حوار مع الفيلسوف مشيل أنفراي.. الفلسفة الرواقية وصفة لتجويد الوجود الإنساني والارتقاء بهالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2022-09-30 23:02:21

يحيى بوافي

المغرب

حوار مع الفيلسوف مشيل أنفراي1

الفلسفة الرواقية وصفة لتجويد الوجود الإنساني والارتقاء به

أجرى الحوار: سيفين أورطولي

ترجمة: يحيى بوافي

يرى الفيلسوفُ مشيل أنفراي في الفكر الرواقي فنا للعيش ويُدرِكُ فيه فكرا يرُوم التَّحكم في الانفعالات والأهواء، حتَّى يُخضِعها المرء لإرادته، فيصير مريدًا لحياته عارفًا كيف يموت، ومشيل أنفراي أكثر ميلاً للفلسفة الرواقية الرومانية، مقارنة بنظيرتها الإغريقية، لأنها أقل اتصافًا بالنزعة التأملية، كما أنها تمثل، على حد تعبيره، "فلسفة الفلاح والمزارع". فهي أنتربولوجيا شفَّافة وملموسة تضربُ بجذُورها في "الهنا والآن"، وهي في الأخير فكر ذو نزعة حتمية، في علاقة مع الكوسموس الذي يعيد وضع الإنسان في مكانه الصحيح.

• سبق لك أن عشت التجربة الشخصية للمرض، ألم تكن تلك التجربة مناسبة لتطبيق شكل للفلسفة الرواقية؟

فعلاً، لكن ذلك لم يحدث من خلال محنة المرض فحسب، بل إن الفلسفة الرواقية لم تتوقف عن تقديم العون والفائدة لي بمناسبة كل فترة مؤلمة وقاسية من وجودي، بحيث إن كتاب ماركوس أورليوس  لم يكن يفارقني في فترة مرحلة الخدمة العسكرية،  وخلال الثلاث عشرة سنة التي استغرقها مرض رفيقتي بالسرطان، وأثناء  اللحظات التي سبقت وفاتها  وخلال تلك السنوات التي تلتها، دون أن أغفل وفاة والدي  بعد رحلة استشفاء  على إثر إصابته بسكتة دماغية  AVC،  والكثير من المناسبات الأخرى  الأقل حدَّة من تلك،  ففي كل هذه المناسبات قدَّمَ لي الفلاسفة الرواقيون خدمة جليلة، ذلك أن الفلسفة بالنسبة لي مستحيلة التصوُّر إن هي لم تكن فنًّا للعيش، والفلسفة الرواقية تمثل عزاء ومواساة حارة في الأوقات القاسية  والصعبة.

• لكنك تمزج هذا العزاء بالفلسفة الأبيقورية، أليس ذلك من باب جمع ما لا يُجْمَع أو ضَمِّ النقائض؟

اِقرَأْ رسائل إلى لوخيليوس للفيلسوف الرواقي سنيكا، ستجده يحيل إلى الفلاسفة الأبيقوريين باستمرار، وهو لا يذكرهم في معرض كلامه إلا وأرْدَف ذلك بالثَّناء عليهم، ومتى ما كانت الوصفة الوجودية فعَّالة، فإنه لا يأبه بالجهة التي منها أتت ولا بمصدرها ولا يلتفت إلى مدى صحتها السياسية إن جاز القول.  إن جينيالوجيا الفصل بين الرواقية والأبيقورية هذه ترجع إلى شيشرون الذي ربط مُعسكره وحلفَهُ الجمهوري بالفلاسفة الرواقيين، لأسباب خسيسة تَخُصُّ السياسة السياسوية، تَحت ذريعة انشغال هؤلاء بالمدنية وبالمواطنة، في مواجهة من هم في معسكر الأبيقوريين – معسكر القيصر- باعتبارهم موصوفين بالدناءة وفاسدين يُمثِّلون خطرًا على المؤسسات الجمهورية.

