الترجمة العربية لكتاب «الترجمة والعنف»
المحرر الثقافي:
الكتاب: "الترجمة والعنف"
المؤلف: تيفين سامويو
المترجم: عز الدين الخطابي
الناشر: دار توبقال للنشر
تاريخ النشر: 2023
عدد الصفحات: 232 صفحة
في عصر تسود فيه مبادئ التعدّدية والاختلاف والانفتاح على الآخَر، ازداد النظرُ إلى الترجمة بوصفها عاملاً مُعزِّزاً لذلك الوضْع الموصوف بـ"التثاقُفيّ"؛ حيث لا يجب على الذات أن تكتفي بنفسها. وبالتالي، صار التعامُل مع فعل الترجمة، في حدّ ذاته، مؤطَّراً بالقبول والإيجابية، من دون الالتفات النقديّ لأوّلياته التي يشتغل بها، وبغضّ النظر حتىّ عن الغايات التي يرمي إليها.
بعيداً عن المديح السائد والنظرة المثالية، تذهب الناقدة والأكاديمية الفرنسية تيفين سامويو (1968)، في كتابها "الترجمة والعنف"، الصادرة ترجمتُه العربية حديثاً عن "دار توبقال للنشر" بتوقيع عز الدين الخطابي، نحو وعي أعمق لما وراء نقل المعرفة بين اللّغات، لتُعيد النّظر في موقع كلّ لغة/ ثقافة، داخل منظومة أشمل، لا تخلو من مركزية مفهوم القوّة وتجاذُباته.
تضع الباحثة اليد على العُنف الكامن في اللغة نفسها، وتنطلق منه بغاية تفسير مشكلات أعمّ، كما تقرأ، تالياً، في التجلّيات والأشكال التي يُمكن أن يتمظهر من خلالها. لكن ما هي هذه الحالة العمومية للعنف، وكيف تفرض نفسها بشكل كوني؟
هنا لا بدّ من الوقوف، طويلاً، على التاريخ الاستعماري، وما فاض به من جرائم، حضرت في سياقه اللغة بشكل قوي. فمِن مخيَّمات الإبادة، مروراً بمجتمعات الفصل العنصري، وصولاً إلى الأنظمة الشمولية، تمّ توسُّل اللّغة بما فيها من فائض قوّة وعنف، وعليه، لم تكن الترجمة بمنأى عن ذلك المنطق، إن لم تكن جزءاً فاعلاً فيه.
أمّا في مجال الأدب، فلا يبدو الوضع أفضل، حسب المؤلّفة، إذ يشهد هذا الحقل عنفاً خاصّاً به. كما ينسحب على أدوارٍ أُخرى، مثل العدالة والدعوات الحقوقية، والأنشطة الفنية. وهذا ما يدعم وضعية الهيمنة للُغةٍ أو عدّة لغات على حساب كل ما هو مختلِف، وهنا يكمن التناقض، وفقاً لسامويو، التي تدعو، بشكل ما، إلى "تحليل قوّة ما هو سلبي في الترجمة".
كذلك ينظر الكتاب في شكل التقنية الحديثة وأثرها، ودور الآلة والاستعانة بها في النقل الفوري، فضلاً عمّا استحدثته الحوسبة والرقمنة من وسائل جديدة، لا يبدو أنّ فعاليتها ستقتصر على ما هو "شكليّ" فحسب. بهذه الطريقة من الفهم، نصل، حسب الباحثة، إلى "تجديد الترجمة، ونخرج من اعتبارها الفضاء الوحيد للعلاقات السعيدة بين الثقافات، والنظر إليها كعملية مُلتبسة، ومُعقّدة، وأحياناً سلبية".
تغريد
اكتب تعليقك