العادات الدقيقة: تغييرات صغيرة جدًا ونتائج مذهلةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2021-01-30 22:13:09

د. عمر عثمان جبق

سلطنة عمان- جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، كلية التربية بالرستاق (قسم اللغة الإنجليزية وآدابها)

الكتاب: "العادات الدقيقة: تغيرات صغير جداً ونتائج مذهلة"  

المؤلف: جيمز كلير

الناشر: Avery

عدد الصفحات: 320 صفحة.

تاريخ النشر:2018.

الرقم المعياري الدولي: ISBN-13 : 978- 0735211292

الكتاب عبارة عن دليل عملي لكيفية تشكيل العادات الجيدة، وتغيير العادات السلبية بطريقة سهلة الفهم والتطبيق. ويعتمد الكاتب في إثبات وجهة نظره على دراسات وأبحاث من علم الأحياء وعلم الأعصاب والفلسفة وعلم النفس، وغيرها من العلوم التي تعالج موضوع تشكيل العادات الإيجابية والتخلص من العادات السلبية. يقترح الكاتب نموذجًا يضمّ أربع خطوات هي: المحفّز والرغبة والاستجابة والمكافأة، بالإضافة إلى قوانين تغيير السلوك الأربعة التي تنشأ من هذه الخطوات الأربعة. وهذه القوانين عبارة عن مجموعة قواعد بسيطة يمكننا استخدامها لتشكيل عادات أفضل من العادات التي تعودنا عليها، وهذه القوانين هي: جعل العادة واضحة وجذّابة وسهلة ومُرْضية. ويعدّ النموذج الذي يطرحه الكاتب إطارًا مدمجًا من علوم الإدراك المعرفي والعلوم السلوكية يحاول من خلاله الكاتب أن يفسر آثار المحفزّات الخارجية والعواطف الداخلية على العادات الإنسانية. ويعتقد الكاتب أن تفاصيل قوانين تغيير السلوك الأربعة التي يقدمها، بالإضافة إلى تطبيقاتها، تقدّم طريقة جديدة في التفكير بعاداتنا.

ينطلق المؤلف من قاعدة عامة وهي أنّ السلوك الإنساني في تغيّر دائم من موقف إلى آخر، وبين لحظة وأخرى، إلا أنّ المؤلف يتطرّق إلى الأشياء التي لا تتغير في أساسيات السلوك البشري مثل المبادئ الدائمة التي يمكننا الاعتماد عليها على الدوام سنة تلو الأخرى لتشكيل عملنا وأسرنا وحياتنا. ويعتقد المؤلف أنه لا يوجد هناك طريقة واحدة صحيحة لتشكيل أفضل العادات، ولكن يحاول في كتابه هذا أن يقدم أفضل طريقة فعالة لتشكيل العادات الجدية، جرّبها الكاتب على نفسه، وعلى أشخاص في مجالات عمل مختلفة. يتألف الكتاب من مقدمة للمؤلف وعشرين فصلاً وخاتمة.

يحمل الفصل الأول عنوان: "الأساسيات: لماذا تُحدث التغييرات الصغيرة فرقًا كبيرًا؟"، في إشارة إلى عنوان الكتاب "العادات الدقيقة/الذريّة". يعتقد المؤلف أنّ العادات عبارة عن الفائدة المركبة لتطوّر الذات؛ فعندما نتطور بمقدار واحد بالمئة كل يوم، فهذا يؤدي إلى التطور الكبير على المدى البعيد. فالعادات سلاح ذو حدين تعمل لصالحنا أو ضدنا. لذلك فإنّ فهم التفاصيل الدقيقة أمر أساسي. غالبًا ما تبدو التغييرات الصغيرة بلا أثر، إلى أن يتخطى المرء سقفًا أو حدًا حرجًا. عندها يدرك الأثر التراكمي للتغييرات الصغيرة. تتأخرّ في العادة أقوى نتائج أي عملية تراكمية؛ لذلك ينبغي التحلّي بالصبر. والعادة الدقيقة أو الذريّة هي عادة صغيرة تشكل جزءًا من نظام أكبر. تُعدّ العادات الدقيقة لبِنات بناء في النتائج الكبيرة المذهلة، تمامًا كالذرات التي تُعدّ لبِنات بناء للجزيئات الذرية. وإذا كنت تريد نتائج أفضل فعليك أن تنسى وضع الأهداف، وتركز على نظامك بدلاً من ذلك؛ فأنت لا ترتقي إلى مستوى أهدافك بل تهبط/تنحدر إلى مستوى أنظمتك. وسمّيت العادات بذلك لأنها تتكرر، ولكي تغيّر عادة ما عليك أن تغيّر نظامك بشكل كامل.

