الصورة المشرقة للحضارة الإسلامية في الدراسات الغربيةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2017-08-04 18:23:37

سعيد عبيدي

أستاذ باحث في مجال حوار الحضارات ومقارنة الأديان- المغرب

لقد أدى مجيء الإسلام إلى انبثاق كبير لروح العلم؛ إذ نشأت علوم كاملة في اسمها ومفهومها من مصطلحات وجهود عربية وإسلامية، فقد برز الإسلام في وقت مبكر من القرن السابع الميلادي في شبه الجزيرة العربية وأنتج حضارة متطورة للغاية كان مصيرها أن تؤثر عميقًا في تطور الثقافة الأوربية كلها من بعد، فحين كانت العصور المظلمة بما فيها من وحشية تجتاح القارة الأوربية كان الإسلام يزدهر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث الصحابة على تحصيل العلم واحترام الحكمة فقد جرى تطوير الكثير من العلوم ودراستها على نحو جاد من قبل علماء المسلمين، والذين سيؤثرون لاحقًا بدراساتهم وأبحاثهم في تطور العالم الغربي، ويفتحون بما توصلوا إليه أعين الغربيين الذين درسوا الإسلام دراسة عميقة، وليس مستغربًا أن ينصف العشرات من هؤلاء الغربيين الإسلام وحضارته بعد أن تعرفوا على عظمته ومكانته بين الأديان السماوية الأخرى، فقد قالوا كلمة حق سطرها التاريخ على ألسنتهم وفي كتبهم وتراثهم، وهو ما سنتعرف عليه من خلال هذه الدراسة التي استقيت فيها أقوال وشهادات بعض هؤلاء المفكرين المنصفين الذين تجردوا من الهوى والتعصب، ونظروا إلى حضارة الإسلام بعين الإعجاب والانبهار.

 

• غوستاف لوبون (1841-1931)

لقد اعتبر هذا الطبيب والمفكر الفرنسي أن الحضارة الإسلامية هي التي مهدت للحضارة الغربية لكي تتطور وتتقدم؛ يقول: "إن حضارة العرب المسلمين قد أدخلت الأمم الأوربية الوحشية في عالم الإنسانية، فلقد كان العرب أساتذتنا، وإن جامعات الغرب لم تعرف موردًا علميًّا سوى مؤلفات العرب، فهم الذين مدنوا أوروبا مادةً وعقلاً وأخلاقًا، والتاريخ لا يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه، إن أوروبا مَدينة للعرب بحضارتها، والحق أن أتباع محمد كانوا يدلولننا بأفضلية حضارتهم السابقة، وإننا لم نتحرر من عقدتنا إلا بالأمس، وإن العرب هم أول من علّم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين، فهم الذين علموا الشعوب النصرانية، وإن شئت فقل: حاولوا أن يعلموها التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان، ولقد كانت أخلاق المسلمين في أدوار الإسلام الأولى أرقى كثيرًا من أخلاق أمم الأرض قاطبة"1 .

• توماس أرلوند (1864-1920)

لم يفت هذا المفكر الإنجليزي أن يذكر أهله من الغرب أن الحضارة الإسلامية انتشرت بفعل الحرية الدينية والتسامح، ولم تنتشر كما هو متداول بالقوة وحد السيف؛ يقول في كتابه "الدعوة إلى الإسلام": "إن الفكرة التي شاعت بأن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق، إن نظرية العقيدة الإسلامية تلتزم التسامح وحرية الحياة الدينية لجميع أتباع الديانات الأخرى، لقد ظل الكفار على وجه الإجمال ينعمون في ظل الحكم الإسلامي بدرجات من التسامح لم نكن نجد لها مثيلاً في أوروبا حتى عصور حديثة جدًّا، وإن التحول إلى الإسلام عن طريق الإكراه محرم طبقًا لتعاليم القرآن، وإن مجرد وجود كثير من الفرق والجماعات المسيحية في الأقطار التي ظلت قرونًا في ظل الحكم الإسلامي لدليل ثابت على ذلك التسامح الذي نعم به هؤلاء المسيحيون"2 .

