المترجمة السويدية ماري أنيل لمجلة فكر «أنا أومن بقوة الأدب في إظهار أن كل الناس متشابهون»الباب: مقالات الكتاب
حسن الوزاني كاتب من المغرب |
حاورها: حسن الوزاني
تنتمي ماري إنيل إلى جيل المترجمين الجديد الذي اختار الاقتراب من الأدب العربي عبر بوابة القراءة العاشقة بعيدًا عن كل الأحكام الجاهزة. ترجمت عددًا من النصوص العربية إلى السويدية، من بينها: "إنه الدم"، و"الرواية المسروقة" للكاتبة المصرية نوال السعداوي، و"شيكاغو" للروائي المصري علاء الأسواني، و"خيط ضوء داكن"، و"رحلة إلى الفراغ: قصة من سوريا" والمشّاءة"، و"تسع عشرة امرأة - سوريّات يروين"، و"مقام الريح" للكاتبة السورية سمر يزبك، والمجموعة القصصية "المرآة الصالحة - مصر تحكي" (للكاتبة المصرية سمية رمضان. كما ترجمت سيرة أبي المحاسن بهاء الدين بن شداد عن صلاح الدين "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية" تحت عنوان: "صلاح الدين: حياته وحروبه ضد الفرنجة".
حصلت ماري أنيل على عدد من الجوائز الأدبية، من بينها الجائزة السنوية للترجمة في السويد، التي توزع في جامعة ستوكهولم، وذلك عن ترجمتها لرواية "رائحة القرفة" لسمر يزبك التي نقلت إلى السويدية تحت عنوان "خيط ضوء داكن".
• زرتِ تونس سنة 1989، وقررتِ بعد ذلك دراسة اللغة العربية. ما الذي أغراك على مستوى هذه اللغة؟
- الحقيقة أنني بعد أن بدأت دراسة اللغة العربية، أصبحت مفتونة بكل الثقافة التي هذه اللغة لدرجة أنه أصبح من المستحيل بالنسبة لي التوقف عن دراستها. إنها أيضًا لغة معقدة وصعبة إلى درجة أن هناك دائمًا تحديات جديدة ومستويات جديدة لمحاولة الوصول إليها.
• ما الذي غيره اختياركُ للغة العربية على مستوى حياتك وصداقاتك؟
- بالنسبة لي، أصبحت دراسة اللغة العربية مشروعًا يمتد على مدى الحياة. عندما بدأت هذا المشروع، كانت بناتي صغيرات، لكن عندما تقدمن في العمر، اخترتُ الإقامة في فلسطين لفترة طويلة. وقد منحتني هذه الإقامة علاقة عميقة بالأرض وبأهلها وبثقافتها التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ مني.
• أقمتِ أيضًا بدمشق والقاهرة وتونس. ماذا منحتك هذه المدن؟
- إنها جميعًا مدن جميلة للغاية ولها تاريخ طويل، وقد أعطتني الشوق الدائم للعودة إليها.
• ترجمت العديد من النصوص من العربية إلى السويدية، ومن بينها "بوابات أرض العدم" والمشّاءة" و"خيط ضوء داكن لسمر يزبك، و"شيكاغو" لعلاء الأسواني، و"الرواية المسروقة" لنوال السعداوي. ما الذي تحمله ترجمة الأعمال الأدبية العربية للقارئ السويدي؟
- بالنسبة لي، الأدب هو أفضل طريقة لفهم العالم، بغض النظر عن مواضيعه، ذلك لأنه يدون تفاصيل المجتمع الذي ينتجه. ويبدو لي من المهم إعطاء القراء السويديين فرصة لرؤية العالم والمجتمع بعيون الكتب العربية.
• عددٌ من أعمال ترجماتك تخص كُتابًا عربًا تعيش بلدانُهم مآسي، ومنهم السورية سمر يزبك (أبواب أرض العدم)، والكاتبة اليمنية بشرى المقطري (ماذا تركت وراءك: أصوات من بلاد الحرب المنسية). ما الذي يمكن أن تفعله الترجمة لفهم مآسي الشعوب؟
- صدر كتاب سمر يزبك "أبواب أرض العدم" في السويد بالتزامن مع وصول موجة كبيرة من اللاجئين السوريين إلى هنا. وأعتقد أن الكتاب قد قرأه الكثيرون ممن أرادوا فهم ما مرَّ به هؤلاء اللاجئون، واعتقد أنه أعطى الكثيرين فهمًا أفضل للصراع وللانتهاكات الجسيمة التي عانى منها المدنيون السوريون خلال الحرب.
أما كتاب بشرى المقطري (ما تركته وراءك: أصوات من أرض الحرب المنسية)، فهو يشرح، بشكل عميق، تأثر المدنيين الأبرياء بالحرب، بينما كان نظر العالم الخارجي بعيدًا. الآن بما أن هذا الكتاب موجود، فلا يمكن لأحد أن ينفي علمه بتفاصيل هذه المآسي.