كما أن الفلسفة الأبيقورية  نزعة ذرية مادية  وهو ما لا ينطبق على الرواقية  التي تحيل إلى فيزياء  أخرى  أسَمِّيها  فيزياء ذاتُ نزعة حيوية، بيْد أن كلتا الفلسفتان  تقترحان فنون عيش متشابهة: التحكم في الانفعالات والأهواء، وإعطاء السيادة للعقل، وأن يريد الإنسان حياتَه لا أن يكون خاضعًا لها قسرًا و أن يحيا المرء  بأنسب  صورة  وأن يموت دون خوف أو خشية مع ترجيح كفة بناء الوجود على حساب هوى الامتلاك، وتحفيز الإرادوية  وتفعيلها في علاقة بما يتوقف علينا ويكون تابعا لنا (التمثلات)  والموافقة على ما لا يكون متوقفا علينا والرضى به ( الوقائع).

• من بين الرواقيين نجدك تفضِّلُ الرواقيين الرومان، فما سبب ذلك؟ هل هو جانبهم العملي؟ هل لكونهم عمومًا أكثر ارتباطًا بالحياة وأقل ميتافزيقية؟

 الواقع أن هذا ما يمثل أطروحتي؛ فما أنتجه الإغريق هو "محاورة بارميندس" لأفلاطون، و"ما وراء الطبيعة" لأرسطو وتاسوعيات أفلوطين وكلها مؤلفات من مستوى تأملي عالٍ، لكن الرومان لم يكن لهم أدنى انهمام بالأنطولوجيا  وبالميتافزيقا، وهو ما ليس  ناتجًا عن عجزهم النابع من طبعهم الفظ، مثلما تم ترديد ذلك بكامل الغباء طيلة قرون، وصولاً حتى إلى بول فاين، ولكن يرجع ذلك لازدراء هذه التأملات التي لا  تجدي نفعًا في بناء الجنود والمزارعين والمواطنين بوصفهم دعائم روما وركائزها؛ ذلك أن تعليم الفلسفة في روما لم يكن يتم عبر الكلام، بل من خلال تقديم النَّماذج، فالسلطة لم يتم النظر إليها على غرار ما فعل أفلاطون في محاورة "الجمهورية"، بل عبر لوسيوس كوينكتيوس سينسيناتوس Cincinnatus، بوصفه بطلا يثير الإعجاب ويقدِّمُ مثالا يُحتذى.

• هل يمكن لم أن تشرحوا لنا فحوى إقراركُم بإمكانية أن يكون المرء رواقيا دون أن يعرف شيئًا عن الفلسفة الرواقية؟ هل معنى ذلك أن شيئًا ما  يبقى" طبيعيًا" في الممارسة الرواقية؟

نعم الفلسفة الرواقية هي فلسفة المزارع الذي  من خلال علاقته المباشرة  بالطبيعة وعبر استعمال أدواته  كل يوم، فهِمَ  ما يكوِّنُها  ويشكِّلُها من حركات دورية وفهم الموقع الذي يحتلُّهُ داخل  توالي الأيام وتعاقب الفصول والسنون،  مما جعله على أتَمِّ علمٍ بأن كل شيء يصدر عن الطبيعة  ويعود إليها،  وأن الموت عبور نحو صورة أخرى داخل الطبيعة، وأن الألم يتناسب مع الإرادة التي  بها نواجهه، وبأن الأخلاق تُرَدُّ إلى أمور قليلة: ألا نخاف شيئًا ولا شخصًا وأن نفعل الخير ونتجنب الشر، وأن نحافظ انتصاب هامتنا وشموخها وعلى رابطة جأشنا . وألاَّ نلهج بالشكوى أبدًا...، وقد قال فيرجيل كل شيء بهذا الخصوص في كتابه "جيورجيكون" أو "العمل في الأرض" les géoriques .

• هل يرتبط الأمر بأن نعيش وفق الطبيعة الفردية وليس وفق الطبيعة عمومًا؟ وهل هو مرتبط، بمعنى من المعاني، بشهادة ميلاد للفرد المنفصل؟

 إن الفرد المنفصل لم يشهد ميلاده مع الفلاسفة الرواقيين إلا بدرجة أقل مقارنةً بالفلاسفة الكلبيين؛ مع كل من  أونتيستنيس أولاً ثم ديوجين بعده، لأن ما كان يطمح إليه الكلبيون هو قطع كل رابطة مع كل الناس الآخرين ومع الأعراف والأديان والآلهة والأخلاق والسياسة والمدينة،  أما الفلاسفة الرواقيون، فهم على العكس من ذلك، يطالبون بالقوة الكاملة للعلاقة بالكوسموس  وبالطبيعة وبالمدينة ، وبأندادهم.

