القفاز الأزرق (قصص قصيرة) الباب: نصوص

نشر بتاريخ: 2024-09-27 13:21:17

عزة دياب

مصر

1 - ياقة المعطف

يرفع ياقة المعطف، يضمه على عنقه وصدره بيديه المتدثرة بالقفاز الصوفي، يخشى على جسده من البرد أم يخشى على العالم من برده الذي يربت على تلاله بين الفينة والأخرى ويحكم إغلاق سحاب سترته عليه أن اندلع برده خارجه سيجمد العالم!!

2 - غرفة مظلمة

محاطًا بالثلوج في غرفة مغلقة، طلبوا منه الانتظار هنا، دلف إليها أغلق الباب الزجاج المغبش بندف الثلج، أدخل فريزر؟!

الثلج يحاصره، يفكر بصوت عال (أريد جاروفا أزيح به الثلج وما الذي يبقيني هنا) يشمر عن ساعدين متوترين، يزيح الثلج بعيدًا عنه، يتصاعد بخار يلفح وجنتيه بياض الثلج ودخانه يحرق عينيه، يجمد أصابع يديه، يشعر بانسداد فتحتي أنفه والصداع تزداد وتيرته فوق حاجبيه، يحاول فتح الباب، يصرخ ألا أحد يسأل عني!!

يطرق باب الغرفة عدة طرقات، يدق ثلج الباب الزجاج المتجمد بعنف، بدا مهووسًا. يسمع جرس إنذار وخطوات تجري، يسمع من يقول هناك حريق، ومن يقول هناك أعطال أماكن تتجمد وأماكن تحترق، يطرق أكثر (كيف أسمعكم ولا تسمعونني) يشعر بالثلج في فمه.

تزيد عصبيته عندما يشعر بأنه مقيد أو مجمد ويكاد يختنق، يرتجف، يصرخ، يراها تتلألأ تحت ضوء القمر الفضي المنعكس على ندف الثلج.

3 - الكابوس

يهتز الفراش على إثر حركته المباغتة، يحتضن لحافه، صدر منامته مبتلاً بالعرق تزحف يده فوق الكومودينو المجاور للفراش بحثًا عن كوب الماء، يستريح لفكرة أن الثلوج ذابت ومضت مع الحلم، الكابوس.

يتفقد غرفته بعينيه العائدتين من بياض الثلج، النافذة القريبة تنضح بنور الصبح وزقزقة عصافير تزيد وتبتعد، يذهب خياله لصباحات الحب القريبة ويده تبحث عن يدها المترددة الوجلة لكنها دافئة، ينظر بتحد ليده التي اختبأت في قفاز صوفي يتحسسها كأنه مازال في الكابوس يتذكره كان له هدية من أمه قفاز أزرق كمٌ أنفقت في نسجه من ساعات خلال ليالي الشتاء بإبرة الكروشيه، هو بدوره منحه لابنته حين كانت تذهب للمدرسة الثانوية في صباحات شتوية، مهمته الآن تتبع القفاز.

يتذكر دفئًا آخر منح ليده وهي تشد على ظهر حبيبته وهو يحتضنها وتطوف شفتاه بوجهها وعنقها وحرارة أنفاسها وهي تخفي وجهها في صدره، أخرجه رنين الهاتف من ذكرياته.


عدد القراء: 1877

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-