الفن والحرب إبداعات شاهدة على المآسيالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2024-05-31 02:34:29

د. حمدي مالكي

تونس

يتناول المقال مجموعة من الأعمال الفنية المختارة حول موضوع مآسي الحرب والثورية ومطلب الحرية، استحضرنا فيه الأغنية الشعبية الشهيرة "إلى اللقاء يا جميلة" "بيلا تشاو" لإحياء الفكرة وجذب القاء للموضوع مستثمرين قرب هذه الأغنية من الناس كما استحضرنا أعمالاً للفنان الإسباني "غويا" ومواطنه "بيكاسو"، ساعين في ذلك إلى الإشارة إلى عمق هذه الإبداعات وما تكتنفه من معاني.

مقدمة

نستهل هذا النص كما يستهل "اتيان سوريو" Etienne Souriau كتابه "التطابق بين الفنون"La correspondance des arts بعبارة استعارية لـ"فيكتور هوغو " قوله أن" الريح هي كل الرياح" منطلقًا منها للتعبير عن تناغم الفنون والوحدة التي تشكلها الممارسات التعبيرية الإنسانية في ظاهرها وباطنها من تناغم حتى وإن اختلفت تقنياتها وموادها وطبيعتها- هناك ما يجمعها. صحيح إن "سوريو" في نصه حاول الذهاب في هذه الفكرة للبحث في قابليتها وحدودها، ولكننا هنا سنتواصل فيها ونتناول موضوعنا عن المأساة الإنسانية وكيف للفنان أن يعبر عنها في الفن بحروفه الكبرى، جزعًا وخوفًا، ولرياحه أن تتحول إلى صدى وصوت نابض بالثورية والحرية.

سنحاول هنا استمالة القارئ بالبدء من المعروف والقريب، تطورًا إلى أعمال فنية تحلت بالثقل والرمزية في هذا الموضوع ونالت بعدًا مرجعيًا متداولاً، إن أراد الفنانون اللاحقون الإسهام في التعبير عن الحروب ومآسيها من الأكيد أنهم سيمرون بها. من بين الأعمال الفنية الشعبية المعبرة عن مآسي الحرب لنا البداية مع الأغنية الشهيرة "إلى اللقاء يا جميلة"، "بيلة تشاو""bella ciao "، أغنية وقفت تترنم في كل مناسبة وُجد فيها الشعور بالظلم ومصيرية الحرب في سواده وتعاسته وقساوة وجهه الغوغائي. أغنية لاحت برمزية تجاوزت الكلمة واللغة والتعبير المحدد إلى إيقاعٍ ولحنٍ يقارب التجريد من السياق للتعبير عن الثورية... لا نستطيع المرور على موضوع الحرب من دون التطرق إلى لوحة الفنان الإسباني "فرنسيسكو دي غويا" Francisco de Goya تحت عنوان "3مايو " tres de mayo" وكيف صور حالة الحرب في اسبانيا و"احتلالها" من قبل فرنسا المحكومة من نابليون وقتها. حقق "غويا" في الأصل لوحتان؛ تعقب فيها الأحداث الكبرى للوقائع التاريخية، ولم يسمها إلا بتواريخ أيامها (2 مايو و3 مايو) وكأن التواريخ والمكان في كفايتها قادرة لوحدها على تبليغ ما أراد الفنان تبليغه. هناك عمل آخر حديث وشهير في هذا الموضوع وهو عمل الفنان الإسباني "بابلو بيكاسو" Pablo Picasso " تحت عنوان "غارنيكا" "guernica ". لوحة تنتمي لمساهمات الفنان في الحركة التكعيبية، رسم فيها الفنان واقعة إطلاق صواريخ من الطائرات الألمانية والإيطالية على القرية الإسبانية الصغيرة في إقليم الباسك "غارنيكا" بأسلوب رمزياتي وإيحائي من خلال عناصر اللوحة وتركيبها وتكوينها التشكيلي الفريد.

 اختيار الأعمال الفنية هنا كان فعلاً انتقائيًا منا لرسم سياق نص قصير نساعد منه القراء على التعرف على هذه الابداعات أكثر؛ من خلال العودة على تواريخها وعناصرها ورمزياتها بالتأويل وكشف مآلاتها. نحن أردنا المساهمة في هذا الموضوع خاصة مع الأحداث والحروب الموجودة في حاضرنا، علنا نرى حولها أعمالاً فنية معاصرة بالعمق المنشود، كما هي الحال هنا، وأيضًا لتعميق الثقافة العربية العامة بالفنون وإحالات الفنون التشكيلية في تكوينها وتركيبها. تاريخ الفن الغربي لا يخلو من أعمال أخرى لا تقل تأثيرًا أو شهرة في ما يخص الحروب ومآسيه والثورية ونحن نفكر ربما في جمعها وحصرها في كتاب يكون فيه متسع من المساحة للحديث عنها وقراءتها إسهامًا للتعديد في مواضيع المكتبة العربية حول الفنون التشكيلية وغيرها من الفنون.   

