مكتبة المسجد النبوي الشريفالباب: مقالات الكتاب
د. علي عفيفي علي غازي أكاديمي وصحفي |
إذ كان طلب العلم من أفضل الأعمال، فإنه أفضل كثيرًا لاسيما إذا كان في المسجد النبوي، لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (من جاء مسجدي هذا لم يأت إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره)1. (رواه ابن ماجه وأحمد).
كانت الكتب قبل اختراع الطباعة غالية الثمن، لا يقتنيها إلا الأغنياء، لأنها كان مخطوطات مرتفعة التكاليف، ولذلك قام القادرون من محبِّي العلمِ بإنشاءِ المكتبات، يجمعون فيها الكتب، ويفتحون أبوابها للراغبين في القراءة والبحث. وقامت هذه المكتبات بالدور الذي تقوم به معاهد العلمِ والجامعات في الوقت الحاضر. ونظرًا لأن الإسلام دين سماوي، فقد حرص منذ بزوغه الأول على الاهتمام بالكتب، وبالكلمة المكتوبة بصفة عامة. وعلى المرء أن يتأمل المكانة التي حظي بها القرآن الكريم في الإسلام، لكي يُدرك مدى عمق هذه الحقيقة. واعتبارًا من القرن التاسع الميلادي، كانت هناك إشارات عديدة إلى المكتبات في العالم الإسلامي، وذلك على الرغم من وجود إشارات أيضًا إلى أن بعض المكتبات تعرضت للتدمير خلال الحروب العديدة، التي دارت رحاها. ولا بد لنا من الإشارة إلى أن النساء لم يكن مستبعدات من هذا العمل، ويُحدثنا المؤرخ وكاتب السير ابن خلكان، بأن سيدة زنجية تُدعى (توفيق) كانت المسؤولة عن إعارة الكتب في مكتبة بغداد للوراقين البارعين. وقد اهتم المسلمون بأبنية المكتبات العامة التي كانت تُعدُّ لاستقبال الجماهير. وكان البناء مزوَّدا بحجرات متعددة، تربط بينها أروقة واسعة، وكانت الرفوف تثبت بجوار الجدران لتوضع فيها الكتب، وكانت هناك أروقة للاطلاع، وأخرى للنسخ، وبعضها لحلقات الدراسة. وشملت بعض المكتبات كذلك حجرات للموسيقى يذهب إليها المطالعون للترفيه. وكانت لهذه المكتبات فهارس منظمة، تتناول عناوين الكتب وأسماء المؤلفين.
تعد المكتبات الإسلامية من أهم المؤسسات الثقافية التي يفخر بها الإسلام، والتي كان لها دور كبير جدًّا في نشر المعرفة تعدى تأثيرها المسلمين أنفسهم فانتقلت آثارها إلى ديار الغرب 2، وقد عرفت الحضارة الإسلامية أنواعًا متعددة من المكتبات لم تعرفها أي حضارة أخرى، وانتشرت هذه المكتبات في جميع أرجاء الدولة الإسلامية، فوجدت المكتبات في قصور الخلفاء والمدارس والكتاتيب والجوامع، وكما وجدت في عواصم الإمارات وجدت في القرى النائية والأماكن البعيدة، مما يؤكد على تأصل حب العلم لدى أبناء هذه الحضارة، وكان من جملة ما عرفته الحضارة الإسلامية من مكتبات، المكتبات الأكاديمية، وهي من أشهر المكتبات في الحضارة الإسلامية، ومن أهمها مكتبة بغداد (بيت الحكمة). وانتشرت المكتبات الخاصة في جميع أنحاء العالم الإسلامي بشكل واسع وجيد، ووجدت المكتبات العامة، وهي مؤسسات يحفظ فيها تراث الإنسانية الثقافي وخبراتها؛ ليكون في متناول الجميع من كافة الطبقات والأجناس والمهن والأعمار والثقافات المختلفة، ومن أمثلتها مكتبة مسجد قرطبة التي أسسها الخليفة الحكم المستنصر الأموي سنة 350هـ/ 961م 3. ووجدت المكتبات المدرسية، إذ أولت الحضارة الإسلامية اهتمامها لإنشاء المدارس من أجل تعليم الناس جميعًا، وألحقت هذه المكتبات بالمدارس، وقد انتشرت بشكل عام في مدن العراق وسوريا ومصر وغيرها. ووجدت مكتبات في المساجد والجوامع، وهي البداية الأولى للمكتبات في الإسلام، حيث نشأت المكتبات في الإسلام مع نشأة المساجد، ومن أمثلتها مكتبة الجامع الأزهر، ومكتبة الجامع الكبير بالقيروان، وكان الإنفاق على المكتبات من ريع الأوقاف من الدولة أو من أهل الخير4. هكذا كانت نظرة الإسلام والمسلمين للمكتبة "غذاء للعقل، ومكانًا للعلم، ومركزًا للبحث".
