صناعة النشر في الدول المؤثرة عالميًّا
صناعة النشر في ألمانيا:
لدى ألمانيا منظومة متنوعة وفعالة من دور النشر التي تلبي احتياجات جمهور القراء بأكمله سواء الشغوفين بالمعرفة أو الباحثين وكذلك الذين يقرءون من أجل المتعة.
يضم (دليل المكتبات الألمانية) حوالي 15000 شركة، التي يمكن أن تنسب إلى سوق إصدار الكتب ومنهم بضع ألاف يقدمون على نشر الكتب في بعض الأحيان فقط. ولمعرفة أي الشركات تقوم بالفعل بنشاط ذي صلة في مجال النشر يفضل الرجوع إلى إحصائية ضريبة المبيعات التي تضم 2200 دار نشر.
إن الوضع الاقتصادي لصناعة النشر في ألمانيا يعد صحيًا بشكل عام؛ إذ إن هذه الصناعة استطاعت أن ترفع حجم مبيعاتها منذ عام 1992 بنسبة 53 بالمئة. وتشير التقديرات الأولية إلى وصول الحجم الإجمالي للمبيعات في عام 2010 إلى 5.4 مليار يورو.
صناعة النشر في الصين:
تشهد الصين نجاحات مذهلة في شتى المجالات، وتنمو صناعاتها المختلفة بشكل غير مسبوق، لا تزال تقبع خلف دول كثيرة في مجال صناعة الكتاب ونشره، وإن كانت من حيث عدد العناوين المطروحة سنويًّا والحجم الكلي للمنتج تأتي ضمن أكبر دول العالم. وبعبارة أخرى، يمكن القول: إن الصين لا تبدو في موقع متقدم إذا ما أخذنا في الاعتبار نصيب الفرد السنوي من الكتاب، وشكل وجودة المنتج، والطرق المستخدمة في الطباعة والتوزيع، والتشريعات الخاصة بحماية حقوق المؤلفين والناشرين.
صناعة الكتاب في الصين تقدمت في السنوات الأخيرة، ولاسيما منذ انضمام البلاد في عام 2001 إلى منظمة التجارة العالمية. حيث شكلت عضوية الصين في هذه المنظمة بما فرضته من شروط ومعايير وقواعد عالمية تحديًا لدور النشر المحلية. وهناك ثمانية آلاف دار نشر متخصصة في صناعة الكتاب - من أصل 82 ألف دار للطباعة يعمل بها نحو 3 ملايين نسمة- لا تزال تراهن في بقائها في سوق المنافسة على العامل الأخير، أي على عدد قراء الصينية، الذين يشكلون ربع سكان الكرة الأرضية، وعلى الأعداد المتزايدة من الأجانب الساعين إلى تعلم الصينية وآدابها.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن الصين، التي تفتخر بحضارة ثقافية نشأت قبل 5 آلاف عام، وبأنها البلد الأول في العالم الذي اكتشف الورق والطباعة قبل انتقالهما إلى الغرب عبر طريق الحرير، تطرح سنويًّا ما معدله 140 ألف عنوان باللغة الصينية. كما يتضح من هذه الإحصائيات أن أسواق الكتاب في الصين مزدهرة، وتحقق أرباحًا كبيرة للناشرين، بل إن قطاع صناعة الكتاب هو من بين أكبر ثلاثة قطاعات مربحة إلى جانب قطاعي العقارات والتعليم. أما لجهة تصدير الكتاب الصيني والعوائد المتحققة من ذلك، فتشير آخر الإحصائيات إلى أن البلاد صدَّرت في عام 2004 نحو 2.5 مليون كتاب بعائدات إجمالية بلغت 11 مليون دولار. غير أن هذه الأرقام الكبيرة تبدو صغيرة إذا ما قورنت بأرقام صناعة وتصدير الكتاب في الهند، بل تبدو جد متواضعة عند مقارنتها بصادرات الولايات المتحدة من الكتاب قبل عقد من هذا التاريخ أي في عام 1994 التي بلغت فيها حصيلة الأخيرة من هذه الصادرات 1.7 بليون دولار.
وإذا كانت عوامل مثل ملكية الدولة لدور النشر الكبيرة، وغياب التكامل ما بين عمليتي النشر والتوزيع، وانتشار دور النشر الصغيرة الغير القادرة على المنافسة القوية ومقاومتها لفكرة الاندماج في كيانات كبيرة، ونقص التجديد والتحديث المستمر، وتبديد الموارد، مسؤولة عن تراجع مكانة الصين العالمية في صناعة الكتاب ونشره، فإن السبب الأبرز يكمن في غياب الشفافية ومناخ الحرية اللازم للإبداع الثقافي والفكري.