" bella ciao " أغنية من نفحات المقاومة ضد الفاشية

يذهب إلى الحرب، ويطلب من حبيبته أن تضع على قبره زهرة، هي جملة من جمل الأغنية الشهيرة والمعروفة جدًا - من منا لم يستمع إلى هذه الأغنية، ولم يتأثر بحماسيتها، وبإيقاعها الحازم المتكرر بنفس النسق، وكأنها أنشودة من الأناشيد الوطنية. بلحن متصاعد ونفس متواصل بين جملة وجملة أخرى-بيلا تشاو.. بيلا تشاو .. بيلا تشاو... تشاو... تشاو "...- هي ترن في مسامعنا حينما نذكرها. حتى لو لم نفهم اللغة الإيطالية تبقى مؤثرة فينا وشاهدة على حالة من حالات الثورية والحماس. أغنية قديمة، تراجعت أحيانًا ليعاد تذكرها مرارًا، من خلال فنانين معاصرين أعادوا غناءها، أو من خلال موسيقيين أعادوا توزيعها. هذه الأغنية وغيرها من الأعمال الفنية الأخرى: رسوم، لوحات، أدبيات، سينما ومسرح، عبر فيها الفنان في كل مرة عن الثورية، الحرية، والحرب ومآسيه، وكانت خاصة بحسب الظرف التاريخي وشاملة ورمزية وكأنها تخاطب كل المآسي، وتأخذ باسم الإنسانية جمعاء.

غناها المحتجون "السرديناس" في إيطاليا وغناها محتجو السترات الصفراء في فرنسا مع تلاعب بكلماتها حيث أصبحت "ماكرون تشاو" عوضًا عن "بيلا تشاو". ومن خلال مسلسل إسباني ("لا كازا دي بابيل" "La casa de papel") أنتجته الشركة الأمريكية ناتفليكس  Netflix (سنة 2017) عادت أغنية "بيلا تشاو" إلى السطح وبقوة مع نجاح هذا المسلسل وشعبيته، حيث أنها غُنيت في حلقات عديدة بحماس متداخل مع أحداث أثرت في المشاهدين.

الأجيال الجديدة، من الدول البعيدة عن الدولة الإيطالية التي لا تعلم الكثير عن ثقافتها، اعتقدت أن الأغنية من أغاني هذا المسلسل، ولكنها ليست كذلك؛ على غرار هذا المسلسل العديد من الفنانين والموسيقيين أعادوا الأغنية مرات أخرى متفاعلين مع هذه الشعبية. لكونها من الفلكلور الإيطالي ولا تُنتسب إلى أحد أو جهة انتاجية أو مؤسسة تسويقية، الخوض فيها وتداولها ليس له مانع قانوني بالعودة إلى ملكية فكرية معينة. هي مجهولة النسب وتقفي تاريخها لا يعطي إجابات واضحة ومحددة بل ما نجده هي فرضيات مختلفة.   

ماهي قصة هذه الأغنية وما هو تاريخ ظهورها؟ وما علاقتها بالحرب؟

لا نعلم شيئًا عن كاتب كلماتها أو ملحنها أو من غناها أولاً، ولكن من المستطاع تقفي نجاحها وتواريخ تناقلها بين الأشخاص. يقال إنها غُنيت في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945). ربما ظهرت سنة 1943 في الحرب الأهلية في إيطاليا، حينما كانت منقسمة إلى شمال وجنوب: الجنوب وقتها تحت الحكم الملكي والشمال تحت حكم "موسوليني" والحلف الفاشي. بشكل رسمي تقريبًا- نستطيع فيه التأكيد على هذه المعلومة وتقفي التاريخ- نحن نجد لها أثرًا غنائها في برلين سنة ،1947 في المهرجان العالمي للشباب المنضم من قبل "الاتحاد العالمي للشباب الديمقراطي" (FMJD) وهو اتحاد مناهض للفاشية ويطالب بالديمقراطية. في تلك المناسبة بالتحديد قدمت للحضور من قبل الشباب الاشتراكي الإيطالي، لتنتقل الحانها الى مسامع الشباب كالعدوة وتجد رواجًا خارج بلادها وحتى لدى من لا يتكلمون الإيطالية. كلمات الأغنية بسيطة حكائيه ورمزية.  

 

عن ماذا تعبر هذه الأغنية؟

تقول كلمات الأغنية بالمعنى والسياق عند إزالة الجمل المتكررة refrain: أنه في صباح ما، وجد وطنه محتلاً، يقول"يا رفيقة احمليني بعيدًا لأنني سأموت، وإن مت كمقاوم فعليكِ دفني، ادفنيني أعلى الجبل ... تحت ظل زهرة جميلة... وإن مر قوم سيقولون: ما أجمل هذه الزهرة. تلك الزهرة المقاوم... الذي استشهد حرًا... وداعًا أيتها الجميلة...» وكما هي كلمات الأغنية تتحدث عن المقاوم والرفيقة الجميلة. سيتركها ويودعها ورائه ليواجه مصيره المحتوم في سبيلها، وسبيل الوطن، والحياة. مع كل تكرار تكتسب هذه الجملة -"وداعًا أيتها الجميلة"- صدى يجعلها كقطرة في بركة ماء يتوسع أثرها في دوائر لتلامس المعاني من خاص مباشر إلى عام غير مباشر، من الرفيقة إلى المكان وزمان والعام الحياة، من حبيبة الفتاة إلى الحبيبة وهي وطنه الغالي مكان للماضي والذكريات وأيضًا مكان للأمل والمستقبل.

