أمبرتو إيكو: درس في السيميائيات العامةالباب: مقالات الكتاب
د. سعيد بوخليط مراكش - المغرب |
ترجمة: د. سعيد بوخليط
تقديم: يعرف عمومًا أمبرتو إيكو، لدى الجمهور الواسع من خلال عناوين روايات وأعمال نقدية عرض الكاتب بين صفحاتها نظريته بخصوص التلقي؛ لكن هل يعلم بأن هذا الجانب لا يمثل سوى قطعة ضمن مشروع سيميوطيقا عامة تتموقع تحت أفق الفلسفة؟
إذن، يعرفه حشد القراء أساسًا بفضل إصداراته الروائية مقارنة مع باقي منجزه، في حين كان أمبرتو إيكو(1932-2016) مدرِّسصًا، باحثًا، ناشرًا، كاتب افتتاحيات، منشطًا تلفزيونيًا، صاحب نظريات، ثم روائيًا. إنتاجه المدهش عبر امتداده إلى خمسين مؤلفًا وكذا حمولته، يغطي حقلاً واسعًا ينطلق من اللسانيات إلى الفلسفة، مرورًا بالاستيتيقا، تحليل الإعلام والأدب، وكذا تخيُّلات الأطفال.
أمبرتو إيكو، موسوعي مرهف الحس نحو أسئلة التداول والتلقي، تؤطره دلالة الفلسفة باعتباره المجال السيميائي الواسع الذي يقتحم مختلف مكونات عمله.
مشروع بأبعاد متعددة ضمن وحدة الإطار:
بداية سنوات الخمسينات، ناقش أمبرتو إيكو في جامعة تورينو أطروحته حول جمالية القديس توما الأكويني .اشتغل بداية مساعدا في التليفزيون ، ثم انتقل إلى الإشراف على تسيير شؤون دار النشر بومبياني، التي ظل وفيَّا لها بحيث عهد إليها بإصدار جل أعماله غاية الشهور الأخيرة من حياته. مقتضيات التغيرات وكذا التركيز المميزين لعالم النشر، شجعته كي يؤسس صحبة أصدقاء آخرين دار نشر جديدة حملت اسم:"''La nave di Testo"، التي كشفت، بعد أيام قليلة من موته، عن آخر كتبه: "بابا شيطان".
سنة 1961، أصبح أمبرتو إيكو أستاذًا للاستيتيقا بجامعة بولون. لكن، بعد إصداره سنة (1975) لكتابه "دراسة في السيميائيات العامة" بكيفية متزامنة داخل إيطاليا وكذا الولايات المتحدة الأمريكية، تحوَّل إلى تدريس مادة السيميائيات، داخل أسوار نفس الجامعة التاريخية جدًا، والتي تعود فترة تأسيسها، مثلما يقول، إلى حقبة لازال خلالها الحيز المكاني المستقبلي لإقامة هياكل جامعتي أوكسفورد والسوربون، خلاء يفر إليه الخنزير البرِّي.
على امتداد مساره، يحتفظ من العصر الوسيط بـ: "قيمة عاطفية"، حسب وصفه، لأن رغبته في البحث انبجست نتيجة المعرفة العقلانية التي تلقاها من: "راهب دومينيكي بَدِينٍ". هكذا، خاض انطلاقًا من أرضية القديس توما الأكويني، أسفارًا عبر مانعته بـ: "غابات رمزية مأهولة بالحيوانات الأسطورية والخرافية". رموز اهتدت به نحو التأمل الفلسفي في العلامات ولاسيما حول الكيفية التي تحيل في إطارها هذه العلامات على الأشياء والثقافة.
انطلاقا من روايته "اسم الوردة" الصادرة سنة 1980، التي ترجمت سريعًا إلى كل لغات العالم، ثم تحولت إلى فيلم سينمائي للمخرج جان جاك أنو، حظي أمبرتو إيكو بنجاح كروائي؛ لكنه لم يتخلى عن الفلسفة، بل على العكس من ذلك.
لقد أوضحت نصوصه السردية المبادئ التي صاغ لها نظريات في مكان آخر؛ هكذا، يمتد بتأمله نحو تلقي الأعمال، وكذا الانتقالات الممكنة بين الإنتاج الأكاديمي وكذا ثقافة الجماهير .مهما كان النوع أو السند الذي اختاره،يبقى أمبرتو إيكو قبل كل شيء فيلسوفًا، شيد وأسس دعائم فلسفة لا تنهض سواء على فكر النسق، ولا أيضًا تحليل اللغة التي راجت في جيله.
إن العثور على وحدة مشروع بهذه الأهمية، مسألة مستحيلة تقريبًا، لكننا سنبذل جهدنا لتحقيق ذلك انطلاقًا من مفاهيم مركزية بالنسبة للتطور الفلسفي لدى أمبرتو إيكو.
