غابرييل ماركيز روائي عاش ليرويالباب: وجوه

نشر بتاريخ: 2024-09-26 20:45:21

ناصر بن محمد الزمل

غابرييل غارسيا ماركيز Gabriel García Márquez روائي وصحفي كولومبي. يُعد أحد أهم مؤلفي القرن العشرين، ولا سيما في اللغة الإسبانية، ومن أشهر كتّاب الواقعية العجائبية، وتعد روايته «مئة عام من العزلة» 1967 One Hundred Years of Solitude من أشهر ما ألف هي الأكثر تمثيلاً لهذا النوع الأدبي، وبعد النجاح الكبير الذي لاقته الراوية، فإنه تم تعميم هذا المصطلح على الكتابات الأدبية بدءًا من سبعينيات القرن العشرين. وكذلك من أشهر رواياته «الحب في زمن الكوليرا» 1985 Love in the Time of Cholera. نال شهرة واسعة في عالم الرواية، إذ حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1982.

الحياة المبكرة

ولد غابرييل غارسيا ماركيز في 6 مارس 1927 في قرية أراكاتاكا Aracataca في كولومبيا، لأبوين غابرييل إليجيو غارسيا ولويزا سانتياغا ماركيز إيغواران. ونشأ السنوات الثماني الأولى من حياته مع أجداده، الكولونيل نيكولاس ماركيز (من قدامى المحاربين في حرب الألف يوم [1899-1903]) وترانكويلينا إيغواران كوتس دي ماركيز في طفولة وصفها لاحقًا في مذكراته الأولى «عشت لأروي» بأنها سبب كل أعماله، ومنحه جده، الناشط السياسي الليبرالي وبطل حربين أهليتين، وعيًا سياسيًا منذ صغره، وهناك سمع ماركيز الكثير من القصص والحكايات، وبدأ أول خيوط السرد القصصي يُنسج في عقله، مكوّنًا نمطًا قويًا وممتعًا للحكاية، يُحاكي نمط الحكاية الذي يتبعه جدّه. يقول ماركيز: «ليست الذكرى الأكثر ديمومة وحيوية عندي هي ذكرى الناس، بل هي ذكرى البيت الحقيقي في آراكاتاكا الذي عشت فيه مع الجدين».

ويعد ماركيز هو أكبر أبناء لويزا سانتياغا ماركيز وغابرييل إليجيو غارسيا. كان والده، كاتب بريد وعامل تلغراف وصيدلاني متجول، بالكاد يستطيع إعالة زوجته وأطفاله الاثني عشر؛ وبعد وفاة جده نيكولاس، انتقلوا إلى بارانكويلا، وهو ميناء نهري. وعندما بلغ من العمر 13 عامًا، جاء إلى بوغوتا لدراسة المرحلة الثانوية. بدأ لاحقًا بدراسة القانون، لكنه تخلى عن هذه الدراسات ليعمل صحفي وكاتب. وخلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، عمل مراسلاً أجنبيًا في باريس ونيويورك وأماكن أخرى. في أواخر الستينيات، ترك الصحافة ليكرس نفسه لكتابته الإبداعية. في النهاية، استقر غارسيا ماركيز في مكسيكو سيتي، حيث عاش حتى وفاته.

أحب غارسيا الكتابة، وعشق سرد القصص الأسطورية والخرافية، تلك القصص التي تجعل القارئ تائهاً بين التصديق والتكذيب، ومن أجل الكتابة قرر في العام 1949 التخلي عن دراسة الحقوق بسبب رسوبه في الدراسة، لدرجة أغضبت والده الذي قال له ذات يوم: «سينتهي بك المطاف إلى أن تأكل الورق»، وعندما حاول أحد أصدقائه أن يدافع عنه، موضحًا أن ماركيز في طريقه ليصبح واحدًا من أفضل كتّاب القصّة القصيرة في كولومبيا والعالم، انفجر الأب صائحًا: «إنه قصّاص، حسنًا، طالما كان كذّابًا منذ طفولته».

في خضمِّ هذه الظروف القاسية، بالإضافة إلى إحباطات والده، ودور النشر التي نصحته في بداية مشواره الأدبي بالبحث عن مهنة أخرى غير الكتابة، شقّ ماركيز طريقه نحو الإبداع، متحدّيًا كل العقبات التي واجهته، ليصبح فيما بعد أحد أهم أعمدة الأدب اللاتيني، وأحد أفضل كُتّاب الواقعية السحرية على الإطلاق.