بساطة كلمات الأغنية وشساعة المسكوت عنه فيها من اختزال ومينيمالية في التعبير تجعل الأغنية أكثر شساعة وقدرة على اِستيعاب المآلات والخيالات والإيحاءات التي قد تتبادر إلى ذهننا وقت سماعها. يستطيع المستمع تضمينها بما ينقصها، واضعًا فيها أحاسيسه وخيالاته وقصصه. حماسية الأغنية وقلة كلامها والقدرة فيها على التأويل يجعلها سهلة التملك. نتصور أن كل مغني أداها لم يجد مشكلة تذكر في تملك الأغنية والإحساس بها.  

هناك نسخة أخرى للأغنية، البعض أكدوا أنها لاحقة وليست الأصلية، أخذت باللحن والتكوين الموسيقي للجمل والإيقاع لتتناول موضوعًا مختلفًا. تعبر الأغنية عن اجتهاد المرأة في العمل، وموضوعها هو العاملات النسوة في حقول الأرز. انطلقت في شمال إيطاليا سنة 1951 لتجد الرواج بين النسوة الفلاحين. غنوها في عملهم المضني، وهم يزرعون الأرز لإضافة الحماسة وشحن معنوياتهم، للمضي قدمًا في ظروف حياتهم التعسة وتلك الأيام الصعبة التي عرفتها القارة الأوروبية من مرارات الفقر والجوع والحروب.

"بيلا تشاو" هي رمز للمقاومة، للحرية، للعمل، والنسوية... بمختلف أشكالها ضلت بالبال وكأنها نشيد رسمي يروي قصص الحرب، قصص المواجهة وقصص الشجاعة، الاجتهاد ورباطة الجأش، في وجه الطغيان ووجه الاحتلال والعدوان بمختلف أشكاله. تزرع فينا الشجاعة، للمواجه، والحياة، حياة تترقب المصير... لن تنطفئ هذه الأغنية لتضل شاهدة على إبداع الفنان وشعبية الفن المتصل والمتواصل مع التقاليد وقصص التواريخ والهوية.     

"تراز دي مايو" لوحة شاهدة على المقاومة والأمل

من بين الأعمال التشكيلية المعروفة بموضوع المقاومة ومطلب الحرية والاستقلال نجد لوحة للفنان الإسباني "فرنسيسكو دي غويا "تارز دي مايو" "ثلاث مايو" رسمها سنة 1814، معروضة في متحف "برادو" Prado في مدريد. لوحة زيتية موضوعها رمي المقاومين الأسبان بالرصاص من قبل جيش "نابلوين" الفرنسي، ليلة الثالث من مايو، سنة 1808.

ولد "فرنسيسكو دي غويا" في إسبانيا سنة 1746، وتوفي في فرنسا سنة 1828. كان من بين الفنانين الذين اتبعوا الحركة "الرومنطيقية". المميز في مسيرته وشكله التعبيري المتبع القرب إلى ملامح الرسم الواقعي: بالرغم من أن الواقعية حركة فنية ظهرت لاحقًا (1850) بشكل موسوم وواضح إلا أننا نستطيع أن نقول أن غويا برسمه لما يعاصره من قضايا وحالات اجتماعية مثل مواضيع الحرب والاحتلال والمقاومة الشعبية كان واقعيًا نوعًا ما. الجلي في السيرة الذاتية لغويا، هو تاريخه الحثيث من المحاولات الطموحة والعمل على الوجود بين الفنانين الآخرين والاعتراف بإمكانياته وهو هدف أصابه وحققه في النهاية وكان فخورًا بذلك حيث أُعتمد رسامًا ملكيًا وكانت له حظوة من المهتمين والمكلِفين بأعمال فنية... مع نيل هذه المكانة ظهر لديه طريقه الفني المميز من خلال التطوير في أسلوبه التعبيري الذي أضحى أكثر تحررًا مع التنوع في المواضيع التي تناولها. على غرار الرسم الزيتي اشتغل غويا في الحفر والطباعة ليقدم العديد من الأعمال: رسم لوحات دينية ورسم بورتريهات عديدة للعائلة الملكية، واشتغل أيضًا في طابع وصف في ما بعد بالدراماتيكي والسودوي تحديدًا في الفترة التاريخية الأليمة التي واكبها غويا في الحروب والشتات في اسبانيا. الفترة ما بين 1808 و1814: الحرب الإسبانية ضد الوجود الفرنسي على أراضيها، مرحلة أثرت في الفنان بشكل كبير لنقل إنها أصابته بنوع من أنواع الاكتئاب ظف إلى ذلك إصابته بالصمم في سن الـ46.

