التفاؤلالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2015-08-23 17:30:37

د. وليد فتيحي

نولد به أطفالاً.. فهو من طبيعة فطرة الإنسان، ولكنه يضعف ويقوى، فهو يُعلَّم كما يُعلَّم نقيضه، بناء على خبراتنا ونمط تنشئتنا، فمن تأصل فيه وأصبح من طبيعته تغيرت نظرته لنفسه وللدنيا من حوله، فتفجرت طاقات الحياة الكامنة الإيجابية فيه، تدعوه وتعينه على العمل والصبر والمثابرة والإنجاز، وتمنحه السعادة والصحة الجسدية والعقلية والنفسية، وهذا ما تثبته الأبحاث والدراسات على الإنسان، كل على قدر ما آمن به ورأى الدنيا بمنظاره..

تعرف منظمة الصحة العالمية التفاؤل بأنه عملية نفسية إرادية تولد أفكار الرضا ومشاعره والتحمل والأمل والثقة وتبعد أفكار اليأس ومشاعره والانهزامية والعجز. ويعرفه الطبيب الباحث Dr. Martin Seligman  مؤسس علم النفس الإيجابي بأنه الطبع ذي التوقعات الإيجابية الذي يميل إلى إظهار المشاعر الإيجابية مثل الحماس والإثارة، وينطلق من الجانب المشرق وصوغها في خطة وتنظيم وآلية تنفيذ والانطلاق من ثم في تنفيذها.

إنه منطلق التفكير الدائم بإمكانات التوصل إلى حلول عملية وممكنة لأعقد المشكلات من خلال بحث أفكار جديدة ومبادرات جريئة تفتش عن المنافذ في المعوقات وتتحرك دومًا إلى الأحسن مزودة بالأمل والعزم.

وليس هناك حد فاصل بين التفاؤل والتشاؤم، حيث يتوزع الناس بين أقصى التفاؤل وأقصى التشاؤم، والغالبية في الوسط.

لقد جعل الله الفطرة هي التفاؤل، فالأطفال يولدون مفعمين بالتفاؤل بطاقة الحياة الموجهة للنماء، التي أودعها الله الإنسان، ويتعلم الأطفال التفاؤل أو التشاؤم من خلال علاقاتهم بوالديهم والأم خصوصًا، فإما أن تتأصل الفطرة فيهم وتقوى، وإما أن تنتكس وتضعف.

وللأسف فإن الدراسات تبين أن 70 % إلى 80 % مما نحدث به أنفسنا سلبي، فما أن يبلغ الإنسان منا الثامنة عشر من عمره إلا وقد تلقى من 50 إلى 150 ألف رسالة سلبية مقابل 400 إلى 600 رسالة إيجابية.

ولكن كيف يؤثر التفاؤل إيجابيًّا على الإنسان؟ المتفائلون تُفعل لديهم آليات التحفيز والتعزيز الذاتي، مما يمدهم بالقوة والقدرة على مواجهة التحديات، ويستيقظ فيهم آلية الإدراك الانتقائي “Selective Perception” أي القدرة على رؤية الفرص وأوجه الاقتدار الذاتي والتوفيق بينهما. أما المتشائمون فإنهم يبالغون في التنكر لإيجابيات الحياة ولقدراتهم وإمكاناتهم، فتمر الفرص من أمامهم فلا يرونها لانشغالهم بالتركيز على السلبيات وأوجه القصور لديهم.

تقول هيلين كيلر العمياء الصماء البكماء، التي أذهلت العالم بإنجازاتها، وحققت المستحيل بنطقها بل وبتعلمها خمس لغات والحصول على الدكتوراه الجامعية، تقول: "كلما أغلق باب فتح باب آخر، ولكننا نكون غالبًا مشغولين بالباب الذي أغلق".

بل يميل المتفائلون أصحاب السمات الإيجابية بتعميم هذه الصفات على الآخرين، فينجذب الناس إليهم ويرتاحون لهم، وبذلك يكتسبون الكثير من العلاقات الإيجابية مما يعزز الثقة والتفاؤل لديهم، ويزودهم التفاؤل بطاقة العمل لمدة أطول وبذل جهد أكبر، انطلاقًا من ثقتهم بجدوى العمل لتحقيق نتائج طيبة، وبذلك يعظمون فرص نجاحهم.

