التصميم الرّقمي بين الإشهاري والاتّصاليالباب: مقالات الكتاب
أسماء الدجبي أستاذة عرضية بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس |
يفرض الرّقمي اليوم هيمنة كبرى على جميع المجالات بما في ذلك الثقافيّة، الاجتماعيّة والاقتصاديّة ذلك أنّه أصبح قطب الرّحى التي تدور من حوله فتزيد رقعته ليشمل التصميم، فتزاوج فتصميم رقميّ وإنّ هذا الأخير من شأنه أن يتأرجح على طرفي خيط شفّاف يحدّه الاتّصال والإشهار، إذن هناك استراتيجيّة اتّصال وبالتالي تواصل ينتهجها التصميم كرهان أوّل وفق ما فرضته التغييرات النموذجيّة. إذن ما علاقة التصميم الرقمي اليوم بكلّ ما هو اتّصالي وإشهاري؟ وإلى أيّ مدى نجح التصميم الرقمي في بلوغ ما يهدفا إليه؟
يبقى تطوّر التصميم الرّقمي نتيجة لتطوّر البنية التحتيّة على مدار العشرين سنة تقريبًا التي خلت فقدّمت أفكارًا جديدة ومفاهيم عديدة تولّدت مع الوقت موازية لابتكارات تكنولوجيّة دون أن ننسى أنّ لكلّ منتوج ابتكار مطابق له اعتمادًا على أسس ديناميكيّة تحيك بدورها علاقات مع عدّة جهات تفرز بالضرورة أشكالاً جديدة على مستوى التمثيل الاقتصادي وهي العلاقة المرتبطة بين المستهلك والمنتج وبالتالي أصبحت العمليّة ككلّ محوّرة بدءًا بالتصميم مرورًا بالمنتج وصولًا إلى المستهلك.
لو أشرنا إلى أنّ التصميم هو عمليّة إبداعيّة إذن فإنّ ذلك يعني هنالك قدرة على الحبكة في توازن مفهومين اثنين ألا وهما كيفيّة التفكير وكيفيّة النمذجة (التطبيق) وهو ما يشمل كافة مجالات التصميم منها الخدمة والفضاء وغيرها لكن في جميع الحالات لا بدّ من الإشارة إلى طريقة "التفكير" أو حتى إنشائها وإنّ هذه الأخيرة دلالة على الإنشاء أي أنّ فعل البناء قائم الذّات لكن للسائل أن يسأل عن أوجه البناء هنا إذن هنالك بناء لمفهوم معيّن أو ربّما لتيّار زد على ذلك بناء العلاقة بين المنتوج والآخر (المتقبّل، المستفيد، المستهدف) تجسيد وظيفة الاتصال داخل المنظومة. لكن يبقى التواصل، كممارسة وكرهان، هو العملية العلائقية والدلالية التي يتم إنشاؤها بين الجهات الفاعلة، من خلال أجهزة مختلفة من بناء التصميم اعتمادًا على رسالة أو هدف ما ونقله وتوزيعه وتصريفه إلى جهات أخرى أي إلى الجمهور المستهدف، إذن يشير الاتصال إلى مفاهيم الإرسال والتوسّط ومنها الوساطة لكن هل يبقى التصميم مجرّد مساهمة في تطوير العلامة التجاريّة لمنتوج ما؟ أم يتعدّى وظيفته نحو آفاق أرحب؟ ينبع من الوسيط الوساطة ومنها التوسّط فالواسطة إذن هل نحن اليوم بحاجة إلى كلّ هذا المصطلح من أجل نجاح العمليّة الإبداعيّة؟ ربّما يكون الوسيط خطًّا إعلانيًّا أو ربّما جهة إعلانية أو شركة دعاية هذا إذا ما أشرنا للإشهار أمّا فيما يخصّ الاتّصال فتكون الوساطة بمفهوم وخطّ ولون وتركيبة تجتمع كلّها من أجل إخراج عمليّة إبداعيّة تصميميّة رقميّة تكون في خدمة علامة تجاريّة ما.
