التفوق العسكري وتقدم الغرب: أوشكهم كرة بعد فرةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2022-09-30 05:46:37

أ.د. مهند الفلوجي

لندن

وللغرب ميزة في التفسير النبوي، وهي التفوق العسكري الحربي: (وأوشكهم كرة بعد فرة [وفي رواية: أكثر الناس كرة بعد فرة])، أي أنهم يباغتون عدوهم بالهجوم السريع بعد أي هزيمة تلحق بهم، مما يتطلب الشجاعة والإقدام والإرادة الحديدية وعدم الاستسلام للضربة القاضية الأولى مع الحكمة والتحضير لتوقيت ضربتهم القاضية المضادة. وهذا يعني أنهم يرفضون الاستسلام ويبقون متهيئين سرًّا كـنارٍ تحت الرماد. ومنهم جاءت المقولة خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب.

والعسكرة وعلوم العسكرية تقتضي الانضباط العسكري حيث طاعة الأمير وتكتيكات الحرب والإستراتيجية العامة وتحديد الهدف وتنفيذه بأقل الخسائر (وأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية الإنجليزية RMAS-Royal Military Academy Sandhurst تُعدّ من أعظم مدارس العالم بالانضباط العسكري)؛ ويتم فيه تدريب جميع ضباط الجيش البريطاني لتولي مسؤولية قيادة جنودهم. أثناء التدريب، يتعلم جميع الضباط الصغار العيش وفقًا لشعار الأكاديمية: "الخدمة للقيادة". وتعلم التكتيكات (Tactics) هي القرارات اليومية التي يجب على المرء اتخاذها للتعامل مع الموقف للمضي قدمًا في إستراتيجية Strategy (الصورة الأكبر للهدف المستقبلي المنشود). بدون إستراتيجية، لن تحقق التكتيكات شيئًا. ولا بد من التدريب على شتى صنوف السلاح: سلاح المشاة كالسكاكين والحربة والمسدس وبنادق القنص والرشاش والقنابل اليدوية وصواريخ (أرض-أرض)، وسلاح الدبابات والمدرعات، وسلاح الطيران بالرماية والقنابل بأنواعها، وسلاح السفن البحرية والغواصات كالصواريخ (بحر-أرض، بحر-بحر، بحر-جو).

ولا بد من توظيف التقنيات العلمية والتصنيع العسكري اللازم لمتطلبات الحرب الذي يمطّ الأمور تقنياً لأقصى الحدود stretching things to the limits  مع ضرورة مواكبة الاختراعات المعاصرة.  إنّ توظيف التكنولوجيا في الحرب لهي الحد الفاصل بين النصر والهزيمة؛ فكما وظّف الرومان النار اليونانية في حروبهم، وظّف العرب والعثمانيون البارود والمدافع في معاركهم الظافرة.

استخدمت الإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية) النار اليونانية سلاحًا حارقًا مطلع 672م لإشعال النار في سفن العدو؛ وتتكون من مركب قابل للاشتعال ينبعث من سلاح نافث للشرر (اللهب). يعتقد بعض المؤرخين أنه يشتعل عند ملامسته للماء، وربما كان يحوي النفتا (النفط) والجير الحي Quicklime. استخدمه البيزنطيون عادةً في المعارك البحرية بشكل كبير، حيث يمكن أن يستمر بالإشتعال وهو طافٍ على الماء. وكانت ميزة التكنولوجيا هذه هي العامل الأساس للإنتصارات العسكرية البيزنطية العديدة؛ وأبرزها إنقاذ القسطنطينية من الحصار العربي الأول والثاني، وبالتالي ضمان بقاء الإمبراطورية. تشير الروايات أنّ النار اليونانية تستخدم البترول والزيت كمكونات. وتشير مصادر أخرى أنّ النار اليونانية تتضمن مزيجًا أو تركيبة مكونات (مثل الجير Quicklime، والملح الصخري Saltpeter، والبيتومين Bitumen، والكبريت، والراتنج Resin  والقش). والحقيقة أنّه حتى الآن، لا يمكن إعادة التكوين الدقيق للنار اليونانية بنجاح.

ولا بد من الانفتاح الفكري لكل الاختراعات وتقنية تطويرها لضمان التفوق العسكري على العدو. وتاريخيًا كان انفتاح السلطان محمد الفاتح لفكرة اختراع المدفع العملاق آنذاك من قبل المهندس الهنغاري أوربان Orban والإغداق عليه بالمال) بعد أن رفضه قسطنطين ملك القسطنطينية والامبراطورية الرومانية) كان سببًا رئيسًا في اختراق الجدران الثلاثة المنيعة للقسطنطينية والانتصار التاريخي الساحق عام 1453 لسلطان شاب لا يتعـدى عمره 22 سنة (محمد الفاتح ) وبعد 53 يومًا (6 أبريل إلى 29 مايو) من الحصار الحربي الصعب رغم المثبطات لكن الإصرار والكرّة والهجوم بعد كل فرّة وانكسار هو الذي أدى للفتح الأسطوري. 