أولاً، ابتداء من كتابه: "دراسة في السيميائيات العامة"(1975)، ثم "أبحاث في موسوعة لودو فيكو إينودي" (تضمنها فيما بعد كتابه السيميائيات وفلسفة اللغة، الصادر في إيطاليا سنة 1984)، سيجعل إيكو من السيميائيات معادلاً للفلسفة، ثم تناولها ليس كتحليل للغة، لكن بالأحرى مثل نظرية وكذا مقاربة للثقافة وفق مختلف أشكالها، وتجلياتها ومستوياتها، سواء في الأدب، الفن، الإشهار، قصص الشخصيات الكارتونية (كان أمبرتو إيكو من بين المفكرين الذين أسسوا في إيطاليا مجلة "comics linus")، التليفزيون، الرياضة، الفكاهة، ثم الموسيقى التي مارسها من باب الهواية. مجالات اقتحمها أساسًا بين محاور عمليه: "من الرجل الخارق إلى الأعلى (1978)"، "الحرب الزائفة (1985)".
ثانيًا، وكما أوضح جيوفاني مانيتي الذي رأى في هذه السمة أصالة عميقة للفيلسوف، تميز إيكو بطريقته المزدوجة لقراءة وفهم العلامة، ليس فقط تبعا لعلاقة تماثل لكن خاصة (ثم أكثر فأكثر)، حسب علاقة استدلال.
الاستدلال حسب شارلز ساندرز بيرس:
يميز بيرس بين ثلاثة أنواع من الاستدلال بخصوص البرهان المنطقي: الاستنباط، الاستقراء، ثم القياس، حسب كوننا ننتقل من القاعدة إلى حالة خاصة، أو نؤسس قاعدة انطلاقًا من حالات خاصة، أو نفترض القاعدة العامة وحالاتها الخاصة انطلاقًا من نتيجة معروفة. هكذا تفهم العلامة ليس فقط بمثابة استبدال عنصر بعنصر آخر، لكن باعتبارها إشارة تختزل عمل المعرفة.
النقطة الثالثة الجوهرية تكمن في ما نسميه بمرجع الدلالة، بمعنى الحقيقة خارج اللغة والفكر. المرجعية واحدة من المكونات الثلاث للمثلث السيميائي، بجانب الدال والمدلول: يمكن للغة أن تؤسس عالم خطاب وبالتالي التنازل وفق إرساء من هذا القبيل عن الواقع، لكن فيما يخص العلامات فتحتفظ بجوانب واقعية. والحال أن المرجع الدلالي تجلى غالبا كحضور مزعج، بل ومقلق، يمكنه جذب السيميائيات صوب وضع مخادع، في نطاق أن منظومة الرموز والعلامات لا تحيل فقط على حقائق لسانية إضافية، لكن في أغلب الأحيان إلى موضوعات ثقافية. وقد اتفق سابقا مع رولان بارت حول ضرورة: ''قتل المرجع ''بهدف التطرق إلى القضايا التي طرحتها السيميائيات خلال تلك الحقبة بخصوص ماهية الخطابات والنصوص، يتراجع أمبرتو إيكو عن قناعته تلك، كي يدعو من جديد إلى اعتبار مركزية هذه القضية بالنسبة لكل فلسفة، لا سيما المقاربة السيميائية.
إذن ابتداء من عمله: "دراسة في السيميائيات العامة"(1975)، وصولاً إلى "كانط وخُلْد الماء"(1997)، مرورًا بـ"السيميائيات وفلسفة اللغة" (1984)، منظورات صاحبت الفكر الفلسفي عند إيكو، وعرض تفاصيلها بين طيات دراسات نظرية أو أعمال سردية.
سميائيات أصيلة:
السيميائيات العامة التي طرحها إيكو في كتابه الأول: "دراسة في السيميائيات العامة" مستلهمة من فرديناند دي سوسير، لكنها ركزت أكثر على تصنيف لمختلف نماذج إنتاج العلامات بدل نمذجة لهذه العلامات نفسها. يضع إيكو السيميائيات ضمن مسار فلسفي يستند على شارلز ساندرز بيرس، لكنه يعيد قراءة كل التراث الفلسفي على ضوء تماثل السيميائيات وفلسفة اللغة.
مع أنه أوضح في بداية كتابه الأول: "دراسة في السيميائيات العامة" طبيعة التماثل بين السيميائيات العامة المتفرعة عن لسانيات سوسور وكذا السيميائيات الفلسفية، فقد اختار إيكو في جل الأحيان الانتماء إلى التقليد الثاني. شكلت علاقات السيميائيات مع نظريات وفلسفات التلقي، ثم بالمعرفة وكذا التأويل، البعدين المميزين لفكره، أمام استقلالية اللسانيات المتأتية من تناول درس فيرديناند دي سوسير.
يطمح إيكو إلى استكشاف الإمكانيات النظرية والوظائف المجتمعية لدراسة تجمع بين ظواهر الدلالة و/أو التواصل؛ انصب هدفه صوب بناء نظرية عامة قادرة على تفسير أيّ حالة للوظيفة السيميائية اعتمدت نظامًا رمزيًا أو تمازجًا لأنظمة.
