تكنولوجيا الأسئلةالباب: حياتنا
محمد شلبي مصر |
أين ومتى طرحت سؤالاً جيداً على نفسك وعلى آخرين!؟ للأسف علمونا لسنوات طوال كيف نجاوب، ما تعلمنا نسأل! وكبرنا ونحن نعانى هذا الافتقار إلى الأسئلة الجيدة في العمل والحياة الخاصة، وتسهم تكنولوجيا الأسئلة في سد هذا النقص لتزيد من قدرتنا على طرح الأسئلة الذكية وممارسة التفكير الناقد.
والسطور الآتية تحمل لنا تطبيقات وقصصاً طريفة وملهمة لفهم واستعمال 3 تقنيات للأسئلة هي:
1. تقنية الأصدقاء الست باستخدام الخرائط الذهنية.
2. تقنية السلسلة الخلفية.
3. تقنية الأسئلة في المواقف الحرجة.
تقنية الأصدقاء الست
يخبرنا الشاعر الإنجليزي كبلنج عن ستة من خدمه المخلصين! علموه كل ما يعرف، وأسماؤهم هي ماذا ولماذا ومتى وكيف وأين ومن. وأخبرك هنا عن قصة لأصدقاء كبلنج الست طريفة وملهمة..
خبرة شخصية مع الأصدقاء الست
سألني مصطفى ابن أخي، وهو تلميذ بالمرحلة الابتدائية، لأساعده في كتابة موضوع تعبير مدرسي عن (التعاون)، وطلب منى تحديداً قائمة بعناصر الموضوع، فاعتذرت له، وطلبت أنا بدوري منه أن يفكر بنفسه في عناصر الموضوع بمساعدة الأصدقاء الست!
وبمرح أحضرنا ورقة بيضاء وأقلامًا ملونة ووضعنا دائرة في الوسط بها عنوان موضوع التعبير المطلوب، ومن الدائرة رسمنا أفرع ستة حملت له أسماء أصدقائه الجدد.
وخرج مصطفى من حالة قصور ليفكر بنفسه ويكتب بنفسه قائمة عناصر موضوعه:
1. معنى التعاون ماذا؟
2. الفائدة من التعاون لماذا؟
3. من نتعاون معهم؟
4. متى يصبح التعاون ضرورة؟
5. كيف نتعاون؟
6. التعاون في المدرسة والبيت والحى أين؟
وضع ابن أخي بين يدى بفخر موضوع تعبير (تحليلي) عن التعاون من ٤ صفحات كاملة! والطريف أنه وثق علاقته بالأصدقاء الست وصار عنصراً مزعجاً بمدرسته، كما اشتكى منه والده لكثرة أسئلته وصعوبة انقياده! ولك أن تتصور ما يمكن أن يواجه مصطفى في مسجد الحي من شيخ اعتاد الإملاء والتلقين وتأمين الحضور ورائه.
تقنية السلسلة الخلفية
وينضم عوف إلى مصطفى في تكنولوجيا الأسئلة الجديدة، بعد أن ترك لي صديق سعودي كتابين هدية في الاستقبال بالسكن في العليا بالرياض، فهاتفته سريعاً لشكره لكن رد علىّ عوف ابنه الأصغر، سألته عن والده د. جمعان القحطاني، فسأل عوف: لماذا؟ أو (ليش) تبغى أبي؟ قلت: لأشكره على الكتب، فكرر لماذا للمرة الثانية: (ليش) تشكره على الكتب؟ هنا توقفت لأفكر معه.. ربما هذا ما نجح فيه عوف بطريقته هذه.
والإثارة هنا في تكرار لماذا 2-4 مرات بتتابع في سلسلة خلفية لمعالجة مسألة واحدة، ومن رقم 2 ستجد نفسك في مغامرة فلسفية تساعدك على ممارسة التفكير بطريقة سحرية ومختلفة.
واستعرت تقنية عوف هذه للعمل في الاستشارات وتطوير الأعمال، وذلك حين سألني مدير تنفيذي لتقديم برنامج تدريبي لتحسين مردود الاتصالات الهاتفية بالعملاء القدامى لسلسلة محال البصريات.
سألته لماذا 1 يجرى اتصالات هاتفية بالعملاء القدامى لمحل بصريات؟ فأجاب: للاحتفاظ بهم.
وسألته لماذا 2 الاحتفاظ بالعملاء القدامى مهم بالنسبة له؟ أجاب: لتوفير أساس قوى للتوسع في أعماله. هنا استثرت خياله للبحث في طرق بديلة للاحتفاظ بعملائه من دون اتصالات هاتفية ربما تكون مربكة للبعض!
ماذا تسأل عندما لا تعرف ماذا تقول
الأسئلة تقنية لغوية فاعلة للخروج من المواقف الحرجة، وللتعامل مع تحرشات لفظية! لديك أصدقاء ست لتقديم الدعم والإسناد!
التعامل مع الازدراء
في الحياة الخاصة:
ألم تنتهى من غسيل الأطباق بعد!
الأصدقاء الست: لا متى كنت تريدني أن أنتهى منها؟
في العمل:
أحدهم يقلل من قيمة فكرتك ويصفها بالمثالية وغير الواقعية.
الأصدقاء الست: ماذا تقترح أنت لتحسينها وتطبيقها؟
أحدهم يملي عليك ما تفعله، ويبالغ في استخدام صيغة الأمر!
- أين ذهبت «من فضلك»؟
في المطعم، الفندق، المتجر..
استقبال بارد وغير مبال!
- لماذا الاستقبال هكذا؟ هل سيقضى اللطف عليك!؟
التعامل مع الإزعاج والمضايقة
زميل يتصرف برعونة
- قلة نوم هذه أم قلة أدب؟
أحدهم يستثيرك باستمرار، ويستخدمك هدفاً لدعاباته.
- متى ستنتهي هذه الدعابات؟
- رصيد النكت والعقد لديك كارت أم اشتراك؟
- هل تحاول أن تكون شريراً أم غبياً؟
صدمة فيسك
أدخر صدمة إيجابية بالنهاية لروبرت فيسك حين صرخ No NO NO لهتاف حضور بقناة الجزيرة «يسقط حكم العسكر« ليسألهم: ماذا بعد سقوط حكم العسكر؟ أي دولة تريدون؟ صدمة كانت لببغاء قاصر يردد ما يسمعه بدلاً من طرح الأسئلة!
خلاصة
توجد طريقة ثورية أخرى للنظر إلى عالمك كسلسلة من الأسئلة، فالموت سؤال والحياة سؤال. الأسئلة عنصر ثابت في وجودنا كالهواء الذى نتنفسه، وهذا جيد كي لا تحرم نفسك من متعة الاستكشاف الذاتي والبحث في الاحتمالات!
إن روحك الصغيرة داخلك تتوق إلى طرح الأسئلة كما الأطفال، فقط تذكر هذا التتابع البسيط بحلقاته الثلاث:
– توقف عن البحث عما تقول.
– وجه سؤالاً قادراً على التركيز والإيضاح.
– أصغ جيداً للإجابة.
تغريد
اكتب تعليقك