في تلك السنوات، أو نحوها تقريبًا، رسم غويا مجموعة "حفرية" (82 عمل ) تحت عنوان "كوارث الحرب" Les désastres de la guerre. "نستطيع من خلالها رؤية المآسي والوقائع المخزية التي مارسها الفرنسيين على الشعب الإسباني وهي عبارة عن مشاهد متنوعة فيها شخوص يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة والقتل، أيضًا من بينها أعمال رومنطيقية.. يجوب فيها "غويا" خيالات وهواجس الحرب وآلامه.

مهدت هذه المجموعة لأعماله الشهيرة: "ثنين مايو" و"ثلاثة مايو"، حققها الفنان بعد ستة سنوات من الواقعة (واقعة هجوم الإسبان على حرس نابوليون في ثنين مايو، ورد الفرنسيين على هذا التمرد في الثالث من مايو). أضحت هذه الأعمال في ما بعد وثائق تاريخية لهذه الأيام حيث أنها ساهمت في تصوير مراحل الحرب بطريقة غويا التعبيرية المتحررة والرمزية خاصة في لوحته الثانية، التي تناول فيها مأساة القتل الجماعي من القوات الفرنسية، للعُزّل الأسبان في مدينة مدريد فوق "جبل الأمير بيو".

البعد التاريخي

تحت ذريعة نشر أفكار التنوير والديمقراطية والمساواة في أوروبا ومناهضةً للملكية المطلقة، قامت فرنسا منذ السنة 1795 بحروب وتدخلات تفاوضية لاحتلال وقيادة الدول المجاورة... وفي سنوات قليلة من خلال توسعها على الأراضي المحتلة، أو من خلال الإبقاء على جغرافيتها واستبدال ملوكها بأفراد من عائلة "نابليون بونابرت" أصبح أغلب المجال الأوروبي تحت سلطة فرنسا. هذا ما وقع في اسبانيا سنة 1808 حيث أجبر "بونابرت" الملك "فيردينون السابع" على التخلي عن الحكم ليضع في مكانه أخاه "جوزيف بونابرت".

في اليوم 2 مايو السنة 1808 تمت الانتفاضة والمواجهة الضارية ضد الوجود الفرنسي على الأراضي الأسبانية، حيث انطلقت في شوارع مدريد مظاهرات سريعًا ما تحولت إلى معركة بين الأسبان والجيش الفرنسي (المتكون من عدة فصائل منهم "المملوكيين") وهو موضوع اللوحة الأولى التي قدمها "غويا"، أين نستطيع رؤية هذه الواقعة.

وفي ليلة الثالث من مايو كان الرد من الجيش الفرنسي، حيث قام هذا الأخير برمي مجموعة من الإسبان بالرصاص عقابًا على هذا التمرد على "جبل الأمير بيو"، وهو الموضوع الثاني الذي تناوله غويا.

في تحليلنا اللوحة سنقدم وصفًا للصورة وإشارة للعناصر التي سنذكرها أولاً كما هي، لنعبر عنها نقلاً بالنص، وهناك أيضًا التأويل، وهو عمل سنحاول الاجتهاد فيه بحسب المراجع وبحسب القرائن ونظرتنا للأشياء. لوحة غويا هي جد رمزية وفيها عمل دقيق من الفنان على تظمين المعاني في العديد من المستويات: إن كان في المكان، أو الشخصيات وحركاتها الجسدية، أو حتى طريقة ترصيف غويا للمجموعات بين إسبان وفرنسيين، هناك بعد نظر ولنقل حكمة وراء ذلك بشكل فيه من الحبكة سنكتشفه معًا. 

تكوين اللوحة

تتكون اللوحة من ثلاث مواضيع بصرية منفصلة، نستطيع التفرقة بينها من دون كثير عناء. الأول هو الإطار المكاني، الخلفية؛ مدينة مدريد المعروفة بطابعها المعماري وسقوفها القرميدية، على اليمين الجيش الفرنسي (جيش بونابرت) بألوان رمادية مائلة إلى الزرقة، وفي اليسار الأسبان بألوان حارة وإنارة أقوى من الأجزاء الأخرى. حرارة الألوان والتجمعات، وانفصال المواضيع البصرية تساعد على التفرقة بين هذه المكونات الثلاث؛ المدينة، الفرنسيين، والإسبان.  