فالصين لا تزال تفرض الرقابة والقيود على الأعمال الإبداعية والمصنفات الفكرية وتخضعها للفحص الدقيق من خلال الإدارة العامة للصحافة والنشر المعروفة اختصارًا باسم (غاب GAP)، والتي لها سلطة تقرير ما يسمح بنشره، وتقييد حق المبدع في النشر، وإغلاق دور النشر التي تتجاوز التعليمات.
ولعل هذا ما يفسر لجوء الكثيرين في الصين إلى العمل من تحت الأرض وازدهار صناعة النشر السرية وتفشي السوق السوداء للكتاب. فعلى سبيل المثال توجد في العاصمة بكين وحدها نحو عشر دور نشر سرية كبرى والآلاف من المكتبات الصغيرة وعربات الكتب المتنقلة التي تعرض بأسعار رخيصة نسخًا مزورة من كل أنواع الكتب الممنوعة القديمة والحديثة، من تلك الصادرة في هونغ كونغ أو تايوان أو الغرب. أما في المدن الكبرى البعيدة عن سلطة المركز، فإن العدد أكبر بطبيعة الحال.
ويمكن للمرء أن يكتشف بسهولة النسخ المزورة من أي كتاب، بفضل رداءة مستوى الطباعة والألوان، وما تحتويه من أخطاء مطبعية ونحوية كثيرة، فضلًا عن غياب التراتبية الرقمية لبعض الصفحات، بل واختفاء صفحات بأكملها، طبقًا لإحدى الدراسات. لكن الكثيرين لا يعيرون هذه المسائل أي اهتمام في ظل ولعهم بقراءة الكتب الممنوعة وضعف قدراتهم الشرائية.
صناعة النشر في الهند:
تعد صناعة النشر الهندية عن حجم وتنوع شبه القارة الهندية حيث ينشر 12 ألف ناشر 80 ألف كتاب سنويًّا بأربع وعشرين لغة رسمية في البلاد، وتقدر دورة رأس مال هذه الصناعة بأكثر من مليار دولار سنويًّا، وما زالت تتمتع بإمكانيات كبيرة للنمو.
ويصدر نحو ثلث الإنتاج السنوي للكتب باللغة الإنجليزية والباقي باللغة الهندوسية والتاميلية والبنغالية وغيرها من اللغات الأخرى في البلاد.
ورغم أن نسبة صغيرة نسبيًّا من سكان الهند البالغ عددهم 1.1 مليار شخص يمكنهم قراءة اللغة الإنجليزية فإن البلاد ما زالت ثالث أكبر سوق للكتب التي تصدر باللغة الإنجليزية في العالم بعد الولايات المتحدة وبريطانيا. وأدت العولمة وازدهار تكنولوجيا المعلومات وتجارة الخدمات في الهند إلى تحويل الإنجليزية إلى لغة مهمة بالنسبة للشباب والمتعلمين. ويقدم نمو الطبقة المتوسطة في الهند فرصًا كبيرة ويقدر عدد هواة القراءة في جنوب شرق آسيا بستمئة مليون شخص، وهو أكبر عدد من القراء يجري استغلالهم تمامًا من قبل الناشرين الدوليين.
وأدركت كبرى دور النشر في العالم أهمية الهند مما دعا مؤسسات مثل بنجوين وهاربر كولينز وراندوم للنشر إلى إقامة عمليات هناك لنشر كتب هندية باللغة الإنجليزية وتوزيع الكتب الأجنبية في الهند.
غير أنه في بلد يشهد تضاربات واسعة تشير التقديرات إلى أن ثلث الهنود تحت سن 15عامًا لا يمكنهم القراءة ولا الكتابة. ويتوقع أن تصل قيمة الصادرات من الكتب المطبوعة في الهند إلى مئة مليون دولار سنويًّا وهناك طلب متزايد بشكل خاص على الكتب المدرسية معتدلة الأسعار في الهند في الدول النامية.
وفي الغرب ما زالت الكتب القادمة من الهند تتمتع بشعبية لا سيما بالنسبة لتلك الكتب التي تجسد ثقافة البلاد الثرية والمتنوعة مثل مجلدات حول القيم الروحية وأسلوب الطبخ.
وشارك نحو 200 ناشر هندي في معرض فرانكفورت وهو الأكبر من نوعه في العالم.
ويوفر معرض الكتاب قاعدة عالمية لصناعة النشر والكتاب الهنود فيما أتيحت فرصة لدعم ترجمة الكتب إلى 24 لغة رسمية و 120 لغة إقليمية هندية.
يذكر بأن الهند تشهد كل عام نشر نحو 77 ألف عنوان جديد لكتب بينها 20 ألفًا باللغة الإنجليزية وحدها مما يجعلها تحتل المركز الثالث على مستوى العالم في مجال نشر الكتب بالإنجليزية بعد الولايات المتحدة وبريطانيا.