ويقول أيضًا في تمجيد حضارة الإسلام وقيامها على العدل والتسامح وعدم التعصب: "وقد نجد عوامل أخرى ساعدت على تناقص الشعب المسيحي في الحقيقة، ولكننا لم نسمع عن أية محاولة مدبرة لإرغام الطوائف من غير المسلمين على قبول الإسلام، أو عن اضطهاد منظم قُصد منه استئصال الدين المسيحي، ولو اختار الخلفاء تنفيذ إحدى الخطتين لاكتسحوا المسيحية بتلك السهولة التي أقصى بها (فرديناند، وإيزابيلا) دين الإسلام من إسبانيا، أو التي جعل بها (لويس الرابع عشر) المذهب البروتستانتي مذهبًا يعاقب عليه متبعوه في فرنسا، أو بتلك السهولة التي ظل بها اليهود مُبعدين عن انجلترا مدة ثلاث مائة و خمسون سنة، وكانت الكنائس الشرقية في آسيا قد انعزلت انعزالًا تامًا عن سائر العالم المسيحي الذي لم يكن فيه أحد يقف في جانبهم باعتبارهم طوائف خارجة عن الدين، ولهذا فإن مجرد بقاء هذه الكنائس حتى الآن ليحمل في طياته الدليل القوي على ما قامت عليه سياسة الحكومات الإسلامية بوجه عام من التسامح نحوهم"3 .

• دافيد سانتيلانا ( 1845-1931)

وهو مستشرق إيطالي متخصص في الفقه الإسلامي والقانون الروماني بالإضافة إلى تاريخ الفلسفة، أشاد في كتاباته بتميز الحضارة الإسلامية في جميع المستويات ولا سيما في الجانب القانوني والتشريعي؛ يقول: "إن الرابطة التعاونية الموجودة بين الخليفة والشعب تبقى متينة وثيقة العرى ما دام الخليفة صالحًا للقيام بواجبه في حماية المجتمع الإسلامي، فإذا لم يعد أهلاً لمنح شعبه ما يريد منه، بطل سلطانه وفسخ العقد شرعًا بين المتعاقدين، ويتم هذا الفسخ والإلغاء عند العجز الجسماني أو عند فقدانه الحرية، كوقوع الخليفة أسيرًا في يد المشركين والكفار، إن اختيار رئيس المجتمع الإسلامي لا يمكن تركه للظروف والصدف أو لأعمال العنف والطغيان، بل يجري انتقاؤه بعد التفكير الملي والتأمل الحكيم الناضج، وتقوم بانتقائه تلك الصفوة المنتخبة من أهل الرأي، الذين هم وحدهم يقدرون أن المرشح للخلافة صالح لملء هذا المنصب أم لا؟. إن الناخبين هم أولئك الذين عرفوا بعلمهم ومنزلتهم وتجاربهم في أمور الدين والدنيا، وبأخلاقهم المتينة، هؤلاء وحدهم يصلحون لأن يكونوا المحكمين في هذا الشأن وإليهم" 4.

• مونتغمري وات (1909-2006)

وهو مستشرق بريطاني عمل أستاذًا للغة العربية والدراسات الإسلامية والتاريخ الإسلامي بجامعة أدنبرة، تخصص في دراسة علم الكلام الإسلامي، له مجموعة كبيرة من المؤلفات والدراسات لم يخف فيها إعجابه بالحضارة الإسلامية، ولا سيما ما تعلق بعالمية الإسلام وحضارته؛ يقول: "إن رسالة الإسلام التي وجهت في البداية لأهل مكة والمدينة كانت تحمل في طياتها بذور العالمية أو أنها كانت منذ البداية أو منذ مضمونها الأول ذات أبعاد عالمية، ولقد كان إحكام النظرة العالمية للإسلام كونه دينًا عالمي النزعة مما جعله يستوعب تراث المسيحية الباقي بين شعوب الشرق الأوسط التي كانت مسيحية، ومن هنا فقد أصبح المفكرون المسلمون هم حملة الثقافة العقلية لكل المنطقة...، إنه في الحاضر والمستقبل المرئي من الضروري أن نعرف أن الأديان الكبرى لدى كل منها ما يتمم الآخر؛ فكل دين من هذه الأديان صحيح في نطاق منطقة ثقافية خاصة، والأديان يكمل بعضها بعضًا، وعلى المدى البعيد من المتوقع أنه سيكون هناك دين واحد للعالم كله، مع وجود اختلافات داخل نطاق هذا الدين الواحد، والإسلام بالتأكـيد مناضل قوي، ومنافس عظيم الشأن، سيعمل على مد الدين الواحد دين المستقبل بهيكله الأساسي"5 .

• برنارد لويس (1916 - ...)

