هيلين دانكوس: «السنوات الست التي غيّرت العالم»

نشر بتاريخ: 2015-11-13

فكر – المحرر الثقافي:

سادت العالم على مدى أكثر من سبعة عقود من القرن الماضي، العشرين، حالة من الاستقطاب الدولي الثنائي، ذلك تحت زعامة القوتين العظميين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق. لكن ذلك الواقع العالمي وما رافقه من حرب باردة ومن تنافس بين منظومتين سياسيتين واجتماعيتين واقتصاديتين عرف تحوّلاً جذرياً خلال السنوات الواقعة بين عام 1985 وعام 1991.

هذه «السنوات الست التي غيّرت العالم» هي بالتحديد موضوع كتاب المؤرخة الفرنسية من أصل روسي هيلين كارير دانكوس، الأمينة الدائمة «مدى الحياة» للأكاديمية الفرنسية التي يطلقون على أعضائها الأربعين توصيف «الخالدين». و«السنوات الست التي غيّرت العالم 1985 ــ 1991»، هو عنوان هذا الكتاب.

تنطلق المؤلفة من تثبيت واقع أن السنوات الست المعنيّة عرفت «ثورة لم يكن يتصورها أحد». ذلك أنها شهدت الانهيار الكامل للمنظومة الشيوعية ونظامها الشمولي، التوتاليتاري، وإمبراطوريتها السوفييتية.

وتؤكّد المؤلفة أن انهيار ذلك كلّه لم يتم حسب «الطريقة الكارثية» التي انهارت فيها «النازية الألمانية». لكن التغيير الذي شهدته السنوات الست حدث «بسهولة ودون إراقة دماء» وبمبادرة مجموعة من الرجال بدعم من إرادة شعبية شكّلت القوّة الأساسية المؤيّدة لهم.

وتؤكّد هيلين كارير دانكوس على الدور المركزي الذي لعبه ميخائيل غورباتشيف الذي وصل إلى السلطة في الاتحاد السوفييتي أواسط عام 1985. وكان مزوّداً بقناعة ثابتة أنه ينبغي «تجديد النظام السائد في الإمبراطورية». كما تعيد في كتابها الكثير من الاعتبار لبوريس يلتسين الذي «جسّد» سقوط الاتحاد السوفييتي وعودة روسيا إلى المسرح العالمي.

وهذا الكتاب هو، بمعنى ما، نوع من التأريخ لمساهمتهما التي ترى المؤلفة أنها كانت أساسية لحدوث التغيير بالطريقة التي تمّ بها وبعيداً عن «الصورة السلبية» الشائعة عنهما.

وتريد المؤلفة العودة إلى أحداث السنوات الست 1985 ــ 1991 التي شهدت «ثورة حقيقية» آلت إلى «معجزة»، حسب التعبير المستخدم.. لفهم روسيا في الحاضر، حيث إن السبيل كان مفتوحاً نحو احتمالات أكثر مأساوية. لكن تلك «المعجزة» تمّ اختزالها كثيراً في الذاكرة لـ«سقوط جدار برلين».

بالمقابل إذا كان الجميع يدركون أن القرن العشرين بدأ مع الثورة الروسية عام 1917 ثم قيام الاتحاد السوفييتي وإمبراطوريته، فإنهم لا يعرفون جيداً كيف انتهى ذلك القرن عام 1991 مع انهيار الإمبراطورية السوفييتية ومنظومتها الشيوعية.

من الأفكار الرئيسة التي تتردد في تحليلات هذا الكتاب أن الاتحاد السوفييتي يمثّل «إمبراطورية حلّت نفسها ولم يتم تركيعها من الخارج». وتشير إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق رينالد ريغان حاول «تركيعها»، كما تنقل عن مستشاره ريشارد بيب. وترى أنه إذا كان قد ساعد قليلاً على ذلك، فإن السبب الحقيقي يكمن في كون أن «النظام السوفييتي كان يعاني من توقف عمله في جميع الميادين».

ولكنه كان قادراً على الاستمرار لفترة من الزمن، كما تشرح هيلين كارير دانكوس. وتشير المؤلفة إلى أن «الإمبراطورية السوفييتية» انفجرت مرّة أولى أثناء ثورة 1917. وكان «دهاء لينين» ولعبه ورقة «الصداقة بين الشعوب» واستخدام سوط السلطة وراء إعادة لحمتها.

ومن أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي تحدد المؤلفة تدخّل الجيش الأحمر في أفغانستان. وعن يلتسين ترى المؤلفة أنه كان «مسكوناً» بالمسألة «الأوكرانية».


عدد القراء: 3149

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-