حرب المائة عام على فلسطين

نشر بتاريخ: 2023-10-27

مراجعة: جيم مايلز

ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

 

الكتاب: "حرب المائة عام على فلسطين"

المؤلف: د. رشيد الخالدي

الناشر: متروبوليتان بوكس

تاريخ النشر: 28 يناير 2020

اللغة: الإنجليزية

عدد الصفحات: 336 صفحة

أنجز الدكتور رشيد الخالدي عبر تدبيجه لكتاب: حرب المائة عام على فلسطين نظرة شاملة مكتوبة ببراعة للمشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. ومن بين الخصائص الكامنة لإيجاد إسرائيل مدى توافقها مع العقلية الاستعمارية الاستيطانية التي أسست سيناريو العيون الخمسة الراهن للولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا وأستراليا ضمن التأثير العالمي للإمبراطورية البريطانية. إذ تعرضت الشعوب الأصلية لكل منطقة من تلك المناطق للاجتثاث وصنفت "شعوباً همجية وغير متحضرة" ودونية وبالتالي "التخلص منها عبر المذابح والتطهير العرقي".

اصطدمت محاولات التطهير العرقي في فلسطين، كضرورة للصهاينة فيما يتعلق بمخاوفهم الديموغرافية من أغلبية سكانية عربية فلسطينية، بحركات التحرر من الاستعمار في أعقاب الحرب العالمية الثانية والناشئة من الخطاب الليبرالي للقوى الغربية وصراع الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.

كما أنها اصطدمت برغبة الشعب الأصلي أي الفلسطينيين الذين" أظهروا صبراً وإصراراً وثباتاً غريباً في الدفاع عن حقوقهم والذي يعتبر السبب الرئيس لبقاء قضيتهم على قيد الحياة لغاية اليوم".

وعندما ينظر الخالدي إلى حرب المائة عام يقوم بتقسيمها إلى ستة "إعلانات للحرب" كوسائل لتمييز وتوصيف الحقب المختلفة للكفاح الفلسطيني: حقبة وعد بلفور قبل الحرب العالمية الثانية، النكبة، حرب عام 1967، بيروت، الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية التي أدت "للحرب على الإرهاب".

تتواتر مؤشرات عديدة عبر كتابات الخالدي وتجعلها ميسرة وقوية وتثقيفية في نهجها المباشر والصريح.

يشير بجلاء إلى الاغتيالات الممنهجة والسجن والنفي التي أودت بالعديد من القادة الفلسطينيين ولكنه لا يخفي انتقاد العديد من القادة الحاليين والسابقين ويحملهم مسؤولية أخطائهم بسبب انقساماتهم الداخلية وسلوكهم تجاه بقية العالم. لقد خسرت منظمة التحرير الفلسطينية لحمتها ويلقي الخالدي الضوء على مسلك ذلك الخسران.

يبرز المظهر الآخر الذي يخلق مطالعة سلسة والمتمثل بأواصر الخالدي بالمعلومات الشخصية لحياته الخاصة التي عاشها على حواف الحرب الدائرة على فلسطين. ويحضر ذلك غالباً عبر وصفه لغزو بيروت والعواقب السياسية والاجتماعية التي تلته والتي لم تقتصر على فلسطين ولبنان فحسب ولكن على المنطقة برمتها وعلى الصعيد العالمي. ويوجز العنصر الأخير التاريخ. فمقابل كل إعلان للحرب تحظى تلك الحرب بنقاش بسيط ثم يتفرع ليضم مضاعفات تلك الحقبة على المستوى المحلي والجيوسياسي الخارجي ويلقي بالضوء على التدخل الأمريكي وعلى التوجهات الخجولة المرعوبة للدول العربية وكافة الحكومات التي تخشى القوة الإسرائيلية والتهديدات والإكراه الذي تفرضه الولايات المتحدة وحلفائها.