• ما الذي يقود اختياراتك على مستوى ما تترجمينه؟
- الحقيقة أنني لا أختار الكتب التي أترجمها، إذ إن الاختيار يُقره الناشرون الذين يعرضون على كتبًا ويمكنني القبول أو الرفض. ونظرًا لأنني أعمل لفترة طويلة على كل كتاب، فمن المهم بالنسبة لي أن أجد فيه صفات مميزة يمكنها أن تثيرني.
• هل يمكنك تقريبنا من طقوسك على مستوى الترجمة؟
- أحب العمل في صمت، ولا بد لي من الوصول إلى القواميس الخاصة بي والإنترنت للتحقق من كل التفاصيل. غالبًا ما أعمل من الصباح إلى المساء كما في وظيفة عادية. أنا لست بوهيمية.
• كيف تدبرين العلاقة يبن وضعك كمترجمة وكصحفية؟
- الحقيقة أنني حظيت، باعتباري صحفية، بفرصة السفر إلى العديد من البلدان العربية لإجراء مقابلات مع المؤلفين والمثقفين العربية، كما أجريت مقابلات مع العديد من المؤلفين الذين قمت بترجمة أعمالهم، لكن عملي الصحفي منفصل عن عملي في الترجمة، لأنني أعمل لدى أرباب عمل مختلفين لهم شروطهم الخاصة.
• ما الذي يمكن أن يُصعب عمل المترجم الذي يشتغل على ترجمة النصوص العربية؟
- بصرف النظر عن حقيقة أن المترجمين يتقاضون رواتب منخفضة، خصوصًا أن الترجمة من العربية إلى السويدية تستغرق وقتًا طويلاً، فإن الصعوبات تختلف اختلافًا كبيرًا حسب المؤلفين والأعمال، ففي نصوص غسان كنفاني، على سبيل المثال، أصعب شيء هو فهم النص. في حالات أخرى، قد يكون الجزء الأصعب هو العثور على مستوى الأسلوب المناسب. وفي بعض الحالات، قد تشعر أن النص كان سيستفيد من العمل بعناية من قبل كاتبه قبل أن تتم طباعته.
• كيف ترين وضعية الترجمة بين اللغتين العربية والسويدية؟
- ظل متوسط عدد الروايات المترجمة من العربية إلى السويدية دون تغيير لفترة طويلة. وينحصر عدد الروايات المترجمَة في روايتين إلى ثلاث روايات في السنة. أعتقد أن العدد قد يزداد، لكن من الصعب على دور النشر السويدية تحديد روايات جديدة تستحق الترجمة ويمكن بيعها في السوق السويدية. العرْض كبير جدًا ويصعب استكشافه، وكفاءة دور النشر ومستوى طموحها ليس مرتفعًا جدًا عندما يتعلق الأمر بالأدب العربي. بشكل عام، تتم ترجمةُ عدد أقل من الكتب إلى السويدية من جميع اللغات، وهذا يؤثر أيضًا على ترجمة من اللغة العربية.
• ما الذي يمكن أن تحمله المدرسة الاستشراقية السويدية على مستوى التعريف بالأدب العربي؟
- أعتقد أن ترجمة الأدب العربي المعاصر والقديم هي أفضل طريقة لمكافحة جميع أشكال المفاهيم النمطية عن "الآخر"، لأن هذا سيوفر فهمًا لـ "الآخر" يتعارض مع الاستشراق المعاصر والقديم، الذي يقوم على كثير من الأحكام الانطباعية التي لا تنصف الثقافة العربية.
• تعرف عديد من الدول الأوربية تزايد حدة خطاب الكراهية. ما الذي يمكنه أن تقدمه الترجمة لتجاوز هذ الوضع؟
- أنا أؤمن بقوة الأدب في إظهار أن كل الناس متشابهون أكثر مما هم مختلفون. كما أؤمن بقدرة الأدب على جعل الناس يرون أنفسهم في الآخرين، ولعل ذلك يُشكل أهم الأدوات التي يمكنها تحطيم الصور النمطية والمفاهيم التي أنشأتها دعاية الكراهية.
• شكلت السويد مقصدا لعدد من الكتاب العرب. ما الذي يمكنه أن تحمله هجرة الأدباء والكتاب العرب إلى السويد؟
- إن وجود الكثير من الكتاب والمثقفين العرب الذي يعيشون في البلاد ميزة عظيمة للسويد. لكن للأسف، لا تصل أعمالهم إلى القراء السويديين ولا يشاركون في النقاش العام السويدي، وهو ما يمثل خسارة لجميع الأطراف.
تغريد
اكتب تعليقك