مهنة الكتابة

تلقى غارسيا ماركيز تعليمه في كلية يسوعية وفي عام 1946 بدأ بدراسة القانون في جامعة بوغوتا الوطنية. عندما كتب رئيس تحرير المجلة الليبرالية "El Espectador" مقال رأي يفيد بأن كولومبيا ليس لديها كتاب شباب موهوبون، أرسل له غارسيا ماركيز مجموعة من القصص القصيرة، والتي نشرها المحرر تحت عنوان: «عينا الكلب الأزرق» Eyes of a Blue Dog.

المنفى من كولومبيا

في عام 1954، نشر غارسيا ماركيز قصة إخبارية عن بحار نجا من حطام سفينة مدمرة تابعة للبحرية الكولومبية. على الرغم من أن الحطام كان منسوبًا إلى عاصفة، إلا أن البحار ذكر أن البضائع المهربة غير القانونية التي تم تخزينها بشكل سيئ من الولايات المتحدة قد انفجرت وأوقعت ثمانية من أفراد الطاقم في البحر. أدت الفضيحة الناتجة عن ذلك إلى نفي غارسيا ماركيز إلى أوروبا، حيث واصل كتابة القصص القصيرة والأخبار وتقارير المجلات.

الزواج والعائلة

تزوج غارسيا ماركيز من مرسيدس بارشا باردو في عام 1958، وعاش الزوجان في المكسيك لأكثر من نصف قرن، ورُزقا بطفلين: رودريجو، المولود عام 1959، وهو الآن مخرج تلفزيوني وأفلام في الولايات المتحدة، وغونزالو، المولود في مكسيكو سيتي عام 1962، وهو الآن مصمم جرافيك.

النشاط السياسي

كان غارسيا ماركيز منفيًا من كولومبيا في معظم حياته الراشدة، وكان اشتراكيًا طوال حياته، وصديقًا لفيدل كاسترو: كتب لـ La Prensa في هافانا، وحافظ دائمًا على علاقات شخصية مع الحزب الشيوعي في كولومبيا، على الرغم من أنه لم ينضم أبدًا كعضو. أرسلته إحدى الصحف الفنزويلية وراء الستار الحديدي إلى دول البلقان، واكتشف أنه بعيدًا عن الحياة الشيوعية المثالية، حيث يعيش سكان أوروبا الشرقية في رعب.

وقد حُرم مرارًا وتكرارًا من تأشيرات دخول سياحية إلى الولايات المتحدة بسبب ميوله اليسارية، وكانت زيارته الأولى للولايات المتحدة نتيجة دعوة وجهها الرئيس بيل كلينتون إلى مارثا فينيارد.

شارك غارسيا ماركيز، الذي لطالما أشار إلى نفسه على أنه «آخر متفائل في كولومبيا»، عن كثب في مفاوضات السلام. قدم باسترانا إلى صديقه القديم فيدل كاسترو، الذي كان بإمكانه تسهيل المحادثات مع رجال حرب العصابات، وساعد في استعادة العلاقات الجيدة بين واشنطن وبوغوتا. قال بيل ريتشاردسون، وزير الطاقة الأمريكي، مطلع هذا الصيف: «لن أقول إن غابو هو من جلب كل هذا، لكنه كان حافزًا». تمت دعوة غارسيا ماركيز من قبل عائلة كلينتون إلى البيت الأبيض عدة مرات، ويقول أصدقاؤه إنه سيساعد في تحقيق تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا.

جدل متزايد

امتُدح ماركيز لجودة وثراء لغته النثرية التي استخدمها للتعبير عن خياله الخصب. بينما رأى البعض أن أعماله بها مبالغة شديدة ويستخدم أسلوبًا خرافيًا للهرب من عدم استقرار بلاده.

وجاء أسلوب ماركيز الأدبي المتفرد نتيجة لمزيج من التخبط السياسي والترابط العائلي والالتزام الديني وتصديق الخرافات. وتُظهر أعماله، مثل «الجنرال في متاهته» The General in His Labyrinth و«خريف البطريرك» The Autumn of the Patriarch، حماسه السياسي المتزايد بعد متابعته للعنف المتزايد في كولومبيا.

واستمر ماركيز في تقديم أعمال ذات ميول يسارية، وأصبح صديقًا شخصيًا للرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران. كما جسد مصالح صديق آخر، وهو الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، في «بوغوتا».