جديد أطروحة كتابه الأول: "دراسة في السيميائيات العامة"''، التأكيد على تلازم مجال الظواهر السيميائية والثقافية .تتموضع سيميائيات إيكو بشكل واعٍ ضمن نطاق حقل العلوم الإنسانية، مع تساؤله الدائم حول علاقاتها مع تخصصات أخرى، كما تحضر دائما إلى فكره ضرورة التخلص من إمكانية نزوع "إمبريالي" للسيميائيات.
تأخذ سيميائيات إيكو بعين الاعتبار الظواهر السيميائية انطلاقًا من مستوى المعرفة المدِركة، ثم بوسعها أن تُستثمر في كل مكان حيث تتلاقى ظواهر التواصل وكذا الدلالة – متى تبلورت منظومة رموز (بمعنى مجموعة عناصر تشكل نسقًا فيما بينها) - مادامت العلامات بالمعنى الخاص للمفهوم شكلت دائمًا ثمرة نشاط مجتمعي للتواصل، واندراجها بالتالي ضمن منظومة رموز ثقافية.
يعتبر كتاب:"دراسة في السيميائيات العامة" ثمرة مجهود توخى إعادة مراجعة وكذا تقعيد دراسات سيميائية سابقة أنجزها إيكو. يقدم خمس أفكار طليعية جوهرية بخصوص ما سبق:
- التمييز الأفضل بين ظواهر الدلالة والتواصل.
- إدراج نظرية لمرجع الدلالة ضمن إطار السيميائيات.
- الجمع داخل نموذج واحد مفسر للقضايا السيميائية والتداولية.
- انتقاد مفهوم العلامة وكذا التصنيف المألوف الذي يميز بين ثلاثة أنماط من العلامات (ما نسميه بالتقسيم الثلاثي: الإشارة، الأيقونة والرمز) لصالح انقسام أكثر تركيبًا، حيث الأنماط الثلاث قد تفرعت ثانية.
- نقد التصور الأيقوني الساذج، على منوال "الخادمة التي تقوم بكل شيء"، لصالح مفهوم أكثر تركيبًا للأيقونية.
اشتغل أمبرتو إيكو على مخطط تجزأت بدقة سياقاته، اهتدى به نحو القطع مع المفهوم "البسيط" للعلامة إبان دراسة الوظيفة السيميائية، كما في الكيمياء تقريبًا بحيث نتخلى عن ''الأشياء" كي نفهم بنية المادة. وضع سمح له بالانتقال من ثالوث العلامات إلى نماذج إنتاج العلامات، وكذا المجال المرتبط بنظرية لنظام الرموز.
يدرس أمبرتو إيكو ظواهر الثقافة وكذا التجربة البشرية باعتبارهما أنظمة علامات. نظرية إنتاج العلامات التي رسم إيكو أبعادها تحتضن ظواهر متعددة، مثل الاستعمال الطبيعي للغات مختلفة، تحولات وتطورات أنظمة الرموز، التفاعلات التواصلية، الاستيتيقا، توظيف العلامات قصد الإشارة إلى أشياء وحالات. فيما يخص إنتاج العلامات، يبذل إيكو جهده بخصوص مضاعفة الكيانات عوض اختزالها ويرغب في تجاوز ثلاثية تقسيم ساندرز بيرس.
من هنا، يتجاوز إيكو أيضًا مشروع سيميائيات عامة، لأنه يضم إلى الوظيفة السيميائية العلامات التي لا تعكس حصيلة نشاط مجتمعي مؤسساتي. فعلا، لم يأخذ مشروع سوسور بعين الاعتبار ضمن إطار السيميائيات العامة جانب السميوزيس المدْرِك (صيرورة الدلالة)، بحيث لم يستحضر تصور سوسور سوى أنظمة العلامات التي تشكَّلت اجتماعيًا، مثلاً (اللغات، العلامات البحرية، نهج أو قواعد التربية الحسنة). في حين، اهتم إيكو، بمختلف ظواهر الثقافة والتجربة الإنسانية، كأنظمة علامات تشكل منظومة رموز.يعتبر على سبيل المثال، بأن الوظيفة السيميائية التي تعيد حادثة معينة إلى نمط عام، تشتغل سلفًا حينما نرى حيوانًا، هكذا نكون قادرين على اكتشاف ذلك ثم ربطه بمقولة أو خطاطة.
توضح نظرية منظومة الرموز الكيفية التي يوظف من خلالها إيكو إرث لويس هيلمسليف، الذي أرسى دعائم سيميائيات على قاعدة منطقية يُفترض بأنها محايثة لكل لغة باعتبارها نسقًا من العلامات. يطبق إيكو نموذج هيلمسليف خلال مناسبات سياقية نظرية وكذا مستويات عدة للتلفظ. يسعى إيكو، بخصوص الأنظمة الرمزية، تهيئ أصناف موحِّدة، سارية المفعول بالنسبة لمختلف أنواع الوظائف السيميائية (شفهية أو غير ذلك)، علامات، نصوص، وسديم من النصوص. هكذا، يقتحم إيكو، حسب نظريته المتعلقة بأنظمة الرموز المازجة بين أنظمة سيميائية مختلفة، حدود تصنيف في غاية التصلب.
