صورة الشرق بين سلطة المعرفة والاستشراقالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2021-01-30 19:13:34

د. سامي محمود إبراهيم

رئيس قسم الفلسفة- كلية الآداب جامعة الموصل – العراق

لا شك أن للمعرفة الاستشراقية دور بارز في تغذية الثقافة الغربية بصورة الشرق طبقًا لشروط الاستشراق ومعاييره وسلطته المعرفية التي يمارسها على الشرق، بحيث أصبحت المعرفة الاستشراقية العنصر المهيمن في علاقة الشرق بالغرب، وفي مرحلة لاحقة، أصبحت تلك المعرفة، إحدى المرجعيات الأساسية في معرفة الشرق لنفسه، فدخلت نسقًا ثقافياً في صميم الثقافة الشرقية، إذ لم يعد الشرقي يفهم نفسه وتاريخه إلا بوساطة المعرفة الاستشراقية.

إن تحليل الظاهرة الاستشراقية بوصفها مجموعة معطيات وبوصفها ممارسة عقلية غربية، كشفت مظهرًا من مظاهر العقل الغربي في إعادة صوغ الشرق على وفق رؤية محددة، وعبر منظور خاص؛ فللاستشراق فلسفته التي استمدها من بنية الثقافة الغربية التي ترتب الأمور، أو تعيد ترتيبها، بما يوافق منظور العقل الغربي.

ولهذا جاء النشاط الاستشراقي، ليس فعلاً مجردًا عن مضامينه الغربية، وخلفياته الثقافية والمعرفية، وهو ليس فعل أفراد دفعهم حب المعرفة لجعل الشرق موضوعًا غربيًا، إنما هو ضرب من الممارسة الفكرية والسلطة المعرفية التي اقتضتها حاجة العقل الغربي وتحيزاته، لأن يشمل بكليته المعطيات السلطوية والمعرفية للآخر الشرقي، وإعادة إنتاجها، بما يجعلها تندرج ضمن سياقات المركز الغربي.

إن الاستشراق هو معطى من معطيات الممارسة العقلية الغربية التي قامت بترتيب شؤون الآخر على وفق أنساق عقلية غربية، وفيما كان موضوع الاستشراق هامشا كان الموجه مركزًا. ولذا انتزع الشرق، الذي هو موضوع الاستشراق، من بنيته المعرفية والثقافية، وأعيد إنتاجه غربيًا ليوافق إستراتيجية المركز الموجه، وليكون جزءًا من آلية عمله، فاكتسب أهميته التاريخية، لأنه تجل من تجليات العقل الغربي، وممارسة من ممارساته الخاصة.

إن إرادة السلطة والمعرفة تكون نمطًا من المعرفة حول الاستشراق لا من منظور اقتصادي أو سياسي أو ثقافي لكن من منظور بنية التفكير الاستشراقي الذي حاول أن يعيد إنتاج الشرق ويحلله منطلقًا من نقاط متنازعة القوة تتشابك بسياق خفي يتجلى في نظرة المستشرق للآخر. إن كلمة سلطة قد تسبب كثيرًا من سوء الفهم، سوء فهم يتناول هوية السلطة وشكلها ووحدتها، لذلك لا أعني بالسلطة ذاك المصطلح الذي يتداول في المعاجم أو في دوائر المعارف المستخدمة كتعريف السلطة في اللغة هي التسلط والتحكم، وقد تكون السلطة سياسية أو ثقافية أو علمية أو دينية، وقد تكون سلطة شرعية كما يعني للبعض أن يعرفها، وقد تكون سلطة غير شرعية، بمعنى أن المجتمع لم يخول من آلت إليه، فتكون تسلط يقوم على القسر والاكراه".