ورغم الجدل السياسي المتزايد، تأكدت موهبة ماركيز الأدبية المتفردة بنشر روايته «الحب في زمن الكوليرا» عام 1986. وتحكي قصة رجل يزداد ولعه بامرأة على مدار 50 عامًا حتى يصل إليها في النهاية.

وانخرط ماركيز في العديد من المناظرات السياسية، أبرزها مع الكاتبة سوزان سونتاغ، بخصوص دفاعه عما رآه النقاد القمع المتزايد في كوبا، وتسبب ذلك في منعه من دخول الولايات المتحدة لبعض الوقت. ورُفع هذا المنع لاحقًا، وتلقى ماركيز العلاج من مرض سرطان الغدد الليمفاوية في كاليفورنيا.

وحصل ماركيز على جائزة نوبل في الأدب عام 1982، وأثنى مانحو الجائزة على حيوية أسلوبه النثري، وثراء اللغة التي عبر بها عن خياله الفياض.

التجربة الصحافية

«الصحافة أحلى مهنة في العالم»، تلك هي العبارة التي نقلها مدير صحيفة الإسبكتادور The Espectador الكولومبية فيديل كانو، عن زميله الذي اشتغل في الصحيفة نفسها عام 1954، اشتهر غابرييل غارسيا ماركيز في كولومبيا وبين أصدقائه بلقب غابيتو، فيما لقبه إدواردو ثالاميا بوردا، مساعد رئيس التحرير صحيفة الإسبكتادور، باسم غابو.

عمل ماركيز مراسلاً صحفياً منذ خمسينيات القرن الماضي في الصحف المحلية الصادرة في مسقط رأسه كولومبيا، قبل أن ينتقل إلى صحيفة الإسبكتادور الصادرة في العاصمة بوغوتا.

وبحسب الصحفي الأمريكي جون أندرسون، فإن «أهم شيء يكتسبه الصحفي من غابو هو طريقته في ملاحظة التفاصيل عندما لا يكون هناك شيء يحدث»، كما أنه اشتهر بطريقته الفريدة والخاصة في مقاربة الأحداث مع حس فكاهي يضاف إلى ملاحظاته الدقيقة.

ولوقت طويل تذكر العاملون في الإسبكتادور إنتاجه، ومن بينهم فيديل كانو الذي تحدث عن مقال صحفي حرره ماركيز وأصبح فيما بعد مادة أولية لرواية «أجمل غريق في العالم».

وبعد الإسبكتادور تولى ماركيز إدارة مجلة غرافيكا الصادرة في فنزويلا، ومع انطلاق الثورة الكوبية التي كان من المعجبين بها، التحق بوكالة برنسا لاتينا في هافانا، وبعدها انتقل إلى المكسيك حيث خاض تجارب إعلامية قبل أن ينكبَّ على كتابة روايته الأشهر «مئة عام من العزلة».

وكانت آخر مساهماته الصحفية عام 1999 خلال مفاوضات السلام التي جمعت الحكومة الكولومبية ومتمردي فارك الشيوعيين جنوبي البلاد.

كان اشتغال ماركيز بالصحافة أضافت إليه بُعدًا آخر في التعامل الجاد والمهني مع ما يكتبه وما سيكتبه لاحقًا، ومكّنته من امتلاك أدوات القصّ والحكي، وصقلت موهبته الإبداعية والفنية.

التجربة الروائية

وبموازاة مع عمله الطويل في مجال الصحافة، تألق ماركيز وأبدع في الروايات التي ملأت الدنيا وشغلت الناس منذ بدأ بنشرها قبل عقود.

كتب ماركيز أولى رواياته في سن 23، متأثرًا فيها بأعمال ويليام فولكنر، لكنها قوبلت بالكثير من النقد.

وفي عام 1965، لاحت لماركيز فكرة كتابة أول فصول رواية «مائة عام من العزلة» أثناء قيادته في الطريق إلى مدينة «أكابولكو». فاستدار في الطريق وعاد إلى منزله وعزل نفسه في غرفته، مستهلكًا ست علب من السجائر في اليوم، وخرج من عزلته بعد 18 شهرًا، ليجد عائلته مدينة بـ 12 ألف دولار. ولحسن حظه، كان قد كتب روايته الرائعة المكونة من 1300 صفحة.

