لا تخدعنك المظاهر !!الباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2024-02-01 09:31:45

محمد بن عبدالله الفريح

كاتب ومفكر

ذكر الشيخ عبد الله القحطاني وفقه الله في لقاء "برنامج طلاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله" على "اليوتيوب" أن الشيخ ابن عثيمين درس في معهد الرياض العلمي عام 1372هـ 1952م، وكان يجلس بجوار الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله في الفصل، وقد وصفه ابن عثيمين بقوله: جلستُ على الطاولة وبجواري طالبٌ مؤدّب خلوق كفيف طيّب، فأحببتُه واستأنستُ به منذ التقيتُه. أهـ

وذكر القحطاني أنّ ابن عثيمين تفاجأ من أحد المعلمين الذي كان بدويّ الهيئة، أسمر البشرة رثّ الثياب، فقال الشيخ في نفسه: الآن أترك شيخنا ابن سعدي وعلمه الواسع وطيبته وأريحيّته، وكنتُ في بلدتي بين أهلي وأصحابي، وأجلس عند هذا الإفريقي البدوي! يا ضيعة العلم والعلماء!. أهـ

وكانت المفاجأة عندما تكلّم هذا المعلم وتحدّث في صنوف العلم وفنونه بلا كتاب، وشرّق وغرّب، وتلا الآيات ونقل أقوال العلماء، والمفسرين والفقهاء واختلافاتهم، وذكر الأحاديث بأسانيدها وشروحها، وروى الأشعار والشواهد، وتفجّرت أنهار العلوم من بين جنباته، وتدفّقت من لسانه كالسيل الهادر، علوم وأقوال لا يكاد يحويها صدر عالِم لقيه ابن عثيمين أو عاصره، فكان هذا الشيخ هو العلامة المفسر الفقيه النحوي الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله(١)

على إثر ذلك وصفه ابن عثيمين رحمه الله فقال: لله دره ما أقوى حجّته، وما أسدّ بيانه، وما أرفع كعبه في العلم وبيانه ونقله، رغم احتقارنا لهيئته أولَ الأمر، ففرحتُ بذلك أيما فرح، وشكرتُ الله تعالى أن تمكّنتُ من لُقيا هذا الجبل الأشمّ، والبحر الزاخر. أهـ

ومما ذكره القحطاني وفقه الله أنّ شيخيْه ابن عثيمين والبراك كانا يتنافسان في الدراسة على ترتيب الطلاب هذا يأخذ الأول وذاك يأخذ الثاني.

وفي هذا المقام تذكرت بعض ما قاله بعض الفلاسفة، ومنها ما قاله عالم الفيزياء الألماني ماكس بلانك: "ما يبدو لنا اليوم غير قابل للتصور، سيصير يومًا من وجهة نظر أوسع، بالغ البساطة والتناسق. "

والمقولة الشهيرة للفيلسوف والعالم اليوناني أفلاطون: "أن يتغلّب الإنسان على نفسه، فذلك أوّل الانتصارات وأكثرها نُبلاً."

 

الهوامش:

(١) هو محمد الأمين الشنقيطي هو محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن نوح بن محمد بن أحمد بن المختار الجكني نسبة إلى يعقوب الجكني الشنقيطي 1905 1974).

أعجوبة عصره ومتقن زمانه في الحفظ والاستدلال والاستنباط وقوه البيان.

من أهم مؤلفاته معلمته القرآنية الكبرى التي سماها "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"، كما ألف كتبًا أخرى عديدة، منها:

* دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب.

* مذكرة في أصول الفقه على "روضة الناظر".

* وقام بشرح كتاب "مراقي السعود" في الأصول.

* رحلة إلى الحج.

* وألف كتابًا صغيرًا عن حكم الصلاة في الطائرة.

وفي الجانب الأدبي، اشتهر الشيخ الشنقيطي بقرض الشعر، وقد سرد رحلته إلى الحج في كتاب زاخر بالأدب والمناظرات والفوائد العلمية. رحمه الله رحمة واسعة وجميع علمائنا ووالدينا والمسلمين.


عدد القراء: 4079

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-