يا حاديَ الظّل ..!!الباب: نصوص
سارة بنت سليمان العثمان الدريهم الرياض |
"لازلتَ في ظلينِ ..
ظلّ سَحابَةٍ وَطَفاء دانيةٍ ..
وظل حَبُور .."
حين تخذلك الحُجبُ، فتتوارى أفياء ظلكَ اللصيقة يومًا ما ...عن ناظريك، دونما أن تلمح لها أثرًا يقيك هاجرة الحرّ والقرّ.. أحدثك حينئذٍ عن تعاضد انكفاءات ذاتك على ذاتك وبكل وحشية.
فلا تقف ولا ... ولا تلتفت وامض كأنك تراه، عش به ومعه، وإن انحلّ شيئًا فشيئًا فلن يتلاشى ..
نعم وإن اضْمَحَلَّ عن سابق تشكيلاته بطوله حتى التحف، وقصره حتى اكتنف، وبمحاذاته حتى عانق وضمّ وشمّ .. متشكلًا في قالب مقنن من تراسل حواس الظلال، رحل وتداعت له سائر الروح بالوله والولع..
حينئذ .. أعد تشكيل ذاتك، وعذرًا منك أيتها الظلال ..إن اخترتِ الرحيل، فلن أقف تحت قسوة انتظار انجلاء الحُجب، وسأرتحل، فكما بدأتُ سأعود، متجردة؛ إلا ما حملتْ ظهور الرُّحل المثقلة بالوفاء وضجيج الذكريات ..
إي والله، ضجة أسمع حسيسها .. واتنهد احتباساتها العاطفية الملتهبة، فما والله عدتُ متهيأة للمعاودة، ثم العيش بقارص زمهرير فراقان كافيان للتفيء بالتذكر فيما بقي من العمر..
ولله ما أرق الشعراء حين أستعير رضاب الشهد من بين لسع الوخز، فألثم ثغر حروفهم !!
ويالله ما أقساهم إن كانوا ظلًا ..
شكلوا لازب الغياب، فتركوه صلدًا ..!!
أوليس لي في ظل حبك مـــوضع
أحـــبـــو إليه وأرتــمـــــي مـسـتـنصـرا!!
ما كنت أصــبر عن لقائك ساعـــة
كيف اصطباري عن لـقـائـــك أشـهـرا؟
من بــدّل الثغرَ الجـمـيلَ عـبـوسـة
ومضى إلى وجـــه الـسـمـاء فــــــكــدرا؟!
يا هـــاته الأقـــدار! عينك لا تــرى
تحت الـــدجــى ســأمـــان ممتنـع الكرى
ظــمــآن، لـــو بــاع الأحــبــةُ قــطــــــرةً
بالـعـمـر .. والــدنـيـا جـمـيـعًـا لاشــترى
يرنــو إليك على الــبــعــــاد ويـعتلي
فـيـجــره الـجــرحُ الممــيــتُ إلى الـــثــرى
قــد عــــاش وهــو مـعــذبٌ بـــإبـــائـــــه
ولــقــد يـــلاقــي يــومَــــــــه مـسـتـكبــرا"
* * *
فـيا غائبًا ؟ لم يَؤُبْ بل غائِبَينِ معًا
هل يلام متجرد ... إلا من بقايا معاطفكم؟!
أحدثك عن أولى محطات الحجب ومعازف الرحيل، إذ كان أقسى الظل حين انخلع فخلع روحي، وتجرد فجردني عارية بحزني فصرت يومًا كصدقة في طريق الأوفياء من السيّارة، يجودون لها وعليها، لم أفق مما هالني من قسوة ارتحال الظل ونتوءاته المتشققة إلا وظل (أكثر) دفئًا في لصوقه يرتحل، وهذا التفضيل لا يقلل من أفياء ظلال روح (أبي) الآمنة، ولكن لتدرك أن دفئًا التحفك بعد عُريّ، وسجفًا يحرسك ويؤانسك في ديجور الاستيحاش، يكون ذلك الآخر (أكثر) حضورًا حين ستر ولملم شعث لوثة الفجع، ورمم بثور الوجع، وإن كان الأول (أولى) إذ بالآخر في لطفه بقايا فتيت مسك وضعها (أبي) في آخر سجدة له قبل معزوفة رحيله – رحمه الله.
فلا ظل بعد ظلين، واننْ؛ فالقلب لا يُلسع من جرحٍ مرتين:
فيا حميميّ الحضور .. قارصا الشعور.
ويا أيتها العوالم المتوهمة ..كسراب بقيعة يحسبه الظمئُ رواءً ..حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا !!
"ويا ما عسى منِّي أُناجي ..توهمًا .. بياءِ النِّدا .. أونست منك بوحشةِ"
رحم الله الغائبين، وردّ بعض أفياءهما ...
فــ"لي كبد مشطورة ٌ في يد الأسى ..
فتحت الثرى شطرٌ
وفوق الثرى شطر"
(سحاب الرياض) sahab160@
تغريد
اكتب تعليقك