قراءة تحليلية نقدية في ديوان نازك الملائكةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2017-11-07 01:04:05

د. جبران بن سلمان سحّاري

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ومؤسس مدرسة الميزان للنقد الأدبي في الرياض

تُعد الشاعرة العراقية نازك الملائكة من رائدات الشعر الحديث في الوطن العربي، ويعجب بها الكثير من شعراء الحداثة لكونها أول من كتب الشعر التفعيلي الحر المتمرد على الوزن والقافية، وقد كتبت في قضايا الشعر المعاصر وغير ذلك وربما يتضح خلاف ما يشتهر عند كثيرين بمزيدٍ من البحث والاطلاع والمناقشة.

هي الشاعرة العراقية عاشقة الليل نازك بنت صادق جعفر الملائكة ولدت في بغداد عام 1354هــ الموافق 1923م ونشأت في بيت علم وأدب، وأمها هي الشاعرة سلمى عبدالرزاق وكنيتها (أم نزار) ووالدها هو الشاعر العراقي (صادق جعفر الملائكة) الذي جمع قول الشعر والاهتمام بالنحو واللغة كعادة الشعراء آنذاك.

أحبت نازك الشعر منذ الصغر وولعت به وهي ما زالت طفلة، ووجدت في مكتبة أبيها الزاخرة بدواوين الشعر وأمهات كتب الأدب ما يروي ظمأها إلى الاطلاع والمعرفة.

أكملت دراستها في بغداد، ثم التحقت بالجامعة، وحصلت على منحة دراسية إلى (الولايات المتحدة) حيث حازت على درجة الماجستير في الآداب، وكانت أول تلميذة تحظى بالدراسة هناك.

عادت إلى بغداد وأتيحت لها فرصة أخرى للسفر خارج العراق؛ للحصول على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن، عملت سنين طويلة في التدريس في جامعة بغداد، وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت، ثم اتجهت للعزلة الخاصة والإقامة في القاهرة إلى أن توفيت بها عام 1428هــ ـــ 2007م بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية وشيع جثمانها هناك رحمها الله رحمة واسعة.

لها ست مجموعات شعرية هي: (مأساة الحياة) و(عاشقة الليل) و(شظايا ورماد) و(قرارة الموجة) و(شجرة القمر) و(للصلاة والثورة) وكلها قد جمعت في (الأعمال الشعرية الكاملة) الصادرة عن دار العودة ببيروت عام 1429هــ  ــــ 2008م. وذلك بعد وفاتها بعام، وتعد طبعة ثانية فقد كانت صدرت الطبعة الأولى في التسعينيات الهجرية ثم نفدت فأعيدت طباعتها في ذكرى رحيلها.

اشتهرت بأنها أول كاتبة لقصيدة التفعيلة من الشعر الحر وهي (الكوليرا) حيث تتحدث عن مرض منتشر في العراق آنذاك يتعلق بجرثومة معوية رأى بعضهم انتقالها من شخص آخر، ومطلع هذه القصيدة:

سكنَ الليلُ اْصغِ إلى وقع صدى الأنات

                       في عمْق الظلمة تحت الصمت على الأموات ..

وتكون بذلك قد سبقت الشاعر العراقي المعاصر لها بدر شاكر السياب الذي كانت له محاولات في السبعينيات الهجرية وإن كان توفي مبكرًا قبلها بنحو ثلاث وأربعين سنة حيث توفي عام 1384هـــ.

وهذه القصيدة مضمنة ديوانها (شظايا ورماد) انظر: الأعمال الكاملة: 2/ 99.

وقد أكدت ذلك بنفسها في قضايا الشعر المعاصر ص 14 حيث قالت: "عام 1962م صدر كتابي هذا، وفيه حكمت أن الشعر الحر قد طلع من العراق ومنه زحف إلى أقطار الوطن العربي، ولم أكن يوم أقررت هذا الحكم أدري أن هناك شعرًا حرًّا قد نظم في العالم العربي قبل سنة 1947م سنة نظمي لقصيدة "الكوليرا"؛ ثم فوجئت بعد ذلك بأن هناك قصائد حرة معدودة قد ظهرت في المجلات الأدبية والكتب...".