بالتأكيد، منح تكامل هذين المنظورين – تبعًا للعلامات والمنظومات الرمزية- لكتاب "دراسة في السيميائيات العامة" بنية معقدة؛ لكنها أضفت في ذات الآن ثراء على العمل. أضحت السيميائيات، نتيجة هذه الطريقة المزدوجة فيما يتعلق بمقاربة القضايا، تخصصًا وليس فقط مجالاً، وبشكل مفارق، أضفت وحدة فلسفية وإبستمولوجية على مشروع امبرتو إيكو النظري.
ترتبط دائمًا، الدلالة والتأويل، عند أمبرتو إيكو. فالعلامة مرتبطة في الوقت نفسه بشيء "ديناميكي" وكذا المُؤوِّل، بمعنى تمثيل يشرح العلامة بإحالتها على تمثلات أخرى ممكنة لهذا الشيء. لذلك، لا توجد قط علاقة منغلقة وصلبة بين العلامة ودلالتها؛ تظهر بالأحرى الأخيرة مثل سلسلة متواصلة لإحالات تأويلية.
إنها إذن الأهمية التي يمنحها إيكو إلى تطور التأويل مما سمح له كي يطرح على المستوى السيميائي قضايا ترتكز في المعتاد على المجال التداولي؛ أقصد فكرة الخلفية المعرفية المتحولة والمتبلورة دائمًا بتفصيل التي تخول له الانتقال من الإطار المعجمي (نموذج منغلق، مرتبط بمدلولات حرفية) إلى المتعلقة بالموسوعية (مجموع العادات التأويلية لثقافة متداخلة)، مفهوم اكتسب أهمية متصاعدة عبر المؤلفات التالية لعمله الأول: "دراسة في السيميائيات العامة". هكذا، تمحورت مقاربات عمله الآخر: "السيميائيات وفلسفة اللغة" حول تحليل هذه المفاهيم، لكن أيضًا ما يتعلق بنقاش فلسفي يهم جل المفاهيم السيميائية الجوهرية- من العلامة إلى أنظمة الرموز- بالانطلاق من فكرة أن المقاربة الفلسفية تعتبر بكل بساطة تأسيسية بالنسبة للسيميائيات العامة.
تشتغل هذه الأخيرة لدى إيكو وفق روافد عدة: أولاً، عند حدود أكاديمية، مادامت تخصصات أخرى قاربت ذات القضايا انطلاقًا من وجهات نظر أخرى. ثم، حدود "متعاونة"، لأن تخصصات ثانية طورت نقاشات سيميائية يلزم اكتشافها وترجمتها بمقولات موحِّدة، ليس بالضرورة كونها حسب إيكو، وفق صورة مقولات لسانية: إذن سيميائيات إيكو في الواقع غير قابلة للإدراك انطلاقًا من النموذج الوحيد للتعابير واللغة. لقد شكلت حدودها التجريبية، موضوعات لم تحظى (أو في انتظار ذلك) بالتنظير من وجهة نظر سيميائية، بينما تكرست الحدود الابستمولوجية عبر انتماء السيميائيات العامة إلى العلوم الإنسانية، وبطبيعتها كممارسة مجتمعية، مادام كل نشاط نظري يعتبر ممارسة مجتمعية.
تبقى السيميائيات العامة لأمبرتو إيكو منفتحة على مختلف صيغ إعادة النظر، وبوسعها تجاوز المثالية السيميائية بأن تمحو التباين بين الثقافتين العلمية والأدبية مثلما أوضحت ذلك الأبحاث التي ضمها كتابه: "كانط وخُلْد الماء".
المنعطف الواقعي:
بدأت تتضح ملامح هذا المنعطف "الواقعي"، منذ سنة 1996، مع انعقاد ملتقى فكري في فرنسا (مقاطعة سوريزي – لاسال) حول مشروع أمبرتو إيكو، وقد صدرت المداخلات تحت عنوان: "باسم المعنى، حول عمل أمبرتو إيكو". بل وقبل كتابه:"كانط وخُلد الماء".
تذكِّرنا باتريزيا فيولي، كيف انصب تأمل إيكو على العلاقات بين الإدراك والسيميوزيس، بمعنى العلاقة التي نقيمها بين العلامة والمعنى، منذ حقبة كتابه: "دراسة في السيميائيات العامة"، حينما ساءل الطريقة التي تتناسل وفقها العلامات. منذ تلك الحقبة، لم يعد المدلول بالنسبة لإيكو، ينشأ فقط داخل اللغة، لكنه يتجلى سلفا في الإدراك. اهتمامه بهذا الأخير، يجعله قريبًا من فينومينولوجية هوسرل. يلامس إيكو، من خلال نظرية الإدراك، التي تؤول على ضوء المقولات السيميائية، النواة النظرية للواقعية ويدرج بعض ثيمات العلوم الإدراكية. بذلك، تأتى له تدريجيا أن يفصل سؤال الواقعية عن الموضوعية.