يحمل الفصل الثاني عنوان: "كيف تشكّل عاداتك هويتك، والعكس بالعكس؟". هناك ثلاث مستويات للتغيير هي: تغيير النتائج، وتغيير العملية، وتغيير الهوية. أكثر طريقة فاعلة لتغيير عاداتك هي من خلال التركيز على الشخص الذي ترغب أن تتحوّل إليه، بدلاً من التركيز على الشيء الذي تريد أن تحققه؛ فهويتك تنبثق من عاداتك، وكُلّ عمل تقوم به هو بمثابة تصويت لنوع الشخص الذي ترغب أن تكونه. ويتطلب التحوّل إلى أفضل نسخة من شخصيتك أن تصحّح معتقداتك باستمرار، وتطوّر هويتك وتوسعها بحيث تصبح أكثر تفهّمًا وتقبّلاً وانفتاحًا. إنّ السبب الحقيقي وراء أهمية العادات ليس في أنها تجلب لك أفضل النتائج (مع أنها قد تفعل ذلك)، ولكن في قدرتها على تغيير معتقداتك عن نفسك قبل كل شيء.

يحمل الفصل الثالث عنوان: "كيف تنشئ عادات أفضل في أربع خطوات؟". العادة عبارة عن سلوك يتكرر لعدد مرات كثيرة جعلت منه عادة أوتوماتيكية. لذا فإن تغيير أي عادة إلى عادة أفضل منها يخضع لنفس المبدأ؛ وهو تكرير العادة الجديدة كثيرًا بحيث تصبح أوتوماتيكية الفعل. إنّ الهدف النهائي من العادات هو حل مشاكل الحياة بأقل طاقة وجهد ممكنين. ويمكن تقسيم أي عادة إلى دورة تغذية راجعة تتضمن أربع خطوات هي: المحفّز والرغبة والاستجابة والمكافأة. فعند القيام بأي عادة هناك ما يحفّزنا للقيام بها، وعادة ما يكون المحفّز عاملاً خارجيًا، ثم تتولّد لدينا الرغبة بالقيام بالعادة، ومن ثم نستجيب لهذه الرغبة وننفذ العمل أو العادة في هذه الحالة، وأخيراً نحصل على المكافأة من خلال الحصول على شيء ما مادي أو معنوي أو كلاهما. ولكي نحقق هذه الخطوات الأربع، يقترح الكاتب أربع قوانين لتغيير السلوك وهي عبارة عن مجموعة بسيطة من القوانين التي يمكننا استخدامها لبناء عادات أفضل. هذه القوانين هي: اجعل العادة واضحة وجذّابة وسهلة ومُرْضِية.

يحمل الفصل الرابع عنوان: "القانون الأول: اجعلها واضحة"، في إشارة إلى القانون الأول من قوانين تغيير السلوك. مع الممارسة الكافية فإن الدماغ سيختار المحفّزات التي تتوقع نتائج محددة دون التفكير الواعي بها. وعندما تصبح عاداتنا أوتوماتيكية فإننا نتوقف عن الانتباه لما نقوم به لأنه يصبح أوتوماتيكيًا، لا يتطلب تفكيرًا واعيًا. وتبدأ عملية تغيير السلوك بالوعي دائمًا؛ فعليك أن تكون واعيًا ومدركًا لعاداتك قبل أن تتمكن من تغييرها. من خلال الإشارة والكلام فإنك ترفع مستوى الوعي من عادة لا واعية إلى مستوى أكثر وعيًا من خلال التعبير عن أفعالك بترديدها شفهيًا أو كتابتها وقراءتها بصوت مرتفع بحيث تصبح واضحة بالنسبة إليك وضوحًا شديدًا. وبإمكانك أيضًا وضع ما يحفّزك على القيام بالعادة الجديدة في مكان ترى فيه المحفّز بشكل واضح جداً ليذكّرك بضرورة القيام بالعادة الجديدة باستمرار. 

