مع الكهرباء وبعض جوانبها الداكنةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2020-02-01 09:09:59

أ.د. عبد الله بن محمد الشعلان

قسم الهندسة الكهربائية - كلية الهندسة - جامعة الملك سعود - الرياض

تمثل الطاقة الكهربائية استخدامات متعددة في حياة الإنسان، فهو يعتمد عليها في الإضاءة والتسخين والتبريد والتدفئة وتشغيل الأجهزة وإدارة المعدات وتسيير المركبات والاتصالات والطب والعلاج والترفيه، الخ. لذا أضحت حياة الإنسان بدونها أمرًا لا يمكن تحمله أو حتى مجرد تصوره. ولنتخيل مثلاً انقطاع الكهرباء وحرماننا منها في المنزل والمكتب والمتجر والمصنع والمعهد والمسجد والمستشفى والشارع والمطار وإشارات المرور، فحينئذ سرعان ما تتوقف الأنشطة في هذا الأماكن وتتعطل تبعًا لذلك الكثير من الأعمال والأنشطة والمهام بل وسيعترضها الكثير من المشاكل ويتهددها العديد من المخاطر لا سيما تلك الأماكن الأكثر أهمية وحساسية كالمستشفيات وغرف الإنعاش والمطارات وأجهزة الإنذار وأجهزة ضخ المياه والإشارات المرورية في تقاطع الطرق، وغيرها.

وفي الواقع لم يعد أحد يجهل أهمية الكهرباء ومزاياها وفوائدها المتعددة فتلك من البديهيات والمُسَلَّمات التي قد لا تخفي على أحد، إذ أصبح كل منا يعي تمامًا المنجزات الباهرة والابتكارات الرائعة التي تحققت في مجالات الكهرباء مما يرى لزامًا عليه حسن استخدامها وكيفية التعامل معها للاستمتاع بمزاياها الباهرة والوقاية من أخطارها الماحقة.

ولعل الهدف من هذا المقال هو إبراز بعض الجوانب الداكنة وغير السارة لهذه الطاقة العجيبة في عصرنا الحديث لأنها وإن كانت طاقة حيوية ومهمة تجعلنا في أمس الحاجة لها والارتباط بها والاعتماد عليها في مناحٍ شتى من حياتنا بيد أنها للأسف قد تكون ذات خطر داهم وشر مستطير إذا لم نعِ كيفية استخدامها والتعامل معها ونعرف قواعدها وأصولها وتدابير الأمن والسلامة فيها درءًا لكوارثها ووقاية من أخطارها وحفاظًا على أرواحنا وممتلكاتنا.

ولكي تتم الاستفادة الجيدة والآمنة من هذا الطاقة الحيوية مع توفر خدمة كهربائية ذات مصدر آمن وتدفق مستمر ونوعية جيدة فلا بد من تباع طرق فنية وآمنة للتمديدات الكهربائية تشتمل على المتطلبات الضرورية لتحقيق السلامة وتهدف إلى وقاية الأشخاص والمعدات والممتلكات من الأخطار المحتملة التي قد تنشأ من سوء تمديدات وتركيبات واستخدامات للكهرباء. إن غياب تلك الطرق المشار إليها عن التطبيق قد يولد أخطاءً في التمديدات تتمثل في عدم التوازن بين الأحمال الكهربائية عند تمديد الأسلاك أو الجهل عند اختيار أحجامها المناسبة أو عدم معرفة سعة القواطع والمصهرات المقننة لحماية الدوائر الكهربائية مما يؤدي كل كذلك أو بعض منه إلي هبوط أو زيادة في الجهد (الفولت) ينجم عنه أداء سيء للمعدات والأجهزة الكهربائية وتقليص لعمرها التشغيلي، كذلك يؤدي سوء التمديدات الكهربائية إلى حدوث الحرائق التي تتلف المعدات والممتلكات وإلى وقوع الصعقات الكهربائية التي قد تزهق الأنفس وتودي بالأرواح، لهذا تسعى جل الدول إلى إيجاد مواصفات قياسية تسعى إلى تحقيق سلامة التركيبات الكهربائية وتراعي كافة التدابير لتأمينها وبالتالي تمنع أو على الأقل تحد من تلك المخاطر والكوارث المحتملة. أيضًا تأتي الحاجة الملحة لتلك الموصفات في معالجة وإزالة الآثار السلبية التي قد تنجم عن سوء تنفيذ التمديدات الكهربائية في المباني وما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية بسبب نشوب الحرائق أو حوادث الصعقات الكهربائية المميتة إذا ثبت من الإحصائيات المعنية بحوادث الحرائق أن مانسبته 38% من أسباب الحريق يعزى إلي سوء التمديدات الكهربائية بالإضافة إلى جهل الكثيرين باستخدامات الكهرباء السليمة والآمنة وما ينطوي ذلك عليه من مخاطر وكوارث محتملة. ولما كانت حياة الإنسان أغلى ما في الوجود وسلامته هي غاية بذاتها فسنبين في هذه الدراسة مكامن الأخطار الكهربائية وسبل تجبنها ومعالجتها امتثالاً لقول الرب تبارك وتعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة: 195، وقوله جل وعلا: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء:29.