استندت إعادة قراءته للمسار الذي ينتقل من كانط إلى بيرس، وفي إطار ذلك العلوم الإدراكية، على الروابط وكذا التباينات بين مفاهيم "الخطاطة"، "المثال"، وكذا "النموذج الأصلي". هكذا عرض إيكو بين دفتي كتابه: "دراسة في السيميائيات العامة"، ما كان بوسعه أن ينعته، وفق نبرة ساخرة: "نقد السيميائيات المجردة"، و"نقد السيميائيات العملية"، إذا اقتفينا أثر المقارنة، يمكن لـ: "كانط وخُلْد الماء" الانتقال إلى: "نقد الحُكْم السيميائي".
فعلاً، تمثل فلسفة كانط وبيرس بالنسبة لإيكو منعرجين مكناه، دون نسيان اتصاله بالظاهراتية، من النفاذ وجهة مسار يولد جراء اكتشاف بسيط لموضوع بفضل الحكم المتأتي من الإدراك، الذي يظل من بعض النواحي "خاصًا" غاية أن يتشكل تمامًا مدلولاً مُؤَوَّلا و"عموميًا"، وقد مرّ وفق مختلف مراحل تطور الإدراك، ويعكس بالتالي حصيلة لها.
من جهة أخرى، اهتم إيكو بالنظرية الكانطية حول الرسم التخطيطي المتعالي. فالأخير، بالنسبة لإيكو بمثابة حصيلة ذهنية قَبْلية أكثر من كونها عملاً للخيال. يمثل فعلاً هذا الرسم البياني اقتراحًا ينطوي على شكل منطقي بما أنه يقدم تمثيلاً؛ يعتبر أيقونة حسب إيكو، كما الحال مع الرسوم البيانية وكذا قواعد علم الجبر.
يتجلى التأثير الأكثر عمقا لساندرز بيرس والذي قاد إيكو نحو الانتقال من "المرجع" إلى"الموضوع" مجيزًا له توضيح العلاقات بين المعرفة، والدلالة ثم الأنطولوجية. دون توقفه على أن يطرح سؤالاً كبيرًا، بين طيات مختلف أعماله: هل توجد مستويات نزوع، بل قوانين تجعل تشكّلات معينة أكثر طبيعية مقارنة مع أخرى، وفق معنى أن بعض أنماط المعرفة يميزها رسوخ قائم على طبيعة الأشياء، أو على العكس، قد ينحل الكائن داخل اللغة، ثم يحدث أي شيء؟ مثلت هذه النقطة مجال نقاش مستفيض خلال ندوة سيريزي، دفعت الباحث جان بوتيتو كي يكتب نصًّا تمحور حول الانتقال إلى واقعية إيكو.
هكذا، يستعرض بالفعل في كتابه:"''كانط وخُلْد الماء"، واقعية ينعتها بـ"تعاقدية": نتكلم عن شيء لأنه يوجد، لكننا سنتكلم عن أشكاله وممكناته القائمة داخل إطار جماعة ثقافية، من خلال"''تعاقد" معين. بذلك، يخفف من الحدود الطبيعية للسيميائيات العامة مثلما أشار إليها في كتابه: "دراسة في السيميائيات العامة"، كي يركز عمله التحليلي حول نفس هذا الحقل المتعلق بالسيميوزيس الأولي، وكذا التأسيس الأولي لمدلول بالنسبة للإدراك، من خلال اكتشاف شيء، يتموضع عند حدود كل نشاط سيميائي.
إن تجلى حقًا هذا النشاط طبيعيا داخل إطار مؤسساتي، فصحيح أيضًا أن السيميوزيس الأولي يمثل بالتأكيد أحد شروطه القَبْلية. فالأنماط المعرفية، والمضامين المتأتية عنها، بمثابة خلاصات لما سينتهي إليه، نتيجة اللغة، بُعْد معرفي بين-ذاتي وعمومي، قبل التواصل نفسه. بالنسبة لإيكو، ينبغي لسيميائيات فلسفية التفكير فيما يسميه بـ:"لغز الفعل الإشاري"، مثلما يلزمها، خلال الوقت نفسه، التصميم على أن واجبها النوعي يكمن في دراستها للظاهرة الأصلية، التي شكلت منطلقا لنشأة الممارسة ذات القصد، وكذا تمفصل أنظمة الإشارات.
مرة أخرى يرشد ساندرز بيرس، أمبرتو إيكو غاية جذور الإدراك المؤسِّسَة لإمكانية الدلالة؛ لكن، بكيفية تخالف ما قدمه في كتابه: ''دراسة في السيميائيات العامة ''، بحيث استدعى هنا الموضوع الديناميكي. مع البقاء تماما ضمن نطاق حدود السيميائيات، على غرار الفارق بين العلاقة مثير- استجابة ثم العلاقة ذات العناصر الثلاثية الوحيدة السيميائية فعلاً، مع الاحتفاظ بمفهوم العلامة وقد تمأسست، فقد منح إيكو السيميوزيس الأولي الدور الجوهري كمرحلة سابقة عن المعرفة والدلالة.