وهو مستشرق معاصر، بريطاني الأصل، ومؤرخ مختص في الدراسات الشرقية الإفريقية بلندن، ورغم أنه يهودي يعاصر ما تقوم به الصهيونية العالمية ويباركه إلا أنه لم يخف إعجابه بالحضارة الإسلامية؛ يقول في أحد مؤلفاته: "لقد كان الإسلام تأسيسًا لدين جديد، وإمبراطورية جديدة، وحضارة جديدة، لقد قامت حضارة أصيلة مستوحاة من العقيدة الإسلامية، ومتمتعة بحماية الدولة الإسلامية، ومدعمة بثراء اللغة العربية، حضارة تنمو وتتسع وتعيش طويلاً، وقد صنعها الرجال والنساء من مختلف الأعراق والديانات، وقد اصطبغ كل شيء فيها بالعروبة والمبادئ والقيم الإسلامية"6 .

• إدوارد بروي (1887-1972)

هو صاحب كتاب "تاريخ الحضارات العام: القرون الوسطى"، وهو جزء من أكبر وأفضل الموسوعات التاريخية الشاملة، والتي تسرد تاريخ الأمم ابتداء من حضارة الشرق واليونان القديمة وانتهاء بعهدنا المعاصر، ذكر فيه مما ذكر أن الحضارة الإسلامية  استطاعت أن تصل إلى مستوى العالمية في الوقت الذي كانت فيه الحضارات الأخرى تقوم على أنقاض بعضها البعض، يقول: "بين أوربا الغربية الآخذة بالقهقرى، وبين العالم الأسيوي الذي بدأ يستجمع نشاطه ويسترجع عافيته ظهر الإسلام كالشهاب الساطع، فحير بفتوحاته السريعة القاصمة، وباتساع رقعة الإمبراطورية الجديدة التي أنشأناها نحن أمام شعب كان بالأمس الغابر مجهول الاسم، مغمور الذكر، فإذا به يتحد ويتضامن في بوتقة الإسلام، هذا الدين الجديد الذي انطلق من الجزيرة العربية اكتسحت جيوشه ببضع سنوات الدولة الساسانية وهدت أركانها، ورفرفت بنوده فوق الولايات التابعة للإمبراطورية البيزنطية في آسيا وإفريقيا ولم يلبث جيوشه أن استولت بعد قليل على معظم إسبانيا وصقلية، وأن تقتطع لأمد من الزمن يقصر أو يطول بعض المقاطعات الواقعة في غربي أوربا وجنوبها ودقت جيوشه بعنف شديد أبواب الهند والصين والحبشة والسودان الغربي وهددت فرنسا والقسطنطينية، وقد تهاوت الدول أمام الدفع العربي الإسلامي كالأكر، وتدحرجت التيجان على رؤوس الملوك كحبات سبحة انفرط عقدها النظيم وذابت الأديان التي سيطرت على الشعوب والأقوام كما يذوب الشمع أمام النار بعد أن أطل على الدنيا دين جديد"8 .

وبخصوص سماحة المسلمين وعدم تعصبهم اتجاه المسيحيين الذين كانوا يكيلون للمسلمين التهم بإسبانيا ويعرضونهم لشتى أنواع العذاب يقول: "ما لابد من التنويه به عاليًا أن هؤلاء السلاطين العثمانيين لم يظهروا أي تحرج أو تعصب اتجاه المسيحيين، في وقت وزمان كان فيه ديوان التفتيش يبطش بالناس بطشًا وينزل بهم الهلع، وفي عهد كان اليهود والمسلمون يطردون دونما رحمة أو شفقة من إسبانيا، وبالرغم من إسكان عدد كبير من الجاليات الإسلامية في البلقان، واعتناق بعض الجماعات البلقانية الإسلام فلم يأت العثمانيون شيئًا مهمًا ليمنعوا السواد الأكبر من سكان البلاد البلقانية من الاحتفاظ بنصرانيتهم"9 .  

• زيغريد هونكه (1913 - 1999)