صناعة النشر في أمريكا:
يبلغ عدد دور النشر بالولايات المتحدة الأمريكية وفقًا لتعداد عام 2004 أكثر من 85.000 شركة نشر, انضم منهم 11.000 شركة إلى وكالة الترقيم الدولي الموحد The International Standard Book Number (ISBN)، وهى وكالة تهدف إلى وضع ترقيم دولي موحد لطبعة الكتاب؛ لتوفير سبل أكثر كفاءة لتسويق الكتب عن طريق باعة الكتب، والمكتبات، والجامعات، وتجار الجملة والموزعين. ووصل عدد شركات النشر وفقًا لتعداد عام 2007 لما يزيد عن 120.000 شركه نشر انضم منهم 85.000 إلى وكالة ISBN.
ويتراوح عدد شركات النشر التي تنشأ كل عام ما بين 8.000 إلى 11.000 شركة كل عام. ففي عام 2002 على سبيل المثال أنشئت 10.000 شركة بزيادة 15 % عن عام 2001. وفى عام 2003 تم إنشاء 10.877 شركة.
وقد بلغت مبيعات أكبر عشرة شركات نشر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2006 مبلغ 24 مليار دولار. وتتركز معظم شركات النشر الصغيرة في ولاية كاليفورنيا California، حيث تحتوى على أكثر من 60 % من تلك الشركات. وبلغ حجم الكتب المباعة عام 2007 أكثر من 692.3 مليون كتاب بعد أن وصل عدد الكتب المباعة عام 2006 إلى 652.3 مليون كتاب.
صناعة النشر في روسيا:
يعد صناعة الكتاب الروسية في الوقت الحاضر، صناعة رابحة، وقطاع اقتصادي ينمو بشكل ديناميكي، والشاهد على ذلك الأرقام الإحصائية الواقعية في هذا المجال. ووصل النمو السنوي في نشر الكتب في روسيا في المتوسط إلى 9.4 % ، وأما بالنسبة لعدد النسخ فإن النمو السنوي قد وصل إلى 5 %.
وازداد نشر الكتب في روسيا في العشر سنوات الأخيرة أكثر من مرتين. لقد شهد عام 2006 طباعة أكثر من 100 ألف عنوان، وفي عام 2008 أصدرت روسيا 130 ألف عنوان مقابل نحو 80 ألفًا في منتصف حقبة الثمانينيات من القرن الماضي. وبقي هذا الرقم ثابتًا في عام 2009 .
و80 في المئة من الكتب الصادرة في روسيا من تأليف الكتّاب الروس. ويوجد في روسيا نحو ألف دار نشر.
وتزايد عدد قراء الكتب الإلكترونية في روسيا في المدة الأخيرة. وتمثل الكتب الإلكترونية نحو 5 في المئة من إجمالي الكتب الصادرة في روسيا. إلا أن دور النشر الروسية تواجه خسائر كبيرة جراء إقبال (لصوص الكمبيوتر) على نشر الكتب الإلكترونية دون ترخيص.
صناعة النشر في بريطانيا:
أظهر تقرير إحصائي نشر بصحيفة (ذي غارديان) أن دور النشر البريطانية تطبع أكثر من 20 كتابًا جديدًا في الساعة؛ مما يجعل الفرد في بريطانيا هو الأكثر حصة من الكتب في العالم. وصرّحت رابطة الناشرين الدولية في تقريرها أن دور النشر البريطانية أصدرت 184 ألف كتاب جديد في العام 2013، أو ما يعادل 2875 كتابًا لكل مليون شخص من السكان، ويزيد هذا أكثر من 1000 كتاب على تايوان وسلوفينيا اللتين جاءتا بالمركز الثاني (1831 كتابًا لكل مليون من السكان في كل من البلدين). وجاءت أستراليا ثالثة بفارق بعيد بـ 1176 كتابًا، في حين أن الولايات المتحدة نشرت العام الماضي 959 كتابًا جديدًا فقط لكل مليون شخص من سكانها.
وتأتي بريطانيا ثالثة بين دول العالم والأولى في أوروبا، بحسب تقرير رابطة الناشرين الدوليين، مؤكدة تصدر الصين التي تطبع 444 ألف كتاب أو ما يعادل 325 كتابًا لكل مليون شخص من السكان تليها الولايات المتحدة التي تطبع 304912 كتابًا، وفي أيسلندا التي لم تشملها إحصائية الرابطة يُنشر نحو 1000 كتاب جديد سنويًّا بلغة لا يتكلمها إلا 320 ألف شخص. كما أظهر التقرير أن بريطانيا تتصدر دول العالم في تصدير الكتاب بإيرادات زادت على 1.5 مليار يورو في العام 2013 تليها الولايات المتحدة ثم إسبانيا ثالثة.
تغريد
اكتب تعليقك