ومهما يكن من أمر فقد يكون تزامنًا من هؤلاء الشعراء ولا يخفى ما قد يعتري الأمر من تأثرٍ بالآداب الغربية والمدارس المختلفة آنذاك.

وقد أعلنت نازك الملائكة رجوعها عن هذا اللون وقصرت ما كان تفعيليًّا منه على ما انتظم تفعيلة واحدة متسقة واشترطت كتابة القصائد العروضية المعروفة، وعُرف هذا الأمر باسم (توبة نازك الملائكة) تلك التوبة المشهورة هكذا أفادني الشاعر والأديب الدكتور/ عدنان بن علي رضا النحوي رحمه الله (ت: 1436هــ) وقال: رجعت عما قررته من شعر التجديد والحداثة.

وكتب الأستاذ محمد مصباح مظلوم المعروف بشاعر العالم مقالاً بعنوان (نازك الملائكة شاعرة التوبة عن خطيئة التجديد).

وقد صرحت بذلك في مقدمة ديوانها (شجرة القمر) فقال حول الشعر الحر: "ولا أذكر أنني اقتصرتُ على الشعر الحر في أية فترةٍ من حياتي، وسبب هذا أنني أولاً أحب الشعر العربي ولا أطيق أن يبتعد عصرنا عن أوزانه العذبة الجميلة ثم إن الشعر الحر ـ كما بينتُ في كتابي ـــ قضايا الشعر المعاصر ـــ يملك عيوبًا واضحة أبرزها الرتابة والتدفق والمدى المحدود، وقد ظهرت هذه العيوب في أغلب شعر شعراء هذا اللون، وهذا حاصلٌ أيضًا في الشطرين فإن له مزايا وله عيوبًا، وإني لعلى يقين أن تيار الشعر الحر سيتوقف في يوم غير بعيد وسيرجع الشعراء إلى الأوزان الشطرية بعد أن خاضوا في الخروج عليها والاستهانة بها..." إلى آخر كلامها.

ومن قصائدها التفعيلية الأخرى: (نهاية السلّم) في الأعمال الكاملة: 2/79 وأولها: "مرت أيام منطفئات". وقصيدة (أنا) 2/ 82 ومطلعها:

الليل يسأل من أنا؟

 أنا سره القلقُ العميق الأسودُ ...

وقصيدة (الهجرة إلى الله) 2/441 ومطلعها:

عرفتك في ذهول تهجدي وقرنفلي أكداس

عرفتك في اخضرار الآس...

وغيرها من القصائد السائرة على هذا النمط.

والآن سأجري دراسة تحليلية نقدية لبعض قصائدها المشهورة والله الموفق.

أولاً: قصيدة مأساة الحياة (الأعمال الكاملة:1/ 21 ــ 39):

تقول في مطلعها:

عبثًا تحلمين شاعرتي ما      من صباحٍ  لليل  هذا الوجودِ

عـبـثًا تسألين لن يُكـشـف الـسـرُّ ولـن تنـعمي بفـكِّ الـقـيـودِ

فمطلع هذه المأساة ينضح بشيءٍ من التشاؤم والحماس في ثورةٍ تمردية انتشرت واشتهرت عند الثائرين على الانضباط الذين يبتكرون المعاني العبثية (عبثًا تحلمين).. (عبثًا تسألين) وليس في هذه الألفاظ ما يدعو للاستحسان في الغالب.

ثم تقول أيضًا:

كيف تذوي القلوب وهي ضياءٌ    ويعيش الظلامُ وهو ظلامُ؟

وفي هذا البيت الطباق بين ضياء وظلام، ولا يخفى ما في وصف القلوب بالضياء من الحسن!

كيف تحيا الأشواك والزهَرُ الفا   تنُ يذوي في قبضةِ الإعصارِ؟!

وهنا مطابقة بين الأشواك والزهر.

وفي وصف الزهر بالفاتن كناية عن شدة جماله.

ثم تشير إلى مأساة الحياة بقولها:

حدّثي القلبَ أنتِ أيتها المأ       ساةُ يا من قد سُمِّيتْ بالحياةِ

فهي تخاطب المأساة كأنها فتاة تسمعها وتقول: إنك سُميتِ بالحياة وهذا عن طريق الإضافة (مأساة الحياة) وهذا هو عنوان المجموعة الشعرية.