وهي مستشرقة ألمانية صرفت جل وقتها للدفاع عن قضايا العرب والوقوف إلى جانبهم، في كتابها الشهير "شمس العرب تسطع على الغرب" تحدثت بإسهاب عن الحضارة الإسلامية محاولة إبراز جوانب قوتها ومدى تأثيرها على الحضارات الأخرى، تقول: "إن هذه القفزة السريعة المدهشة في سلم الحضارة التي قفزها أبناء الصحراء والتي بدأت من لا شيء لهي جديرة بالاعتبار في تاريخ الفكر الإنساني، وإن انتصاراتهم العلمية المتلاحقة التي جعلت منهم سادة للشعوب المتحضرة الفريدة من نوعها، لدرجة تجعلها أعظم من أن تُقارَن بغيرها، وتدعونا أن نقف متأملين: كيف حدث هذا ؟! إنه الإسلام الذي جعل من القبائل المتفككة شعبًا عظيمًا، آخت بينه العقيدة، وبهذا الروح القوي الفتي شق العرب طريقهم بعزيمة قوية تحت قيادة حكيمة وضع أساسها الرسول بنفسه، أو ليس في هذا الإيمان تفسير لذلك البعث الجديد ؟! والواقع أن روجر بيكون أو جاليليو أو دافنشي ليسوا هم الذين أسسوا البحث العلمي، إنما السباقون في هذا المضمار كانوا من العرب الذين لجؤوا – بعكس زملائهم المسيحيين – في بحثهم إلى العقل والملاحظة والتحقيق والبحث المستقيم، لقد قدّم المسلمون أثمن هدية وهي طريقة البحث العلمي الصحيح التي مهدت أمام الغرب طريقه لمعرفة أسرار الطبيعة وتسلطه عليها اليوم، وإن كل مستشفى وكل مركز علمي في أيامنا هذه إنما هي في حقيقة الأمر نُصب تذكارية للعبقرية العربية، وقد بقي الطب الغربي قرونًا عديدة نسخة ممسوخة عن الطب العربي، وعلى الرغم من إحراق كتب ابن سينا في مدينة بازل بحركة مسيحية عدائية، فإن كتب التراث العربي لم تختف من رفوف المكتبات وجيوب الأطباء، بل ظلت محفوظة يسرق منها السارقون ما شاء لهم أن يسرقوا" 10.

وعن مدى تأثير الحضارة العربية الإسلامية على الحضارة الغربية تقول: "إن النور الذي سطع في سماء الغرب المظلمة آنذاك كان بلا ريب حدثًا عظيم الشأن قويًّا، فبواسطة العرب تعرفت أوروبا على أهم أثار القدامى، وبفضل ترجماتهم للمخطوطات اليونانية وتعليقاتهم عليها، وبفضل أثارهم الفكرية الخاصة أدخلت إلى العالم الغربي روح التفكير العلمي والبحث اللذين ما كانا بحاجة إلا إلى اليقظة والغذاء. إن أرقام العرب وآلاتهم التي بلغوا بها حدًّا من الكمال، وحسابهم وجبرهم، وعلمهم في المثلثات الدائرية، وبصرياتهم الدقيقة، كل ذلك أفضال عربية على الغرب ارتقت بأوروبا إلى مكانة مكنتها عن طريق اختراعاتها واكتشافاتها الخاصة أن تتزعم العالم في ميادين العلوم الطبيعية منذ ذلك التاريخ حتى أيامنا هذه"11 .

• لي قوان فبين

 مستشرق صيني معاصر، وكيل وزارة الخارجية الصينية، وعضو مجمع الخالدين للغة العربية بالقاهرة، وصاحب الدراسات العاشقة لتراث وحضارة العرب والمسلمين، يقول منبهرًا بالحضارة الإسلامية: "إن الحضارة الإسلامية من أقوى حضارات الأرض، وأنها قادرة على اجتياز أي عقبات تواجهها؛ لأنها حضارة إنسانية الطابع، عالمية الأداء، رفيعة القدر علميًّا وفكريًّا وثقافيًّا. وبعدما تعمّقتُ في الأدب العربي القديم والحديث ازْداد اقتناعي بأن الشرق يمتلك سحر الحضارة والأدب والثقافة، وأنه صاحبُ الكلمة المفكِّرة والعقلية المنظمة. إذن فالحضارة الإسلامية تحمل عوامل البقاء؛ لأنها عصيَّة على الهدم، لتوافر أركان التجدد والحيوية في نبضها المتدفق، وهي من أقوى حضارات الأرض قاطبة؛ لأنها تستوعب كل ما هو مفيد من الآخر وتصهَره في نفسها ليصبح من أبنائها، بخلاف الحضارة الغربية المعاصرة، كما أن الحضارة العربية الإسلامية تتسم بأنها عالمية الأداء والرسالة، إنسانية الطابع، جوهرها نقي ومتسامح"7 .