وتحول اسم المدينة من Constantinople إلى Islambol  إسلام-بول أي تحت الإسلام (ثم صارت تعرف بمدينة السلام أو الأستانة أو استنبول). وكانت إرادة هذا السلطان الشاب وجيشه مستمدة من عشقهم للحديث النبوي الذي رواه الإمام أحمد والحاكم والطبراني والبخاري في التاريخ الكبير والأوسط والبغوي (لَتُفْتَحَنَّ القُسطَنْطِينِيَّةُ، فلنعمَ الأميرُ أميرُها، ولنعمَ الجيشُ ذلك الجيش)؛ عاشوا لهذا الحديث وعاشوا أحداثه وحققوا مما لم تحققه جيوش الخلفاء الراشدين ولا الخلفاء الأمويين ولا الخلفاء العباسيين ولا حتى جيوش المماليك (هازمة المغول). وشاركت في فتح القسطنطينية فرقة من الجيش العثماني تسمى (فرقة نِعْمَ الجيش) ومعظم أفراد هذه الفرقة من الصوفية.

وحين أدخل المغول مسحوق البارود الأسود من الصين والمستعمل للألعاب النارية كان المسلمون سبّاقون لمواكبة وتطوير هذا الاختراع، كما كانوا من قبل سبّاقون أيام العباسيين لتطوير صناعة سمرقند للكاغد أو الورق (كما نعرفه) بديلاً لورق الرق (المستخلص من جلود الأغنام والماعز) والفلجان (المستخلص من جلود عجول البقر والجاموس).

عرف المسلمون البارود بين 1240-1280م، وكتب نجم الدين حسن الرمّاح (المعروف بالأحدب – سوري الأصل) تعليمات لتنقية الملح الصخري Saltpeter ووصفات لمواد البارود الحارقة. بل إنّ الرماح ينسب مكونات البارود لـ"والده وأجداده"، ويحدد انتشار البارود في سوريا ومصر "بحلول نهاية القرن 12/بداية القرن 13م".  وضع حسن الرماح 107 وصفةً للبارود في كتابه "الفروسية والمناصب الحربية"، منها مكونات 22 صاروخًا (تتكون من 75٪ نترات، 9.06٪ كبريت ، 15.94٪ فحم مطابقًا لوصفة البارود الحديثة المكونة من 75٪ نترات البوتاسيوم، 10٪ كبريت، و 15 ٪ فحم). يذكر الكتاب أيضًا فتائل الاشتعال، والقنابل الحارقة، وأواني النفثا (النفط)، والرماح النارية، وتوضيحًا ووصفًا لأقدم طوربيد. أطلق على الطوربيد اسم "البيضة التي تتحرك ذاتيًا وتحترق".  يتم ربط صفيحتين من الحديد معًا وشدهما باستخدام اللبّاد felt. ويملأ الوعاء المسطح يشكل كمثرى بالبارود، وبرادات معدنية، و"مخاليط جيدة"، وقضيبان، وصاروخ كبير للدفع. ويتضح من الرسم التوضيحي إنزلاقه فوق الماء. استخدمت الرماح النارية في المعارك بين المسلمين والمغول عام 1299 و1303. ويقول الحسن أنه في معركة عين جالوت عام 1260م، استخدم المماليك ضد المغول، "أول مدفع في التاريخ"، بمكونات ونسب التركيب المثالية المطابقة تقريبًا للبارود المتفجر الحديث. ثم توسع العثمانيون بتطوير المدافع وسلاح البارود في معاركهم الفاصلة.

ليس النصر مقرونًا بتفوق العدة والعدد قدر اقترانه بالإرادة الحديدية بمن يقف وراء السلاح، فقيمة السيف والبندقية بمن يحملها ويعرف استخدامها جيدًا. وهناك قاعدتان في كل جيوش العالم ترتبط بالإرادة الحربية في المعارك، وهما:

قاعدة عدم الهروب أو التراجع، وقاعدة الانسحاب التكتيكي إما للهجوم أو للتجهز والإغارة ثانية.

