منطق العنف في الحروب الأهلية

نشر بتاريخ: 2022-06-24

المحرر الثقافي:

الكتاب: "منطق العنف في الحروب الأهلية"

المؤلف: ستاثيس كاليفاس

المترجم: عُبيدة عامر

الناشر: دار جامعة حمد بن خليفة

سنة النشر: 2022

عدد الصفحات: 655 صفحة

تبدو الحرب التجسيدَ الكلّي والمباشر لمفهوم العنف، وقد وقفت الدراسات الفلسفية والسياسية طويلاً عند العلاقة الجامعة بينهما من جهة أُولى، ومدى ارتباطهما بالغريزة البشرية على مستوى الفرد من جهة أُخرى. ولو نظرنا إلى العنف كظاهرة من زاوية أعمّ نجد أنّه متداخل بالبُنى الاجتماعية والتنظيمية، وأهمّها الدولة، التي طالما عُرّفت بأنّها الجهاز الذي يحتكر أو يقونِن العنف.

"منطق العنف في الحروب الأهلية" هو عنوان الترجمة العربية الصادرة مؤخّراً، لكتاب الباحث والأكاديمي اليوناني ستاثيس كاليفاس، عن "دار جامعة حمد بن خليفة" بالدوحة، بتوقيع المترجم عُبيدة عامر. ينقسم الكتاب إلى 11 فصلاً، يُحاجج فيها الباحث من منطلَق عِلمي أنّ الجامعَ جوهريٌّ بين العنف وبين الحروب الأهلية بوصفها اللحظة التي تغيب فيها سيادة جهاز الدولة، حيثُ تلعبُ السياسة دوراً كبيراً يُحيّد تلك التوصيفات العاطفية التي تميل إلى تفسير ما يجري على أنّه جنونٌ لا معنى له، أو أمرٌ غير عقلاني.

ومن الجوانب التي يقف عندها الكِتاب، ويُوليها أولويّة في التحليل هي مسألة الولاءات المُتضارِبة، وهذا يدلّ على أنّ صراعات القوى العسكرية وما تُرسّمه في ما بينها من حدود تنعكس على حياة المدنيين بطبيعة الحال، وهؤلاء يتفاعلون بدورهم مع القوّة ويصبحون جزءاً من دينامياتها، وبهذا لا يبقى مجالٌ لتحليل الحروب الأهلية بسُلْطاتها المتنازِعة أو المذرَّرة سوى بالاستعانة بمفهوم التبدّل الدائم والحركة، وليس الثبات أو الاستقرار.

ينفتح الكتاب على نماذج زمنية وجغرافية ممتدّة، الأمر الذي يكشف خلفيات تاريخية متنوّعة، انطلاقاً من الحِقب اليونانية القديمة وحروبها، مروراً بما شهدته أوروبا من صراعات وثورات، بالإضافة إلى نماذج تأسيسية في دَرْس الحروب الأهلية مثل: "الحرب الأهلية الأميركية"، وكذلك "الثورة البلشفية" في روسيا مطالع القرن الماضي. كما يُشير إلى الحروب الأهلية التي ضربت بلدان أميركا اللاتينية، ويأتي على ذكر النموذج اللبناني (1975 - 1990) حيثُ قُسّمت فيه بيروت بين ولاءات مختلفة، وتنازعت السيطرة فيها تشكيلات عسكرية عنيفة.

الكِتاب على أهمّيته البحثية وجمعه بين عدّة مناهج في التحليل ما بين التاريخ والسياسة والاجتماع وغيرها، إلّا أنّه يأتي في زمن عربي يُعاني من توغّلات العنف وتفشّيه على حساب مساحات أُخرى من الفعل السياسي كانت تتوخّاها الثورات العربية، الأمر الذي يُعطي فرصة لقراءة أعمق لظاهرة العنف ومآلاتها.


عدد القراء: 1663

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-