يتبيَّن إيكو ثانية الأسس المادية لهذا المسار مع الأيقونة باعتبارها صفة خالصة ''تنبثق'' من الشيء، دون أن تكون صحيحة أو خاطئة. ولكي يسير ضمن هذه الوجهة، فقد ارتكز على عمل تأويلي ينزع نحو فصل الأيقونة عن صلتها التاريخية بالصور المرئية. هكذا نحصل مع الحكم الإدراكي على أول تقديم لـ: "الشيء الفوري'' (التعبير لساندرز بيرس)، وإن بقي فضفاضًا كما الشأن بالنسبة لأشياء غير معلومة مثل خُلْد الماء. إذن، لا يعتبر قط الشيء الفوري تجربة ''خاصة'' للمعرفة؛ بل تم تأويله نتيجة خاصيته العمومية، مما ينزع عن الشيء الذي تأتى لنا من خلال الإدراك، خاصيته المفردة، وبالفعل يمنح السعي المعرفي أول لمحة عن موضوع يمكن رؤيته ثانية ثم/أو يتجدد.
يعتقد إيكو بأن السيميوزيس الإدراكي يتطور حينما نتمكن من التلفظ بحُكْم إدراكي حول شيء معين بفضل سيرورة استدلالية؛ بحيث يعكس نتاجًا برهانيا. تتبلور هذه السيرورة عند مستويات مختلفة: يتعلق أولها بـ"أنماط معرفية، تجاوزتها ما اصطلح عليه: "محتويات متعلقة بالنواة'' وأخيرًا "محتويات متعلقة بالكتلة"، التي استحضرها إيكو قصد تمييزه بين الذي نعرفه بالتجربة– الأنماط المعرفية وكذا المتعلقة بالنواة- ثم المعرفة المتأتية عن طريق الثقافة. في إطار هذا السياق، يناقش إيكو انطلاقًا من أعمال البولونية "آنا ويرزبيكا"، معطيات سيميائية أصلية وكلية، بمعنى تلك الصيغ الأولى للدلالة، أساس مختلف اللغات والثقافات.
يفضي هذا النقاش مرة أخرى نحو التمييز بين المعجم والموسوعة، فالأول يمثل المعارف اللسانية والثاني يمثل مجموع معارفنا المتعلقة بوقائع العالَم، المفترض لا نهائيتها، أو على الأقل كونها منفتحة بشكل واسع. لقد لاحظت باتريزيا فيولي بأن الموسوعية ربما تقود نحو فروق أخرى تخفيها جزئيًا، كالتعارض بين الأساسي والطارئ، الذاتي والموضوعي، الحقائق الفعلية ثم التي حصلنا عليها من خلال حُكْم معين، وأخيرًا، السيميائي والتداولي.
تحيل مختلف هذه التمايزات، في نهاية المطاف، إلى التمييز بين التحليلي والتركيبي، وكذا إمكانية التمييز بين اللساني وغير اللساني، ثم علاقات الكائن مع اللغة كمحور حقيقي لهذه المرحلة من العمل الفكري لدى أمبرتو إيكو.
رداء الفلسفة:
مفاد الفكرة، المنحدرة من كتاب إيكو: "دراسة في السيميائيات العامة"''، أن نظامًا دلاليًا بمثابة بناء سيميائي مستقل يمكنه السماح بتناول العلاقات بين مختلف جوانب مشروع إيكو. يمثل الاختلاف الذي يرسمه بين التوظيف والتأويل، نقطة محورية في سبيل فهم التحليل الذي يطبقه على النصوص، ويسمح بالتساؤل حول نمط الحقيقة من هاملت إلى شكسبير، ومن الرداء الأحمر أو شارلوك هولمز، وكذا وضعية الحقائق الثقافية. إنها نفس الأفكار التي تلهم القيمة النظرية لإيكو، ونشاطه العملي على مستوى الترجمة، وكذا عشقه للسرد والصور. يمزج إيكو بين طيات نصوص رواياته شغفه بالسرد وكذا موسوعيته المذهلة: بحيث تصبح السيميائيات في ظل مختلف ذلك مجرد جناية خيالية، والماضي يخفي الحاضر والمستقبل، ثم تلتقي الفلسفة بالرواية الشعبية.
تشكل القضية الفلسفية عن العلاقة بين الكائن واللغة، أساس اهتمام إيكو بالأشكال الثقافية للكائن، والنصوص، والحكايات، وإبداعات الشعراء، لأنه مثلما كتب على صفحات:"ست نُزْهات في غابة السرد"، فقد أتت النصوص الخيالية كي تقدم الغوث إلى فقرنا الميتافيزيقي: فمن خلالها نبحث عن التاريخ الذي بوسعه إعطاء معنى لوجودنا.