  الظلمة ورومنطيقية غويا

تتناول اللوحة موضوع ليلة الثالث من مايو سنة 1808، وبطبيعة الحال إن أراد الفنان أن يرسم المدينة والجبل سيكون الفضاء المكاني مظلمًا كما هو الواقع. لكن الغريب والغير مستنسخ من الواقع تحديدًا هي المدينة حيث كانت إيحائية ورومنطيقية: إن بحثنا عن هذه الزاوية التي رسمت منها المدينة لن نجدها كما هي. هي شبيهة فقط للعمران الإسباني، ربما قريبة من الأندلسي المميز بحمرة حجارته والقباب الهرمية. بالرغم من كل هذه الظلمة الليلية الحالكة نستطيع تمييز المدينة من هذا البعد. نستطيع حتى تمييز التفاصيل معالمها، حتى النوافذ. مع هذا البعد والظلمة من المفروض أن يُستعصى علينا رؤية المدينة، أن تصبغ المدينة بالسواد. فلنتثبت لا يوجد فيها ما يضيئها، لا إنارة في شوارعها أو من نوافذها وحتى وإن كانت ليلة مقمرة لا نتوقع أن تظهر المدينة لنميزها بهذا الشكل. مدينة غويا الرومنطيقية هنا هي غارقة في الظلام ولا يضيئها مصابيح كنها مهجورة ولكنها ظاهرة. مدريد حزينة في ليلة ليست ككل الليالي انتهك فيها ذلك النور والإشعاع. بالرغم من هذه الظلمة نستطيع تمييز "مدريد" في اللوحة لنفهم هذه الرسالة المبطنة التي أراد المبدع أن يوصلها لنا من خلال بعد رومنطيقي واضح. أن المدينة تواجه الظُلم والنكبة وها هي هنا مظلمة ونستطيع مع ذلك رؤيتها وتمييزها جيدًا.      

الإسبان الضحايا

هناك الضحايا الضعاف تحت مهبة حكم غاشم في ظلمة الليل، نرى منهم من هو وافق على قدمية أيضًا الجاثم على ركبتيه والممدد على الأرض، وقع رميه بالرصاص، ملطخ بالدماء. رسمها "غويا" حارة ومتباينة بشكل واضح مع لون الأرضية الترابي. هنالك من وضعوا أيديهم على أعينهم أو أغمضوها كي لا يرو ما يحدث، ومن هم ناظرون إلى جلاديهم بخوف وذعر. نستطيع في خضم كل هذا أن نميز قسًا منهمكًا في الدعاء، ها هو واضح بقبعته ومنحني إلى أمامه وهو يبارك الموتى. غويا في هذا العمل الفني من خلال الألوان وانارتها وتقليل التفاصيل، يبحث عن سُبل تعبيرية متحررة أكثر معبرًا عن الألم والحزن والثورية، فالشخصيات الموجودة في اللوحة متشابهة إلى درجة كبيرة. لا نجد تفاصيلاً جيدة في وجوههم كي نميز بينهم، ما يجعلنا ننتبه إلى والواقعة وقوة هذه اللحظة العنيفة. في هذه اللوحة هنالك شخصية مميزة لعدة أسباب تركناها في آخر من تحدثنا عنهم من الإسبان: ما يميزها هي كمية الضوء التي تمتعت به، والأبيض في ردائها، والألوان الحارة المستعملة في رسمها، أيضًا موقعها من اللوحة، فهي موجودة على محور ثُلثها الثاني قبالة شيء أخر مضيء بنفس القوة على محور الثلث الأول. يبدو هذا الرجل هو رافع اليدين إلى الأعلى، نحو الجانبين قليلاً، في وضع يذكرنا بوضعية الصلب وباللوحات التي قدمها "غويا" سابقًا لعيسى عليه السلام، وهو معلق على الصليب الخشبي. نعتقد مع آخرين كثر من الناقدين والباحثين أن هذه الوضعية لم تكن من وحي الصدفة. فالرسام في هذه المرحلة من تاريخ الفن لا يخطّ رسمته على اللوحة مباشرة من دون تمحيص في التكوين والتركيب والإعادة على المصغرات المرة تلوى المرة. يحاول الرسام من خلال المصغرات والرسوم التجريبية البحث في مشاريعه الفنية حتى يختار منها المناسب ليقوم بتكبيره. وهناك سبب وراء اختيار الوضعيات والتركيب الهيكلي، وحركة الشخصيات وموقعها من اللوحة. وهذه الشخصية تبدو مهمة وكأنها المسيح. إن اقتربنا من يده اليمنى نستطيع أن نرى ندبة في كفه وكأنها أثر جرح سابق والتأم، ما يجعلنا نفكر في الأمر، من دون يقين كامل حول هذه الندبة وصحتها، هل هي كذلك أم خطأ صغير أو سهو أو أثر زمن مر على اللوحة؟ الفنان لم يشر إلى هذه النقطة وجعلها بذلك غامضة، ولكن الأكيد أن هذه الشخصية أراد لها "غويا" أن تعبر عن الشهادة والألم والتضحية في وجه العنف والعدوان. إذا لدينا الرمزية الدينية من خلال القس والمسيح.