• كيف فهموا هذه الطبيعة، أكيد أن الأمر لا يتعلق بالعصافير والأزهار والحقول فحسب، بل بالطبيعة بوصفها نظامًا وباعتبارها كوسموس؟

 الواقع أن الأمر هو كذلك...، وعلاوة على أن  لفظ كوسموس يعني النظام، فإن عالم الرواقيين يُنظِّمُهُ عقل راعِ  يستعصي على المماثلة مع الفكرة التي نكوِّنُها عن الآلهة  و عن الإله، لأن الكوسموس وحدة حيَّة، خُلِقت من الحياة، فهو كلُّ  عظيم كامل وإلهي تحْكُمُهُ قوانين معقولة،  وبالتالي فليس هناك من وجود لما هو درِّي بالمعنى الأبيقوري للفظ، بل هو نمط من الكائن الحي الحيوي  و الذي مهما كان فهو يشبه الحياة التي نعرفها، ففي هذه التشكيلة  ليست الطبيعة  طابعة، بل هي طبيعة مطبوعة طبَعَها اللوغوس، وهي عند الفلاسفة الرواقيين ما يحافظ عل العالم في تماسكه، إنها الحياة التي تريد الحياةla vie qui veux la vie، وبالتالي فمن البداهة ألا نريدها قبل أن تصير، لكن حين صيرورتها يمكننا إرادتُها عندئذ وإرادتنا لها ليست إلا حُبَّنا إيَّاها، لأننا لا نستطيع ولا نقوى على القيام بشيء ضدَّها، ذاك ما يسميه نتشه، الذي استعار كل شيء تقريبًا من الفلاسفة الرواقيين، بـ""amor fati: "أحب قَدَركَ"، وفضلا عن ذلك نجد أن إنسانه الأعلى هو تعبير وإفصاح عن فلسفة رواقية علياsurstoïcisme .

• لكن أي شيء ستتم إرادته إذا كان كل ما يحصل لنا لا يمكنه إلا أن يحصل؟ ففعل الإرادة الأكثر صعوبة وعسرًا هو أن نرضى بما يحصل لنا ونوافق عليه؟ بل وحتى أن نحب هذا القدر كما يقول نتشه تحديدًا؟

إنه السؤال الجيد بالفعل؛ كيف لفيلسوف أن ينفي حرية الاختيار، أن يبذل المديحَ ويكيل التقريظ لإرادة هذا الشيء أو ذاك؟ وذات الأمر ينطبق على الإسلام، الذي يشترك في هذه الفلسفة، وشوبنهاور يجيب بصورة جيدة على هذا السؤال في "رسالته حول حرية الاختيار": "ما تكون بصدد فعله والقيام به- على سبيل المثال فعل المقاومة أو "ألاَّ تريد"، حتى نقول ذلك ضمن عبارات ميلفيل Melville – هو أمر محتم ومحدَّد سلفًا. إذ هناك بواعث أو دوافع تأخذ شكل نبضات في الدماغ الذي هو فضاء تمثيل الإرادة (wille)، فلكي يتم اتخاذ قرار بعينه،  لابد من أن  ينتصر دافع بعينه،  لكن ذلك سيكون مفعولاً و أثرًا للحتمية، وبمعنى آخر فإن هذا الرواقي الذي يريد هذا الشيء بدل شيء آخر، يكون قد تمت إرادته من قبل هذه المشيئة أو الإرادة. فهو يعتقد بأنه هو من تولَّى الاختيار بينما هو ذاته كان موضوع اختيار، وحتى لمَّا يعمدُ إلى تغيير اختياره كي يُثْبِتَ لنفسه امتلاكه للاختيار، يكون هذا التغيير بدوره موضوعا تمَّت إرادته، ولم يكن فعل إرادته الخاصة.