التأسيس
تعد مكتبة المسجد النبوي الشريف مركزًا من مراكز العلم بالمدينة المنورة. ومن أقدم المكتبات في المدينة المنورة. وقد ذكر صاحب كتاب خزائن الكتب العربية أن مكتبة المسجد النبوي تكونت قبل حريق المسجد النبوي في 13 رمضان عام 886هـ/ 15 نوفمبر 1481م حيث احترقت خزائن المصاحف والكتب في ذلك الحريق وكانت تضم الخزائن كتبًا نفيسة ومصاحف عظيمة 5. أما في العهد السعودي فقد تأسست المكتبة عام 1352هـ/ 1933م باقتراح من السيد عبيد مدني حينما كان مديرًا للأوقاف في المدينة المنورة، وكان أول مدير لها هو السيد أحمد ياسين الخياري. وبالمكتبة بعض الكتب التي يعود تاريخ وقفها على المسجد النبوي قبل تاريخ إنشاء المكتبة مثل مكتبة الشيخ محمد عبد العزيز الوزير التي أوقفت عام 1320هـ/ 1902م، وهي من الكتب التي أدخلت في المكتبة بعد تأسيسها، وكانت هناك كتب في الروضة الشريفة على بعضها تاريخ متقدم عن تاريخ تأسيس المكتبة. وتوجد المكتبة حاليًا داخل المسجد النبوي للاستفادة من المكتبة والخدمات المقدمة فيها.
وصاحب اقتراح إنشاء المكتبة هو السيد عبيد مدني المولود عام 1324هـ/ 1906م، جده السيد محمد مدني، الذي تولى خلافة قاضي المدينة، وأمين ديوان المحكمة، ذا مال وأعوان وعبيد، وهو الذي بنى قصر الصالحية بالشونة وسكن فيه مع أولاده، وبعد وفاته سكنه أولاده الثلاثة إلا السيد عبد الله والد السيد عبيد فإنه سكن دارًا بسويقة المعروفة ببيت المفتي، وتزوج السيد عبد الله من شقيقة السيد زكي البرزنجي، ابن السيد أحمد البرزنجي، وبنى السيد عبد الله الفندق الكبير خارج باب المجيدي، به أكثر من ثلاثمئة غرفة لإسكان الحجاج، كما نزل في هذا الفندق الكثير من الشخصيات البارزة من الأتراك في مقدمتهم أنور باشا وجمال باشا وزير الحربية، وطلعت باشا وزير المالية. واشتهر السيد عبد الله بكرمه وكان بساطه ممدودًا لكل غاد ورائح.