الجنود والمصباح ذو الوجه الواحد

الجنود على اليمين مرسومين من الخلف، هم ينظرون في الجهة الأخرى جهة محتجزيهم ولا ينظرون صوبنا. لونهم غويا بألوان مختلفة كل الاختلاف عن الإسبان: فملابسهم وقبعاتهم رمادية ومزّرقة وأقل حرارة من الجهة الأخرى. واقفين على نفس الخط وبنفس الحركة ونفس الهيأة، حتى أنهم بنفس الطول ونفس أبعاد الأجساد وماسورات أسلحتهم على نفس الخط، متراصة، مصفوفه الواحدة على الأخرى، مشهورة في وجوه الإسبان، جاهزة للرماية. جنود غويا هم متشابهين وبدرجة كبيرة متطابقين، يوحي لنا هذا المشهد العسكري والحركة الآلية المتشابهة بأنهم موظفين وعملة مؤدين للمهمة بحزم. هي الوظيفة وتأدية الواجب، بفراغ روحي وفراغ من المعنى. أمرو بالقتل وهاهم في مكان قصي يقومون بتأدية المهمة لا غير. لهذا هم من دون وجوه ولا اختلاف ولا تشخيص من الفنان الذي رسمهم. أراد أن يرسم فيهم العنف المجرد، فهم ليسوا إلا الأداة والوسيلة لا يختلفون في شيء عن السلاح الموجود بين أياديهم.

بين سيقان الجيش هناك صندوق لامع بأضلع سوداء ووجوه نصف شفافة، مضيئة، ذلك هو المصباح وهو مصدر كل الإنارة في اللوحة والتي جعلت من الشخوص بادية وبارزة أيضًا المكان المحيط والهضبة. ولكن هناك وفي هذا المصباح شيء غريب لو أمعنا النظر مليًا. خط الظل الفاصل بين الفرنسيين والإسبان. كيف لهذا المصباح المتشابه الوجوه والمنير من جهاته الأربع أن يكون مصدرًا لهذا الظل؟ يضيء الإسبان ومظلم من جهة الفرنسيين.   

في هذه اللوحة كانت الرموز حاضرة بشكل قوي: الرموز الدينية مثل الشخصية التي أعطاها "غويا" الأهمية في حركة الصلب، رافعًا يديه إلى السماء وكأنها المسيح، أيضًا القديس الموجود بجانبه وهو يقوم بأدعيته، والضحايا الآخرين وهم مغمضي الأعين كي لا يرو الظلم وهذا العار، الخلفية المسودة وكأنها النكبة على مدريد وعلى اسبانيا وفي الوسط الفانوس الذي لم يضئ إلا جانبًا من اللوحة وأنقطع بشكل غير منطقي عن إضاءة الجانب الأيمن ليرسم نوره خطا في الأرض، رامزًا إلى العدالة.

"غيرنيكا" وتعبيرية "بابلو بيكاسو" عن الفاجعة

من أشهر الأعمال الفنية المعروفة، تناولت موضوع الحرب، ربما الأولى التي تتبادر إلى أذهاننا من تاريخ الفن التشكيلي، حينما نفكر في هذا الموضوع. لوحة الفنان الإسباني "بابلو بيكاسو" "غيرنيكا" Guernica، جدارية بقياسات ضخمة: يفوق عرضها السبع أمتار ونصف، وارتفاعها يقارب الثلاث أمتار ونصف، زيت على قماش، معروضة حاليًا في متحف الملكة صوفيا في مدريد، تنتمي إلى الحركة التكعيبية من حيث أسلوبها، ونوعًا ما تذهب إلى بعد سريالي في إيحاءاتها التعبيرية.

ولد "بابلو رويز بيكاسو" Pablo Ruiz Picasso سنة 1881 في "مالاقة"Malaga  جنوب إسبانيا، وكان ابن "خوسيه رويز" رسام وأستاذ للرسم وأمين متحف محلي .كان هذا الأخير ملهمًا لابنه إلى درجة كبيرة حيث سامهم في نشأته الفنية وسحبه إلى عالم الابداع والتعبير من خلال نمط حياته واهتماماته. في طفولته وشبابه انتقل "بيكاسو" مع أسرته بين عدة مدن إسبانية؛ بين مدريد وبرشلونة. درس في الكلية الملكية للفنون ولكنه سرعان ما تجاوز مواضيع التدريس الكلاسيكية ليعانق في ما بعد الحرية المتاحة في الفن الحديث ويكون من بين الثوريين والمجددين في الطرائق والأساليب مؤسسًا مع رفاقه الحركة التكعيبية: نتحدث هنا "جورج براك" و"خوان جريس".

في السادس والعشرين من أبريل سنة 1937 في خضم الحرب الأهلية الاسبانية تعرضت القرية الصغيرة الباسكية في اسبانيا للقصف الجوي على المدنيين العزل من هذه المنطقة. عُرفت هذه العملية باسم "عملية روغن". نفذ هذا القصف فيلق تابع للسلاح الجوي الألماني وفيلق تابع للسلاح الجوي الإيطالي وذلك بطلب من الجبهة القومية الاسبانية. أحدثت هذه الواقعة أثرها الإنساني في العامة كما أحدثته في المثقفين والفنانين وكان من بينهم "بيكاسو" المتأثر بعمل غويا الذي ذكرناه سابقًا في سياقه الاسباني وحسه تجاه وطنه وتاريخه وأيضًا في السياق العام لتاريخي الفني. لم يبتعد بيكاسو كثيرًا عن تاريخ الواقعة ونفذ لوحته في نفس السنة حيث كلفته الجمهورية الاسبانية الثانية في يناير بتجهيز جدارية لعرضها في معرض باريس الدولي عام 1937. 