يحمل الفصل الخامس عنوان: "أفضل طريقة للبدء في عادة جديدة". إن أول قانون من قوانين تغيير السلوك هو جعل العادة الجديدة واضحة. وهذا يدعو بالضرورة إلى اختيار الوقت والمكان المناسبين للقيام بالعادة الجديدة. ولابد من إنشاء أو تطوير نيّة لتنفيذ العادة الجديدة حسب الوقت والمكان المحددين. ويعدّ إنشاء نية التنفيذ هذه إستراتيجية يمكنك استخدامها لربط العادة الجديدة بوقت ومكان محددين، وتكون صيغة هذه النية كالتالي: سأقوم بهذا السلوك في الوقت كذا، في المكان كذا. وتجميع العادات هو أيضًا إستراتيجية يمكنك استخدامها لربط عادة جديدة بعادة حالية؛ بحيث تكون صيغة تجميع العادات كالتالي: بعد القيام بالعادة الحالية، سأقوم بتنفيذ العادة الجديدة.

يحمل الفصل السادس عنوان: "التحفيز أمر مبالغ فيه: البيئة أكثر أهمية". يمكن للتغييرات الصغيرة في سياقها أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في السلوك مع مرور الوقت. وتبدأ كل عادة من خلال محفّز ما نلاحظه إذا كان بارزًا وواضحًا. لذلك علينا أن نجعل محفّزات العادات الجيدة واضحة جداً في بيئتنا من حولنا حتى تتولّد لدينا الرغبة بالقيام بالعادات الجيدة. وبالتدريج تصبح عاداتنا مصاحبة للمحفّزات، ولكن ضمن السياق الكلي المحيط بالسلوك، وبذلك يصبح السياق أو البيئة المحفّز بحد ذاته. من السهل تشكيل عادات جديدة في بيئة جديدة لأنك لا تقاوم المحفّزات القديمة للعادات القديمة؛ لذلك من المهم جدًا ممارسة العادة الجديدة الجيدة في بيئة جديدة حتى لا تتعارض مع عادات قديمة اعتدت على القيام بها في بيئة قديمة مألوفة. لابد من ربط العادة الجديدة ببيئة خاصّة بها لا تشترك معها أي عادة قديمة.

يحمل الفصل السابع عنوان: "سرّ ضبط النفس". إنّ عكس القانون الأول من قوانين تغيير السلوك (اجعل العادة واضحة جدًا) هو: اجعل العادة مخفية، أو غير مرئية بحيث تنساها مع الوقت. عندما تتشكل العادة فمن غير المرجّح أن ننساها، ولكن من خلال هذا المبدأ الذي يعد عكس القانون الأول، فإنه يمكن للمرء أن ينسى العادة السلبية عندما يجعلها مخفية أو غير مرئية. يميل الناس الذين يمتازون بمستوى عالٍ من ضبط النفس إلى قضاء وقت أقل من غيرهم في مواقف مغرية. وكما هو معلوم فإنّ تجنّب المغريات أسهل بكثير من مواجهتها ومقاومتها. يعدّ تقليل التعرّض إلى المحفّز الذي يسبب أي عادة سلبية من أكثر الطرق العملية للتخلص من العادة السلبية، لأنّ ضبط النفس هو إستراتيجية قصيرة الأمد، ولا تنفع على المدى البعيد. 

