تجالسنا وأنت تلحن؟!الباب: مقالات الكتاب
محمد بن عبدالله الفريح كاتب ومفكر |
ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، في كتاب القول المفيد (1/405) قال: ويقال: إن الكسائي شيخ القراءة والعربية، أبو الحسن علي بن حمزة، بن عبدالله، بن بهمن، بن فيروز الأسدي، مولاهم الكوفي. إمام النحو، أنه طلب النحو عدة مرات، ولكنه لم يوفق، فرأى نملة تحمل نواة تمر، فتصعد بها إلى الجدار، فتسقط، حتى كررت ذلك عدة مرات، ثم صعدت بها إلى الجدار وتجاوزته، فقال: سبحان الله! هذه النملة تكابد هذه النواة حتى نجحت، إذن أنا سأكابد علم النحو حتى أنجح. فكابد، فصار إمام أهل الكوفة في النحو.
بينما قال الذهبي في السير (9/133-134): وعن الفراء قال: «إنما تعلم الكسائي النحو على كبر، ولزم معاذًا الهراء مدة، ثم خرج إلى الخليل». وعلق المحقق على هذا الكلام بقوله: «وكان سبب تعلمه أنه جاء يومًا وقد مشى حتى أعيا، فجلس إلى قوم فيهم فضل، وكان يجالسهم كثيرًا، فقال: قد عييت. فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن؟! فقال: كيف لحنت؟ فقالوا: إن كنت أردت من التعب. فقل: أعييت. وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر، فقل: عييت. مخففة، فأنف من هذه الكلمة، وقام من فوره، فسأل عمن يعلم النحو، فأرشدوه إلى معاذ الهراء، فلزمه حتى أنفذ ما عنده».
ذكر هذه الحكاية الذهبي في تاريخ الإسلام (12/303)، والسيوطي في بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة (2/163).
أتذكر المقولة الشهيرة للسيدة ليزي فيلاسكيز التي كانت تعاني من مرض نادر وخطير للغاية اسمه متلازمة بروجي رويد. عندما سألوها ذات مرة عن مرضها فأجابت: "رزقني الله بأعظم نعمة في حياتي؛ وهي مرضي".. والتي أصبحت بعدها أيقونة لتحدي التنمر والسخرية على شبكة الإنترنت، عندما رفضت كل هذه الإحباطات السلبية لم تحط من عزيمتها ولم تجعلها تنزوي على نفسها خوفًا من نظرة الآخرين، بل شيّدت من كل هذه الانتقادات، طريقًا فريدًا لتحقيق أحلامها وللتأثير على العالم بشكل قد لا يقوم به الكثير من أصحاب وصاحبات الوجوه الجميلة.
سل نفسك بهدوء
- كم من إنجاز عظيم ولد من رحم المعاناة؟
- كم من يتيم شيد قصوراً من الإنجاز والفخامة؟
- كم من عاجز بدنياً مهد طرقًا من الإبداع والإلهام للآخرين؟
تمتلئ بطون الكتب والمقالات والأبحاث بمئات بل بالألاف من الأمثلة التي يضيق المقام لسردها.
ولعله يكفي من ذلك المقولة الأشهر للشاعر الفارسي شمس الدين التبريزي:
«أولئك الذين يأملون أن تذهب المُعاناة يوماً عنهُم لَن تذهب ، لأن المُعاناة ليست في الأشياء والأحوال إنما المُعاناة بداخلهم ستذهب معهُم أينما ذهبوا».
تغريد
اقرأ لهذا الكاتب أيضا
- العقل الهادئ
- فن إخماد الأفكار
- عشبة الحياة
- دقيقة فقط
- عندما يكون الكلام اسثنائيًّا
- كم تجيد توظيف المواقف؟
- العظماء حقًّا هم فقط الخيِّرون حقًّا
- ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانه؟
- سفر الحب عش اللحظة بكل تفاصيلها
- العقيلات مآثر الآباء والأجداد على ظهور الإبل والجياد (سيرة بُعِثت من جديد)
- شخصية مبادرة
- فَشَرِبوا مِنهُ إِلّا قَليلًا مِنهُم
- وأقرب رحما
- مدارس التواضع ما لن تتعلمه في الجامعة
- سجن من دون جدران كف عن إيذاء نفسك ومن حولك
- الموت بحضوره الطاغي
- قلادة الإحسان
- بيل غيتس ... وقواعده الـ «11»
- تجالسنا وأنت تلحن؟!
- الزاوية الإيجابية
- هل ترى بالبصر أم بالبصيرة؟
- دروس الجندي الصغير
- حكاية تيدي ستيوارت ملهمة المعلمين والتربويون والآباء
- هل أنت ناضج بما فيه الكفاية؟
- قيم لم تخفها التجاعيد
- فن صناعة السعادة أحد أروع القصص للروائي الألماني فرانز كافكا
- الاحتلال الناعم (ملاك طنطا أنموذجًا)
- قوة السكينة
- ماذا لو رأيت الجمال كله؟
- المنقاش: الشيخ محمد بن محمود
- ابحث عن مكامن القوة في نفسك!! (وركز عليها)
- دور الذكاء الصناعي في مجال النشر
- لا تخدعنك المظاهر !!
- البِّر وفقه الإحسان
اكتب تعليقك