أنجب ابنه البكر السيد عبيد وفرح بمولده وأنفق الكثير يوم ولادته، وبعد سبع سنوات من عمره توفي رحمه الله. وبقيت والدته في البيت بعد وفاة والده، ولما اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1333ه/ 1914م، أمر حاكم المدينة العسكري فخري باشا بإجلاء أهل المدينة للشام والأناضول خوفًا من انقطاع الأرزاق من الشام، وخوفًا من ميل الشريف مع الحلفاء صار سكان المدينة يسافرون تباعًا، وبقي السيد عبيد مع والدته بالمدينة وانتقلا لقصر الصالحية، حيث احتضنته أمه الشريفة صفية برزنجي التي رفضت الخروج في رحلة التهجير الجماعي لأهل طيبة. والتحق السيد عبيد بالمدرسة الفيصلية، ولم يواصل دراسته في المدرسة بل أخذ في الدرس بالحرم الشريف، وكان مولعًا بالأدب فتتلمذ على يدي المرحوم الشيخ العمري؛ فكان الشيخ يأتيه للبيت فيدرس عليه، ثم إن السيد عبيد حُبب إليه بيع الفندق حيث كان يؤجره لبعض المدرسين بأجرة طفيفة، واشترى بثمنه دارين بمصر إحداهما له والثانية لأخيه السيد أمين مدني، ومكث الأخوان وأقاما بها، ولما قام عبد الناصر بثورة الاشتراكية توقفت رواتب الموظفين السعوديين المقيمين بمصر فاضطر السيد عبيد للرجوع للمدينة. وتوفي في شوال 1396هـ/ أكتوبر 1976م بمصر وجاؤوا بجثمانه بالطائرة، وقد صلى عليه في المسجد النبوي ودفن بالبقيع. وترك ديوانًا شعريًّا مطبوعًا يزيد على 3 آلاف بيت، كما ترك موسوعة لتاريخ المدينة المنورة تبلغ 12 مجلدًا، إلاّ أنها لم تطبع حتى اليوم.
لقب السيد عبيد بشاعر المدينة وأديبها ومؤرِّخها، حيث عاش ثلاثة عهود مختلفة من الحكم في طيبة، فأدرك أواخر حكم العثمانيين، ثم حكم الهاشميين، كما عاش أكثر حياته في ظل الحكم السعودي الذي دخل المدينة عام 1344هـ./ 1926م. وبرز اسمه في المناصب التي تقلدها كعضوية مجلس إدارة المدينة، ووفدها إلى المؤتمر الوطني بمكة عام 1350هـ/ 1932م، وإدارة أوقاف المسجد النبوي الشريف، وعضوية مجلس الشورى عام 1355-1373هـ، ومجلس الأوقاف الأعلى، ورئيس جمعية الدفاع عن فلسطين، وأسهم في تأسيس جريدة المدينة، ومجلة المنهل. وكانت له اتصالات بالملك عبدالعزيز، والملك سعود، والملك فيصل، رحمهم الله.
أما أول مدير لمكتبة الحرم النبوي الشريف فهو الشيخ أحمد ياسين الخياري، وهو شيخ القراء، وأحد أدباء المدينة المنورة الأفذاذ، ومن مؤرخيها المعروفين. وله عدة كتب مطبوعة، وله اهتمام واسع بالتاريخ وعلى وجه الخصوص تاريخ المدينة الفاضلة طيبة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وكان رحمه الله حريصًا على اقتناء الكتب والمؤلفات المتعلقة بالمدينة المنورة وتاريخها الحافل. ولد بالمدينة المنورة عام 1321هـ/ 1903م. حفظ في كتاتيب الحرم النبوي في العاشرة من عمره المتون في سائر الفنون، وقرأ شروحها على والده، وتعمق في دراسة القراءات السبع والعشر والأربعة المتممة لها، وأكمل دراسته في الجامع الأزهر، وأدرج اسمه ضمن علماء الحرم النبوي بعد عودته من القاهرة في أوائل عام 1345هـ/ 1927م، وقام بالتدريس في مدرسة النجاح، واشترك في لجنة الاختبار السنوي لمدارس المدينة المنورة عدة سنوات. وعين عضوًا وسكرتيرًا ونائبًا لرئيس لجنة تنظيم مكتبات المدينة المنورة، ومديرًا لمكتبة الحرم النبوي الشريف، ثم مديرًا لمكتبة المحمودية. كما عين عضوًا في مجلس الأوقاف، وعمل في المحكمة الشرعية بطريق الانتداب للبحث في سجلات المحكمة الشرعية الكبرى عن الأوقاف المغمورة العائدة نظارتها إلى مديرية الأوقاف بالمدينة، وفي الحرم النبوي الشريف مندوبًا عن الأوقاف للإشراف على ترميم أبواب الحرم النبوي. وتجاوزت مؤلفاته الخمسين كتابًا، وهي على وجه العموم تدور حول القرآن وعلومه والتاريخ. وتوفي في ليلة الأربعاء 17 رجب 1380 هـ/ 5 يناير 1961م.
