(الأخوة) .. لـ«أوكتافيو باث»الباب: مقالات الكتاب
سوران محمد لندن |
ترجمة: سوران محمد
أنا رجل: أعيش مدة وجيزة
والليل شاسع.
لكنني أنظر لأعلى:
إذا بالنجوم تكتب
لا تدري أنا أفهم:
وأنا أكتب أيضًا،
في هذه اللحظة بالذات
شخص ما يوضحني
* * *
تحليل القصيدة
لقد كُتب الشاعر أوكتافيو باث 1914-1998 هذه القصيدة في شكل الشعر الحر، وهو جزء من الشعر الحديث بدلاً من القصائد الكلاسيكية.
يمكن فهمها بسهولة، في الغالب تتحدث عن الوجودية. ولقد كُتبها الشاعر تكريمًا لعالم الرياضيات والفلكي والجغرافي والمنجم والشاعر كلوديوس بطليموس، الذي كان كاتبًا مصريًا يونانيًا، والذي عاش في روما حوالي 100 بعد الميلاد. ربما قد يكون سبب كتابة الشعر لبطليموس ترجع إلى مساهمة بطليموس وجعلنا نفهم مفهوم الكون على أساس علمي وحسابي دقيق..
تندمج الأسطر الأربعة الأولى من القصيدة بدقة في الأسطر الأربعة الأخيرة. بحيث يصف الخط الافتتاحي كيف يتضاءل الفرد أهميته وهو الأقرب إلى الاختفاء من الظهور باعتباره مجرد كائن صغير في هذا الكون الشاسع.
ومن ثم حينما ينظر الشاعر هنا إلى السماء، يصبح قادرًا على قراءة الإلهام والمعرفة التي يمكن للنجوم أن يكتبوها..
هكذا وبشكل غير مدرك تقريبًا، يدرك الشاعر إن الغرض من حياته أيضًا قد كُتب في السماء. وهذا العمل الكتابي ليس عرضيًا فقط، بل إنه متعمد في طبيعته. يؤكد له هويته الخاصة، ويؤكد له هذه الحقيقة من خلال الرؤية الجامعة الشاملة للكون الواسع. وجدير بالذكر إن قصيدة (الأخوة) هي قصيدة غنائية رائعة وتعتبر من أحد أهم قصائد أوكتافيو باز ولها أبعاد فلسفية كذلك.
تبدأ القصيدة بحرف "أنا" الذي يشير إلى الشاعر (أوكتافيو باث) نفسه. يقول أنه إنسان- إنها هويته الوحيدة. إنه يعرف أن حياة الإنسان قصيرة جدًا وعابرة. الموت يأتي بغتة إلى الجميع ليقودنا إلى الغبار أو إلى حيث أتينا. لدينا فترة وجيزة من الحياة على الأرض. لكن الحياة بعد الموت لا تنتهي. ثم نذهب إلى الظلام الأبدي. لذا لا نرى أي علامة السئم والحزن على كلمات الشاعر هنا. بل أنه يتطلع عالية ويجد النجوم تكتب. يكتبن في ضوء اشعاع السماء. وهي تعكس وتعطي رسالة الضوء والبريق.
ومن ثم قد يأتيه إدراك ومعرفة وهو يشعر إنه خلق ولا يزال حيًا. لكنه يعيش عيشة أخرى عندما يقرأ من جديد في قلوب القراء. أو بشكل أدق هو يكتب من جديد من قبل قرائه حسب تصوراتهم وفهمهم لقصائده. ويعتقد أن اللحظة التي يأتي فيها هذا الإدراك هي لحظة خاصة وقيمة للغاية في حياته. يعلن بثقة قوية أن هناك شخص ما لفهمه جيدًا وشرحه بشكل صحيح.
أخيرًا، على الرغم من كل القيود التي يواجهها كمبدع مؤمن يؤمن بقوة عادلة ذو عقل وعلم أعطاه الحياة وسيأخذها منه ويقر بهذه الحقيقة، وهكذا يستمتع بقرابة كاملة مع الله الذي يتفوه به. عالم بكل رغبات وقيود الإنسان. وهكذا يقود هذا الاعتقاد الراسخ الشاعر إلى تفاءل دائم وتام.
بالرغم من أن هذه القصيدة الغنائية متكونة من ثمانية أسطر فقط. لكنها غنية في مغزاها وأبعادها الفلسفية. بحيث يفكر القارئ مع الشاعر عن حالة الإنسان على الأرض. حياته قصيرة جدًا مقارنةً بضخامة الموت المظلم. إنه يعلم جيدًا أن نهايته ستأتي قريبًا. ولكن ككاتب مبدع، سيتم تذكره من خلال كتاباته بعدما يغادر.
وقد يبدأ الشاعر هذه القصيدة، كشاعر غنائي حقيقي بـ"أنا رجل ..." وبناء عليه إن عواطفه وأفكاره الشخصية هي التي تبني موضوع القصيدة.
صحيح إن القصيدة تبدأ بلهجة التشاؤم بأن الشاعر كرجل، سوف يموت قريبًا. لكنه ينتهي بلهجة متفائلة بأن الشاعر سوف يعيش إلى الأبد في قلوب القراء من خلال كتاباته، عندما يفهمونه ويعطون الإيضاح والتحاليل الصائبة لأعماله.
في الختام وجدير بالذكر إن إيجاز هذه القصيدة جعلتها مؤثرة بشكل فعال ولها سحر عالمي مما يزيد من جاذبيتها للقراء، وبالأخص أن العنوان لها مدلولات مختلفة، هل القصد بالأخوة هي الأخوة الكونية مع الموجودات الأخری الذي يسيرون علی نفس نهج فطري كالذي عليه الشاعر أم المقصود به الأخوة الإنسانية، وأخيرًا لنترك هذه التفاسير للقراء الكرام..
المصدر:
تغريد
اكتب تعليقك