قوة السكينةالباب: مقالات الكتاب
محمد بن عبدالله الفريح كاتب ومفكر |
قرأت على لسان طيّار كبير:(1)
أنّ طائرة إيرباص 380 A تطير في طريقها عبر المحيط الأطلنطي في خط مستقيم وبهدوء بسرعة 800 كم في ساعة.
ظهر لها فجأة طائرة يورو فايتر مزودة بتقنية Tempo Mach التي تمكنها من أن تتجاوز ضعفي سرعة الصوت في لحظات خاطفة!
يبطئ طيار الطائرة المقاتلة الشاب ويطير بجانب طائرة الإيرباص ويحيي قائدها العجوز عن طريق الراديو ثم يقول له:
رحلة إيرباص رحلة مملة، بطيئة أليس كذلك؟
انتبه أيها القائد وألق نظرة عليّ ماذا سأفعل!
يقوم الشاب بقلب طائرته على ظهرها ثم يتسارع ويخترق حاجز الصوت ثم يصعد بسرعة إلى ارتفاع مذهل ويهوي إلى مستوى سطح البحر تقريبًا في عرض استعراضي خلاب مثير!!
بعدها عاد الطيار العسكري الفتيّ مرة أخرى بجوار طائرة الإيرباص وسأل قائدها العجوز الكبير:
حسنًا: كيف رأيت ذلك؟
يجيب قائد الإيرباص الكبير سنًا وخبرة: استعراضك يا بنيّ مثير للإعجاب للغاية!
لكن ألق نظرة علينا هنا لترى ما يمكنني فعله ولا يمكنك فعله!!!
راقب طيار المقاتلة طائرة الإيرباص لكنه لا يرى شيئا يحدث!
يستمر قائد الإيرباص في الطيران في خط مستقيم وبنفس السرعة
بعد عدة دقائق أجرى قائد الإيرباص اتصالاً لاسلكيًا مع طيار المقاتلة وسأله: حسنًا ماذا تقول الآن؟
يسأله قائد المقاتلة وهو في حيرة ودهشة وماذا فعلت!؟!
يضحك قائد الإيرباص ويقول:
نهضت وحرّكت ساقي وذهبت إلى مؤخرة الطائرة إلى دورة المياة وأخذت فنجانًا من القهوة وكعكة القرفة وتحدثت مع بعض ملاحي الطائرة، وسمعت اثنان من الركاب يتبادلان النكات بينهم، وتجاذبت أطراف الحديث مع أحد الركاب عندما سألني كيف تركت قمرة القيادة وأنت قائد الطائرة فأخبرته بالتقنيات المتطورة المجهزة بها والتي نستطيع من خلالها إدارة الرحلة بأكملها، وأنتَ لا تستطيع عمل أي من ذلك الذي قمت أنا به أليس كذلك؟؟
المغزى
عندما تكون صغيرًا شابّا تبدو السرعة ويبدو الاستعراض وحبّ التفاخر والتظاهر والأدرينالين رائعين، ولكن مع تقدّمك في السن واكتسابك للحكمة والمعرفة سوف تفهم قيمة الراحة والسلام والهدوء، وهذا ما يسمى S.O.S
Slower
Older
Smarter
أبطأ - أقدم - أذكى
إهداء الى جميع أقراني وأصدقائي وزملائي الذين هم في نفس عمري أو أقل أو أكثر؛ لندرك أننا نجحنا وسعدنا أحيانًا كثيرة، وفشلنا وحزنا أحيانًا محدودة وكانت لنا فيها دروسًا وعبرًا، وأنّ الوقت قد حان للإبطاء من اندفاعنا وتهوّرنا والاستمتاع ببقية رحلتنا في هذه الحياة الدنيا بهدوء وسلام.
وما أجمل ما قاله الشاعر وعالم الطبيعة الألماني يوهان غوته
تنمو الموهبة مع الهدوء والسُّكون،
وتنمو الشّخصية بخوض معترك الحياة.
الهوامش:
(1) هو مقال وصلني وأعدت اقتباسه وصياغته بتصرف وإضافات ليناسب السياق.
تغريد
اقرأ لهذا الكاتب أيضا
- العقل الهادئ
- فن إخماد الأفكار
- عشبة الحياة
- دقيقة فقط
- عندما يكون الكلام اسثنائيًّا
- كم تجيد توظيف المواقف؟
- العظماء حقًّا هم فقط الخيِّرون حقًّا
- ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانه؟
- سفر الحب عش اللحظة بكل تفاصيلها
- العقيلات مآثر الآباء والأجداد على ظهور الإبل والجياد (سيرة بُعِثت من جديد)
- شخصية مبادرة
- فَشَرِبوا مِنهُ إِلّا قَليلًا مِنهُم
- وأقرب رحما
- مدارس التواضع ما لن تتعلمه في الجامعة
- سجن من دون جدران كف عن إيذاء نفسك ومن حولك
- الموت بحضوره الطاغي
- قلادة الإحسان
- بيل غيتس ... وقواعده الـ «11»
- تجالسنا وأنت تلحن؟!
- الزاوية الإيجابية
- هل ترى بالبصر أم بالبصيرة؟
- دروس الجندي الصغير
- حكاية تيدي ستيوارت ملهمة المعلمين والتربويون والآباء
- هل أنت ناضج بما فيه الكفاية؟
- قيم لم تخفها التجاعيد
- فن صناعة السعادة أحد أروع القصص للروائي الألماني فرانز كافكا
- الاحتلال الناعم (ملاك طنطا أنموذجًا)
- قوة السكينة
- ماذا لو رأيت الجمال كله؟
- المنقاش: الشيخ محمد بن محمود
- ابحث عن مكامن القوة في نفسك!! (وركز عليها)
- دور الذكاء الصناعي في مجال النشر
- لا تخدعنك المظاهر !!
- البِّر وفقه الإحسان
اكتب تعليقك