«أموس توتولا»: الحكاء الإفريقي الأولالباب: مقالات الكتاب
د. ناصر أحمد سنه مصر |
من أهم وأشهر الأصوات الأدبية الإفريقية، وأغزرها إنتاجًا، ويعتبر "أبو الرواية الإفريقية الحديثة". وبالرغم من أنه لا يحمل شهادة دراسية إلا أنه صاحب براعة وبلاغة، وثقة خلاقة، وعبقرية فريدة.
عبر عقود.. ازداد اهتمام الأفارقة ـ وخاصة الأدباء ـ بتراثهم الثقافي العريق. وأضحت الأعمال التي دونها خلال القرن العشرين من أفضل نتاجات التراث الشعبي الإفريقي. وظهرت آثار هذا التراث في أعمال الروائي النيجيري "آموس توتولا" من شعب اليوروبا الذي كان في مطلع حياته حكواتيًا. وتعيش معظم القبائل اليوروبية في نيجيريا، وبعضها في بنين، وتراثها غني بالأساطير والقصص الشعبية والأغاني، أما أدبها المكتوب فبدأ بالظهور منذ عام 1844. واستنادًا إلى تلك الحكايات الشعبية الشفوية، ومغامراتها الشائقة.. نشر "توتولا" روايته الأولي: "مدمن خمر التمر" The Palm wine Drunkard (عام 1952). فلفت أنظار العالم إلى تميز الأدب الإفريقي المكتوب باللغة الإنجليزية. لاقت الرواية اهتمامًا وقبولاً واسعًا، وانتشارًا ونجاحًا مدويًا في أوروبا وأمريكا حيث وصفها الناقد الإنجليزي "دايلون توماس": "إنها معجزة روائية ملحمية". وتمت ترجمتها إلى أكثر من خمس عشرة لغة، وحولت لعمل مسرحي، واعتبرت العمل الرئيس لأحد الكتاب الأكثر نفوذًا في أفريقيا.
وعلى الرغم من "الفتور" الذي استقبلها به الأدباء النيجيريون، إلا أنها ظلت الرواية الأكثر تشويقًا ومبيعًا في إفريقيا. ويعتبر "توتولا" من الأدباء الأفارقة الذين كانت تُنشر أعمالهم مباشرة في الغرب قبل نشرها في إفريقيا ما كفل له الانتشار في أوروبا وأمريكا. كما كتب "توتولا" روايته الثانية "حياتي في غابة الأشباح" My Life in the Bush of Ghosts عام (1954). ويحكي فيها قصة صبي يتجول في قلب غابة أفريقية خيالية، يسكنها عدد لا يحصى من الكائنات البرية والمروعة. وتم القبض عليه من قبل أشباح، ودفن على قيد الحياة ملفوفًا في شبكات العنكبوت. لكن بعد سنوات يتزوج ويقبل وجوده الجديد. ومع ظهور الشبح التلفزيوني الذي يديره، يأتي الطريق الممكن للهرب.
محطات في حياة "توتولا"
يصف الناقد الإنجليزي "جيرالد مور" الروائي "أموس توتولا" بقوله: «بالرغم أنه لا يحمل شهادة دراسية إلا أنه كاتب ذو عبقرية فريدة لا يرقي إليها الشك... فهو صاحب أسلوب ممتاز وفيه ثقة خلاقة هائلة وموهبة في المشاركة الخيالية التامة». ولد "أموس توتولا" Amos Tutuola (1997-1920) لأسرة من قبيلة اليوروبا في إيبوكوتا (Abeokuta) في غرب نيجيريا، وفيها بدأ تعليمة الابتدائي لكنه لم يكمله. ولشدة فقر أسرته وحرص أمه على تعليمه، ألحقته بخدمة أحد الموظفين الحكوميين على أن يرسله ليتعلم عوضًا عن أجره. حيث كان يقوم بتنظيف المنزل، ويغسل الملابس، ويساعد في الطهي. وهكذا بدأ حياته، لكنه كان يلتهم القصص والحكايات الشعبية القبلية التهامًا. وامتلك مقدرة فائقة على إعادة صياغتها وخلق سيناريوهات جديدة منها ما أهلّه أن يصدر بجانب رواياته العديدة كتابًا عن الحكايات الشعبية لقبائل اليوروبا. ولقد تأثر "توتولا" في رواياته بالزعيم اليوروبي الشعبي "فاغونوا". والذي كان من رواد القصة بلغة اليوربا. وأصدر بها "غابة الإله" (1947)، وتولد من هذه المجموعة منذ آلاف القصص التي تحكي مغامرات أسطورية شعبية عن السحر والتقمص والوحوش.
ولقد أكسبت الأعمال الأولى لـ"توتولا" المكتوبة باللغة الإنجليزية شهرة واسعة دوليًا ومحليًا، وانضم إلى هيئة الإذاعة النيجيرية عام 1956 كأمين مخزن في إبادن (Ibadan) نيجيريا. كما أنه أحد مؤسسي نادي (MBARI) وهو تجمع للكُتّاب والمؤلفين والناشرين. وفي عام 1979، حصل على زمالة بحثية كزائر في جامعة إيفي (Ife) (الآن جامعة أوبافيمي أوولوو) في غرب نيجيريا، وفي عام 1983 أصبح عضوًا بالانتساب لبرنامج الكتابة الدولي في جامعة لُوَا. اعتقد "توتولا" أنه لو واصل دراسته النظامية فإن خاصية "الثقة الثمينة" التي يتمتع بها ستتبخر في عملية التعليم الطويلة.
ومن مؤلفاته "توتولا" الأدبية: "مدمن خمر التمر" (1952)، و"حياتي في غابة الأشباح" (1954)، و"سيمبى وإله الغابة المظلمة" (1956)، و"القناصة الإفريقية الشجاعة" (1958)، و"امرأة الدغل الهوجاء" (1962)، و"أجاييى وفقره الموروث" ((1967، و"السيد كامل الأوصاف" (قصة قصيرة). ومن أهم ما حظي به "توتولا" من اهتمام: تدريس رواياته في الجامعات الأمريكية (جامعة تكساس وأوستن) كمختارات ونماذج للرواية الإفريقية.
تغريد
اكتب تعليقك