• روبرت بريفولت (1876 - 1948)

وهو مؤرخ وطبيب بريطاني لم يخف إعجابه بالحضارة الإسلامية وقوتها ومدى تأثيرها في باقي الحضارات الأخرى، يقول: "ما من ناحية من نواحي الازدهار الأوربي إلا يمكن إرجاع أصلها إلى مؤثرات الثقافة الإسلامية بصورة قاطعة، وإن ما يدين به علمنا لعلم العرب ليس فيما قدموه لنا من كشوف مدهشة ونظريات مبتكرة، بل إنه مدين بوجوده ذاته، ولم يكن "بيكون" إلا رسولاً من رسل العلم والمنهج الإسلامي إلى أوروبا المسيحية، وهو لم يَملّ قط من التصريح بأن اللغة العربية وعلوم العرب هما الطريق الوحيد لمعرفة الحق، ولقد انبعثت الحضارة الإسلامية انبعاثًا طبيعيًّا من القرآن، وتميزت عن الحضارات البشرية المختلفة بطابع العدل والأخلاق والتوحيد، كما اتسمت بالسماحة والإنسانية والأخوّة العالمية"12 .

• فولتير (1694 - 1778)

يقول هذا الأديب ممجدًا للإسلام والمسلمون ودحضًا للقول بأن حضارتنا وديننا انتشر بالسيف: "ليس صحيحًا أن الإسلام استولى قهرًا وبالسيف على أكثر من نصف الكرة الأرضية هذه شائعات تحاول أن تقلل من قيمة الإسلام ورسوله، لكن أكبر سلاح استعمله المسلمون لبث الدعوة هو اتصافهم بالأخلاق العالية، والدليل على أن الإسلام لم ينتشر بسيف أن كثيرين اعتنقوا الإسلام وهم بعيدون عن بلاده وغزواته وفتوحاته فكيف إذن وصلهم السيف الذي يدعيه مؤرخونا وخطباؤنا، نريد أن نمحي هذه الأخطاء التي ارتكز عليها الكارهون للإسلام وللتاريخ، فالذين يكذبون على التاريخ لا يستحقون أدنى احترام"13 .

هكذا إذن يتبين لنا على مدار هذه الصفحات أن الكثير من العلماء والدارسين ممن أعجبوا بالإسلام والحضارة الإسلامية سطروا أقوالاً بماء من ذهب، سيظل التاريخ يشهد لهم بها، فهم لم يعمهم التعصب والحقد الديني عن استشراف الحقائق والجهر بها، وما علينا نحن اليوم إلا إيصال ونشر هذه الشهادات، إيمانًا منا بأن الإسلام ما جاء إلا رحمة للناس أجمعين. 

 

المراجع:

1  - غوستاف لوبون، حضارة العرب، ترجمة: عادل زعيتر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، 2000، ص: 26.

 2 - أرلوند توماس، الدعوة إلى الإسلام، بحث في تاريخ نشر العقيدة الإسلامية، ترجمة: حسن إبراهيم حسن، عبدالمجيد عابدين، إسماعيل النحراوي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1971، ص: 62.

3 - نفسه، ص: 147-148.

4  -  سانتيلا، القانون والمجتمع، ترجمة: جرجس فتح الله، الطبعة الثانية، بيروت، 1972، نقلا عن الحسيني الحسيني معدى، علماء وحكماء من الغرب أنصفوا الإسلام، دار الكتاب العربي، حلب، الطبعة الأولى، 2007، ص: 165.

5 - مونتغمري وات، الإسلام والمسيحية في العالم المعاصر، ترجمة: عبدالرحمن عبدالله الشيخ، الهيئة المصرية للكتاب، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2001، ص: 125-127 بتصرف.

6 - برنارد لويس، السياسة والحرب، نقلاً عن شاخت وبوزورت، تراث الإسلام، ترجمة: محمد زهير السمهوري، تحقيق: شاكر مصطفى، سلسلة عالم المعرفة، العدد 8، أغسطس 1978، الكويت، ص: 174.

7  -  http://islamstory.com/ar/%D8%B4%D9%8

8 - إدوارد بروي، كلود كاهين، جورج دوبي، ميشال مولات، جانيت أوبوايه، تاريخ الحضارات العام، ترجمة: فريد داغر ويوسف أسعد داغر، منشورات عويدان، بيروت ج.3، ص: 109

9 - نفسه، ص: 589-590.

10 - زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب: أثر الحضارة العربية على أوربا، ترجمة: فاروق بيضون وكمال دسوقي، دار الجيل ، بيروت، الطبعة الثامنة، 1993، ص، 150.

11 -  نفسه، ص: 163.

12 - انظر: الحسيني الحسيني معدى، علماء وحكماء من الغرب أنصفوا الإسلام، دار الكتاب العربي، حلب، الطبعة الأولى، 2007، ص: 149-150.

13 - فولتير، رسالة في التسامح، ترجمة: هنرييت عبودي، دار بترا للنشر والتوزيع بشراكة مع رابطة العقلانيين العرب، دمشق، الطبعة الأولى، 2009، ص: 101. بتصرف


عدد القراء: 8647

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-