وكما وجدتُ في العديد من كتب التاريخ يكون الخط الزمني في النهاية محيراً. يرى الخالدي فلسطين مقهورة ويائسة-باستثناء المقولة السابقة عن الصبر-مع اللمسات الأخيرة لأفعال ترامب المتذللة التي أزالت العديد من السرديات المعتادة ووضَعها بلا ريب لصالح إسرائيل.

وبالرغم من مرور عامين على نشر الكتاب ثمة أمل، على الأقل ضمن المشهد الدولي، بأن العديد من الأفراد إن لم تكن حكوماتهم أصبحوا أكثر دراية بجرائم وفظائع إسرائيل ضد حقوق الإنسان. وبالرغم من وفي بعض الأحيان بسبب محاولات التوضيح الإسرائيلية توافرت معرفة أكبر بطريقة تعامل إسرائيل مع السكان الأصليين الفلسطينيين. وساهمت حركة المقاطعة العالمية والجدل المتعلق بتعريف معاداة السامية ومنشورات بت سليم ومنظمة العفو الدولية وحقوق الإنسان، التي اعتبرت إسرائيل دولة فصل عنصري، في توفير قاعدة معرفية حول الأحداث في فلسطين.

وربما أكثر أهمية الأحداث في أوكرانيا وروسيا والتبعات الأعرض للحرب وتوجه العديد من الدول في العالم لعدم الالتفاف حول الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وتطلعها والتزامها بترتيبات مالية وسياسية عالمية بديلة والتي قد تكون ذات أثار أعظم على الشرق الأوسط عموماً ومن ثم إسرائيل. يدرك الخالدي بأن الولايات المتحدة "لن تحافظ بالضرورة على تفردها بالمسألة الفلسطينية وبالفعل على الشرق الأوسط برمته والتي تمتعت به لردح طويل من الزمن."

وبغض النظر عن المعرفة المكتسبة من الأفعال المدنية المؤخرة أو التأثيرات الجيوسياسية الأكبر للحرب الأوكرانية الأمريكية الروسية سيتطلب المسار نحو الأمام المحافظة على "صبر وإصرار وعزيمة الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه".

أرى هذا الكتاب إضافة قيمة للسرد الفلسطيني جاءت في الوقت المناسب. كما إنه يوفر نظرة ثاقبة لهذه اللحظة الخاصة من الاستعمار الاستيطاني والتي أثرت على الجيوسياسات العالمية للقرن المنصرم وتتابع فعلها في السير قدماً إلى الأمام.

- جيم مايلز: كاتب كندي مهتم بالشأن الفلسطيني.

- الدكتور رشيد الخالدي

مؤلف كتاب: سماسرة الخديعة: كيف قامت الولايات المتحدة بتقويض السلام في الشرق الأوسط (نشر عام 2013) وستة كتب أخرى عن الشرق الأوسط: (بذر الأزمة)، (القفص الحديدي)، (إحياء الإمبراطورية)، (أصول القومية العربية)، (تحت الحصار)، (الهوية الفلسطينية).

ويرأس كرسي إدوارد سعيد للدراسات العربية في جامعة كولومبيا ويرأس تحرير مجلة الدراسات الفلسطينية. قام بنشر أكثر من 80 مقالاً عن تاريخ الشرق الأوسط وسياساته في العديد من الدوريات مثل النيويورك تايمز وبوسطن جلوب ولوس أنجلوس تايمز وشيكاجو تريبيون وغيرها. حصل الخالدي على الزمالة من مؤسسة جون وكاثرين ماك آرثر ومؤسسة فورد ومركز وودرو ويلسون الدولي للعلماء ومركز البحوث الأمريكي في مصر ومؤسسة روكفلر كما حصل على جائزة فولبرايت للبحث. كما أنه ضيف دائم على العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الولايات المتحدة الأمريكية.

المصدر:

Palestine chronicle


عدد القراء: 892

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-