يحمل الفصل الثامن عنوان: "القانون الثاني: اجعلها جذّابة"، في إشارة إلى العادة الجديدة. إنّ القانون الثاني من قوانين تغيير السلوك هو: اجعل العادة جذّابة. كلما كانت الفرصة جذابة، أصبح من المحتمل أكثر أن تؤدي إلى تشكيل عادة جديدة. تُعدّ العادات دورة من دورات التغذية الراجعة التي يسببها هرمون الدوبامين؛ إذ كلما ارتفع مستوى هذا الهرمون ازداد مستوى التحفيز لدينا للعمل. ما يدفعنا إلى العمل أو التصرّف ليس إنجاز العمل بل توقّع مكافأة ما بعد إتمام العمل. وكلما كان التوقع كبيرًا، زاد مستوى هرمون الدوبامين لدينا. ويُعدّ تجميع الإغراء من الطرق التي تجعل العادات أكثر جاذبية. وهنا تكمن إستراتيجية ربط العمل الذي نريد القيام به بالعمل الذي ينبغي لنا القيام به؛ بحيث تصبح العادة الجديدة التي نريد أن نقوم بها هي العمل أو السلوك أو الممارسة التي ينبغي لنا أن نقوم بها. وهنا أيضًا يصبح ما نريد القيام به هو ما ينبغي لنا القيام به بالفعل. 

يحمل الفصل التاسع عنوان: "دور الأسرة والأصدقاء في تشكيل العادات". تُحدد الثقافة التي نعيش فيها نوع السلوكيات التي تجذبنا؛ فنحن نميل لتبني عادات تمدحها ثقافتنا، وتوافق عليها لأنه لدنيا رغبة قوية للتأقلم والانتماء إلى المجتمع من حولنا. كما أننا نميل لتقليد عادات ثلاث مجموعات هي: المجموعة القريبة (الأسرة والأصدقاء) والمجموعة الكبيرة (القبيلة) والمجموعة القوية والنافذة (أصحاب المنزلة العالية والفخامة). من إحدى أكثر الطرق الفعّالة التي يمكنك القيام بها لتشكيل عادات أفضل الانضمام إلى إحدى الثقافات حيث: (أ) يكون سلوكك المرغوب به هو السلوك العادي، و(ب) لديك للتوّ شيء ما مشترك مع المجموعة. عادة ما يكون سلوك الجماعة العادي أقوى من سلوك الفرد المرغوب به. وفي أغلب الأحيان نفضّل أن نكون على خطأ مع المجموعة على أن نكون على حق مع أنفسنا فقط. وإذا ما أكسبنا سلوك ما القبول والاحترام والثناء فإننا نجده جذاباً فنتبناه ونكرره.

يحمل الفصل العاشر عنوان: "كيف نجد أسباب العادات السلبية ونعالجها؟". إنّ عكس القانون الثاني من قوانين تغيير السلوك (اجعل العادة جذّابة) هو: اجعل السلوك أو العادة غير جذّابة. من خلال جعل العادة السلبية تبدو قبيحة وغير جذابة يمكننا التخلص منها واستبدالها بعادة إيجابية. لكل سلوك نقوم به رغبة سطحية المستوى، ودافع أساسي أكثر عمقًا. وتعد عاداتنا الحالية حلولاً عصرية للرغبات القديمة. إنّ التوقع الذي يسبق العادات هو في الحقيقة السبب المباشر لها، وهذا التوقع يقود إلى الشعور بالرغبة للقيام بسلوك ما أو عادة ما. ولكي نجعل العادة السلبية تبدو غير جذابة أو قبيحة علينا أن نحدد فوائد تجنّبها. تكون العادات جذابة في العادة عندما نربطها بمشاعر إيجابية، وتكون غير جذابة أو قبيحة عندما نربطها بمشاعر سلبية. ولابد من تشكيل طقس للتحفيز من خلال شيء ما نستمتع به مباشرة قبل القيام بالعادة الصعبة.