أقسام المكتبة
تضم أقسام المكتبة قاعات المطالعة الخاصة بالرجال، وتقع في الركن الشمالي الغربي من سطح المسجد النبوي، والمدخل السلم الكهربائي رقم (10)، وتحتوي على (358) دولاب، يوجد بها (100,000) كتاب، و(300) كرسي للرواد. وتوجد قاعات المطالعة الخاصة بالنساء وهى خمس قاعات ثلاث منها في مصلى النساء الشرقي بباب عثمان بن عفان رضي الله عنه رقم (24)، واثنتان في المصلى الغربي باب عمر بن الخطاب رضي الله عنه رقم (16)، وتم افتتاحها في غرة جمادى الأولى 1416هـ/ 26 سبتمبر 1995م. وتحتوي المكتبة النسائية على جميع التصانيف الرئيسة مثل قاعة المطالعة الخاصة بالرجال، بدءًا من المعارف العامة وانتهاءً بالتاريخ حسب تصنيف ديوي المعدل. وتوجد قاعات مطالعة خاصة بالأطفال.
وتضم المكتبة التصانيف الرئيسة للكتب، ويبلغ عدد المجلدات بها (19477) مجلدًا. وتضم المكتبة قرابة تسعين ألف كتاب مطبوع، وعشرة آلاف كتابًا مخطوطًا ما بين أصول خطية ومصورات رقمية وورقية وميكروفيلم، وثلاثة آلاف دورية. ومن أقدم المخطوطات التي وجد عليها تاريخ النسخ تفسير الإمام الثعلبي المسمى (الكشف والبيان في تفسير القرآن) والذي نسخ عام 578 هـ، و(المعلم شرح صحيح مسلم) للإمام المازري، نسخ أيضًا عام 578 هـ. وهناك الكثير من المصاحف والمخطوطات النادرة، سواء من ناحية الخط، أو الزخرفة والتذهيب، أو التعليقات والحواشي. والمكتبة تعد متخصصةً في علوم الدين الإسلامي: القرآن وعلومه والتفسير والحديث والفقه…، التي تشكل ثمانين بالمئة من محتويات المكتبة.
وتضم المكتبة قسمًا للمكتبة الرقمية، وتحتوي على أجهزة حاسب آلي متصلة بشبكة خاصة محلية للمسجد النبوي، وشبكة الإنترنت، ومحمل عليها البرامج العلمية الحاسوبية، وتشمل الكتب والمخطوطات والصوتيات الرقمية التي تستعمل من قبل الباحثين. ويستفيد روادها بالبحث عن الكتب والموضوعات المختلفة المتوافرة في المكتبة، وبرنامج المكتبة الشاملة والمكتبة الإسلامية الكبرى ومواقع إسلامية على الإنترنت، ومكانها في الجهة الغربية داخل المسجد النبوي في الباب الثاني عشر بالطابق الثاني.
ويقوم قسم محدودة الاطلاع بحفظ الكتب المحدودة الاطلاع. ويضم قسم الدوريات أكثر من ثلاث آلاف دورية. ويقوم قسم الكتب النادرة بحفظ الكتب النادرة من حيث قدم تاريخ الطبع أو الزخرفة أو الأشكال والصور. وهناك ضوابط وضعت للكتاب حتى يحكم بأنه نادر.
أما قسم المجموعات الخاصة والمخطوطات، فيقع في الدور الأول والثاني من باب عثمان بن عفان رضي الله عنه نهاية التوسعة السعودية الأولى، وهو يضم خزانة المخطوطات الأصلية "كتب ومصاحف"، ومصورات ورقية وميكروفيلمية ورقمية، وأجهزة تصوير من الميكروفيلم إلى ورقي، وأجهزة حاسب آلي، وأجهزة تعقيم وصيانة المخطوطات، وطاولات لعرض نماذج من المخطوطات للزائرين، وصور ملتقطة مكبرة لنماذج بديعة من المخطوطات والمصاحف.