ولذلك فإن التفاؤل يمهد السبيل لإطلاق الطاقات والقدرات، والتشاؤم يعطلها في غياب القناعة الراسخة بالقدرة على تحقيق الغاية، وينتهي بعدم تحقيقها ولو كان المتشائم الأكثر قدرة وموهبة. 

يصحح “Dr. Terry Paulson” في كتابه (ميزة التفاؤل) يصحح مفهوم التفاؤل ليؤكد أن الشخص المتفائل الحقيقي هو الذي يكسب توجهه الإيجابي عن جدارة نتيجة سجل حافل من الإنجازات والتغلب على العقبات الحقيقية.

المتفائل الحقيقي هو الذي يقوم بالعمل بأحسن طرقه، وتزداد ثقته بالتغلب على العقبات الواحدة تلو الأخرى، وينتقل من نصر إلى آخر. وهو بذلك يحسن تقدير الواقع بما فيه من إيجابيات وسلبيات، ولا يعيش في الأوهام الوردية ولا التفاؤل والأمل الساذج السلبي الذي لا يرافقه بذل الجهد والعمل والصبر، ليصبح صورة من صور العجز الخفي المغلف بمعاني التوكل والاعتماد على الله زيفاً وادعاءً.

المتفائل يتقبل واقع الموضوع بمنظور تفكير إيجابي، وليس استسلامًا قدريًّا، وباستيعابه لهذا الواقع فإن تأثير المحنة عليه سيكون أقل سلبية، بل يعمل على أن يحول المحنة إلى فرصة ومنحة بإعطائه المحنة معنى يتيح التعامل الإيجابي معها، ولا يدفن رأسه في الرمال متجاهلاً المحاذير والأخطار.

إنه تفاؤل مستنير ليس بساذج، فهو لا يُفرِط في التقدير الإيجابي وتقليل أهمية الأخطار، سواء كانت صحية أو مهنية أو عامة، وينخرط في تقديرات غير واقعية، قد تؤدي إلى المهالك بعدم اتخاذ الحيطة الكافية لاتقاء الأخطار.

نشرت مجلة العلوم النفسية في فبراير 2013م نتائج دراسة أثبتت وجود علاقة بين التفكير الإيجابي في الحياة والحالة الصحية الجيدة، لتؤكد الدراسة أن التفاؤل هو مفتاح السحر للصحة، تقول الباحثة في كلية الطب بجامعة هارفارد بوليا بويم: إن الصحة الجيدة لا تقتصر فقط على غياب الأمراض، بل على الطريقة التي ننظر فيها إلى الحياة ومتغيراتها، فالتفاؤل والسعادة والمرح يمكن أن تحمي القلب والشرايين من الأمراض، ويمكن أن تقلل من احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية، بل يتصرف المتفائلون غالبًا بطريقة صحية، فيمارسون الرياضة ويحرصون على اتباع حياة صحية في المأكل والمشرب والنوم بعيدًا عن العادات غير الصحية.

وفي دراسة هي الأكبر من نوعها تناولت تأثير التفكير الإيجابي على الصحة من جامعة بيتسبره، وتم متابعة 97 ألف امرأة على مدى ثمانية أعوام، وبتصنيف المشاركين بناء على اختبار إلى متفائلين أو متشائمين وجد أن المتفائلين يتمتعون بصحة أفضل من المتشائمين، وتقل احتمالية إصابتهم بأمراض القلب إلى 9 %، وتقل احتمالية وفاتهم لأي سبب بمعدل 14 %، وهم أقل عرضة للاكتئاب والتدخين، وينالون قسطًا أوفر من التعليم، ويتلقون دخلاً أكبر، كما أنهم أكثر تدينًا، وقد نشرت الدراسة في دورية جمعية القلب الأمريكية.