يحمل الفصل الحادي عشر عنوان: "القانون الثالث: اجعلها سهلة". القانون الثالث من قوانين تغيير السلوك هو جعل العادة الإيجابية الجديدة سهلة. تعدّ الممارسة وليس التخطيط أكثر نماذج التعلّم الفعّالة. عليك أن تركّز على التصرّف والعمل وليس التفكير أو التخطيط الطويل الذي يؤجّل التصرّف والعمل، وقد يحول دون تنفيذه. يُعدّ تشكيل العادات عملية يصبح من خلالها السلوك أوتوماتيكيًا على نحو مضطرد من خلال التكرار والإعادة. وإن كمية الوقت الذي نؤدي خلاله أي عادة ليست بأهمية عدد مرات القيام بها؛ ما يعني علينا أن نركّز على تكرار العادة الإيجابية كثيرًا حتى يصبح القيام بها أمرًا أوتوماتيكيًا.

يحمل الفصل الثاني عشر عنوان: "قانون أدنى جهد". عادة ما يتّبع السلوك البشري قانون الجهد الأدنى أو الأقل. ننجذب عادة نحو الخيار الذي يتطلّب أقل حجم من العمل. عليك أن توجِد بيئة يكون القيام فيها بالشيء الصحيح أسهل ما يمكن، وعليك أن تقلل من الاحتكاك المصاحب للسلوكيات الإيجابية؛ فعندما يكون الاحتكاك منخفضًا تكون العادات سهلة. وفي المقابل، عليك أن تزيد من الاحتكاك المصاحب للسلوكيات السلبية؛ فعندما يكون الاحتكاك عاليًا تكون العادات صعبة. عليك أن تهيئ البيئة من حولك لجعل أعمالك وتصرفاتك المستقبلية أكثر سهولة فتألفها وتقوم بها بأقل جهد ممكن.

يحمل الفصل الثالث عشر عنوان: "كيف نوقف التأجيل باستخدام قاعدة الدقيقتين". يمكن للعادات أن تكتمل خلال بضع ثوان، إلا أنها تستمر بالتأثير على السلوك لدقائق أو ساعات قادمة. تحدث الكثير من العادات في لحظات حاسمة، وتكون الخيارات أشبه بتفرّعات الطرق؛ فهي إما تأخذك باتجاه يوم مُثمر أو يوم غير مثمر. تنصّ قاعدة الدقيتين على ما يلي: "عندما تبدأ بعادة جديدة، ينبغي أن يستغرق القيام بها دقيقتين." كلما جعلت من بداية أي عملية طقسًا أو عادة، زادت احتمالات الغوص إلى حالة التركيز العميق الضروري للقيام بأشياء مهمة وعظيمة. قبل أن تصل إلى أفضل النتائج عليك أن تؤسس القواعد التي توصلك إلى أفضل النتائج. فأنت لا تستطيع تحسين عادة ليست موجودة!

يحمل الفصل الرابع عشر عنوان: "كيف نجعل العادات الجيدة حتمية والعادات السيئة مستحيلة؟". "اجعل العادة السيئة صعبة" هو عكس القانون الثالث من تغيير السلوك. فعندما تجعل العادة السيئة صعبة من حيث القيام بها فإنك تكون خطوت أول خطوة باتجاه التخلّص منها. لابد من الالتزام أيضًا لأن الالتزام الإرادي المتكرر هو خيار تقوم به في الوقت الحاضر، ويضمن لك سلوكًا أفضل في المستقبل. وأمثل طريقة لضمان سلوك مستقبلي هي في جعل العادات أوتوماتيكية الحدوث. الخيارات التي نقوم بها لمرة واحدة، مثل شراء فرشة سرير أجود أو التسجيل في خطة الادخار الأوتوماتيكي هي أفعال منفردة تجعل من عاداتنا المستقبلية آلية أو أوتوماتيكية وتقدّم عائدات وفوائد متزايدة مع مرور الوقت. ويُعدّ استخدام التكنولوجيا في جعل العادات آلية أو أوتوماتيكية أكثر طريقة فعّالة وموثوقة لضمان السلوك الصحيح.