من بين أعمال أمبرتو إيكو الذي حظيت بثروة كبيرة في فرنسا، نذكر كتاب: "التعاون التأويلي في النصوص السردية"، الصادر سنة 1979، الذي أوضح بأن تأويل نص يقوم على تعاون فعال بين الكاتب والقارئ. يدرس إيكو، داخل نص، ما يشكل شرارة بخصوص حرية التأويلات وينظمها في الوقت نفسه؛ يبحث عن "بنية انفتاح العمل": ما لا يفصح عنه النص قط، لكنه يفترضه، يبشر به، مما يقتضي في الوقت ذاته، المضمر ثم الاهتداء بقرائه نحو ملء مساحات فارغة. يسمي إيكو: "''القارئ النموذجي" كناية عن قارئ مثالي، يمتلك مختلف مرجعيات النص، بما فيها الضمنية، من ثمة قدرته على تحيين مختلف ممكناته .بالتأكيد، يحيل تصور من هذا القبيل على رمز خيالي، لأن القارئ الفعلي كما الشأن بالنسبة إلينا يلاحق على العكس إبان القراءة تجربة جوانب قصوره الذاتية.
شعرية غاستون باشلار:
في كتابه المعنون: "''الأثر المفتوح" (1962)، يتبنى إيكو، شعرية غاستون باشلار، دون الإشارة إليها بالاسم. بجانب مؤلفات"نتعلم منها بأناة"، ثم "كتب ضخمة" يدرس من خلال باشلار نظام العالم، يضع فيلسوفنا المنعزل على طاولته، بمحاذاة: "الأشياء القابعة داخل حدود شكلها"، كتب الشعراء والروايات. هكذا، أسس باشلار فلسفة للقراءة، وكذا جمالية للخيال الأدبي، بفضل تأملات شاردة حول العناصر، تستدعي: "''أفكارًا دون مقاس"، وتبعث "صورًا دون كابح".
اهتمت أبحاث إيكو بموضوعات الشعر، والموسيقى، والتشكيل، هنا يصبح في وسعنا أن نستشف مع بنيات الأثر إيحاء رؤية للوجود تمر بالأحرى عبر البنية الخفية بدل الموضوع الظاهر. اختار إيكو نماذجه من الشعراء الفرنسيين، مثل بول فاليري بول فيرلين وكذا ستيفان مالارميه، حيث تعيين الموضوع لدى هؤلاء يعني إلغاء لثلاثة أرباع بخصوص متعة القصيدة، وقد خلقتها سعادة التنبؤ شيئًا فشيئًا ثم استلهام أحلام.
تتوخى شعرية الإيحاء هذه، أن تترك العمل منفتحًا أمام حرية قرائه، يتجسد بفضل الأحاسيس وكذا خيال التأويلات، بحيث يستخلص القارئ من دواخله الجواب الأكثر عمقًا، وقد هيأه سبيل التناغم المدهش الذي يفضي نحو الحساسية والخيال. هكذا، ينطوي العمل الفني في ذاته على تأويلات عدة.
بدل، أن يجعلنا الفن ضمن نطاق اكتشاف العالم، سيخلق أشكالاً أخرى تضاف إلى القائمة لكن لها حياة وقوانين خاصة بها. تقتضي اللغة الشعرية، عند إيكو، هذا الانقلاب على مستوى الوظائف العاطفية والمرجعية للغة، بحيث ينبغي لكل دلالة البقاء على نحو غير محدد كي تتمكن من الارتباط بدلالات أخرى، تنتجها قراءات متعاقبة للقصيدة. مادامت الفيزياء الجديدة قد اختبرت أهمية اللاحتمي، لذلك لا يمكننا الاستغراب بأن القارئ قد أذهلته الإمكانية اللانهائية للأثر المنفتح، الذي يأخذ على عاتقه انعكاسات لا واعية، ويدعو إلى وضع العلِّية جانبًا، ثم تجاهل كل تواطؤ سيميائي قصد التمكن من بلورة اكتشافات غير متوقعة وإرساء تحالفات جديدة. داخل هذا المضمار تحديدًا، يتبنى إيكو نظريات غاستون باشلار حول الخيال المبدع.
الخيال الخلاق حسب باشلار:
الصور بمثابة قوى نفسية أولى، أكثر قوة من الأفكار والتجارب التي نحياها. فإذا كانت الصور منقطعة كي تنتج ثانية الأحاسيس تقريبًا بأمانة، فإننا: "لا نرى قط كيف يمكن للخيال تجاوز هذا الدرس الأول. بوسع الخيال حينئذ الاكتفاء بتعليقات". نعتقد مع: "الإضاءة الخاطئة للإيتيمولوجيا"، بأن: "الخيال مجرد مَلَكة لتشكيل الصور. لكنه بالأحرى قدرة على تحوير الصور التي يقدمها الإدراك، بل يمثل أساسا مَلَكة انتشالنا من الصور الأولى، وتغيير هذه الصور. بالتالي، إذا لم يتحقق تحوّل للصور، وتآلف غير متوقع لها، فلا معنى للحديث عن الخيال، مع غياب الفعل المتخيّل. أيضًا، إذا لم يحرضنا حضور صورة، للتفكير في أخرى غائبة، ولم تحدد صورة طارئة خصوبة صور شاذة، ثم تشظيًا على مستوى الصور، فلا مجال للحديث بهذا الخصوص عن خيال. هناك الإدراك، ذكرى إدراك حسي، ذاكرة عادية، ألوان وأشكال معتادة. لذلك فاللفظة الجوهرية التي تتناسب والخيال، ليست لفظة صورة، بل المتخيَّلِ".