ويقع قسم المكتبة الصوتية في باب (17) للمسجد النبوي، ويقوم بحفظ ما يلقى في المسجد النبوي من التلاوات والدروس والخطب والصلوات من الحرمين الشريفين، وتبلغ محتوياته أكثر من مائة ألف ساعة صوتية مسجلة على أشرطة كاسيت وأقراص مدمجة ووسائط إليكترونية حديثة متعددة. كما تضم المكتبة الصوتية أكثر من مائة ألف ساعة صوتية، تشمل الدروس والمواعظ والخطب التي ألقيت بالمسجد الحرام و المسجد النبوي، وكذلك بعض المصاحف المسجلة لأئمة الحرمين الشريفين من صلاة التراويح والتهجد.
ويوجد القسم الفني بباب رقم (9) باب الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله، ويقوم بتجليد وترميم وتعقيم المخطوطات والكتب، وتصوير بعض طلبات التصوير من كتب ومخطوطات، والكتابة على الكتب المجلدة. ويشتمل القسم الفني على العديد من الأجهزة والمعدات والأدوات الحديثة الخاصة بالتجليد والترميم والتعقيم والتصوير وذلك للقيام بأي عمل لازم للكتب بأسرع وقت ممكن وبعمل متقن. وقد تم إدخال جميع فهارس الكتب بالحاسب الآلي وذلك بعمل برنامج خاص بالمكتبة يُسهل الاستعلام وسرعة البحث عن الكتاب المطلوب خدمة للباحثين.
ويضم القسم الفني أقسامًا هي: التجليد بأنواعه، والترميم لأجل ترميم المخطوطات والكتب. والطباعة الحرارية على الكتب أليًّا ويدويًّا. والتصوير والفهرسة والتصنيف والتزويد. ولكل من هذه الأقسام مهام: فقسم الفهرسة والتصنيف يقوم بتصنيف وفهرسة الكتب، وتسجيل الكتب الواردة للمكتبة في برنامج المكتبة بالحاسب الآلي. وقسم التزويد يقوم بتأمين الكتب الجديدة للمكتبة عن طريق الشراء، ومن مهامه أيضًا جلب الكتب الموقوفة على المكتبة، حيث يقوم البعض بوقف الكتب على المكتبة ونقلها إلى المكتبة في حياته أو بوصية منه بعد موته. وقسم المستودع يضم الكتب المكررة الزائدة عن حاجة رواد المكتبة، كما تحفظ به كميات الكتب التي توزع على المساجد والمكتبات العامة في أنحاء العالم. وقسم الحاسب الآلي يقوم بإدخال بطائق الكتب (الفهارس)في الحاسب بعد ما تمّ إنجاز برامج لفهرسة الكتب والمخطوطات، والدوريات، كما يتمّ به تحويل المصورات الورقية والميكروفيلمية عبر الماسح الضوئي إلى الحاسب الآلي، وكذلك أدخل وحفظ التسجيلات الصوتية والمرئية في الحاسب الآلي.
ويقوم قسم التزويد بإعداد قوائم بالكتب التي تحتاجها المكتبة، ويتم التزويد عن طريق الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي، أو عن طريق التبادل لبعض المصورات لكتب مطبوعة، أو عن طريق إهداء بعض الكتب من الأفراد أو المكتبات العامة أو الجامعات والمراكز العلمية، أو عن طريق الوقف على المكتبة. وتتعاون المكتبة مع المكتبات الأخرى في داخل المملكة مثل مكتبة الملك فهد الوطنية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، ومكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمدينة، ومكتبة الحرم المكي، ومكتبات الجامعات في الداخل، ومن أهمها مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كما تتعاون مع مكتبات الجامعات الإسلامية في الخارج.