يحمل الفصل الخامس عشر عنوان: "القاعدة الجوهرية لتغيير السلوك". "اجعل العادة مُرضية" هو القانون الرابع من قوانين تغيير السلوك. من المرجّح أن نكرر السلوك عندما تكون التجربة مُرضية. ويبدو أنّ الدماغ البشري قد تطور بطريقة تجعله يضع في أولياته المكافآت الآنية على حساب المكافآت المرجأة. القاعدة الجوهرية لتغيير السلوك هي: يتم تكرير كل ما يُكافئ مباشرة، ويتم تجنّب كل ما يُعاقَب عليه مباشرة. بمعنى أن الناس تميل إلى تكرير السلوك الذي تتلقى مكافأة عليه، وتتجنّب السلوك الذي تتلقى عقابًا عليه. ولكي نجعل العادة تعلق وتستمر علينا أن نشعر بالنجاح مباشرة، حتى ولو بطريقة صغيرة. تزيد القوانين الثلاثة الأولى من قوانين تغيير السلوك (اجعل العادة واضحة جدًا، واجعلها جذابة، واجعلها سهلة) من احتمال القيام بسلوك ما الآن. أما القانون الرابع (اجعل العادة مُرضية) فيزيد من احتمال إعادة ذلك السلوك في المرة القادمة.

يحمل الفصل السادس عشر عنوان: "كيف نستمر مع العادات الجيدة كل يوم؟". من أكثر مشاعر الرضا هو الشعور بأننا نحرز تقدّمًا. من الطرق البسيطة التي تقيس قيامك بعادة ما من عدمه استخدام معقب للعادات، كأن تضع علامة "إكس X" على التقويم. إن من شأن معقّبات العادات وأشكال القياس البصرية الأخرى أن تجعل عاداتك مُرضية من خلال تقديمها دليلاً واضحًا على تطورك وتقدمك. ولا تقم بكسر السلسلة؛ حاول أن تستمر بالقيام بالعادة كي تبقيها حيّة. لا تترك العادة مرّتين؛ فإذا فاتك القيام بها لمرّة واحدة ذات يوم، حاول أن تعود إلى المسار الصحيح في أسرع ما يمكن حتى لا تألف ترك العادة. لمجرد مقدرتك على قياس شيء ما فهذا لا يعني أنّه أهم شيء في الحياة. فأهمية شيء ما تدفعنا إلى القيام به مرة تلو الأخرى تلو الأخرى حتى وإن تعذّر قياسه علميًا. 

يحمل الفصل السابع عشر عنوان: "كيف يمكن لشريك المساءلة أن يغير كل شيء؟". "اجعل العادة غير مُرضية" هو عكس القانون الرابع. من غير المرجّح أن نكرر عادة سيئة إذا كانت مؤلمة أو غير مُرضية. يمكن لشريك المساءلة أن يوجد كلفة آنية لعدم اتخاذ أي عمل أو تصرّف؛ فنحن نكترث كثيرًا برأي الناس فينا، ولا نريد أن يكون رأيهم فينا ضعيفًا أو سلبيًا. يمكن استخدام عقد العادة (عقد تبرمه بين نفسك والعادة التي تريد القيام بها) لإضافة كلفة اجتماعية إلى أي سلوك، ويمكن لهذا العقد أن يجعل تكلفة النكوص بالوعود مؤلمة على الملأ. يمكن لمعرفة أن شخصًا ما يراقبنا أن تكون محفّزًا قويًا لنا كي نلتزم بسلوك ما، ولا نتراجع عنه.

يحمل الفصل الثامن عشر عنوان: "تكتيكات متقدمة: كيف نتحول من جيد فقط إلى ممتاز بالفعل؟". اختيار مجال المنافسة الصحيح هو السرّ وراء زيادة فرص نجاحنا. عندما نقوم باختيار العادة الصحيحة يكون التقدم أو التطور سهلاً. وبالمقابل، عندما نختار العادة الخطأ تتحول حياتنا إلى صراع مؤلم. لا يمكن تغيير المورّثات بسهولة، وهذا يعني أنها تقدّم فائدة قوية جداً في ظروف مواتية، وعائقًا أو عيبًا خطيرًا في ظروف غير مواتية؛ لذلك فإنّ العادات تكون سهلة عندما تنسجم مع قدراتنا الطبيعية. ولكي ننجح ونبرع علينا أن نختار عادات تناسبنا جدًا. وبلغة الرياضة، علينا أن نلعب رياضة أو لعبة تنحاز إلى نقاط قوتنا، وفي حال لم نجد لعبة أو رياضة تنحاز إلى قدراتنا علينا أن نعمل على إيجاد أو ابتكار واحدة. المورّثات لا تزيل الحاجة إلى العمل الجادّ؛ لكنّها توضّح الحاجة إلى ذلك، فهي توجّهنا إلى العمل الذي ينبغي لنا أن نعمل فيه بجد.