اللوحة ضخمة من حيث حجمها والمميز فيها هو عمل الفنان على تضمين الرمزيات المختلفة وجعلها موغلة بالمعاني من خلال العناصر البصرية الموجودة فيها. في تأني وبحث متواصل في العناصر والتراكيب أخذت اللوحة من بيكاسو ثلاث شهور قبل التنفيذ.  

 تكوين اللوحة

على مستوى التكوين لنا أن نلمح الأشكل الهرمية المتراكبة في الوسط، والتي تمر خطوطها الواضحة أحيانًا من خلال التباين بين الرماديات القاتمة والفاتحة، منها نستطيع تقسيم اللوحة إلى ثلاث أجزاء (ثلاث مثلثات). الألوان كما أشرنا رمادية وسوداء مع نبض خفيف من البيج الرمادي، تحسسنا بالبعد الدراماتيكي للموضوع البصري الماثل أمامنا وما يبدعه بيكاسو من تصور فني قاتم عن هذه الواقعة، مستنبطًا من مخيلته مجموعة من الحالات.

تعبُر اللوحة موجة من الحركة بين تكوينات بصرية تعبّر في تفاصيلها وإيحاءاتها عن الجزع والفاجعة بين حيوانات وبشر. هناك نساء ورجال وأطفال مع خيل وثور وحمامة، أيضًا من أشياء اللوحة هناك مصباح في الوسط وشمعة وسيف والخلفية المكانية مباني وشباك ونيران ملتهبة.  

الشخوص في اللوحة

على طرف اللوحة نجد هذه الامرأة ممسكة بطفل صغير بين ذراعيها. أمٌ ناحبه رافعة رأسها إلى السماء وهي تصرخ، وابن ميت مرتخي ورأسه متدلية إلى الخلف وكأنه دمية من دون روح. هذه الوضعية تذكرنا وبشدة بوضعية المسيح ومريم العذراء، وقصص الانجيل، والأعمال الفنية القديمة التي صورت هذه القصة: تمسك مريم العذراء بالمسيح بعد انزاله من الصلب، تحتضنه بين ذراعيها، واضعة إياه على ركبتيها متأملة فيه بوجه يعلوه الإيمان بالأقدار. صورها "ميشال انج" مثلاً في تمثاله الأيقونة "الشفقة" La pietà والموجود في روما. يرمز المسيح في الفنون من خلال استحضاره إلى الحق والشهادة والعدل... والعديد من الفنانين الكلاسيكيين أو الحداثيين أو المعاصرين قاموا باستحضاره في أعمالهم الابداعية بشكل مختلف ومتعدد وضمن سيقات اختار لها الفنان هذا المرجع البصري.

من بين العناصر الأخرى -ونحن هنا متواصلون في استدعاء الشخوص في لوحة غارنيكا - نرى هذا الجندي المهزوم والمقطع الأوصال أشلاءً على الأرض، ممسكًا بسيفه المكسورة وبين أصابعه في تلك اليد هناك وردة، أو قد تكون تلك الورد نابتة في الأرض اين هوت يده المقطوعة: كأن الوردة تحاكي أملاً أخيرًا أو هي تبارك هاته اليد التي حاولت الدفاع عن الحق في الحياة وعن شعبها وناسها. ونتذكر هنا وفي هذا السياق زهرة "بيلا تشاو" حينما طلب الجندي من حبيبته أن تزرع على قبره زهرة. فهذا جندي وذاك جندي والوردة أو الزهرة هي واحدة في معانيها توضع على القبور وتوحي بالمحبة وهنا هي زهرة من "بيكاسو" للجندي. بالرغم من أسلوب بيكاسو التكعيبي الهدام للصورة إلا أننا نستطيع أن نرى جمود ملامح الجندي وهو فاتح الفاه وجاحظ العينين في تعبير وجهه شاهد على الألم أو على ما كان في آخر لحظات حياته.   

في طرف اللوحة من الجهة الأخرى هناك امرأة هي حبيسة للنيران أو هي بين الأنقاض، رافعةً يداها إلى الأعلى في استغاثة تكاد تكون مسموعة بفمها المفتوح وعيناها التي صورها بيكاسو في نقاط سوداء صغيرة تتوسط بياضها، مفتوحتان على وسعهما. هناك امرة أخرى تسعى جارةً جسدها هاربة من شيء ما ناظرة إلى السماء في هلع واضح، كما هي بقية الشخصيات الأخرى الجازعة.

الشمعة والمصباح

ننتهي مع الشخصية الأخيرة، إمراه أخرى تحمل في يدها الشمعة المتمركزة في وسط اللوحة، مصدر الخطوط الهرمية في موقع ثقل تكويني وتركيبي للعمل وكأنها تنير على هذه الواقعة الأليمة وهي الشاهد على ما حدث من دمار وظلم تجاه البشر في هذه البقعة من العالم؛ في القرية الباسكية الاسبانية الصغيرة، ترمز الشمعة إلى الإشارة وفضح هذه الواقعة وما حدث من دمار واعتداء. إلى جاب هذه الشمعة هناك مصباح كهربائي مضاء، وبحسب روايات تحليلية للوحة يعبر هذا الأخير عن التقدم التكنلوجي البشري في ما يأتي به من إفادة أو من دمار وقدرة على التدمير. لم يرسم بيكاسو في اللوح الصواريخ المتفجرة ليعوضها بهذا المصباح متفجر الإنارة في ابهار شعاعه المنير، وخطوط محيطه الحاد والواضح بتباينه مع الخلفية. 