ولقد ميزت أدبيات وفلسفات السياسة بين السلطة الشرعية التي تؤول إلى صاحبها بحكم الشرع والسلطة الواقعية التي تكون لصاحبها في الواقع بحكم الواقعية التي تقوم على اعتراف بسلطة الآخرين عليهم، بحكم الواقع، وأن هؤلاء الآخرين اعرف من غيرهم بما يحتاجه هؤلاء البعض أو إنهم الأحكم أو الأقدر تحت مبدأ الأصلح في الواقع هم الأصلح شرعًا. والتي تظهر كمجموعة من المؤسسات والأجهزة التي تضمن خضوع المواطنين في إطار دولة ما في نمط من الخضوع الذي يتخذ شكل قاعدة متشكل في جهة الهيمنة التي يمارسها عنصر على عنصر آخر تخترق الجسم الاجتماعي عبر انحرافات في شكل سيادة الدولة أو القانون الموحد لهيمنة ما، لذلك تمثل هذه التجليات بالأحرى اشكال السلطة النهائية، ويجب قبل كل شيء أن تفهم السلطة على إنها تعدد موازين القوى، والمكونة لتنظيمها ، وكذلك تعني الدعم الذي تلقاه موازين متمحورة بالتناقضات التي تعزل بعضها عن البعض الآخر، وأخيرًا تعني كلمة سلطة الاستراتيجيات التي بواسطتها تفعل موازين القوى فعلها والتي تتجسد خطتها العامة أو تبلورها المؤسسي في أجهزة الدولة، وصياغة القانون والهيمنات الاجتماعية، لذلك فأن شرط امكان وجود السلطة يكمن في هذا الأساس في عدم الثبات لموازين القوى التي تخلق باستمرار من خلال تفاوتها فإن السلطة حاضرة في كل مكان متجمعة في وحدة لا تقهر منتجة ذاتها في كل نقطة أو في كل علاقة مع نقطة أخرى، السلطة بشكل عام تتصف بالاستمرارية والتكرار والجمود واعاد الانتاج الذاتي، ليست هي سوى النتيجة العامة التي تبرز انطلاقًا من جميع هذه العناصر المتحركة والمتسلسلة التي ترتكز في كل عنصر من هذه العناصر محاولة لتثبيتها، فالسلطة ليست مؤسسة وليست بنية وليست قدرة معينة يتمتع بها البعض، إنها الاسم الذي يطبق على وضع استراتيجي معقد في مجتمع معين.

ولا ينبغي لمفهوم السلطة المذكور آنفًا أن يتحرك وسط تشابكات معقدة عشوائية عمياء متمظهرة بأشكال وصور وانعكاسات سطحية وآلية متصلة بالخطاب الذي يحدث فيه تمفصل للسلطة والمعرفة، لهذا السبب ينبغي أن نتصور الخطاب كمجموعة أجزاء غير متصلة وظيفتها التكتيكية غير متماثلة ولا ثابتة بصورة أدق يجب أن لا نتخيل ان الخطاب مقسما بين الخطاب المقبول والخطاب المرفوض والمسيطر عليه، بل يجب أن نتصوره كمجموعة عناصر خطابية تستطيع أن تعمل في استراتيجيات مختلفة متضمنة أشياء مبنية وأشياء مخفية وتعبيرات مطلوبة وممنوعة وما يفرضه في متغيرات ونتائج مختلفة باختلاف الإنسان الذي يتكلم وموقعه السلطوي والإطار المؤسسي الذي يكون فيه وما ينطوي من تبديلات وانزياحات وإعادة استعمال لصيغ متماثلة من اجل أهداف متناقضة، لذلك يجب أن نسلم بأن الخطاب في آن واحد أداة في يد السلطة ونتيجة لممارستها، وقد يكون عائقًا مصطدمًا به ونقطة مقاومة وانطلاقًا لاستراتيجيات متناقضة، الخطاب ينقل السلطة ويقويها لكنه يفجرها ليجعلها هزيلة ويسمح بإلغائها لذا يجب استجواب الخطابات على مستويين مستوى انتاجيتها التكتيكية (ما هي النتائج السلطوية والمعرفية المتبادلة التي تؤمنها)، ثم مستوى انتمائها الاستراتيجي (أي علاقة قوة جعلت استعمال هذا الخطاب ضروريًا في هذه المرحلة أو من تلك المجابهات المختلفة التي تحصل).

