أضرار التكنولوجيا الحديثةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2016-02-15 09:07:00

منة الله عبدالمنعم

كاتبة ومترجمة علمية وفيزيائية بمعهد الكبد القومي - جامعة المنوفية - مصر

لا يمكن إنكار الفوائد الهائلة التي ساهمت بها التكنولوجيا الحديثة بكافة أنواعها في حياتنا اليومية؛ وتحديدًا "الإنترنت" والهواتف المحمولة؛ التي ساهمت في يسر الاتصال والتعلم والعمل والاقتصاد وكافة نواحي الحياة، لكن لكل شيء أضراره كذلك؛ لذا يستعرض المقال الراهن بعض الدراسات الحديثة عن التأثيرات السلبية لبعض هذه التقنيات.

أضرار تصفح البريد الإلكتروني بعد العمل

أصبح البريد الإلكتروني من أهم وسائل الاتصال الحالية؛ إذ لا غنى عنه في أغلب مجالات العمل وغير العمل؛ فسواء كان المستخدم صغيرًا أو متقدمًا في السن؛ أو كان يتلقى يوميًّا مئات مقابل أحاد الرسائل، فإن دراسة حديثة أكدت أن كيفية التعامل مع هذه الرسائل وتلقيها يؤثر على مستويات التوتر ونواحي صحية أخرى؛ فقد أجرى فريق من مركز أعمال المستقبل البريطاني دراسة شملت ألفين شخص من مختلف المهن والأدوار الوظيفية المنوعة، وقام برصد كيفية تعاملهم مع "الإيميلات" وإدارتها وتلقيها، وكيف يؤثر ذلك على مستويات التوتر. وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين قضوا وقتًا أطول للتعامل مع البريد الإلكتروني هم الأكثر عرضة للتوتر والأضرار الصحية الناتجة عنه.

يقول "ريتشارد ماكينون" أحد أعضاء الفريق البحثي أن البريد الإلكتروني سلاح ذو حدين، وأن الأشخاص الذين شملهم البحث واعتبروا أنهم الأكثر استفادة من البريد الإلكتروني هم كذلك الأكثر تعرضًا لمستويات الضغط النفسي والتوتر الناتج عنه. ولا يعد التوتر مجرد تغير في المزاج، ولكنه يسبب عدد من الاضطرابات النفسية والجسدية الأخرى مثل أمراض القلب زيادة الوزن وضعف الذاكرة واضطرابات الهضم والاكتئاب.

ووجدت الدراسة أن هناك عادتين ترتبطان بالتوتر الناتج عن البريد الإلكتروني، وهما أن يكون تصفحه آخر ما يقوم به الشخص قبل الخلود للنوم أو أول ما  يقوم  به فور الاستيقاظ, وكذلك أن أقل من نصف المشاركين هم من يطفؤون تطبيقات بريدهم الإلكتروني بعد العمل في حين نسبة 62 % يتركون تطبيقاتهم تعمل طول اليوم وأن المديرين يعانون من الضغط الناتج عن البريد أكثر من المرؤوسين.

واعتمدت الدراسة في توصياتها بدراسة سابقة أجريت في جامعة ستانفورد الأمريكية أن طول أوقات العمل لا يعد بالضرورة ذو إضافة انتاجية ولكن إرهاق مباشر فالدراسة السابقة قالت إن العمل حوالي 70 ساعة أسبوعيًّا لا يمثل زيادة كبيرة عن 55 ساعة بالأسبوع، لذا أوصت الدراسة البريطانية بعدم تصفح البريد الإلكتروني بعد مواعيد العمل أو على الأقل تنظيم التعامل معه بدلاً من هدر الصحة والإنتاجية1 .

الإنترنت يصيبنا بالشك

الإنترنت يعد مصدر المعرفة الأول على مستوى العالم، ولكن لأنه لا زال حديثًا لذا لا تتواجد دراسات كثيرة عن آثاره المؤكدة ولكن يحاول العلماء بدراسات وإحصاءات كثيرة كل يوم, ومن أحدث الدراسات دراسة بجامعة واترلو الكندية تؤكد فكرة سابقة، هي أن الإنترنت يصيبنا بالشك في دقة معلوماتنا، فمثلاً إذا سألت عن عاصمة بريطانيا وكنت تعرف الاجابة فستميل إلى البحث على الإنترنت للتأكد من إجابتك وهذا ما حدث في الدراسة الكندية التي شملت مئة شخص تم سؤالهم أسئلة معلومات عامة وقام حوالي نصفهم بتصفح الإنترنت للتأكد من إجاباتهم.

