الدراسات الاجتماعية في التعليم العربيالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2016-11-25 03:38:51

د. إدريس سلطان صالح

أستاذ جامعي - مصر

تتنوع المصطلحات المستخدمة في التعليم العربي حول الدراسات الاجتماعية، فالبعض يطلق عليها العلوم الاجتماعية تمييزًا لها عن العلوم الطبيعية، أو المواد الاجتماعية والاجتماعيات. وبرغم هذا التنوع إلا أن مفهوم الدراسات الاجتماعية هو الأكثر استخدامًا في نظم التعليم العالمية وبعض الدول العربية، باعتبار أنه مفهوم شامل، ويحقق تكامل فروع المعرفة الاجتماعية والإنسانية المتنوعة وترابطها، بهدف دعم قيم المواطنة والكفايات المدنية لدى الطلاب في التعليم العام، أكثر من مجرد التركيز على مواد أو موضوعات دراسية منفصلة، كما في المواد الاجتماعية.

وبرغم التشابه بين الدراسات الاجتماعية والعلوم الاجتماعية في مجال الدراسة، واعتماد الدراسات الاجتماعية في محتواها على بنية العلوم الاجتماعية من حقائق ومفاهيم ومهارات وغيرها، إلا أن الفرق بينهما يتضح في مستوى التناول، والهدف الذي تسعى إليه كل منهما. حيث تتناول الدراسات الاجتماعية الموضوعات والقضايا التي تتناولها العلوم الاجتماعية في مستوى بسيط يناسب تحقيق أهداف تربوية محددة لدى المتعلمين في التعليم العام، بهدف إعدادهم كمواطنين فاعلين في مجتمعاتهم.

ولتحقيق الهدف من الدراسات الاجتماعية، فإنها تتناول موضوعات أساسية حددها المجلس القومي الأمريكي للدراسات الاجتماعية على النحو التالي:

الثقافة: من خلال دراسة الثقافة والتنوع الثقافي، يفهم التلاميذ كيف تنتج البشرية وتبتكر وتتعلم وتشارك وتتكيف مع الثقافة، وتقدير دور الثقافة في تشكيل حياتهم ومجتمعاتهم، وحياة ومجتمعات الآخرين. ويظهر هذا الموضوع في الوحدات والمقررات التي تتناول الجغرافيا والتاريخ والاجتماع وعلم الإنسان، كذلك موضوعات الثقافات المتعددة عبر المناهج الدراسية.

الزمن والاستمرارية والتغير: من خلال دراسة الماضي والتراث المتعلق به، يدرس الطلاب عادات وتقاليد وقيم ومعتقدات الناس في الماضي، واكتساب مهارات الاستقصاء والتفسير التاريخي، وفهم تشكيل الأحداث والتطورات التاريخية للعالم المعاصر. ويظهر هذا الموضوع في مقررات التاريخ وفروع الدراسات الاجتماعية التي تعطي أهمية لمعرفة الماضي.

الناس والأماكن والبيئات: يساعد هذا الموضوع في تطوير الطلاب لمنظورهم المكاني للعالم، وفهم موقع الناس والأماكن والموارد، وتفسير هذه المواقع، واكتشاف العلاقة بين البشر والبيئة. ويظهر هذا الموضوع في المقررات التي تتناول الجغرافيا والدراسات المساحية.

التطور الفردي والهوية: تتشكل الهوية الشخصية من خلال الأسرة والأقران والثقافة والتأثيرات المجتمعية من عادات وتقاليد وقوانين ..إلخ، ومن خلال هذا الموضوع يدرس الطلاب العوامل التي تؤثر في الهوية الشخصية للأفراد، وتطورها وأحداثها. ويظهر هذا الموضوع في المقررات والوحدات التي تتناول علم النفس وعلم الإنسان وعلم الاجتماع.