ومن أجل توفير عناصر السلامة لوقاية المستخدم وحماية الأجهزة والمعدات والممتلكات فقد شرعت الكثير من الدول في إصدار المواصفات القياسية وأنظمة البناء (الكودات) المتضمنة لمتطلبات واشتراطات وتدابير السلامة التي يجب أن تتوفر في كافة المباني السكنية والمنشآت العمرانية.

كذلك، ثمة جانب آخر من جوانب الكهرباء الداكنة والقاتمة وغير السارة ألا وهي الانقطاعات الكهربائية التي يعاني منها كل من جهة الإمداد (شركة الكهرباء) وجهة الطلب (المشتركون)، لذا سنسلط الضوء على تلك النتائج والتبعات التي تتمخض من جراء تلك الانقطاعات سواء أكانت مجرد معاناة نفسية أم تتعدى ذلك إلى خسائر مادية واقتصادية فادحة يمنى بها الاقتصاد الوطني في أنشطته وقطاعاته التجارية والصناعية وكافة مناحيه المهنية ومرافقه الخدماتية. 

ولتحري أسباب الانقطاعات الكهربائية فهي تحدث عادة بسبب عجز في قدرات محطات التوليد أو عدم كفاية خطوط النقل وشبكات التوزيع، وينتج ذلك عادة من سوء التخطيط أو عدم الأخذ في  الحسبان نمو وتطور وتزايد الأحمال الكهربائية المستقبلية فلا يكون هناك إضافة لقدرات التوليد أو تعزيز لأنظمة النقل والتوزيع في فترات معينة. إلى جانب تلك الأسباب تعزى الانقطاعات أيضًا إلى أسباب أخرى مثل أعطال في معدات التوليد أو خلل في شبكات النقل أو عدم كفاية في أنظمة التوزيع، كذلك تعزى الانقطاعات أيضًا إلى تقادم المولدات وتلاشي عمرها التشغيلي، هناك أيضًا ظروف مناخية وعوامل جوية تكون سببًا في حدوث الانقطاعات كالرياح العاتية والأمطار الغزيرة والعواصف البرقية، كذلك الحفريات العشوائية (غير المنسقة مع الجهات المختصة) التي تتم في الشوارع والطرق من قبل مقاولي شركات الخدمات العامة (الهاتف، المياه، الصرف الصحي) مما ينجم عنه إتلاف للكابلات والتجهيزات الأرضية، كذلك الطيور عندما تحط بأقدامها على الأبراج وخطوط النقل فتلامس بأجنحتها الموصلات الناقلة للكهرباء الأمر الذي تستجيب معه أجهزة التحكم والحماية فتعمل على توقف سريان الطاقة الكهربائية عبر خطوط النقل وشبكات التوزيع. وهناك انقطاعات قد تعزى أسبابها إلى التحميل المفرط على محطات التوليد أو شبكات النقل والتوزيع وبخاصة في فترات الصيف وبنسب عالية قد تتجاوز القدرات المصممة عليها والمقننة لها.