وهناك دراسة أمريكية حديثة كذلك تؤكد إن واحدًا من كل خمسة أمريكيين يبقى متصل بالإنترنت على مدار اليوم وإن حوالي 73 % من الأمريكيين يتصلون بالإنترنت يوميًّا, ويقلق العلماء من هذا الاتصال المباشر وتأثيره على الذاكرة فبوجود الهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت دومًا يميل الأشخاص لتسجيل الأرقام والتواريخ والأحداث عليها بدلاً من تذكرها كما السابق مما يؤدي لزيادة مستويات  ضعف الذاكرة أكثر من الماضي2.

الهواتف الذكية لها أضرارها الجسيمة كذلك

الهواتف المحمولة تعد من أبرز مظاهر التكنولوجيا الحديثة، التي تعمقت في الحياة اليومية  حتى وصلت إلى الهواتف الذكية التي كأنها كمبيوتر كامل لا يفارق جيوبنا ومنذ ظهورها لم تتوقف الأصوات التي نادت بأضرارها.

 وفي مقالة كتبتها آمي كودي الكاتبة والأستاذة بكلية الأعمال بجامعة هارفارد لدورية نيويورك تايمز بينت أضرار غير مألوفة لهذه الهواتف أبرزها هو وضع الانحناء المتخذ للنظر في الهاتف يؤذي الرقبة بشكل مرعب، حيث يشابه حمل وزن 27 كيلوجرام على منطقة الرقبة, وكذلك أن كثرة البقاء على وضع الانحناء قد يسبب الإصابة بالكآبة وضعف الثقة بالنفس وهو ما أكدته دراسات نفسية سابقة عن آثار الحالات الجسدية على الحالة النفسية بشكل مباشر. وكذلك تسبب الانحناء المتكرر بضعف الذاكرة على عكس الأوضاع .

وأشار المقال إلى دراسة  أجريت بجامعة هارفارد أفادت أن استخدام هواتف بشاشات أصغر يعرض لمزيد من الضغط النفسي والأخطار الصحية, ويوصي المقال باستخدام شاشات كبيرة أكثر وممارسة التمارين الرياضية المقوية لعضلات الرقبة والأكتاف باستمرار3 .

مدمني الألعاب الإلكترونية يعانون من اختلاف في المخ

الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو لا يعدها البعض مجرد رفاهية، بل أداة تعلم وتنمية مهارات، فرغم التأكيد على أضرارها تتصاعد كل حين أصوات ودراسات مؤكدة فوائدها من زيادة معدلات الاستجابة وتقوية الذاكرة لكن دراسة حديثة شملت مئتي مراهق بين العاشرة والتاسعة عشر يعانون من إدمان ألعاب الإنترنت  نتائج مقلقة، حيث بينت الفحوصات اختلافات غريبة في مناطق معينة من المخ, وزيادة معدلات قصور الانتباه والتركيز لديهم.

واعتمدت الدراسة إجراء فحص رنين مغناطيسي دقيق للمخ لفحص الوظائف العصبية وتأثرها بالألعاب الإلكترونية, وأظهر الفحص تحسن في بعض مناطق المخ وهي المناطق المسؤولة عن تحديد الأمور المهمة وتوجيه الوظائف الجسدية  نحوها مثل الابتعاد عن سيارة تقترب منا في الحياة اليومية.

ولكن على صعيد آخر وجدت الفحوص تغيرات في المخ مشابهة لحالات مصابة بالشيزوفرنيا ومتلازمة داون والشرود المرضي، وهذا يشير إلى أن مدمني ألعاب الإنترنت قد يصابون أكثر بنقص الانتباه وفقدان التحكم بالنفس. ويقول القائمون على الدراسة برغم أن دراستهم تعد الأكثر تركيزًا في هذا المجال حتى الآن إلا أنه لا بد من التعمق أكثر لمزيد من التوضيح وبرغم الايجابيات التي وجدوها إلا أن السلبيات الشديدة لا يمكن التغاضي عنها4.

 

المصادر:

1- http://www.sciencealert.com/here-s-how-your-smartphone-could-be-ruining-both-your-body-and-your-mind

2- http://www.thejournal.ie/access-to-the-internet-makes-us-doubt-2492646-Jan2016/

3 - http://www.nytimes.com/2015/12/13/opinion/sunday/your-3-iphone-is-ruining-your-posture-and-your-mood.html?_r=3

4 - http://www.techtimes.com/articles/119978/20151229/scans-of-compulsive-gamers-brains-show-theyre-wired-differently.htm


عدد القراء: 6758

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-