المغرب بين المتوسط والمحيط الباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2015-08-23 20:08:05

ميسون أبو بكر

قصيرة جدًّا هي المسافة بين جنوب فرنسا والمغرب، والبحر المتوسط هو المشترك الذي يسور المدن التي يجمع بينها كرابطة العقد، وفي المملكة المغربية تراث ينبض بالحياة في كل تجلياته اليومية والاقتصادية والحضارية والثقافية، فالحاضر يعانق أصالة الماضي الذي تذكر به تفاصيل الحياة ومعالمها سواء في المناطق القديمة الموغلة في القدم بمبانيها وأسواقها وطريقة الحياة بها وازدحامها، أو في المطاعم والفنادق التي تحتفظ بعراقة الماضي سواء في نمطها العمراني أو زخارفها ونقوشها، كما تقدم الطعام المغربي المتنوع والمشهور بأنواع مختلفة كالطاجين والبسطيلة باللحم أو الدجاج أو ثمار البحر أي الحوت كما يسميه المغاربة كما اللحم المشوي بأشكاله المختلفة، ويشتهر الطعام الذي هو ما بين المالح والحلو والذي يقدم في أوانٍ فخارية ويكاد يكون متشابهًا رغم فروق بسيطة بين المدن.

كازا المدينة التجارية في ازدحام شوارعها طابع خاص يصاحبك منذ وصولك المطار إلى المناطق المختلفة، يتراءى بشدة عند ساحل المحيط الأطلسي وفي منطقة عين دياب، حيث الشواطئ الممتدة والمقاهي، وفي بعض المناطق قد تحاول تجاوز الأسوار الطويلة التي تسور البحر لغرض أشغال أو مشروع فندق جديد.

 والرباط العاصمة تعد ثالث أكبر مدينة في البلاد، تقع على ساحل المحيط الأطلسي الذي تنتشر فيه بعض المقاهي وعلى الضفة اليسرى لمصب نهر أبي رقراق الذي يفصل المدينة عن سلا المدينة القديمة.

الطرق إلى المدن محفوفة بالغابات والأشجار والمراعي الخضراء التي تقدم أشهى الفاكهة.

فاس المدينة الثقافية بكل ما تحمل من عراقة، بواباتها القديمة التي تأخذ زائريها لمحلات شبه اندثرت المهن التي تضم بعض دكاكينها، الجلود ونقش النحاس وصناعة الزخارف الخشبية، ثم الحلوى المغربية والثياب التقليدية التي نجدها حاضرة في أسواق العالم تشير إلى منبعها وموطنها.

الكثير من الحكايا والأساطير قد تكون فاس مهدها ثم قد تكون بين طيات الكتب وأشهر الجامعات (جامعة القرويين) التي لا تهدأ فعالياتها وملتقياتها وندواتها.

إفران ليست بعيدة عن فاس تلك التي تشبه سويسرا حين تتغطى جبالها بالثلج في موسم الشتاء وهي قبلة السياح صيفاً وشتاءً. والمدن الأخرى حكاية يختصرها فلكلورها وطقوس ساكنيها واختلاف لهجاتهم ولباسهم ومهرجاناتهم، حيث لكل مدينة في المغرب مهرجان سنوي خاص بطابع المدينة، فمن مهرجان أصيلة إلى مهرجان الموسيقى الروحية في فاس إلى مهرجان إفران وغيرها.

تصادفك اللوحات قبل مداخل المدن ؛ مكناس تراث عالمي.. فاس تراث عالمي .. للحياة صوت شجي في تلك الديار، المآذن الصديقة لأسطح المنازل، والجبال التي تحدها أشجار الزيتون الباهتة الخضرة، وحولها مراع من الصفرة والخضرة يلتقيان كألوان قزح، الأرض التي تبدو كالسلالم إلى السماء، والسماء التي لا يعكر زرقتها شيء بل تمر منها الغيوم البيضاء سريعة تهدئ وهج الشمس الحارقة في الصيف.

وقع خطا المحيط الثائر الذي يختلف عن هدوء المتوسط ما يميز الشواطئ القريبة منه، ثم بساتين القصب التي تختفي بين سيقانها الطويلة الأجساد الذاهبة للحقول والحصاد، والطيور التي ترفرف فوق الحقول كأنها الفراشات وكأنها نوارس البساتين.

تلك هي بلاد المحيط الأطلسي والمتوسط التي تنتظر المزيد والمزيد من التنظيم الذي يجذب السياح والمستثمرين وما يمكن أن يتوج جمال طبيعتها وغنى مراعيها.

 

من آخر البحر

 

 

      بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغداد

                                  ومن نجد إلى يمن.. إلى مصر فتطوان

      فلا   حدٌّ     يباعدنا.. ولا  دين    يفرقنا

                                              لسان الضاد يجمعنا.. بقحطان وعدنان


عدد القراء: 4276

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-