يحمل الفصل التاسع عشر عنوان: "قاعدة جولديلوكس Goldilocks Rule: كيف نبقى متحفّزين في الحياة والعمل؟". تنصّ قاعدة جولديلوكس على أن البشر تشعر بقمّة التحفيز عندما يعملون على مهام قريبة جدًا من قدراتهم الحالية. إنّ أكبر تهديد للنجاح ليس الفشل، وإنما الملل. وعندما تصبح العادات روتينية فإنها تصبح أقل إمتاعًا وإرضاءً؛ وبالتالي فإننا نملّها. بإمكان الجميع العمل بجدّ عندما يكونون متحفّزين. والقدرة على الاستمرار بالعمل عندما لا يكون العمل مثيرًا هي ما يُحدِث الفارق. يلتزم المحترفون بجداولهم وأعمالهم؛ بينما يسمح الهواة للحياة أن تتدّخل وتصرفهم عن جداولهم وأعمالهم.

يحمل الفصل العشرون عنوان "من مساوئ تشكيل العادات الجيدة". من إيجابيات العادات الجيدة أنه بإمكاننا القيام بالأشياء من دون تفكير. ومن سلبيات أو مساوئ العادات الجيدة أننا نكفّ عن الانتباه للأخطاء الصغيرة. الصيغة المنطقية هي أنّ العادات مع الممارسة المقصودة لها، تؤدي إلى الإتقان. وبعد فترة من ممارسة العادات ندرك أنها أصبحت تشير إلى هويتنا وشخصيتنا. من المهم التأمّل في العادات ومراجعتها كل فترة من الزمن لأن ذلك يساعدنا على البقاء مدركين لأدائنا مع مرور الوقت. وكلما تمسّكنا بهويتنا بقوة أكبر، أصبح من الصعب جدًا الخروج منها أو مفارقتها، وكذلك العادات الإيجابية/السلبية؛ فكلما ترسّخت فينا أكثر، أصبح من الصعب جدًا التخلي عنها أو مفارقتها.

ويختم الكتاب ببعض الأفكار الختامية للمؤلف يقول فيها: عندما نسعى إلى التطوير يمكننا تدوير قوانين تغيير السلوك الأربعة إلى أن نجد عنق الزجاجة، وهذه القوانين هي: اجعل العادة واضحة جداً، واجعلها جذابة واجعلها سهلة واجعلها مُرضية. ندوّر هذه القوانين مرة تلو مرة، ودائمًا نبحث عن الطريقة التالية للتطوّر بنسبة 1%. ويكمن سرّ الحصول على نتائج تدوم في عدم التوقف عن التطوّر والتحسّن. من المبهر ما تستطيع بناءه إذا استمريت ولم تتوقف. ومن المبهر أيضًا العمل الذي يمكنك بناءه إذا أنت لم تتوقف عن العمل؛ ومن اللافت للنظر الجسم الذي يمكنك بناءه إذا أنت لم تتوقف عن التدريب. ومن اللافت للنظر المعرفة التي يمكنك بناءها إذا أنت لم تتوقف عن التعلّم. ومن اللافت للنظر الثروة التي يمكنك بناءها إذا أنت لم تتوقف عن الادّخار. ومن الرائع أيضًا الصداقات التي يمكنك بناءها إذا أنت لم تتوقف عن الاهتمام. باختصار إنّ العادات الصغيرة مهمة جدًا وتصنع فارقًا كبيرًا لأننها تتجمّع وتتحد؛ وهنا تكمن قوة العادات الدقيقة/الذريّة: إنها تغييرات صغيرة جدًا تُحدِث نتائج مذهلة!


عدد القراء: 4811

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-