وتقول:

أبدًا أسأل الليالي عن المو    تِ وماذا تُرى يكون المصيرُ.

فتستمر في سؤال الليالي وتجعل منها مستمعًا يعقل ويعي الخطاب والسؤال.

كما تخطاب الحياة بقولها:

امنحيني عُمْرَ الزهور فلن أبـــ       ــكيْ ومدّي الأيامَ لي إن رغبتِ

وترسل المثل في قولها:

ما الذي ينفع البكاءُ وما يُصــ       ــغي إلى الصارخين قلبُ الفضاءِ

كذلك تصف نفسها بأنها حيرة وذهول من وقع السيطرة فتقول:

ها أنا الآن حيرةٌ وذهولٌ     بين ماضٍ ذوى وعمرٍ يمرُّ

كما تخاطب ضفاف الأفراح وكأنها تريد الاقتراب من الفرح فتقول:

يا ضِفاف الأفراح يا ليتني أعــ     ــرفُ شيئًا عن أُفقِك المجهولِ

وتعبر في مقطوعة (على تل الرمال) عن بناء حياتها بالأحلام مع النسيان فتقول:

كلَّ يومٍ أبني حياتيَ أحلا       ماً وأنسى إذا أتاني المساءُ

ثم تجعل الأحلام مدينة تتلاشى في نشوة الأوهام فتقول:

إيه تلَّ الرمالِ ماذا ترى أبــ    ــقيت لي من  مدينة  الأحلام؟

اُنظر الآن هل ترى في حياتي     لمحةً غيرَ نشوة الأوهــام؟

وتواصل مرحلة التشاؤم والبعد عن الزمن الجميل فتقول:

لم أعد في الشتاء أرنو الى الأمـــ    ـــطار من  مهديَ  الجميلِ  الصغيرِ

لم أعد  أعشق  الحمامة  إن غنّــ   ــــت  وألـهـو على ضـفـاف الـغـديـرِ

وتخاطب التل أن يعيد فردوسها المفقود والزمن الجميل الذي عاشته فتقول:

آه يا تلُّ ها أنا مثلما كنـــ   ـــــتُ فـأرجـعْ فـردوسي المـفـقـودا

وتستمر في وصف تلك الصور الجميلة فتقول:

كان شدو الطيور رجْعَ أناشيـــ    ــــدي  وكان  الـنعــيم  يتبع  ظـلّي

هل أنا الآن غيرُ شاعرةٍ حيـــ   ــــرى  وهل غير هيكلي المضمحلّ؟

وهذه من صور التشاؤم أيضًا في مأساة الحياة.

وتستمر في تخيل الوهم وتعكيره صفوها فتقول:

كلما شِـمْتُ زهرةً صوّر الوهـــ      ـــــمُ  لـعـيـنيَّ  قــاطــفَ  الأزهــارِ

وتقول:

أين  منّي  مفاتن  القمر السا      حر  والصيف  والظلام  المثير؟

وفي وصف الظلام بالمثير تأكيدٌ لنظرتها التشاؤمية.

وتقول:

تتقاضى الأحياءُ قيمة عيشٍ      ضـمَّــهــم  من  شــقــاهُ  أعـمـقُ  تِيهِ

وفي مقطوعة (آدم وحواء) تقول:

حسبها أّننا دفعنا إليها      ثمنَ العيش حيرة ودموعا

أيُّ ذنبٍ جناه آدمُ حتى      نتلقى العقاب نحن جميعا؟

والضمير في (حسبها) يعود على حواء، وتؤكد أننا جميعًا دفعنا الثمن وتلقينا العقاب وأن الخطيئة يستمر عقابها!

وفي مقطوعة (قابيل وهابيل) تقول:

ليس إلا قابيلُ يمشي رهيب الــ    ــــخطو  نهبَ  الأفكار  والأوجاعِ

وفي التعبير بـ (نهب الأفكار) كناية عن الشتات والحيرة والقلق أيضًا.