وفي مطلع شهر أغسطس/آب من عام 1966 ذهب غابرييل غارسيا ماركيز بصحبة زوجته «مرسيدس» إلى مكتب البريد ليرسلا مخطوطة كتابه الجديد «مئة عام من العزلة» إلى دار النشر في بيونس آيرس، كانا في حالة يرثى لها، ولم يستطيعا دفع تكلفة البريد. راقب ماركيز زوجته وهي تبحث في حقيبة يدها عن المال، كانت التكلفة اثنين وثمانين بيزوسا، ولم يكن لديهما سوى خمسين، لذلك لم يكن باستطاعتهما إرسال سوى نصف الكتاب، الأمر الذي جعل ماركيز يطلب من موظف البريد أن يقتطع صفحات من المخطوطة حتى بقي منها ما يمكن إرساله بخمسين بيزوسا. وعندما عادا إلى البيت، رهنا بعض الأدوات المنزلية، ثم عادا إلى مكتب البريد لإرسال ما تبقّى. لتتحول المخطوطة بعد ذلك إلى أحد أفضل الأعمال الروائية في أمريكا اللاتينية والعالم.

وباتت رواياته من أشهر ما كُتب في مجال الرواية خلال القرن الماضي، وبينها «مئة عام من العزلة» التي تُعد أحد أهم الأعمال الروائية التي كتبها ماركيز، وأثناء كتابتها اعترف لأصدقائه أن صياغة الحكاية أتعبته، وأرهقت تفكيره، واستهلكت منه ثمانية عشر شهراً، لدرجة قال فيها: «إن تأليف الكتب مهنة انتحارية». وقد نُشرت الرواية لأوّل مرة في عام 1967، وانتشرت الرواية بشكل واسع في جميع أنحاء العالم، بيعت النسخة الإسبانية الأولى في غضون أسبوع، وعلى مدار الثلاثين عامًا، بيعت أكثر من 25 مليون نسخة، حيث طُبع منها نحو 30 مليون نسخة حتى الآن، وتُرجمت إلى 35 لغة مختلفة، من بينها العربية، وشكّلت الرواية سبباً مباشراً في حصوله على جائزة نوبل للآداب في عام 1982.

ويحكي ماركيز في الرواية قصة قرية «ماكوندو» الصغيرة المنعزلة، عن طريق سرد قصة حياة عدّة أجيال متعاقبة من عائلة «بوينديا» على امتداد عشرة عقود من الزمن. وتنتقل العائلة من حالة براءة الطفولة مروراً بكل مراحل الرجولة والأنوثة والانحطاط حتى تجرف ريح قوية في نهاية الرواية آخر فرد من أفراد العائلة بسبب خطيئة زواج غير مرغوب فيه. وعالج ماركيز القصة معالجة تهكمية ساخرة، مع وجود بعض التلميحات الهزلية التي تتراوح بين العطف والقسوة. ويقول النقّاد عن الرواية: «إن «ماكوندو» قرية وهمية أنتجتها مخيلة ماركيز، لكنها في الحقيقة ليست سوى تعبير عن أي بقعة من بقع كولومبيا، أو أمريكا اللاتينية، أو أي بقعة من بقاع العالم الثالث، ورمز لأي جماعة صغيرة واقعة تحت رحمة قوى تاريخية خارج نطاق سيطرتها وفهمها وإدراكها».

تعتبر هذه الرواية من أكثر الروايات زخمًا بالتفاصيل الواقعية، والأسطورية، والعجائبية، فهي موسوعة تضج بتاريخ كولومبيا الحقيقي، وتاريخ «ماكوندو» الوهمي المزيف، إنها تعج بالأغاني، والترانيم، والتعويذات، والسحر. هي رواية تنقل لنا الواقع اللاتيني بكل أحزانه وأفراحه، حيواناته وأعشابه، طرائفه ومآسيه، تنقله لنا بقصص حبه الوهمية، وحقائقه الصادمة، خطاياه، وحروبه الدموية. إنها رواية التفاصيل العميقة، والوصف الدقيق المكثف. ورغم أن بعض النقاد يعتقدون أن الإيغال في الوصف يفقد الرواية متعتها وينزع عنها صفة الإبداع، فإن ماركيز برهن على أن الحكاية وصف دقيق، والنّص تفاصيل منظمة.

ومن بين الروايات الشهيرة كذلك «ليس للكولونيل من يراسله» No One Writes to the Colonel التي صدرت عام 1961، و«قصة موت معلن» عام 1981 Chronicle of a Death Foretold، و«الحب في زمن الكوليرا» Love in the Time of Cholera التي نُشرت في عام 1985، وهي أكثر روايات ماركيز رومانسية، و«خريف البطريرك» 1975 The Autumn of the Patriarch، ورواية «الجنرال في متاهته» 1989 The General in His Labyrinth، ورواية «عن الحب وشياطين أخرى» 1994 Of Love and Other Demons، و«عشت لأروي» 2002 سيرة ذاتية Living to Tell the Tal، وصدرت آخر رواياته عام 2004 بعنوان «مذكرات غانياتي الحزينات» Memories of My Melancholy Whores.