من ذلك يتحتّم علينا المرور بالتعريف بالعلامة التجاريّة كركيزة يرتكز عليها التصميم الذي قمنا باختياره كفرع منه إذن "هي جزء من منطق التمايز في العرض. الشركة لديها طموح للالتزام بشكل أفضل بتوقعات عملاء معينين وتركز على تزويدهم باستمرار وبشكل متكرر بمزيج مثالي من السمات الملموسة وغير الملموسة والوظيفية والمتعة المرئية وغير المرئية، في ظروف قابلة للحياة اقتصاديًا لمصلحتها" وبالتالي فإنّ ثنائيّة الطلب والعرض تبقى قائمة الذات حتى في ظلّ هجانة العلاقات اليوم. يبقى العرض (ما بعد التصميم) فضاءًا شاسعًا لتعدّد المحامل اليوم من شارع وانترنات وحواسيب وغيرها دون أن ننسى وسائل الإعلام وتنقّل التصميم دونما حدود لا في المكان والزّمان ذلك أنّ التنسيق الرّقمي يسمح بسرعة التداول ونشر المنتوج بأشكال تفاعليّة مبتكرة لكن هل يتوقّف ذلك على براعة المصمّم وما يخفيه بين طيّات التصميم؟ بمعنى ما يحمله ويحمّله من شحونات رمزيّة وطبقات من المعاني في المحتوى ذلك أنّ "يجب أن يعيد المحتوى إحياء البعد السحري والحسّي وحتى الشعري للعلامات التجارية وأن يثني على أولئك الذين يجعلونها تعيش من الداخل" بما معناه أنّ التصميم لا بدّ أن يكون في خدمة العلامة التجاريّة من ناحية وقادرًا على إيصال الفكرة دون أن ننسى الطّابع الاستطيقي وما يحمله من أبعاد جماليّة فنيّة يعرّي جمال التصميم ويكشف عن سحر العلامة وجعلها مرئيّة خالية من الضبابيّة على مستوى المفهوم حتّى يكون ناجحاً في الترويج والنشر لكن لابدّ أن تكون شروط الطّرافة والدّقة والجودة والجرأة حاضرة في التصميم حتّى تكون موازية لما تقتضيه المعاصرة جذباً للانتباه وسلبا للعقول. يفرز ذلك بالضرورة علاقة جدليّة بين الإشهار "للعلامة" من ناحية وبين "الاتّصال" من ناحية أخرى وهو ما يفرز ردّة فعل من طرف الآخر طالما هنالك علاقة تأثّر وتأثير بين طرفين اثنين وهو ما يمكننا إدراجه ضمن "العلائقيّة" أو دعنا نقول "التفاعليّة" وهو من أهمّ ما تصبو إليه المعاصرة اليوم كرهان في عالم التصميم والعالم الفنّي على حدّ السواء. تعتبر التفاعليّة شرطًا من شروط الإشهار يكمّلها الاتّصال يعطي على مستوى التلقّي طاقة تفاعليّة وهي فرصة دون شكّ لتنشيط فعل الاستجابة الجماليّة إدراكيًّا وتشاركيًّا وبالتالي تتشكّل تفاعلات مختلفة وهو ما يسمّيه ياوس" بالتفاعل بين المتلقّي والعمل والحريّة المتاحة في تشكيل المعنى،" خاصّة على مستوى ما يحمله التصميم من حركة في الأفكار ومعانيه ورموزه وعلاماته لأنّه في آخر المطاف وسيطًا يحمل رسالة باعتبار كيفيّة نقلها وطريقة عرضها لكن دعنا نقول أنّ ما تحمله هو الغاية.