وتختم المقطوعة بقولها:

كلما  ذاق  قطرةً  من  نعيمٍ     أعقبتْها  من  الأسى  ألفُ  قطرهْ

وبين النعيم والأسى طباق.

كما تُعرّج على الحرب العالمية الثانية فتقول:

لم  يكد  يستفيق  من  حرْبه الأُو        لى  ويهنا  حتى  رمـتـه  الـرزايا

رحمةً  يا  حياةُ  حسبُك  ما  سا         ل على الأرض من دماء الضحايا

والضمير في (يستفيق) يعود على الإنسان، والرزايا هي المصائب، وتخاطب الحياة بطلب الرحمة نظرًا لكثرة سيلان الدماء، وكان خطاب الله ومناجاته أولى بل هو المتعين وتأثيره أعظم.

ثانيًا: قصيدة كبرياء (الأعمال الكاملة:2/ 23 ــ26):

تفتتح القصيدة بمنع السؤال عن الدموع الحرّى وهذا الوصف كناية عن حرقة تقول:

لا تسلني عن سر أدمعي الحرّ      ى فبعض الأسرار يأبى الوضوحا

بعضها يؤثر الحياة وراء الـــ       ــحسِّ  لُغزا  وإن  يكن  مجـروحا

بعضها إن كشفته يستحل حبــ      ــــــاً  مُهانًا  يموت  مــوتًا  حـزينا

فوصفت الحب بأنه مهانٌ ومصيره الموت الحزين.

ولا تبرح التشاؤم كذكر أشباح اليأس والحيرة والانكسار في قولها:

وعيونٌ  وراء  أهدابها  أشـــــــ      باحُ  يأسٍ  في  حيرة  وانكسارِ

وتتحدث عن القلوب الكبيرة التي تؤثر الموت كبرياءَ فتقول:

تؤثر  الموتَ  كبرياءَ ولا تنـــــ      ـــطقُ بالسر بالرجاء الخجولِ

كما تتحدث عن الأكف المزيفة تقول:

وأكــفٌّ تــودُّ لـــو مـزَّقـتْ لـو        قتَلتْ لو  تمردتْ في  جنونِ

لو رأتها الحياةُ  قالت:  هدوءٌ       وادعٌ  في  بــراءةٍ  وسكونِ

فتظهر للحياة في (هدوءٍ وادع) والواقع بخلاف ذلك.

كما تواصل وصف الكبرياء في ألفاظ تنم عن الحزن (لا تجرح السر) (كبرياء سكوتي) (قبر حلم) (جرح مميت) (ترتعش الأشعار حزناً) (سكوتي العميق) (قلبي يتحطم) فتقول:

لا تسلني لا تجرح السر في نفــ        ــسي   ولا  تمحُ  كبرياء سـكـوتي

لو  تكلمتُ  كان  في  كلِّ  لفظٍ         قبرُ  حُـلْـمٍ  وفـجـرُ  جُـــرح  مميتِ

لو تكلمتُ كيف ترتعشُ الأشْــــ        ــــــعار  حزناً  وترتمي  في  عَيَاءِ

                                      ***

             وسكوتي العميق يكتم أنفاسي  وقلبي يكاد أن يتحطم

وتقول في وصف حالتها:

تتلاقى  عليهما  كل  أســــرا     ري   فأبقى   شعرًا   وحبًّا   ونارا

وتختم بوصف حياة الكبرياء فتقول:

وتظل  الحياة  تخلق  من  وجــ      ــهي  قناعا  صلدًا  يفيض  رياءا

جامدًا  باردًا  أصمَّ  ويُـخفي          بعضَ  شيءٍ  سـمـيـتُه  كبريـــاءَ

ثالثًا: أغنية للحياة ضمن شجرة القمر (الأعمال الكاملة:2/ 306 ـ 309):

تقول في مطلعها:

إذا ســـألــوا في غــدٍ عن هـــوانا     ونحن  ترابٌ مع الذكــريات

 راح  يجـيـبـهـم  الـعـابــــــرون       بأنا  مـررنا  بهـذي الحيـاةْ

وذقنا  الهوى  والمُنى  والعذابَ      كأسـلافـنا ثم عُــدنــا رفــاتْ

وعـفّـت  على  أثرَيْنا  الـريــاحُ      وعدنا  ضبابًا  تلاشى وماتْ

فتطوي قصة الحياة والذكريات ثم تقول:

وقــال  لـهـم  قــائـلٌ: إنــنـا      شربنا الأسى في ثنايا الكؤوسْ

وإن   ابتساماتنا   كنّ  لوناً       يغـلّف شـيئًا  طـوته  الـنفوسْ

وإنــا   دفـعـنـا   أناشـيـدنا        وأحلامنـا  للـرجاء  الـعـبوسْ

وكـنـا  كمن  قبلنا  غـرباءَ       على الأرض ثم طوتنا الرّموسْ

وقافية السين هنا تشعر بالحزن والخوف الذي يشير إليه الصفير المستوحى من حرف السين.

ثم تواصل قائلة:

فـمن  سـوف يخـبـرهـم أنـنا      شربنا العذوبة حتى سكرنا

وأنا  ملكـنا  ضياء  الـنجـوم     ودجـلـة  والفـجر فيما ملكنا

وكانت لنا من خدود النسيم     وسـائــدُ تـسـندنـا إن كـلِلـنا

وأنـا   تـركـنا   حكايـاتـنا           وأخـبارنا   للريـاح   ونمـنا

                           ***

وأنا  عـرفـنـا الحياة ارتعاشًا       ونبـضًــا   وأغـنـيـةً   خــالدهْ

عرفنا الغرام الـرقيق الجبينِ       وذقــنــا  لـيـاليَـــهُ  الساهدهْ

وكم  مرةٍ  قد ضممنا  السَعادَ     ة  في   هذه   الأذرع  الهامدهْ

وذقنا  حنين  الجمال  اللذيذ       وملـحَ   مــدامِــعــنـا  الـبـاردهْ

                              ***

وكانت  لـنـا  قـطـرات  الـــنـــدى   ومنزلقُ  الضوءِ  كل  صباحْ

وكان   النسيم   شــفــاهًا  تـمرّ     تـقـبِّل  مـا  جـرحـتـه  الريـاحْ

وكنا  نحب  الشذى  والنخيلَ   وآفـاقَـنا  والـسـهــولَ  الـفِـــســاحْ

وإن  جـرحَـتْنا  أكـفّ  الـحـياة  سكبنا  الرضى في  شفاهِ  الجِراحْ

                              ***

ثم تنطلق في محول الوجود على قافية الراء الساكنة ذات المدلول الكبير على الأثر فتقول:

وكان  الوجودُ  سخيَّ  اليدين        فأعطى هوانا ضياء القمرْ

ولــف   خيـالاتـنـا   بالـعــبـير       ومـدَّ  علينا  ظلال  الشجرْ

وروَّى  صَدانا  بخمر  الكروم       وطـهَّـــر  أفكارنا  بالمـطـرْ

وتوَّجنا  بغـصـون الـبـنـفْــسَــ      ـج  والزنبقِ المخمليّ العَطِرْ

                               ***

ثم تختم القصيدة بالهمزة الساكنة فتقول:

وكـنا    له    بـأناشـيـدنــا         وأشـواقنا    المَرِحات   الوضاءْ

ومن  أجلهِ قد هوينا  الحياة      ومن  أجله قد  عـشـقـنا  الفناءْ

وهـا نحن بين ذراعيْ ثَـرَاهُ       نشيدين  لا  يعـرفــان  انـتـهـاءْ

يعشّـشُ في تربتَـيْنا الجـمالُ    فيا  جـهـلَ مَنْ ظـنّـنا  أشـقـياءْ

وهكذا نكون قد خرجنا من هذه القراءة بتحليل لبعض جماليات شعرها، كما عرجنا على بعض المواضع النقدية في شعرها من ضعف التعبير تارة أو إخفاء وجه الفأل مع الإغراق في التشاؤم، مع أنها عاشقة الليل كما سمتْ نفسها بذلك، وأطلقت هذا الاسم على أول مجموعاتها الشعرية (عاشقة الليل) ونكتفي بهذا القدر، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.


عدد القراء: 21351

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-