إن ارتباط المعرفة بالسلطة ممارسة فعلية من ممارسات العقل الغربي وجميع القراءات السابقة تؤكد ذلك، لأن المعرفة ذات علاقة وطيدة بالفكر، والفكر يؤكد قدرة العقل، وهذا ما وجدناه في الفلسفات الحديثة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فلسفة ديكارت التي تمثل قيام معرفة علمية أساسها العقل الذي يعتمد على المبادئ الراسخة في ذهن الإنسان من معتقدات، ومعارف دينية وأخلاقية.

وكشفًا للآلية الفاعلية الاستشراقية بوصفها نتاجًا لضرب من التفكير الفلسفي يوجب أن نتقصى علاقة الغرب بالشرق (الآخر) عبر التاريخ في لمحة سريعة تمهد التضاريس الوعرة للاغتراب من البنية الفكرية المتجذرة في اللاوعي للفكر الاستشراقي عبر التاريخ والموجهات التي أصبحت أداة ترفد المستشرق بآراء حول الشرق مما أدى إلى إعادة إنتاج الشرق حسب رؤية المستشرق وليس حسب رؤية الشرق الحقيقية.

ومنذ عصر النهضة تداخلت صورة الشرق العربي الإسلامي في مخيلة الغربي بصورة معقدة ومتشابكة متداخل فيها السياسي بالاقتصادي والثقافي بالديني والاستعماري بالحضاري وغدا الشرق محط أنظار الغرب من أفراد ودول والتي أخذت على عاتقها الاستكشافات للعالم الجديد وتمثلت صورة الشرق بأنه الغريب والمثير والمدهش وموطن السحر والخرافة ومكان ألف ليلة وليلة وعلاء الدين والمصباح السحري وقصص شهرزاد ممثلاً الشرق في نظر الغرب الإنسانية في طفولتها الأولى قبل أن تشب وتكبر وان النزاع لا ينقطع بين ما كان في آسيا والشرق من حضارة قديمة ناضجة منهوكة، وما قام في أوروبا الصناعية من حضارة فتية قوية متحركة لذلك كان كل شيء في الماضي يتغير ما عدا الشرق،  فأصبح مشروعًا مباحًا للغرب لأنه يمثل منجم من الاستثمارات والطموحات. والمغامرات وقد وصفوا الشرق بأنهم شعوب جاهلة ومتخلفة لا تعرف عن ما يحيط بها شيء. ويذكر علي الوردي أن الشعب العراقي في بداية القرن المنصرم يتعجب ويندهش بما يأتي من التقدم الحضاري المادي من الغرب ويذكر أن أحد المشايخ أو رجال الدين قد سأله أحد الأشخاص بأن هناك في الغرب طائرات تطير مثل الطيور في الهواء وأنها مصنوعة من خشب وحديد فقدم هذا الشيخ دليلاً في قوله إن هذا الذي بيدي مطرقة مصنوعة من خشب وحديد هل يمكنها أن تطير؟ فقال له الجالسون لا فقال لا يوجد إذن طائرات ولكن أشار علي الوردي إلى أن رجل الدين قد رأى الطائرات في سماء العراق في أثناء قصفهن المدن العراقية. وكما يقول هيكل "إن الشرقيين لم يتوصلوا إلى معرفة أن الروح، أداة الإنسان بما هو إنسان، حرة، ونظر إلى أنهم لم يعرفوا ذلك فأنهم لم يكونوا أحرارًا، وكل ما عرفوه هو أن شخصًا معينًا هو حر ولكن على هذا الاعتبار نفسه فإن حرية ذلك الشخص الواحد لم تكن سوى نزوة شخصية وشراسة أو انفصال متهور وحشي أو ترويضي واعتدال للرغبات، لا يكون هو ذاته سوى عرض من أعراض الطبيعة، أي مجرد نزوة كالنزوة السابقة، ومن ثم هذا الشخص الواحد ليس إلا طاغية لا إنسانًا، حرًا، ولم يظهر الوعي بالحرية لأول مرة إلا عند اليونان، ومن ثم فقد كانوا أحرارًا". ولعل هذه النظرة على الإنسان الشرقي تتماهى مع فلسفته الجدلية مستبعدًا ذكر الدين الإسلامي كأنه غير موجود، وبذلك ينفي هيكل عن الشرقيين كافة قدرتهم على إدراك ماهية الروح الحرة وهذا يلزم إنهم جاهلون وبعبارة أخرى إنهم يعيشون عبودية دائمة لأنهم لم يكونوا يومًا من الأيام أحرار. وهنا نجد أن الوعي الغربي ينحدر من أصول إغريقية ذاكرًا هيكل الشرق والشرقيين بنعوت قاسية جاعلاً منهم حيوانات متوحشة لأن الألفاظ التي استخدمها والأوصاف التي وصفهم بها مثل (نزوة، شراسة، انفعال متهور وحشي، ترويض) وغيرها مما ورد في خطابه. ولم يقف الأمر عند حدود هيكل الذي وصف العرب بالمتوحشين فإن الفيلسوف نتشه قد اتهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أنه قد انتفع من الرموز والمفاهيم والعقائد التي بها تم التسلط على الجماهير وتنظيم القطعان (تسيير الناس حشودًا كالحيوانات) والتي أصبحت وسيلة للتسلط الكهنوتي وإن كان استشهاد نتشه ضد بولس الكاهن متهمًا إياه بالصفات ذاتها إلا إنها فكرة عامة متجذرة في الفكر الغربي، والذي لم يتردد الغرب بوسائل التعبير المختلفة واصفًا ذاته بأنه معيار للفضائل المختلفة، العلمية، الفلسفية وغيرها، ومنطلقها أوروبا، معقل التفكير الغربي ومركزه، وصارت الرؤية الغربية للآخر هي المقياس، وبدأ الجوهر الغربي يشع على العالم في صورة باهرة مبهرة، الرجل الأبيض ضد الرجل الأسود لذا كان عامل الكمال هو أن يكون الآخر غربيًا، فحيث الغرب ثمة منطق يقود الحياة إلى مصير خالد وبهذا تترتب شؤون الآخر بمنظور غربي لا يريد أن يرى في موضوعه إلا ما يتقصد أن يراه هو فعلاً ويرغب فيه. ومن خلال ما ذكرناه آنفًا تكونت عقلية الفرد الغربي ومن ضمنها عقلية المستشرق في الموروث الثقافي الذي تشكلت منه أوصافًا ساعدت على تكوين صورة جاهزة ومسبقة في المعرفة القبلية للمستشرق عند زيارته للشرق لأسقاطها عليه وهي البربري المتوحش العبد الكافر المتخلف الانفعالي.