يعكس الاشتغال على العوالم السردية وكذا الموضوعات الثقافية، لدى أمبرتو إيكو مناسبة جديدة كي يطرح سؤالاً فلسفيًا مركزيًا: ذلك المتعلق بطبيعة العلم، أو بالأحرى العلوم. تنتمي معرفة العالم لديه إلى العلم؛ لكن بخصوص هذه الفكرة يضمر إيكو تصورًا واحدًا ومتعددا في الوقت نفسه. يُطرح التباين لديه، بين العلوم الطبيعية وعلوم الثقافة، عند المستوى السيميائي. الأولى تأويل للمعطيات، وهي بالتالي من الدرجة الأولى، بينما الثانية تجسد تأويلات من الدرجة الثانية إلى اللانهائي. لكن ابتداء من اللحظة التي تستهدف خلالها رموزًا ذات صلاحية عامة وكذا موضوعات يمكن ملاحظتها عموميًا، ويحتفظ الاثنان بعناصر مشتركة تمثل سمة علميتها.
لقد أرسى أمبرتو إيكو دعائم مقاربة "توفيقية" للسيميائيات، ظلت منفتحة على كل مراجعة، أدركت كيفية تحقيق تكامل بين التراث الفلسفي والمنطقي، وكذا تراث هيلمسليف، ثم التقليد البنيوي. فالسيميائيات العامة بالنسبة إليه فلسفة للغة، تطبق مقولاتها الخاصة على مختلف الأشكال التعبيرية. ففي كل مرة ترتبط خلالها صفة "شامل"''بدراسة ظواهر اللغة، الدلالة، التواصل، نجدنا أمام ما يسميه بـ: "بادرة فلسفية"، خلال حديثه عن سيميائيته العامة. والحال، بالنسبة لأمبرتو إيكو، تنزع تحديدًا النظرة الفلسفية صوب ما هو عام.
مرجع المقالة:
Claudia Stancati :La vie Des idées ;16 décembre 2016
تغريد
اقرأ لهذا الكاتب أيضا
- رواية المحاكمة: الجميع مذنب
- أرخبيل غولاغ: الرواية التي زلزلت إمبراطورية
- جاك ديريدا: إرثه بعد عشر سنوات من وفاته!*
- خورخي بورخيس: عالمي هو المكتبة
- كيف تصبح كاتبًا : حوار مع عبد الفتاح كيليطو*
- سفيتلانا أليكسيفيتش: الحرية درب طويل وشاق
- المهم أن تكون إنسانًا
- أحقّاً هو الشاعر أرثر رامبو؟
- جوزيف كيسيل في سوريا
- النزعتان الإنسيانيتان 1
- 1984: أو الصحن الطائر للخيال العلمي1
- تأثير غاستون باشلار في النقد الأدبي الفرنسي
- تودوروف: الديمقراطية بين التوتاليتارية والليبرالية الجديدة*
- حول الدولة: دروس بيير بورديو في كوليج دو فرانس
- الصورة الأدبية
- ظهور الرواية: دون كيشوت والانقلاب السري؟
- رولان بارت في ذكرى ميلاده المئوية
- ألبير كامو: فرنسا، الجزائر، والسياق الاستعماري
- بيرنار بيفو: «أن تشيخ مزعج جدًّا»
- تفاصيل محاكمة شارل بودلير
- غاستون باشلار: «أنا أستاذ سيئ لتدريس الأدب»
- فضاء المنزل.. شاعرية الحلم اللانهائي
- ستون سنة عن رحيل ألبير كامو: سجال يحتدّ
- أمبرتو إيكو: درس في السيميائيات العامة
- جان بول سارتر والوجودية العربية، الصدمة والقطيعة
- سيلفي لي بون دوبوفوار: رسائل أمي إلى نيلسون ألغرين (1947- 1964)
- ألبير كامو وماريا كازارس: حبّ جارف..
- كتابات عن الطاعون
- غاستون باشلار: ملهم الشعرية الحديثة
- محمد عابد الجابري وغاستون باشلار
- حيثيات وفاة رولان بارت
- غاستون باشلار: الرياح
- غاستون باشلار: اللحظة الشعرية واللحظة الميتافيزيقية
- حول الدولة: دروس بيير بورديو في كوليج دو فرانس
- بيير بورديو: ماهية النيوليبرالية؟
اكتب تعليقك