وفي أوسع دراسة من نوعها لمعرفة العلاقة بين التفكير الإيجابي واحتمالات الإصابة بالجلطات الدماغية تمت متابعة الحالة الصحية لـ 6.044 رجلاً وامرأة لم يسبق لأي منهم أن أصيب بجلطة، ووضع المشرفون على الدراسة سلما للتفاؤل من 16 درجة، ومع كل درجة يحققها المشارك تقل احتمالات إصابته بالجلطة بنسبة 9 % وفي ختام الدراسة تأكد بما لا يقبل الشك العلاقة بين التفاؤل وانخفاض أخطار الإصابة بالجلطات الدماغية وبين التشاؤم وازدياد هذه الأخطار.

وفي دراسة "مبادرة الصحة للنساء" والتي تتبعت أكثر من 100 ألف امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 50 عامًا وأكثر منذ 1994م، وجد أن النساء اللاتي يتمتعن بالتفاؤل أقل احتمالاً للوفاة بنسبة 14 % لأي سبب مقارنة بالمتشائمات، وأقل احتمالاً بنسبة 30 % للوفيات من أمراض القلب بعد 8 سنوات من المتابعة في هذه الدراسة، وهن كذلك أقل احتمالاً للإصابة بارتفاع ضغط الدم والتدخين.

وفي دراسة نشرت عام 2010م بعنوان "التفاؤل وتأثيره على الصحة الجسدية والعقلية" في مجلة “Clinical Practice & Epidemiology in Mental Health” أكد التقرير أنه مما لا شك فيه أن التفاؤل (وهو سلوك عقلي) يؤثر وبقوة على الصحة الجسدية والعقلية، وأكد ذلك القدرة على التأقلم مع تحديات العمل والمتطلبات الاجتماعية اليومية.

كما تؤكد نتائج دراسة سيجرستروم وزملائها 1998م والتي أجريت على طلاب الجامعة: أن التفاؤل قد ارتبط إيجابيًا بارتفاع عدد خلايا تي المساعدة “Helper T cells” والخلايا الطبيعية القاتلة “Natural Killer Cells” أي زيادة قوة جهاز المناعة في الجسم للطلاب المتفائلين عن الطلاب المتشائمين زيادة كبيرة جدًّا.

وفي دراسة أجريت عام 2012م على 243 شخصًا من المعمرين الذين تجاوزوا المئة بهدف الوقوف على أسباب طول أعمارهن تبين كما يقول الباحث د. نير برازيلاي “Dr. Nir Barzilai” أنهم يتميزون بصفات تعكس نظرتهم ومواقفهم الإيجابية المتفائلة للحياة.

استطاعت تالي شاروت “Tali Sharot” من كلية جامعة لندن لعلوم الأعصاب “University College of London Neurosciences” وزملائها من جامعة نيويورك تحديد الدائرة العصبية والمنطقة في الدماغ المسؤولة عن التفاؤل وهما في القشرة الأمامية “Prefrontal Cortex” و “Amygdala” وذلك بأخذ صور بواسطة جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي لـ 15 شخصًا تحت الدراسة، بينما كانوا يفكرون باحتمالات المستقبل.

وهذه المنطقة من الدماغ هي مركز التوحيد وتجميع وظائف الأجزاء الأخرى من الدماغ، وهو الجزء الوحيد من الدماغ الذي يستطيع أن يتحكم في العواطف وكذلك التصرفات والسلوك، ويساعد على التركيز على الهدف والغاية التي نريد، والأفكار الإيجابية التفاؤلية تعزز وتقوي التوصيلات العصبية في هذه المنطقة، فيزيد من فعالية الدماغ وقدرته على التفكير والتحليل والتركيز، مما يؤدي إلى إنتاج أفكار مبهجة وتعزيز النظرة التفاؤلية الإيجابية في الإنسان. والعكس صحيح، فالأفكار التشاؤمية تبطئ من عمل الدماغ وقدرته على التفكير وإيجاد الحلول المبتكرة والإبداعية.