ولفهم سلوك الهيمنة الذي ينتهجه الغرب في علاقته بالشرق، يكفي رؤية هذا الغرب في مرآة استشراقه، حيث سنفاجأ بذلك الكم الهائل من الأحكام الاستعلائية الدالة على خلل فكري بنيوي يسكن العقل الغربي ويحرف نظرته إلى غيره من الشعوب.

  وهنا تبرز مفارقة كبيرة أشار إليها كثير من الباحثين الذين انتقدوا العقلية الاستعمارية الثاوية داخل الإنتاج الفكري الاستشراقي، ومن بين هؤلاء إدوارد سعيد الذي انتهى إلى كون الاستشراق ليس كما أراده الغرب، أي مرآة تعكس حقيقة الشرق، بل هو مبحث يعرفنا بالغرب ذاته، كقوة استعمارية مسكونة بالنزوع نحو احتقار الآخر والسيطرة عليه واستغلاله ونهبه.

وقد جاء بقلم أحد الكتاب الفرنسيين في القرن الثامن عشر القول «إن الرحلات تشكل أكثر المدارس تثقيفًا للإنسان فالاختلاط والحياة مع الشعوب المختلفة إضافة إلى الاجتهاد في دراسة أخلاقهم وطبائعهم والتحقيق في دياناتهم ونظم حكمهم غالبًا ما تضع امام الفرد مجالاً طيباً للمقارنة، كما تساعده – ولا شك – على تقييم نظم وتقاليد بلده وموطنه»، ولعلنا باستنطاقنا هذا النص والذي يوصف بأنه نصًّا يوحي بأن الرحلات قائمة على المعرفة والبحث عنها من خلال عنصر المقارنة ما بين البلدان لتساعد على تحقيق التوازن النفسي والقيمي ما بين الشعوب لأن عملية التقييم ما بين مجتمعين يساعد على تطور المجتمع الآخر لما يرفده من المعلومات ولكن لو بحثنا عن الملامح الخفية لهذا القول والتي جاءت من كاتب فرنسي مستكشف للعالم لأرجعتنا إلى الوراء إلى بداية الرحلات إذ في بداية حركة الرحلات والبحرية خصوصًا لا سيما في عصر النهضة الذي دعمت الرحلات البرية أو البحرية فيه وبطرق مباشرة وغير مباشرة متمثلة برحلات ماركو بولو وابن بطوطة التي كانت منطلقة من الغرب صوب الشرق مكتشفة العالم القديم ومعيدة استكشافه باحثة عن المعرفة التي أراد ان يكون صورة معرفية عن الشرق من خلال العادات والتقاليد والأديان وطرق الحياة المختلفة بدافع سلطة المعرفة بالآخر ولم يكونوا قاصدين تقسيم الشرق من منظور التفوق أو عدم التفوق ولم يكونوا مدفوعين بنية أو بقصد إظهار المعرفة المسبقة بهم لذا عندما اكتشف الرحالة بولو عالمًا جديدًا يختلف تمام الاختلاف عن العالم الذي عاش فيه في أوروبا ورأى أشياء لم يكن يحلم بها، أو برؤيتها حيث شاهد حضارة كحضارة الأوربيين بل ربما تزيد عليها حيث شاهد في الصين شعبا يستعمل أوراق النقود وبنايات رائعة واستخدام حروف الطباعة والموسيقى والفحم وسماه الحجر الأسود فيحترق وتكون له نار عظيمة وعندما عاد إلى أوروبا ليدحض مقولة التفوق الحضاري الأوربي متكلمًا عن رخاء بلاد الشرق البعيد عكس ما كان سائدًا في الفكر الأوربي اتهموه بالكذب لأن الخطاب السائد في أوروبا في وقته إن ما هو غير أوروبي لابد أن يكون منحط وغير إنساني، إن الخطاب المتمفصل فيه المعرفة والسلطة، وبهذا يكون الأوروبي هو المركز وإنه يمثل الحضارة وان ملامح السلطة الداعمة لهذا التفكير نابعة في اللاوعي الغربي بالعنصر الغربي المتفوق أو الرجل الأبيض لذلك الخطاب الذي أدحضه الرحالة بولو من خلال المعرفة الواقعية من خلال المشاهدة والملاحظة والمعايشة مكونًا معرفة حقيقية انصدمت بالخطاب الإقصائي الإكراهي مكونًا آثارًا سلطوية متمركزة حول ذاتها في جهاز معرفي – سلطوي – يسمح بضبط ما يشكل أساس مقبول في منظومة ما سواء كانت هذه المنظومة والآليات السلطوية المحددة التي تعزي بأنماط معينة من الخطابات والسلوكيات والتفكير محيلاً على تهميش الحقائق المنظورة لتكون معرفة قبلية تضخم الذات، أما الرحلات التي انطلقت باحثة عن العالم الجديد ومستكشفة جغرافية جديدة منطلقة من مركز (أوروبا) إلى أصقاع العالم كرحلة فاسكودا جاما وكولومبس وماجلان والتي انتهت باكتشاف الأرض الجديدة أمريكا قد أدخلت أوروبا في حقبة جديدة هي تشريح جسد العالم الجديد متمظهرة بأشكال خطابية مرتبطة دائريًا بانساق السلطة التي تنتجها وتدعمها وبالآثار التي تولدها والتي تسوسها وهي ما يدعى بنظام الحقيقة التي تحول الحقيقة ذاتها سلطة، ويتم ذلك بأبعاد سلطة الحقيقة عن الجوهر لتخرج في دائرة اشكال الهيمنة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تشتغل بداخلها.


عدد القراء: 3272

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

التعليقات 1

  • بواسطة سامي محمود ابراهيم من العراق
    بتاريخ 2021-02-14 18:54:31

    شكرا جزيلا لجهودكم الطيبة والنشر .

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-