يبقى الهدف الذي يدور حوله موضوعنا قائمًا على ثنائيّة الاتّصال والتواصل وهو ما يوازيه التأثّر والتأثير فيندرجان ضرورة ضمن العمليّة التفاعليّة التي تجعل من المستهلك منجذبًا بالتصميم مهما كان موضوعه إذن نجد نفسنا هنا نتحدّث على التجديد، الترشيد والتسويق ومنها التلقّي والاستقبال وبالتالي تفاعل اجتماعيّ بامتياز وهي عمليّة أفرزت كلّ هذه المصطلحات ضمن إبداعية جديدة تتبدّل فيها السياقات فيتحوّل التصميم من ذاتي فردي إلى جماعي نحو المؤسّسة الجماعيّة فتندرج ضمن المزاج الاجتماعي الجماعي فتحوّل من لغة "الأنا" إلى لغة "النحن" ضمن جماعيّة إنتاجيّة يغيّر جذريًّا من طبيعة العلاقات. إذن بات من الممكن الحديث عن التفاعليّة وربطها بعناصر مختلفة والضّامنة لنجاح كلّ عمل فنّي أو تصميمي معاصر والمتمثّلة في المصمّم والشريك والعرض وإنّ كلّ عنصر يأخذ صفة التفاعلي وتنتسب إليه ذلك اعتمادا على التجاوب والتماهي الحاصل بينها داخل عمليّة التّقبّل والعمليات الحاصلة بينها فتسمّى العمليّة ككلّ بالعمليّة التفاعليّة وهنا إصرار منّا على أنّ ماتنتجه هذه الأخيرة من تماهي بين الاتصالي والإشهاري.
تتقلّص إذن تلك المسافة والهوّة بين المصمّم والآخر "المتلقّي" ليقتربا على مستوى العمليّة التفاعليّة والإدراكيّة وذلك في إطار أعمال وتصميمات رقميّة تعطي للجمهور إمكانيّة التدخّل (حسيّا) وتأسيس قيمته كفاعل شريك في صلب العمليّة التفاعليّة وبالتالي هناك تأسيس لمغامرة جماليّة، حسيّة وفنيّة بالتأثير في المسار الفنّي "التصميمي"حتّى أنّ الفنّ بصفة عامّة والتصميم بصفة خاصّة أصبحا موضوعًا اجتماعيًّا قابلان للتواصل والتفاعل وبالتالي تأسيس جملة من العلاقات الجدليّة الجديدة ضمن ما نسمّيه باللّحظة الجماليّة التي تعتبر القاسم المشترك بين المتلقّي والمصمّم، هي إحساس وشعور يعتري المرء بقيمة العمل ولا تكون هذه اللّحظة إلاّ بتجسيد العمل ومثوله ليكون وسيطًا بين الطّرفين فيكون الاندماج الوجودي في اللّحظة المعاشة أثناء التجربة الفنيّة عندما نتحدّث عن لحظة الكشف، حين يفضح ويفصح المصمّم فتتحقّق لحظة الجمال، إنّها لحظة عابرة، يتوحّد فيها المتلقّي مع الأثر الفنّي ويصيران الاثنان كيانًا واحدًا، لكن يبقى السؤال المطروح في هذا الصّدد عن تغيّر مقاييس التصميم مع المعاصرة؟ بمعنى ما هي الأسس التي يقوم عليها التصميم اليوم؟ ماهي مقوّماته وأسسه الفنيّة والاستطيقيّة؟
مع المعاصرة أصبحت لاستطيقا الصّدمة مكانة هامّة ضمن منطق "المدهش" و"الإدهاش" حتّى يكون الموضوع مطروحًا للجميع قابلاً للنقاش منتشرًا وهو ما يساهم فيه طبعًا الافتراضي من ناحية والاقتسام والتشارك من ناحية أخرى، بمعنى لا بدّ من الغرائبي والغريب أن يكون عنصرًا مهمًّا في التصميم حتّى يكون الهدف في فكّ رموزها والسّحر الموجود بها أو دعنا نقول الملغز، فما أبعدنا اليوم عن السّهل الجاهز الفطريّ والخالي من التعقيد وما أحوجنا إلى تصاميم تحملنا إلى عوالم أخرى بعيدا عن الواقعيّة، لكن ألا يكمن التناقض في معالجة أشياء من الواقع وتقديمها بشيء بعيد يتجاوزه؟ هنا يكمن التناقض والرهان الأوّل للمعاصرة بالانطلاق من المعيش والتوق نحو عالم أرحب وأعمق، عالم ميتافيزيقي نعم ألا يحقّ لنا اليوم الحديث عن ميتافيزيقيّة التصميم أليس ما نراه على سبيل المثال في تصاميم "زهي حديد" المصمّمة المعماريّة الندرة والجرأة والتميّز والظّفر بتصاميم تجمع بين الرائع والمروّع في بعض الأحيان؟ حتى وإن استشهدنا بمثال من التصميم المعماري فإنّ الهدف واحد والرهان كذلك ولا يجعلنا ذلك بمعزل عن باقي فروع التصميم طالما نهاية الطريق نفسها.