• غالبًا ما تقدِّمُ نفسَكَ ليس باعتبارك صاحب نزعة تفاؤلية أو تشاؤمية، بل بوصفك تراجيديا، فهل يمَثِّلُ الرواقيون تعبيرًا عن هذه العلاقة التراجيدية بالعالم؟

إن قصة الكون وسرديته صادرةُ عن المأساوي أو التراجيدي عند الرواقيين، فهم يعتقدون أن العالم سينتهي ويتلاشى عقب انفجار يعقُبُه بعثُ أو ميلاد جديد يضمن عوْدَة العَينُه أو المُطابق le même، وبالتالي فالعود الأبدي يدعو إلى الخروج من ثنائية النزعة التشاؤمية والنزعة التفاؤلية ومن المأساوي أو التراجيدي لأجل اعتناق نزعة قدريَّة؛ هذه الحتمية الشهيرة التي ليس لنا من قبضتها فكاك إطلاقًا!  غير أننا نجد لدى الرواقيين  الرومان، الذين كانوا أقل انهماما بميتافيزيقا  عودة العوالم الأبدية، أنتربولوجيا شفافة وملموسة  تضرب بجذورها عميقًا في الهنا والآن؛  فهم يعرفون من هو الإنسان وعلى ماذا يقدر، هكذا نجد ماركوس أوريليوس  قد كتب في كتابه" تأملات إلى نفسه" :"قل لنفسك حين تقوم في الصباح: اليوم سألقى من الناس من هو متطفل ومن هو جاحد ومن هو عات  عنيف، وسأقابل الغادر والحسود ومن يُؤثِر نفسه على الناس "[أخذنا بنص الترجمة العربية التي أنجزها عادل مصطفى وراجعها وقدم لها أحمد عثمان]، وهو ما يمثل كيفية لكي يكون المرء  واضحًا وشفافًا مع نفسه وصريحًا معها وبالتالي مأساويًا أو تراجيديًا.

• يقبل الفلاسفة الرواقيون، لاسيما منهم سنيكا، بفكرة الانتحار والموت الإرادي، ألا يمثِّلُ ذلك كيفية لرفض القدر والانفلات من قبضته؟

 بداخل نفس المنطق القدري النزعة والحتموي،  تكون البواعث التي قادت إلى الانتحار كاشفة عن ماضٍ  يستعيد طاقته وفعله في الحاضر، فأن يريد المرء إهلاك نفسه و إعدامها هو بمثابة نتيجة للتكرار الأنطولوجي  أكثر مما هو فعل إرادة  لحرية الاختيار، غير أنه وبفعل النقص الحاصل في النصوص  التي لم تصلنا كاملة، نجد أن فكرة العود الأبدي حاضرةُ أكثر عند الفلاسفة الرواقيين الإغريق، أعني زينون و كرسيبوس و كليانثس، أكثر مما هي حاضرة عند الفلاسفة  الرواقيين الرومان، لأن دَأْب الإغريق كان على الدوام هو الميل إلى التأمل ودراسة الكوسمولوجيا، وهو الموضوع الذي لم تكن للفلاسفة الرواقيين الرومان وقفة طويلة عنده.

 والفلسفة الرواقية بعبورها من أثينا إلى روما، تكون قد غادرت المياه الكوسمولوجية لصالح تركيز الانتباه على الأخلاق وليس على الاتيقا بوصفها علمًا بمبادئ الأخلاق، والتي تبقى بدورها منظورية وبرغماتية. إن الفلسفة الرواقية الرومانية ليس لها علاقة بالمذهب ذو النزعة القدرية والكوسموغوني  cosmogonique للعود الأبدي، بقدر ما هي ذات علاقة بأخلاق الشرف المنحدرة من التقليد العسكري والحربي  لروما الأصول؛ أي روما الملوك.

• هل الفلسفة الرواقية هي فلسفة الامتهان؟

 الواقع أنها فلسفة تجعلنا متشبعين تواضعًا لأنها تعيدنا ككائنات إنسانية إلى مكاننا الموسوم بالتفاهة أمام العظمة الهائلة للكوسموس بانفجاراته الشبيهة بانفجارات عظيمة تتلاحق لتعقبها أشكال بعْثٍ أو صور ميلاد جديدة!  بذلك يكون موتنا لا أهمية له تمامًا على غرار ما يكونهُ سقوط ورقة شجرة في عِزّ مساء خريفي، ونفس الأمر يقال عن ميلادنا فهو ليس أكثر وزنًا من ميلاد ذبابة، كما أن حياتنا ليست  أكثر أهمية من حياة كلب ضال،  ونظرة بسيطة إلى درب التبانة كفيلة بأن تقنعنا بذلك، لكن من ذا الذي بإمكانه اليوم رؤية هذا المشهد البالغ  العظمة والسُّمو  وسط لُجَّة عالم شَيَّعت فيه المدينة وتلوُثها الضَّوئي الليْلَ بما ينطوي عليه من دروس وعبر عظيمة.

