سرعة في نقل الخبر مع عدم تحري الدقةالباب: حياتنا
ريم الحاجي محمد |
مواكبة لوسائل التواصل الاجتماعي ونتيجة لحرص أفراد المجتمع بأن يكون لهم السبق في نقل المعلومة إلى من يهمه الأمر أو لا يهمه، وبغض النظر إن كانت هذه المعلومة ذات فائدة للمنقول له أو أن نقلها قد يتسبب في الضرر النفسي للمنقول إليه، أصبحت أخبار المجتمع في متناول الجميع والفضل يعود إلى سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة المتوافرة.
الواقع المؤلم الذي وصلنا إليه هو تهافت الجميع على سرعة النقل للخبر دون الالتفات إلى أهمية الدقة فيه، ومدى مصداقيته. وسيكون الخبر أقوى حينما يكون هذا الخبر موثقاً بالصور دون مراعاة تأثيرها السلبي على نفوس متلقيها.
كم من والدة أفاقت على خبر منشور في (الواتس آب) بخبر وفاة موثق بصور الجثث بعد الحادث، لتكتشف أن هذا الخبر يخص إحدى فلذات كبدها، وكم من شخص تفاجأ برسالة تنعى أحد الراحلين للآخرة، ليتفاجأ أن هذا الراحل أمه / أبيه / أخاه / أخته، فسرعة النقل تجاوزت مراعاة المشاعر والأسلوب في النقل، وسبقت ذويهم في نقل الخبر لهم بكل هدوء ورحمة.
لم تعد للمشاعر الإنسانية أي موقع في حياتنا، فكم من مار على حادث سير لم يتوقف لإنقاذ أصحابه، وإنما التقاط بعض الصور التي يبادر لنشرها وينتقل من مكان الحادث وكأن شيئا لم يكن، فالمهم الخبر والصور.
إضافة إلى ذلك الرغبة العارمة التي استولت على عقول البشرية في نشر الأخبار المتعلقة بالأفراد، سواء كانت أخباراً خاصة أم عامة، ويزداد أفق النشر إن كان الخبر يحتوي على فضيحة لشخص ما ولعائلة معينة، وكأن الموضوع له علاقة بالتشفي من هذه العائلة أو ذلك الفرد.
أتساءل: هل أصبحت حياة الأفراد والمجتمعات سبقاً صحفياً متاح للجميع النشر بسرعة البرق دون تحري دقة الخبر، وإن كان الخبر صحيحاً، ألا نراعي المشاعر الإنسانية ومدى التأثير السلبي الناتج من نشر هذا الخبر وتلك الفضيحة، وصور الحادث وبشاعة مشاهد الدم والكوارث.
أنا أكيدة أن أول إجابة ستأتيني أن الأجهزة الحديثة هي السبب، وأن التقنيات الجديدة غزانا بها الغرب لتدمير المجتمعات ولشغلها في أنفسها عما هو أهم.
ولكن يبقى السؤال:
أين عقولنا المدركة لعواقب الأمور؟! أين المبادئ التي تربينا عليها؟!
أين الدين الذي نفاخر به بين الأمم؟!
تغريد
اكتب تعليقك