إنّ "الصّدمة السّمعيّة البصريّة" كما أسماها "إدغار موران" "Edgar Morin" في كتابه الموسوم "L’esprit du temps" تلوّح لفكر يجمع بين البيولوجي، الثّقافي الاجتماعي والشّخصي والتي تفتح بدورها الطّريق أمام بناء تصوّرات شاملة عن الطّبيعة البشريّة خاصّة فيما يتعلّق بالفنّي والتصميمي أين يصبح اليومي وحالات التحرّك في إطاره بالضّرورة منطلقا للبحث وركيزة للأعمال التصميميّة الرقميّة المعاصرة إذ يبدأ الاهتمام بالطّابع المؤسّسي والعلاقات الاجتماعيّة التي تحيكها والتي تكون مبتعدة عن الإصغاء للفرد والاهتمام بواقعه للبحث عن سبل كفيلة للدّفاع عنه وجعله محورا بتأسيس نظريات جديدة ذات صلة مباشرة به وتأسيس حركة فكريّة شاملة ولامّة تهتمّ بسوسيولوجيا الحياة اليوميّة والتي تكون مكتظّة بمجموعة من السلوكيات والتّفاعلات الاجتماعيّة "فلقد أضحت لسوسيولوجيا الحياة اليوميّة التي عرفها علم الاجتماع المعاصر نفوذها الخاصّ"، لكن هذا الانشداد للواقع والتمسك به ومن ثمّ تجاوزه وتوثيق الواقع فهل سيكون ذلك مسؤوليّة أمام تشويه مفاهيم الثّقافة اليوميّة المستمدّة من الواقع المعيش للإنسان والتي تقدّمها للآخرين بفرز وانتقاء ما يعرض؟
يفرز كلّ هذا بالضرورة أشكالاً جديدة للتفاعل والإدراك خاصّة على مستوى تعدّد طرق العرض ووسائطها فيفرز التصميم التمثيل ومن ذلك الإدراك ونظامًا معيّنًا محدّدًا من العلاقات على المستوى المعرفي والعلمي والعملي تمكّن من عيش تجربة جديدة جذّابة نوعًا ما فريدة من نوعها خاصّة عند المرور لتجربة العيش بمعنى استهلاك المنتوج وهنا تكمن القدرة على الإثارة والدخول في غمار تجارب مرتبطة بعالم العلامة التجاريّة. يجعلنا ذلك بالضّرورة أمام سياقات متعدّدة أو دعنا نقول تحوّل في السياقات إن صحّ التعبير من سياق اجتماعي نحو سياق فنّي أو ربمّا اقتصادي وسياسي نحو التصميمي، مختلفة هي الطّرق والطرائق لكن يبقى الهدف واحد من أجل تحقيق توازنات بصريّة تجمع بين التصميمي والجمالي رغم ما يحمله من هجانة غالب الوقت من التصميم للموقع وصولا لإشهار علامة تجاريّة معيّنة ما.
