبيق وموقع، ومن هنا سيصبح تشارك المواقع فيما تملكه من كتب وانفتاحها على بعضها ضرورة لا مفر منها. لكن هذا سيتحقق لاحقا وليس الآن“.

وأضاف ”بالنسبة لطرق الدفع، هناك بالفعل تجارب حققت نجاحًا ملموسًا مثل تسديد ثمن الكتب من خلال شركات الهاتف المحمول سواء من رصيد العميل أو عن طريق بطاقات شحن خاصة، وبالتأكيد ستتوفر وسائل أخرى في المستقبل“.

مزيد من الإبداع

لا تختلف أمنيات الكتاب والمؤلفين كثيرًا عن أمنيات قرائهم إذ يودون تذليل مختلف العقبات من أجل فتح سوق جديد لهم يعتبرونه مكملا لإصداراتهم الورقية وحافزًا على إنتاج المزيد من الأعمال.

وقال الروائي المصري أشرف الخمايسي الذي تحولت أحدث رواياته (ضارب الطبل) إلى كتاب مسموع عبر تطبيق (إقرأ لي) ”فكرة الكتاب المسموع تبدو لي جيدة لأن معظم الناس مشغولة طوال الوقت ولا تجد متسعا لمسك كتاب والتفرغ لقراءته، وهنا تكون الأذن أقرب إلى الاستمتاع بالأعمال الأدبية والروائية“.

وأضاف ”القارئ الذي اعتاد مطالعة الكتاب بعينيه يشتري الكتاب المطبوع أو يحصل على أحدث الإصدارات من خلال الكتب الإلكترونية والتي توفرها تطبيقات ومواقع كثيرة لكن الكتاب المسموع يستهدف فئات جديدة معظمها من الشباب كما أنه يخدم فئات كانت حتى وقت قريب مهمشة مثل المكفوفين الذين كانوا يحصلون على محتوى الكتب بصعوبة“.

وتابع ”أظن أن الكتاب المسموع سيدفع المؤلف أيضًا نحو مزيد من الإبداع وسيزيد من إنتاجه لأنه ينقل أعماله إلى فئات جديدة لم تكن تقرأ بالأساس“.

وهو يرى أن ”الكتاب المسموع لن يكون بديلاً عن الكتاب الورقي. الكتاب المسموع مكمل للكتاب الورقي“.


عدد القراء: 3318

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-