وهناك أقسام أخرى مثل: البحث والترجمة، ويتمّ به بحث بعض المسائل حسب الحاجة، وترجمة ما يحتاج إلى ترجمة عربية من اللغات الأخرى كالإنجليزية والفرنسية والأوردو وغيرها، والاطلاع على الكتب المهداة أو الموقوفة على المكتبة وإجازتها. وقسم الأمن والسلامة ويقوم على مراقبة القاعات وتنظيم دخول وخروج الكتب إلى الأقسام وبين القاعات. وقسم الإهداء والتبادل ويقوم بتوزيع ما يتوفر من كتب ومطويات على رواد المكتبة وغيرهم، حسب النظام المتبع، وتبادل بعض الأفلام والمصورات سواء ورقية أو على أقراص ضوئية أو وسائط متعددة. وقسم الإعارة ويقوم بتنظيم إعارة بعض الكتب الخاصة بالإعارة حسب النظام والترتيب الموضوع لذلك.
تفتح المكتبة أبوابها يوميًّا من الساعة السابعة والنصف صباحًا إلى ما بعد صلاة العشاء بما في ذلك أيام الخميس والجمعة والعطل الرسمية لعيدي الفطر والأضحى، ويتم إغلاق المكتبة فقط عند الصلوات حتى تخدم المكتبة أكبر عدد من الباحثين والزائرين، وليجد الباحث فرصة أوسع ليستفيد حسب الوقت الذي يتناسب مع ظروفه.
ويزور مكتبة المسجد النبوي الشريف أكثر من سبعين ألف زائر سنويًّا من خمس وسبعينَ دولة، وترتاد المكتبة أعداد كبيرة من طلبة العلم وزوار المسجد النبوي، من أجل تلقي العلم وأيضًا للبحوث الخاصة بالدراسات العليا، ويسمح لجميع زوار المسجد النبوي الشريف بالاستفادة من المكتبة والخدمات المقدمة فيها.
ومن أجل المحافظة على موجودات المكتبة تم توفير العديد من الأجهزة مثل :تركيب أجهزة أمان على مداخل أبواب قاعات المطالعة للرجال والنساء، وتم وضع شريط ممغنط على جميع الكتب والمخطوطات بالمكتبة لكشف أي كتاب يخرج بإصدار صوت ينبه المسئول. وأجهزة مراقبة (كاميرات) وتتم المراقبة في غرفة خاصة للاطمئنان على سلامة الكتب من العبث. وتركيب طفايات الحريق منها اليدوية ومنها الآلية عند مداخل المكتبة وسقفها. وأجهزة الإنذار ضد الحريق للتنبيه عند وجود دخان أو حرارة من الأعمال التي يتم خلالها المحافظة على سلامة الموجودات. والتعقيم الدوري لجميع الكتب والتركيز على الكتب النادرة والمخطوطات. ووضع حرس أمن عند مدخل القاعة والمخطوطات. وترميم وصيانة المخطوطات والكتب وتجليد ما يحتاج إلى تجليد، وذلك عن طريق القسم الفني بصفة مستمرة، بالإضافة إلى وجود مسئول أمن عند مداخل القاعات. وإدخال جميع المخطوطات الأصلية في الحاسب لتسهيل ا لاطلاع والتصوير للباحثين والمحافظة على الأصل، ويتم الاطلاع عليها عن طريق الحاسب الآلي، والاحتفاظ بنسخه من الأشرطة والاسطوانات الخاصة بالحاسب الآلي التي تطلب للرجوع إليها عند تلف أو فقد النسخة المستعملة.
يعمل بالمكتبة ثمانون شخصًا من موظفين، وفنين، ومستخدمين، وعمال، إضافةً إلى العاملات اللاتي يعملن بالمكتبة النسائية. ويتم توزيع العاملين على فترتين، صباحية ومسائية. وتقدم المكتبة الخدمات المتنوعة للباحثين والقراء مدة فتح المكتبة، ويقوم الموظف المختص بمساعدة الباحثين في قاعات المطالعة بما يحتاجونه من خدمات. وتبادل صور المخطوطات الأصلية والمصورات الورقية والميكروفيلمية مع الأفراد والمكتبات العامة ومكتبات الجامعات في المملكة العربية السعودية وغيرها. ونسخ تسجيلات القرآن الكريم والدروس والخطب المحفوظة في المكتبة الصوتية والملقاة في الحرمين الشريفين لمن يطلبها بعد إحضاره أوعية فارغة. وتصوير طلبات الباحثين والرواد حسب التعليمات. وتوزيع بعض النشرات والمطويات والكتب المتوافرة على رواد المكتبة.