وفي دراسة قام بها بيتر شولمن “Peter Schulman” في أشهر كلية إدارة في العالم “Wharton School” ونشرت في مجلة “Journal of Personal Selling and Sale Management” وجد أن المتفائلين استطاعوا بيع 35 % أكثر من المتشائمين. 

وفي كتابه المعروف “The Brain That Changes Itself” أو "الدماغ الذي يغير نفسه" يؤكد المؤلف وعالم النفس المشهور “Norman Doidge, M.D.” أن الدماغ لديه القدرة أن يعيد طريقة تنظيمة، بل تكوينه وإنتاج اتصالات عصبية جديدة على قدر تدريبه بالتكرار وبالأنشطة المعززة لتعليم شيء جديد. وأن التفكير الإيجابي والتفاؤل يغيران الدماغ بطريقة فعلية فيزيائية مادية لا مجازية، ويسمى هذا العلم المعترف به “Neuroplasty” أو ليونة الدماغ، بمعنى آخر أن أفكارنا التي نفكر بها تستطيع بالفعل تغيير بنية وتركيب وتشكيل وطريقة عمل ومهام ووظائف الدماغ وتقوي مناطق المشاعر والأحاسيس في الدماغ.

فهل يمكن تعليم التفاؤل؟ يؤكد د. مارتن سليجمن مؤسس علم النفس الإيجابي ورئيس جمعية أطباء النفس الأمريكية أن التفاؤل وكذلك التشاؤم يعلمان، فقد طور سليجمن وكل من "بيترسن" و"ستين" من بعده نظرية التفاؤل والتشاؤم، وأنهما أسلوبان في التفكير وتفسير الوقائع والأحداث.

إنها الفكرة التي نكونها عن القيمة العامة التي نعطيها لأنفسنا ولإمكاناتنا وفرصنا ولمكانتنا في الحياة، ولقد طور سليجمن وزملاؤه أسلوب التفسير المتفائل والمتشائم انطلاقاً من أعماله حول العجز المتعلم، فالكلاب التي وضعت في أقفاص تحتوي أرضيتها على شبكة يمكن أن تصدر عنها شحنة كهربائية صارمة مؤلمة من دون أن تتمكن من تجنبها تعلمت الاستسلام للعجز، حتى عندما أتيح لها في وضعية تجربة لاحقة أن تتجنب الصدمة من خلال إمكانية الهروب من القفص، ولكنه استطاع كذلك من خلال تجارب أخرى معالجة الكلاب السلبية بتجارب تمكنها من تجنب الصدمات من خلال الضغط على رافعة وبعد محاولات عدة من دفعها للقيام بالسلوك الإيجابي الذي يحصنها من الصدمة تمت معالجتها، وأصبحت إيجابية تقاوم، ولا تستسلم بسهولة، وتبحث عن وسائل أخرى تحصنها من الصدمات.              

خلص سليجمن وزملاؤه إلى أن عدم السيطرة على الوضعية الصادمة يؤدي إلى العجز والتشاؤم، ولكن السيطرة على الوضعية الصادمة التي يعقبها التعرض إلى وضعية عدم السيطرة تؤدي إلى المقاومة والمناعة ضد الاستسلام والتفاؤل والخلاص.

وفي كتابه (تعلم التفاؤل) يوضح كيفية تحقيق ذلك بإدراك ما تقوله لنفسك عندما تصادف العقبات، وكيف يؤثر ذلك في حياتك، فإذا تم تغيير ما يجول بداخلك من حوارات ستصل إلى نتائج مذهلة.

لقد طور سليجمن عدة أدوات لقياس التفاؤل والتشاؤم وتشخيصهما لدى كل من الناشئة والبالغين، كما طور برامج تدريب مهمة لتعديل التفكير التشاؤمي إلى إيجابي تفاؤلي، وقام بتطبيقها عمليًّا على عدد كبير من المؤسسات التجارية والإدارية، وبالفعل زادت الفعالية والإنتاج. 

وقام أيضًا بتصميم برامج لتدريب الناشئة على التفكير التفاؤلي الإيجابي، نظرًا لمردوداتها على صحتهم الجسدية والعقلية والنفسية وأدائهم التحصيلي والسلوكي.