ربّما يجعلنا ذلك في علاقة مباشرة مع الحوادث بمعنى رصد ما يحصل على أرض الواقع وتجسيده تصميميًّا ومسائلة كلّ الأبعاد سواء منها النفسيّة والسّلوكيّة ليكون الطّرح في آخر المطاف متعلّقا تعلّقا وثيقا بمقاربة معرفيّة/ واقعيّة يصبّان في مجال معيّن على مستوى "الوجود" من ناحية و"التصميم" من ناحية أخرى وهو ما سيضمن لنا وجود معاني مختلفة من الناحية التواصليّة المعهودة حسب النماذج المعيشة ورصد تفاصيل التفاصيل التي تحمل حقيقة، أي المرور على مفهوم التلقّي القائم على مبدأ التّواصل "la communication" وهو ما نعني به "إقامة علاقة تراسل وترابط وإرسال وتبادل وإخبار وإعلام" ، وبالتالي يتبادل كلّ من الطّرفين (المصمم والآخر) المعارف ويبنى ويتأسّس التواصل بين الجماعات والأفراد إلاّ أنّ نظريّة التواصل تجعلنا نمرّ على مسألة الاختلاف ما بين "الطّلب" و"العرض" إذ يبقى المتلقّي أمام التصميم يفكّ رموزه فيحاول فهم الموضوع والرّسالة الموجّهة إليه بما أوتي من علم وحسب مستوى تفكيره لنجد "المسافة" تفصل بين العمل والآخر وانعدام التفاعليّة بين الطّرفين أمّا سلطته فتمتدّ مع التأثير المباشر طرفا رئيسيّا فيه .
يزداد التصميم في تعميق مفهومي الاتّصال والتواصل خاصّة إذا ما كان يحوي وجها ويستوعب ملامحا ذلك أنّه الواجهة الأكثر تعبيرا من خلال خطوطه وتعابيره وإمكانات ولوجه في عوالم الآخر بالخصوص فيما يتعلّق بالجمال والتجميل ونحن اليوم في عالم الموضة و"relooking" وفي هذا الإطار نستشهد بهذا المثال من التصميم الرّقمي والذي يهتمّ بعلامة تجاريّة رائدة في اختصاصها لديها صيت على المستوى العالمي "Estée Lauder" .
الإشارات والإيماءات كفيلة بنقل المشاعر والمواقف وبالتالي فإنّ أغلب التصاميم التي تستوعب وجوها يكون لها تأثيرًا مباشرًا على الآخر مقارنة بغيره من التصاميم ليكون أكثر وسيلة للتعبير «ليس هناك لقطة قريبة لوجه، بل إنّ الوجه بحدّ ذاته هو لقطة قريبة، واللّقطة القريبة بذاتها وجه الاثنان كلاهما يشكّلان التّأثّر العاطفي، الصّورة -العاطفة» ذلك أنّ التقاء الوجهين «وجه الأنا» و»الوجه الذي يحويه التصميم» من شأنه أن يعزّز علاقة التواصل بين الاثنين من خلال المقابلة والعلاقة الجبهيّة بينهما فالوجه متكلّم حتّى إنه صمت بصمة الشخصيّة.
تبقى هذه الوجوه وما تحمله من طاقات تعبيريّة وشحونات رمزيّة ذات سلطة على الآخر من خلال ما يشدّ ويسلب فيكون مساهمًا في فعالية الإشهار ونجاعته ومدى قابليّة فرض ثنائيّة الاتّصال والتواصل والامتداد في ثنائيّة العرض والطلب وبين منتوج ومستفيد وتبقى لعبة ثابتة في تقفّي أثر العلامات التجاريّة وترك بصمتها في السّوق الإنتاجية ولتبقى هي الفيصل الذي يفصل بين مكوّنات هذه العمليّة الإبداعيّة فما غايتنا في ذلك لولا هذه العلامة لم تترك أثرا وتمرّ مرور الكرام؟
أردنا من خلال هذا المقال الإشارة إلى أشكال التفاعل الجديدة التي تحدث خاصّة بين العلامة التجاريّة والجمهور من ناحية وما يفرزاه من علاقات جديدة على مستوى الاتّصال والإشهار وفق ما تحدّده العلامة من محتوى وأهداف تصوّبها وهو ربّما يكون منطق وفق العرض والطّلب وما يعزّزه الذّكاء الإبداعي والرّقمي وما تأثّره وسائل الإعلام والانترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي لتصبّ كلّها وفق منحى جديد لإنتاج المعرفة.