الحيوانات الثلاث

لم يبقى لنا هنا إلا العودة على حيوانات بيكاسو الثلاث وهي الحمامة والحصان والثور. الحمامة في اللوحة هي بالكاد تظهر: يجب لك أن تجول ببصرك وتبحث متفحصًا في التفاصيل لتجدها لأنها ممحية: في ظل طفيف أراد لها بيكاسو أن تكون كذلك ضبابية خفية الظهور وغير متجلية للأبصار. من هذا أراد التعبير عن السلام وانتهاكه من قبل هذا الحلف الدموي وقنابله التي قتلت الأبرياء.

الثور على اليسار واضح. يعبر من جهة على إسبانية المعروفة بتقاليد مصارعة الثيران- موضوع اهتم به بيكاسو في لوحات أخرى سابقة- ومن جهة يعبر عن الطبيعة البشرية الجلفة والعنيدة. صحيح أن بيكاسو كان يعيش في فرنسا ودائمًا ما يُتناول وكأنه فنان فرنسي بين زملائه وعلاقاته الفنية إلا أنه إسباني مغترب وهو ربما ما جعله يحاول في أعمال معينة إظهار إسبانيا بشكل مقصود وواضح تعبيرًا منه على هذا الانتماء، ومحاولة منه لإرضاء محبيه من إسبان وإظهار اهتمامه بوطنه وثقافته. والثور كان واحد من الرموز التي تناولها وعمل عليها؛ اِشتغل على الحلبة والمصارعة مع هذا الحيوان بأسلوبه المعروف.

في النهاية نشير إلى الحصان الموجود في منتصف اللوحة: حصان بارز وتعبيري في حركة عنيفة من الهيجان، يهز سيقانه ضاربًا إياها في الأرض متألمًا من سهم مغروس في جانبه. لسانه كالسكين من شدة الألم وهو يزعق بكل قوة ويصهل. يرمز إلى البراءة والشعب الاسباني الأعزل وبراءته من مدارات هذا العنف، وبالرغم من ألمه ووجعه مازال العصان واقفا، كما هو الشعب الإسباني.

خاتمة

لوحة بيكاسو كما هو عمل غويا مليء بالتشفير والعمل على الترميز، العملان كليهما من أبرز المراجع الفنية حول الحرب.  بيكاسو في مسيرة حياته الفنية حقق مجموعة من الأعمال التي تناولت مواضيع اجتماعية حقوقية. "غارنيكا" لم تكن الوحيدة هناك أيضًا "القبر الجماعي" و" معبد السلام"، "السلام" و"مذبحة في كوريا" وغيرها. ونحن كما أشرنا في بداية النص لا نبحث عن تقديم أولويات لأعمال فنية تعاملت مع موضوع الحرب والعنف المسلط دون أخرى. عمل غويا كما هو عمل بيكاسو من أكثر الأعمال المعروفة، وحاولنا هنا أن ننفع بها القارئ لنضيف معرفة بها أعمق- ولم لا علنا من هذا النص نساعد فنانًا تشكيليًا بإيساع معلوماته وشحن معارفه ليساهم بفنه في التعبير عن الحرب والمأساة بعمق كعمق غويا وبيكاسو مضمنًا مرجعيات بصرية ورمزيات معينة.

 

الهوامش:

 

- 1Etienne Souriau, La correspondance des arts, Paris , 1969

- 2Fédération mondiale de la jeunesse et des étudiants

- 3Derwell Queffelec, Les origines du chant populaire «belles ciao», Culture Prime, France culture, Publié le lundi 13 janvier 2020,

https://www.radiofrance.fr/franceculture/aux-origines-du-chant-populaire-bella-ciao-9012698

- 4Jean-Jacques Breton, philippe Cachau, Dominique Williate, Histoire de l’art pour les nuls, ED first editions 2007, Pris, p156.

- 5LAROUSSE, dictionnaire de la Peinture, HER, Paris, 1999, p 400-401

- 6Gabriele Crepaldi, L’Art de XIXe Siècle, Traduit de l’Italien par chantal Moiroud, ED Hazan Paris, 2005, p120.

 - 7LAROUSSE, Histoire de l’art du moyen âge à nos jours, Edition Frédéric Haboury, 2008, Pris, p700

- 8François-Xavier Trancart,  analyse d’un chef d’œuvre : Guernica de Picasso, Artsper Magazine, 08 Avr 2019, https://blog.artsper.com/fr/la-minute-arty/analyse-dun-chef-doeuvre-guernica-de-picasso/


عدد القراء: 3052

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-