الفن العربي الحديث.. ظهور اللوحة

نشر بتاريخ: 2020-03-15

المحرر الثقافي:

الكتاب: الفن العربي الحديث.. ظهور اللوحة

المؤلف: شربل داغر

الناشر: المركز الثقافي العربي

تاريخ النشر: 2018م

عدد الصفحات: 368 صفحة

يتتبع هذا الكتاب في أبوابه الثلاثة وفصوله العشرة بدايات ظهور اللوحة الزيتية في البلاد العربية وفق منظور تاريخي يمتد عبر القرون الخمسة الأخيرة، كما يستعرض الأعمال الفنية التي ظهرت في البداية، ويتعرف على فنانيها والمؤسسين لها.

يتناول الباب الأول "اللوحة: من القصور إلى الدور" ظهور اللوحة في النطاقين العثماني والعربي وفق مقاربات مختلفة، ويذكر أن البحث عن تاريخ الفن العربي الحديث ينساق إلى سِير الفنانين أنفسهم، وكأن هذا التاريخ ينبثق من ريشات المصورين وألوانهم، وكذلك إلى تاريخ الأثر الأوروبي في الثقافة العربية، وأيضاً من الكتب المتأخرة وأدلة الفنَّانين والمعارض والمتاحف المعاصرة. ويقول الكتاب إن اللوحة الزيتية نظراً لمقاساتها الصغيرة أحياناً، ولطريقة صنعها، قابلة لأن تُخفى وتُنقل بسهولة، وأن تُحفظ بصورة سرية في بيت أو خزانة دون رقابة. ولهذه الأسباب وغيرها يُعد السؤال عن ظهورها في البلاد العربية سؤال تاريخي صعب وشيق في آنٍ معاً.

وفي الباب الثاني "بين الفن والخطاب"، يركِّز على ظهور اللغة والخطاب في الألفاظ الاصطلاحية المناسبة لنطاق الفن ومتعلقاته. ويقول المؤلف هنا إن تاريخ الفن يعمل على استبيان وقائع الفن في السياقات المختلفة مثل الأبنية الاجتماعية الأخرى، إلا أنه في بعض الأحيان يُسقط من حسابه اللغة. ويؤكد أن حدوث الفن لا يظهر في لوحة أو فوق جدار أو محترف، وإنما يظهر أيضاً فيما تسجله اللغة في ألفاظها وتراكيبها أو في كتبها ومقالاتها. مشيراً إلى أنه كان على اللغة العربية من جهة، وخطابها الكتابي من جهة أخرى تسمية ما جديد في الوجود المادي، أي ما لم يكن معروفاً في استعمالاتها من قبل.

أما الباب الثالث "تجليات اللوحة" فقد تناول الوجود الفني للوحة، بما يشمل ذلك من المدارس الفنية، والأنواع والموضوعات والأساليب التي اتبعها أوائل الفنانين والمؤسسين والروَّاد. وهذا الباب يتناول اللوحة نفسها وبناءها الفني ومرجعيتها المدرسية والجمالية، كما يقترب من أنواع الفن في اللوحة العربية الناشئة ومن أساليبها ومعالجاتها. وفي الفصل الأخير من هذا الباب "جبران خليل جبران، المصور الخيالي" يتناول المؤلف بالشرح فن جبران، ويذكر عدة أسباب دعته إلى ذلك منها: أن أعمال جبران حظيت ببحث أدبي كبير موسَّع، فيما لم تحظ بقسط وافر من البحث من جانبها الفني، وأن هذا الفنَّان دخل إلى عالم اللوحة دخولاً مختلفاً عن أقران جيله، وسلك طريقاً مبتكراً إلى عالم اللوحة ابتعد به عن أقرانه من روَّاد الفن العربي الحديث.

يقول الكاتب شربل داغر في مقدمة الكتاب: لقد تحقق كتاب "الفن العربي الحديث: ظهور اللوحة" من أن دخول هذه القطعة لم يكن بالسهل أو بالهين، إذ "استقبلتْها" (أو اعترضت استقبالها) مواقف وقيم واعتيادات وسلوكيات متأتية من أن الصورة، ولا سيما التمثيلية، تحولت إلى "مسألة" إسلامية، على مر العصور، في أحكام الفقهاء قبل سياسات الخلفاء أو الولاة. لهذا فإن "ظهور" اللوحة عربياً لم يكن فقط بالظهور الفني، بل كان أيضًا ظهوراً سياسياً واجتماعياً؛ وما رافق هذا الظهور من أحوال قبول واعتراض يعود إلى أسباب دينية واجتماعية، قبل أن تكون تقنية أو مهنية أو جمالية.

وما كان ليقوم المؤلف بهذا السعي من دون تنمية المدونة التاريخية والفنية المناسبة للفن العربي الحديث، ما اجتمعَ في القاعدة الذهبية، وهى أن كتابة التاريخ تُقاس بوفرة مصادره، قبل الكلام عن المنهج المناسب في درس الحراك والتجليات.

ويؤكد المؤلف: هذا ما عملتُ عليه، على مدى سنوات وسنوات، بالعودة إلى متاحف، ومجموعات فنية خاصة، ومكتبات، بين عربية وعثمانية وأوروبية، فضلًا عن لقاءات واسعة مع فنانين مشمولين بالدرس. هذا ما أعانني على تفقد أعمال فنية "مجهولة" أو "مغمورة"، أو على استخراج أسماء فنانين كثر (أكثر من مئة فنان) من كتابات خرجت من التداول، ما لا يجده الباحث في كتب التاريخ الفني، أو تاريخ الفنانين المعروف والمتداول في أكثر من لغة وخطاب. وهى مدونة مكَّنني من الوصول إليها عاملون في أكثر من مكتبة ومتحف، فضلًا عمن تكرم بإرسال نسخة من كتاب قديم، أو نادر، أو صورة لوحة مجهولة : ليجدْ هؤلاء، كلهم، أينما كانوا، شكراً علنياً وثابتاً، على ما أعانوني عليه، إذ إنهم شركاء بدورهم في هذا الجهد.


عدد القراء: 2557

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-