• لقد اشتغلت بدورك على الكوسموس، فما تأثير الفلسفة الرواقية على  هذا الاشتغال؟

   إن ما تأثرت به وشكل مراجعَ بالنسبة لي كان من طبيعة فلكية أكثر مما هو من طبيعة فلسفية، فالفرضية الأبيقورية حول تعددية العوالم – أنا تلميذ شغوف حَدَّ الجنون للفيلسوف لوكريس منذ أن كان لقائي مع لوسيان جيرفاجنون Jerphagnon - مؤرخ الفلسفة الإغريقية  والرومانية (1921-2011)- الذي علَّمني   فرضية  تعددية العوالم  وأنا لم أبلغ بعد سن العشرين-  تلك الفرضية التي أكَّدَتها  اليوم نظرية الأكوان المتعددة Les multiunivers وتعدد الأكوان pluriunivers   لعلماء الفيزياء الفلكية، وإذا ما أضفنا لها  الفيزياء الكوانطية ونظرية الاحتمالات، ستكون لنا عندها مادة لميتافزيقا كوانطية  تمنح  للفرضيات القديمة [الفلسفة القديمة] القيمة الابيستيمولوجية  لمعرفة ما قبل-علمية  مدهشة بصورة لا تُصدَّق،  وفيها  عثرت نزعتي المادية  على الكثير مما استعادته لصالحها، كما أن ذوقي يميل إلى كل من الرواقية و الأبيقورية أيضًا... لقد علمتني الفيزياء الفلكية  أن الحقيقة تبقى على ارتباط وثيق بكوننا وبمجرد ما نلج كونًا آخر، فإن حقيقة أخرى تكون  على ارتباط وتوافق معه، بالشكل الذي تكون معه فرضية الأكوان المتعدد multiunivers  منتجة لنظيرتها؛ أعني فرضية الحقائق المتعددة plurivéités، إن جاز لي ابتكار وإحداث هذه الكلمة... بذلك  تسير لانهائية الأكوان مقترنة مع لانهائية الحقائق، ليظهر بذلك العالم  الموازي والمعكوس والبديل والمطابق والمنزاح والمتأرجح والمتأخِّر، والمنقول والمغيِّر لموضعه، عالمًا ممكنا من منظور الفيزياء الكوانطية، وأن يكون بإمكان حركية جُزيْئَة التأثيرُ عبر ملايين السنوات الضوئية في حركة جزيئة أخرى، هو أمر يبدو على درجة كبيرة من الإثارة للإعجاب وشاهدًا على وجود كُلِّ جديد، وكُلِّيةٍ جديدة، لا يكون المقياس فيها  كونًا واحدًا هو كوننا، بل يصير  وحَدَةً مكوَّنَةً من أكوان متعددة، بل أكوان وأكوان متعدِّدَة، مما سيفتح منظورات جديدة فيما يتعلق بالحتمية، بصورة يتمُّ معَها تعْميد أنطولوجيا وميتافزيقا متَّسِمتين بالجِدَّة المطلقة.

وهو ما أر ى فيه بوصفي صاحب نزعة حتمية مناسبة لحتميات جديدة وفي ذات الوقت روحانية جديدة ممكنة، وهذا الأمر هو ما يشكل موضوع اشتغالي في الفترة الحالية.

الهوامش:

1 - Michel Onfray : “Le stoïcisme, une recette existentielle”, propos recueillis par Sven Ortoli, Philosophie magazine , hors-série n°49 mai 2021.

المصدر:

Michel Onfray : Le stoïcisme, une recette existentielle” philosophie magazine

https://www.philomag.com/articles/michel-onfray-le-stoicisme-une-recette-existentielle


عدد القراء: 2421

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-