عاش غارسيا ماركيز في المكسيك منذ عام 1961 مع إقامات متقطعة في كارتاخينا بكولومبيا وفي برشلونة بإسبانيا وفي هافانا الكوبية، ورغم عمله الصحفي لم يكن يدلي بأي تصريح للإعلام.

وآخر إطلالة علنية لماركيز تعود للسادس من مارس 2014 عندما قصد منزله الواقع في جنوب مكسيكو حيث يعيش منذ أكثر من ثلاثين عامًا، لاستقبال صحفيين أتوا لزيارته بمناسبة عيد ميلاده.

الجوائز والأوسمة

نال ماركيز جائزة نوبل للآداب سنة 1982، وقد أشادت الأكاديمية بأسلوب كتابته الذي «يمتزج فيه الخيال والواقع في إطار شعري يعكس نزاعات قارة والحياة اليومية فيها».

وأقر الكونغرس الكولومبي (البرلمان) في ديسمبر 2014 مشروع قانون يقضي بإصدار البنك المركزي أوراقا نقدية لتكريم غابرييل غارسيا ماركيز.

وجاءت الموافقة على مشروع القانون بطبع صورة ماركيز على أوراق نقدية يصدرها البنك المركزي، كما نص القانون أيضاً على تخصيص مواقع معينة في مسقط رأسه للسياحة.

الرحيل

في عام 1999، تم تشخيص إصابة غابرييل غارسيا ماركيز بسرطان الغدد الليمفاوية، لكنه استمر في الكتابة حتى عام 2004، وبسبب ثقل العمر والمرض، بات أداء ماركيز بطيئاً، وقد استغرق منه تأليف «مذكرات غانياتي الحزينات» نحو عشرة أعوام لتصدر عام 2004. ثم أعلن عام 2006 عدم قدرته على كتابة الروايات.

توفي غابرييل غارسيا ماركيز يوم 17 أبريل 2014 في مكسيكو سيتي ورثاه مشاهير العالم مباشرة بعد الإعلان عن وفاته، فاعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن «العالم فقد أحد كبار الكتاب المتبصرين، وأحد كتّابي المفضلين في شبابي».

كما أشاد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بموهبة ماركيز الذي ربطته به صداقة لأكثر من عشرين عامًا، وقال إنها موهبة «فريدة من نوعها في الخيال ووضوح الأفكار والنزاهة العاطفية».

ونوّه الكاتب البرازيلي باولو كويلو بالروائي الذي «كسر الجدار بين الحقيقة والخيال، ممهدا الطريق لجيل برمته من الكتاب الأمريكيين اللاتينيين».

إرث

تعلم ماركيز من جدته الحكايات الشعبية والخرافية. وحدثته عن الأسلاف الموتى والأشباح والأرواح الراقصة بأسلوب تجريدي تبناه لاحقًا في أعظم رواياته.

إن نمط الحكاية الذي يتبعه ماركيز يشبه إلى حد كبير نمط قصّة ما قبل النوم، تلك القصص الخيالية التي تحكيها الجدّات بأسلوب قصصي يأخذ معه الأطفال للنوم، والفرق بين طريقة سرده وطريقة سرد الجدّات أن ماركيز لا يقودنا عن طريق الحكاية إلى النوم، وإنما يُقودنا نحو المتعة، حيث يسرد القصة بأسلوب شائق، وفي أتون النّص فإنه يأخذ بيد القارئ من يديه ماشيًا معه في طرقات السرد والحكي خطوة بخطوة، خوفًا عليه من الضياع ربما. وفي كلّ عقبة يواجهها القارئ بين السطور، يظهر ماركيز بخفّة ورشاقة، مزيلاً تلك العقبات بصورة مؤقتة، من أجل زيادة الإثارة، ورفع مستوى التشويق إلى أعلى درجاته.

بالإضافة إلى أعماله النثرية التي لا تُنسى، لفت غارسيا ماركيز انتباه العالم إلى المشهد الأدبي لأمريكا اللاتينية، وأنشأ مدرسة دولية للسينما بالقرب من هافانا، ومدرسة للصحافة على ساحل البحر الكاريبي.


عدد القراء: 727

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-