وللتعرف على طبيعة تلك المعاناة التي يمنى بها المشتركون على اختلاف فئاتهم من  جراء الانقطاعات الكهربائية فمن المعروف أن تكاليف الانقطاعات الكهربائية يقع عبؤها الأكبر على عاتق المشتركين إذ أن خسائر الشركة ذاتها والتي لا تتعدى فقد الطاقة المبيعة قد لا تكاد تذكر بجانب معاناة مشتركيها أثناء وبعد حدوث الانقطاعات،  وتلك المعاناة تتراوح بين الضيق النفسي إلى الخسائر المادية الجسيمة. فبالنسبة للمستهلك السكني يكون هناك التبرم والضيق والحرج وعدم الراحة، وهذه العوامل النفسية والمعنوية من الصعب قياسها وترجمتها إلى قيم مادية محسوسة، ولكن قد تتفاوت درجة هذه المعاناة، فبالنسبة للمشترك السكني فقد تكون أقل وطأة إذا حدثت الانقطاعات مثلاً في فصل الشتاء أو الربيع أو الخريف ولكن قد تكون أكثر قسوة وأشد وقعًا إذا حدثت في فصل الصيف حيث إن الاستهلاك السكني يكون مرتفعًا عادة في الصيف نتيجة الاستخدام المكثف لأجهزة التكييف في المناطق الحارة، وقد تكون أقل معاناة إذا حدثت في النهار مثلاً عنها في الليل حيث الحاجة إلى الإنارة كما أن معظم الأنشطة المنزلية والحياة الاجتماعية تحدث عادة في المساء. وبالنسبة للمستهلك التجاري فسيمنى بخسائر مادية عند حدوث الانقطاعات إذ سيضطر إلى إغلاق متجره وبالتالي توقف نشاطه وتقلص مبيعاته. أما بالنسبة للمستهلك الصناعي فسيمنى بخسائر مادية فادحة حيث إن حرمانه من الطاقة الكهربائية يعني شللاً في العمل وتوقفًا في الإنتاج وبالتالي فقدان المبيعات وانخفاض الدخل وصرف أجور العمال العاطلين دون إنتاج.

وقد تحدث تلك الانقطاعات من جانب الشركة ولكن هناك فرق كبير بين أن تحدث تلك الانقطاعات بشكل مفاجئ أو بشكل مجدول يتم تخطيطه والإعلان عنه مسبقًا بوقت كاف، فإذا حدثت تلك الانقطاعات بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار فإن ذلك بلا شك سيزيد من حجم المعاناة وتعظيم الخسائر لأن ذلك قد لا يتيح الوقت الكافي أمام المشترك لتفادي الخسائر المحتملة وذلك عن طريق إيجاد مصادر بديلة  للطاقة والحيلولة دون حدوث معاناة نفسيه أو حصول خسائر مادية. وقد تختلف درجات تلك المعاناة والخسائر أيضا بالنسبة لطبيعة المشترك ووقت حدوث الانقطاع وطول أمده، فمثلا لو حدث الانقطاع أوقات الصيف أو استمر الانقطاع لفترات أطول فسيكون هناك الكثير من المعاناة النفسية الحادة والخسائر المادية الجسيمة التي ستلحق بالمشتركين على اختلاف فئاتهم، وفي حالات الصيانة وتعزيز القدرات فمن الأجدى والأحوط أن تقوم الشركة  بالإعلام عن موعد وفترات انقطاعات الخدمة الكهربائية حتى يتاح للمشترك سواءً أكان سكنيًا أم تجاريًا أم صناعيًا أخذ وسائل الحيطة والاستعداد لمجابهة تلك الانقطاعات وتخفيف آثارها النفسية والمادية بالمبادرة بتشغيل مصادر الطاقة الكهربائية الاحتياطية البديلة المتاحة التي لديه.