يقوم التدريب على طريقة تعديل الأفكار في العلاج المعرفي، ويكون التدريب كالتالي: إزاء أي حدث تتوالد أفكار تشاؤمية، وما ينتج عنها من سلبية كحزن أو استسلام، يقوم المدرب أولاً بتحديد الأفكار أو الذكريات أو الصور التي وردت على ذهن المتدرب المتشائم، وكيف يرى نفسه والوضع الذي هو فيه، وبعد تحديد الفكرة التشاؤمية يتم دحض هذه الفكرة وتعديلها وتغييرها بأدوات طورها مؤسسو هذا العلم،   مثل إيضاح خطأ الاعتقاد المتشائم بالمنطق والحجة أو إيجاد تفسيرات بديلة، تحل محل التفسيرات المتشائمة، وكشف المبالغة في الرؤية المتشائمة والجدوى من هذه الرؤية التشاؤمية السلبية.

وفي دراسة قام بها مارتن سليجمن وجريجوري بوشنان Buchanan في جامعة بنسلفانيا ونشرت في مجلة  الجمعية الأمريكية لعلم النفس Journal of the American Psychological Association، وجد أن تعلم التفاؤل استطاع أن يخفض نسبة الاكتئاب في طلبة السنة الأولى بنسب كبيرة، حيث تم تحديد الطلبة الأكثر تشاؤمًا بناء على اختبار، ثم تم تقسيم الطلبة المتشائمين عشوائيًا إلى مجموعتين، المجموعة الأولى تلقت 16 ساعة ورشة عمل (طرق تعلم التفاؤل) والمجموعة الثانية لم تتلق أي تعليم.. بعد 18 شهرا وجد في المجموعة الأولى أن الاكتئاب انخفض من 32 % إلى 22 % والتوتر من 15 %  إلى 7 % مقارنة بالمجموعة الثانية، بل وانخفضت فيهم بشكل عام جميع أنواع المشكلات الصحية.

إن طبيعة الحياة التي نعيشها تفرض على إنسان اليوم واقعًا يشعره بأنه لا يستطيع أن يغير الكثير، مما يجعله ضحية سهلة للتشاؤم، ولا فكاك من ذلك إلا بتغيير طريقة تفكير الإنسان وحديثه لنفسه، فقانون الجذب يؤكد أن ما تركز عليه بصفة مستمرة تحصل على مزيد منه في حياتك، وقانون الحصد يؤكد أن ما تزرعه في عقلك تحصده في جسدك وحياتك، ولذلك لا بد أن تبدأ من حديثك لنفسك، فالدراسات الحديثة تؤكد أن التكرار والتركيز والأنشطة التي نختارها في حياتنا، سواء كانت ذهنية أو عملية، كلها تؤثر في الدماغ تأثيرًا عجيبًا في أنها تعيد تركيبه وتكوينه وطريقة عمله، فعلى قدر ما تحدث عقلك حديثًا إيجابيًّا على قدر ما ينشط ويعاد تشكيله ليعطيك أفكارًا إيجابية ونشاطًا وطاقة، والعكس صحيح.

وبذلك فإنك تستطيع أن تعيد تدريب عقلك ليكون أكثر تفاؤلاً وإيجابية.. والتفاؤل الحقيقي الإيجابي هو الذي يقترن بالعمل والمثابرة والصبر، والفشل الحقيقي والتشاؤم هو أن تكف عن المحاولة.

إنه تفاؤل رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقته بحماية الله له وقد اقترنت بالأخذ بالأسباب على أتم وجهها وصورها في هجرته من مكة للمدينة في خطة محكمة دقيقة التفاصيل، ومع ذلك وصلت إليهم قريش فقال له أبو بكر: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"؟ يقول تعالى "إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا".

إن التفاؤل حقًّا أساسه الإيمان.. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رجلاً قال يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: الشرك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله.

وكيف لا يتفاءل من يقرأ قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

هنا أفهم معنى الحديث "أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًّا فله".. تفاءلوا بالخير تجدوه.


عدد القراء: 9344

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-