ونهاية نجد نفسنا أمام جملة من اتّحاد أهداف عديدة منها الاتّصال والإشهار والأهداف المعرفيّة على غرار التعريف بالعلامة التجاريّة دون أن ننسى الأهداف العاطفيّة للتصميم وتأثيرها على الآخر وحثّه على شراء المنتوج والحفاظ على الارتباط الرّمزي مع الجمهور وتبقى الطرافة في هذه العمليّة الإبداعيّة التمكين من عيش تجربة جديدة في كلّ مرّة مع كلّ تصميم وإثارتها لتجارب جديدة مرتبطة بعوالم العلامات التجاريّة والتي تبقى متأرجحة دوما بين ثنائيّة الاتّصال والإشهار.
الهوامش:
»- La marque s’inscrit dans une logique de différenciation de l’offre. L’entreprise a l’ambition de mieux coller aux attentes d’une certaine clientèle et se focalise pour lui fournir de façon constante et répétée la combinaison idéale d’attributs tangibles et intangibles, fonctionnels et hédonistes, visibles et invisibles, dans des conditions viables économiquement pour elle-même» Kapferer Jean-Noël (2007). Les marques,capital de l’entreprise. Créer et développer des marques fortes. Eyrolles, Paris page 37.
»-Les contenus doivent raviver la dimension magique, sensorielle, voire poétique des marques et rendre hommage à ceux qui la font vivre de l’intérieur » Jamet Thomas (2013). Les nouveaux défis du brand content. Au – delà du contenu de marque.. Pearson, Paris, page 63.
- روبرت هولب: نظريّة التلقّي- مقدّمة نظريّة، ترجمة د. عزالدّين اسماعيل، كتاب النادي الأدبي الثقافي 97، جدّة 1994 صفحة 195-297.
- شحاتة صيام، القهر والحيلة أنماط المقاومة السّلبيّة في الحياة اليوميّة، مكتبة طريق العلم، ص14.
- جاكبسون، موثان مييكي، هابرماس وآخرون، التواصل: نظريات ومقاربات، ترجمة: عزالدّين الخطابي وزهور حوتي، منشورات عالم التربية، الدّار البيضاء، الطبعة الأولى، صفحة 8.
- جيل دولوز، الصّورة الحركة أو فلسفة الصّورة، ترجمة حسن عودة، منشورات وزارة الثقافة دمشق 1997، صفحة 23.
قائمة المراجع:
المراجع بالعربيّة:
- جاكبسون، موثان مييكي، هابرماس وآخرون، التواصل: نظريات ومقاربات، ترجمة: عزالدّين الخطابي وزهور حوتي، منشورات عالم التربية، الدّار البيضاء، الطبعة الأولى.
- جيل دولوز، الصّورة الحركة أو فلسفة الصّورة، ترجمة حسن عودة، منشورات وزارة الثقافة دمشق 1997
- روبرت هولب: نظريّة التلقّي- مقدّمة نظريّة، ترجمة د. عزالدّين اسماعيل، كتاب النادي الأدبي الثقافي 97، جدّة 1994.
- شحاتة صيام، القهر والحيلة أنماط المقاومة السّلبيّة في الحياة اليوميّة، مكتبة طريق العلم، ص14.
المراجع بالفرنسيّة:
- Kapferer Jean-Noël, Les marques, capital de l’entreprise. Créer et développer des marques fortes.. Eyrolles, Paris 2007.
- amet Thomas , Les nouveaux défis du brand content. Au – delà du contenu de marque.. Pearson, Paris 2013.
مراجع الإنترنت:
تغريد
اكتب تعليقك