كان هناك بحوث ودراسات عديدة تعرضت لهذه الظاهرة وأسبابها وتحري آثارها ونتائجها والتحقق من الخسائر المادية والمعاناة النفسية للمشترك عند حدوث الانقطاعات وذلك بغية التعرف على مدى متانة النظام الكهربائي ومن ثم الوصول إلى أفضل مستويات الموثوقية للخدمة الكهربائية وإتاحتها باستمرارية مقبولة وبتكاليف معقولة. لذلك حدث خلال العقدين الماضيين اهتمام متزايد وجهود مستمرة  للتحري والبحث في مستوى الخدمة  المطلوبة من جانب المهتمين والباحثين في الجامعات وشركة الكهرباء لضمان تدفق مستمر للطاقة الكهربائية. ونتيجة لهذا الاهتمام ازداد عدد الأبحاث والدراسات التي أجريت في هذا المجال، ومن بينها تلك التي عملت في  مجال تقدير تكاليف انقطاعات الخدمة الكهربائية التي سيمنى بها المشتركون على اختلاف فئاتهم أثناء حدوث تلك الانقطاعات وهي التي تقع عادة نتيجة الفشل والأعطال التي تحدث في المنظومة الكهربائية سواء في وحدات التوليد أو محطات التحويل أو شبكات النقل والتوزيع. والفشل القسري هو الذي يحظى عادة باهتمام المخططين والباحثين في هذا المجال وذلك لأنه يحدث عادة بشكل فجائي وغير متوقع وقد يكون في فصل الصيف أثناء الأحمال الذروية أو في فترات معينة تكون الحاجة إلى الطاقة الكهربائية فيها أكبر ما يمكن، أوقد تصيب بالضرر فئة معينة من المشتركين مثل مخازن الأغذية والثلاجات والتي تعتمد على التبريد في تخزين وحفظ الأغذية وكذلك المصانع التي تعتمد على توفر الطاقة لاستمرار الإنتاج وعدم توقفه، أو قد تؤثر في أحمال أكثر حساسية مثل المستشفيات والمطارات.

وفيما تبقى من المقال فسنستعرض فيما يلي تلك الآثار السلبية المتعددة التي قد تنجم جراء حدوث الانقطاعات الكهربائية الأمر الذي يؤدي إلى إحداث خلل وإعاقة في سير الحياة الطبيعية للمنشآت الاجتماعية والمرافق الحيوية والممتلكات الخاصة. وما لهذه الظاهرة من أبعاد اجتماعية واقتصادية وأمنية وصحية فقد أضحى لزامًا على الإدارات المعنية السعي جديًا نحو طرح هذه المعضلة ودراستها ومناقشتها تمهيدا لغربلتها وإيجاد أفضل الحلول لها. ويمكن إيضاح أمثلة لتلك الآثار السلبية لتلك الانقطاعات على مناحٍ اقتصادية واجتماعية وأمنية وصحية كما يلي:

الآثار الاقتصادية:

تعطل العمل في المصانع ومراكز التسوق والمجمعات التجارية الأمر الذي يسبب توقف الانتاج وفقدان المبيعات مما يؤثر سلبًا على الحركة التجارية والاقتصادية.

الآثار الاجتماعية:

تعطل العمل في أجهزة الحاسب الآلي في الوزارات والمصالح الحكومية والمطارات والموانئ والبنوك، وانقطاع المياه في المنشآت العمرانية والسكنية التي تعتمد على الكهرباء في ضخ المياه إلى خزاناتها، كذلك تعطل العمل في المصاعد ومحطات الوقود وفساد الأغذية في الثلاجات والبرادات، ناهيك عن الآثار النفسية وما تمثله من ضيق وحرج عند فقدان الكهرباء وحرمان المشترك من ممارسة نشاطات أو مناسبات اجتماعية معينة. كما أنه سيمنى بخسائر مادية تتمثل في تلف الأطعمة وتكاليف الوسائل البديلة للتكييف والتدفئة والإنارة والتشغيل.

الآثار الأمنية:

انقطاع وتعطل الاتصالات السلكية واللاسلكية في غرف القيادة والسيطرة وغرف العمليات في الأجهزة الأمنية التي لا يتوفر بها مولدات احتياطية، وقد يستغل هذا الوضع في ارتكاب جرائم سلب ونهب أو أعمال تخريب وإفساد، كذلك حدوث ارتباك مروري في الشوارع والتقاطعات الأمر الذي قد يؤدي إلى وقوع فوضى وحوادث مرورية، كذلك إمكانية القيام بأعمال السطو نتيجة لغياب أنظمة السلامة وتعطل أجهزة الإنذار. أيضا ربما يحدث خلل في الأماكن ذات الحساسية مثل المطارات والتجمعات البشرية الكثيفة.