الأفراد والجماعات والمؤسسات: تؤثر الأسرة والمؤسسات الأخرى مثل: المؤسسات المدنية والتربوية والحكومية والدينية في حياة الناس، وهذا الموضوع يسمح للطلاب بفهم كيفية تشكيل هذه المؤسسات، والمحافظة عليها، والتغيرات التي تطرأ عليها، وتأثيراتها المتنوعة على الناس وحياتهم. ويظهر هذا الموضوع في الوحدات والمقررات التي تتناول علم الاجتماع وعلم الإنسان وعلم النفس وعلم السياسة والتاريخ.

السلطة والحكم: من المكونات الأساسية للتربية من أجل المواطنة القدرة على فهم التطور التاريخي والأشكال المعاصرة للسلطة والحكم، ومن خلال هذا الموضوع يعرف الطلاب أغراض ووظائف الحكومة، ونطاق وحدود السلطة، والفروق بين النظم السياسية الديموقراطية وغير الديموقراطية. ويظهر هذا الموضوع في الوحدات والمقررات التي تتناول الحكومة والتاريخ والتربية الوطنية والقانون والسياسة وعلوم اجتماعية أخرى.

الإنتاج والتوزيع والاستهلاك: يقدم هذا الموضوع دراسة لكيفية تنظيم الناس لإنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات، وإعداد الطلاب لدراسة القضايا الاقتصادية المحلية والعالمية. ويظهر هذا الموضوع في الوحدات والمقررات التي تتناول المفاهيم والقضايا الاقتصادية، ومواد الدراسات الاجتماعية الأخرى التي تهتم بدراسة الأبعاد الاقتصادية.

العلم والتكنولوجيا والمجتمع: من خلال اكتشاف العلاقة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع، يطور الطلاب فهمهم لمستحدثات العلم والتكنولوجيا في الماضي والحاضر، وفهم تأثيراتها. ويظهر هذا الموضوع في مقررات الدراسات الاجتماعية المتنوعة، مثل: التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والتربية الوطنية والحكومة.

العلاقات الكونية: يتطلب الاعتماد الكوني المتبادل فهمًا للأهمية المتزايدة والمتنوعة للعلاقات الكونية بين مجتمعات العالم، ويساعد هذا الموضوع في إعدادالطلاب لدراسة القضايا الناتجة عن العولمة. ويظهر هذا الموضوع في الوحدات والمقررات التي تتناول الجغرافيا والثقافة والاقتصاد والتاريخ وعلم السياسة والحكومة والتكنولوجيا.

المُثل والممارسات الوطنية: يُعد فهم المثل والممارسات المدنية أمر بالغ الأهمية في المشاركة الكاملة في المجتمع، وعنصرًا أساسيًّا من التربية على المواطنة، ويتيح هذا الموضوع للطلاب التعرف على حقوق ومسؤوليات المواطنين للديمقراطية، وتقدير أهمية المواطنة الفاعلة. ويظهر هذا الموضوع في الوحدات والمقررات التي تتناول التربية الوطنية، والتاريخ، والعلوم السياسية، الأنثروبولوجيا الثقافية، ومجالات مثل الدراسات العالمية، والتعليم ذو الصلة بالقانون، والعلوم الإنسانية.

ويتضح من الموضوعات السابقة تنوعها وشمولها للجوانب الإنسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والجغرافية والتاريخية والوطنية، التي تشكل قيم المواطنة، وتسهم في إعداد مواطنين قادرين على تحمل مسئوليات أوطانهم، والمساهمة في تطورها.

وهو الأمر الذي يدفعنا إلى مراجعة مناهج الدراسات الاجتماعية في عالمنا العربي، وما تتضمنه من موضوعات دراسية، والعمل على تطويرها بما يواكب التطورات العالمية، ويساير رؤى النظم التعليمية المتطورة للدراسات الاجتماعية، حتى تحقق لنا الهدف المنشود من تربية أبنائنا، وتمدهم بالمعارف والمهارات والقيم التي تؤهلهم لمستقبل متغير، يتطلب منهم فهم كل متغيراته ومتطلباته.


عدد القراء: 10477

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-