المصادر:
1 - محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، تحقيق جمال عيتاني، (بيروت: دار الكتب العلمية، 2001)، الجزء الثاني، ص 417.
2 - صلاح أحمد الطنوبي: "المكتبات في الإسلام"، مجلة الوعي الإسلامي، العدد 271، (رجب 1407هـ/ مارس 1987م)، ص 48-54.
3 -عيسى الحسن: الأندلس في ظل الإسلام تكامل البناء الحضاري، (عمان: الأهلية للنشر والتوزيع، 2010)، ص 96؛ عبد الغني عبد الفتاح زهرة؛ نورة محمد عبد العزيز التويجري: تاريخ الفتح الإسلامي والدول الإسلامية في بلاد الأندلس، (الرياض: مكتبة الرشد، 2010)، ص 191؛ عبد الرحمن علي الحجي: التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة، (الدوحة: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2012)، ص 317.
4 - محمد ماهر حمادة: المكتبات في الإسلام نشأتها وتطورها ومصائرها، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1978)، ص 82، 127.
5 - الفيكنت فيليب دي طرازي: خزائن الكتب العربية في الخافقين، (بيروت: منشورات وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة، د. ت.)، ص 146.
تغريد
اقرأ لهذا الكاتب أيضا
- التاريخ الأوروبي وتاريخ أوروبا
- مكتبة المسجد النبوي الشريف
- الاستشراق الجديد و الإسلام
- مدارس الخط في العالم العربي
- نشأة التشيع وإشكالية خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم
- موقف الغرب من القرآن الكريم
- التراث المادي والتراث المعنوي
- نماذج من متاحف المشاهـير في العالم العربي
- التوسع العثماني.. مجاله وكيف وقع تنظيمه
- أرمن بغداد بأقلام رحالة
- أوائل ترجمات معاني القرآن الكريم في اللغات الأوروبية
- إقطاعية تبنين «تورون» وقلعتها في عصر الحروب الصليبية
- التراث والمعاصرة في الخطاب الإعلامي المعاصر
- الأفلاج في كتابات رحالة أوروبيين في شرقي الجزيرة العربية
- ألعاب أطفال البدو في كتابات الرحالة
- الرحالة الغربيون وآثار الشرق في متاحف الغرب
- هل فارتيما أول حاج أوروبي إلى مكة المكرمة؟
- ليوا في كتابات الرحالة الغربيين
- العلاج بالكي عند البدو كما رصده الرحالة الغربيون
- رحلات الصيد في الجزيرة العربية بعيون الرحالة الغربيين
- أبو ظبي في كتابات الرحالة الغربيين
- رحلة ثيسجر إلى تهامة في عام 1945
- رؤيــة الـرحـالـة للتحية البدوية
- آلات الطرب البدوية في كتابات الرحالة
- الأمومة عند بدو العراق والجزيرة العربية كما رآها الرحالة الغربيين
- الأهازيج الشعبية كمصدر تاريخي
- الـصــور الفوتوغرافية مصدرًا تاريخيًا
- رؤية الرحالة لطقوس وعادات الأعراس في الجزيرة العربية
- عالمية الإسلام والعولمة الغربية دراسة مقارنة
- هل كان جون فيلبي رحالة أم جاسوسًا؟
- البولندي برثالاميوس شاهمان وعامان في الدولة العثمانية
- منهجية التوثيق من مواقع الانترنت
- رحلات لويس شيخو للبحث عن المخطوطات
- تداعيات الحرب العالمية الأولى على الشرق الأوسط
- الحقيقي والمتخيل في رواية «غصن أعوج» لأحمد عبدالملك
اكتب تعليقك