الآثار الصحية:

حدوث خلل في وظائف الأجهزة الطبية بالمستشفيات والمراكز الطبية وبخاصة غرف العناية المركزة وأجهزة المختبرات والفحص الطبي وبنوك الدم والأعضاء الحيوية، كذلك تلف بعض الأدوية والعقاقير التي تتطلب درجات حرارة معينة لتخزينها، كل ذلك يعكس أخطارًا جمة تتركها الانقطاعات على صحة المواطنين وبخاصة أولئك المنومين في المستشفيات والذين يعتمدون في حياتهم وبقائهم على أجهزة طبية خاصة.

الآثار النفسية:

هنالك آثار نفسية تتمثل في مشاعر الحرج والضيق وعدم الراحة وهذه المشاعر النفسية والمعنوية من الصعب مقارنتها والتعبير عنها بقيم مادية محسوسة، ففي الصيف مثلاً يؤدي انقطاع الكهرباء إلى توقف أجهزة التكييف وبدء المعاناة والضيق النفسي وربما ترك الأعمال وتعطل المهمات التي يباشرها الإنسان إلى حين تعود الخدمة الكهربائية، كما أن معظم الأنشطة المنزلية والفترات الترفيهية والمناسبات الاجتماعية تحدث عادة في المساء فانقطاع الخدمة الكهربائية سيؤدي قطعًا إلى شلل في تلك الأنشطة وتوقفها ومن ثم الإحساس بالضيق والتبرم والمعاناة.

وفي مجال الدراسات التي أجريت لتقدير التكاليف المادية جراء الانقطاعات فقد  لوحظ أن تلك التكاليف تزداد بأضعاف كبيرة مع تكرار حدوث تلك الانقطاعات وطول أمدها مما ينجم عنه معاناة نفسية وخسائر مادية تلحق بالمشتركين وبخاصة المشترك التجاري والمشترك الصناعي حيث إن كليهما سيمنى بخسائر مادية جمة إذا حدث الانقطاع بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار، وهذه التكاليف تتمثل في فقد المبيعات وتعطل الإنتاج وتلف المنتجات الصناعية أو رداءة جودتها، بيد أن وجود أنظمة احتياطية كبديل مساند للمصدر عند انقطاع الخدمة الكهربائية من شأنه أن يقلل إلى حد كبير من حجم تلك الخسائر والتكاليف التي قد تلحق بهاذين القطاعين، كما أن الإنذار المبكر للانقطاعات المجدولة والمخطط لها لأغراض الصيانة وإصلاح الأعطال وتعزيز القدرات عليه معول كبير في قيام المشتركين على اختلاف فئاتهم  بالاستعداد وتهيئة ما لديهم من معدات ومصادر احتياطية لتفادي تلك الانقطاعات والتخفيف من آثارها ونتائجها، وبخاصة لتلك الأماكن الحساسة مثل المستشفيات والمستوصفات الكبيرة، الوزارات والمباني الحكومية، المساجد الكبيرة (الجوامع)، المطارات، المصانع والفنادق ومحطات البنزين، مراكز التسوق الكبيرة (السوبر ماركت)، مخازن التغذية المبردة، قاعات المناسبات، البنايات الشاهقة ذات المصاعد المتعددة.

وختامًا، لعل هذا المقال يسهم في بث الوعي الثقافي والسلوكي وتنميته لدى العموم في كيفية استخدام الكهرباء واستهلاكها بالشكل الآمن والسليم والمنافي أيضًا لمظاهر الإسراف والتبذير. والكل منا يعي بأن في قرآننا المنزل آيات كريمة تحث على المحافظة على النعم التي أنعم الله بها علينا واستخدامها الاستخدام الأمثل، ومن هذه الآيات قول الرِّبِّ تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان: 67، وقوله عز من قائل (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف: 31، وقوله جل جلاله: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء: 26، 27. وأخيراً علينا أن ندرك بأن الكهرباء نعمة من النعم التي أفاء الله بها علينا فيجب علينا إذن أن نعي حسن استخداماتها والتعامل معها حتى نحافظ عليها وننعم بفوائدها ومزاياها الباهرة من جهة ونتقي كوارثها وأخطارها المدمرة بإذن الله من جهة أخرى.


عدد القراء: 3430

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-