جان بيير فيليو: «العرب، مصيرهم ومصيرنا»

نشر بتاريخ: 2015-10-31

فكر – المحرر الثقافي:

يعود تاريخ العلاقات بين أوروبا والعالم العربي، إلى حقب قديمة. وهو تاريخ يتكوّن نسيجه من فترات من التبادل والتعاون على مختلف الصعد، ولكن أيضاً من النزاعات والحروب التي لم يكن أقلّها حملة نابليون على مصر عام 1798. هذا فضلاً عن استعمار الجزائر من قبل فرنسا فترة 132 سنة، والعديد من الأعمال العسكرية والمواقف السياسية بعد قيام إسرائيل عام 1948.

إن جان بيير فيليو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في كليّة العلوم السياسية بباريس والأخصائي بالعالمين العربي والإسلامي في العصر الحديث ومؤلف العديد من الكتب عن موضوع اهتمامه، يقدّم كتاباً جديداً تحت عنوان «العرب، مصيرهم ومصيرنا».

تتوزّع مواد هذا الكتاب بين سبعة فصول تحمل العناوين التالية: «عرب عصر النهضة 1798 ــ 1801» و«سلام جميع الحروب 1914 ــ 1925» و«نصف قرن من الاستقلال 1922 ــ 1971» و«عشرين سنة من الانقلابات العسكرية 1949 ــ 1969» و«من كارثة إلى أخرى 1970 ــ 1991» و«استخدام الرعب 1991 ــ 2011» وأخيراً «الثورة والثورة المضادة 2011 ــ 2015».

المرحلة التي يوليها المؤلف اهتمامه بالدراسة في هذا العمل هي الوقت الراهن والصعود الذي تعرفه الحركات المتطرّفة.

أمّا الفكرة الرئيسية التي تدور حولها التحليلات المقدّمة فمفادها أن التطرّف القائم لا مستقبل له، وأنه سينتهي مع جميع الأشكال التي تمثّله. السبب الذي يقدّمه ويشرحه بالتفصيل هو أن هذا «النموذج ــ الموديل ــ لا يمكنه البقاء والاستمرار وسيقود إلى طريق مسدود على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي».

ويشير المؤلف أن رؤيته بعدم وجود أي مستقبل للحركات المتطرفة تنطلق من موقعه كمؤرّخ «هذه بمعنى عدم اللجوء إلى المشاعر الذاتية من تفاؤل وتشاؤم. بل من خلال محاولته وضع ما هو قائم اليوم من تطورات في اتجاهات التاريخ العربي على المدى الطويل».

وفي قراءة المؤلف، على ضوء تلك الاتجاهات التاريخية، لما يمكن أن تصل إليه الحركات المتطرّفة يؤكّد على أنها ستجد نفسها في المستقبل غير البعيد أمام حالة عجز على الصعيدين الإنساني والمالي، وبالتالي ستصطدم بأزمات حقيقية ولن تستطيع تجاوز «صدمة الواقع» الذي ستجد نفسها فيه. ويصل في مثل هذا النهج من التحليل إلى القول إنه ينبغي على الأوروبيين أن يساعدوا في ذلك، وأن يتخلّصوا من حالة «قصر النظر» التي يعانون منها تاريخياً.

ويرى أن جيل الشباب ما بين 25 و35 سنة هو الذي حمل مجموعة من الأفكار التي قادت إلى التعبئة التي عرفها شتاء 2010 ــ 2011 والتي سبقت ما عُرف بـ«الربيع العربي».

ما يحاول أن يبرهن عليه المؤلف في كتابه، وبناء على تجارب التاريخ منذ قرون هو أن العرب راغبون في حقّهم بتقرير مصيرهم وباستقلالهم. لكن بالمقابل تريد المنظومات الدكتاتورية، ومهما رفعت من شعارات تقدّمية، وكذلك الحركات المتطرّفة والمتزمّتة، أن تدفع الشعوب العربية نحو «خارج التاريخ».

ويشير المؤلف في هذا الإطار إلى أنه على الأوروبيين واجب المساهمة بشتى السبل من أجل الوقوف بوجه ذلك ليس لصالح العرب فحسب، بل أيضاً لصالح الأوروبيين أنفسهم، حيث أثبتت وقائع التاريخ، كما وقائع الأحداث الراهنة، مصيرهم المشترك. ذلك كإشارة من المؤلف إلى «المصيرين»، حسبما يدل العنوان الفرعي للكتاب.


عدد القراء: 3379

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-