هاتان القاعدتان ذكرها القرآن والمفسرون المسلمون بإسهاب وإطناب وتتطلبان ذكاء التخطيط (والحرب خدعة) مع ضرورة الرباط ومصابرة العدو. وقد أخذها الغرب الأوروبي من المسلمين وفعّلوها وطبّقوها وتوحّدوا وانتصروا في وقت تفرّق المسلمين وانقسامهم.

قال تعالى: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) ظهره (إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ)، أَيْ: مُنْعَطِفًا يَرَى مِنْ نَفْسِهِ الِانْهِزَامَ، وَقَصْدُهُ طَلَبُ الْغِرَّةِ وَهُوَ يُرِيدُ الْكَرَّةَ، (أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ)، أَيْ: مُنْضَمًّا صَائِرًا إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُ الْعَوْدَ إِلَى الْقِتَالِ. فَمَنْ وَلَّى ظَهْرَهُ لَا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ لَحِقَهُ الْوَعِيدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)، وقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: هَذَا فِي أَهْلِ بَدْرٍ خَاصَّةً، مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُمُ الِانْهِزَامُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ يَتَحَيَّزُونَ إِلَيْهَا دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَوِ انْحَازُوا لَانْحَازُوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ فِئَةٌ لِبَعْضٍ، فَيَكُونُ الْفَارُّ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَلَا يَكُونُ فِرَارُهُ كَبِيرَةً. وقال يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: أَوْجَبَ اللَّهُ النَّارَ لِمَنْ فَرَّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [آلُ عِمْرَانَ: 155]، ثُمَّ كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ بَعْدَهُ فَقَالَ: (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التَّوْبَةِ: 25]، (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ) [التَّوْبَةُ: 27]. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: كُنَّا فِي جَيْشٍ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً فَانْهَزَمْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ الْفَرَّارُونَ، قَالَ: «بَلْ أَنْتُمُ الْكَرَّارُونَ، أَنَا فِئَةُ الْمُسْلِمِينَ». ولَمَّا قُتِلَ أَبُو عُبَيْدَةَ جَاءَ الْخَبَرُ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: لَوِ انْحَازَ إِلَيَّ كُنْتُ لَهُ فِئَةً فَأَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حُكْمُ الْآيَةِ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ وَلَّى مُنْهَزِمًا. جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: (مِنَ الْكَبَائِرِ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ) [تفسير البغوي "معالم التنزيل]

والمسلمون في جهادهم يحاربون في سبيل الله للنصر (والغنيمة) أو الشهادة في جنات الخلد عند الله (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) التوبة:52، بينما الغرب كان ولا يزال يعلمهم الحرب للنصر أو الموت (ثم ماذا؟ وهم ملحدون!!!) والحياة ثمينة بالغرب لا يفرطون بها، فكان الكثير من عسكرييهم يستشهد بمقولة من الإنجيل (كلب حي ولا أسد ميت!؟) “A living dog is better than a dead lion.” Ecclesiastes 9:4 تبريرا لهزيمتهم وتعلقهم بالحياة.

وإذا كانت الحرب خدعة فإنها تقتضي حيل الخداع Feints في التكتيكات العسكرية وفي القتال combat، وتشمل:

* الهجمات الخادعة feint attacks وهي مناورات تهدف لتضليل العدو، تعطي انطباعًا بأن مناورة معينة ستحدث، بينما في الحقيقة، تحدث المناورة الأخرى الحقيقية، أو قد لا يحدث شيء حقيقة.  كما في غزوة بني لحيان (6هـ) بعد ستة أشهر من غزوة بني قريظة لمعاقبة بني لحيان على غدرهم بعشرة أصحاب النبي الدعاة عند ماء الرجيع قبل عامين من الغزوة بعد دعواهم لتبيان الدين. يقطن بنو لحيان عند بطن غران وتبعد 200 ميلًا عن المدينة المنورة بالقرب من مكة، وهي مسافة بعيدة شاقة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على الاقتصاص لأصحابه الذين استشهدوا. فلما تخاذلت الأحزاب عام الخندق، رأي أن الوقت قد حان للقصاص، فخرج في مائتين من أصحابه، وأظهر أنه يريد الشام، ومن ثم عكف مسرعًا إلى بطن غُرَان حيث كان مصاب أصحابه، فترحم عليهم ودعا لهم، وسمعت به بنو لحيان فهربوا في رؤوس الجبال، فلم يقدر منهم على أحد، فأقام يومين بأرضهم، وبعث السرايا، فسار إلى عسفان، فبعث عشرة فوارس إلى كُراع الغمِيم لتسمع به قريش وترتعب، ثم رجع للمدينة بعد أربع عشرة ليلة. كما وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم سريَّة قائدها أبو قتادة الحارث بن ربعي إلى بطن إضَم شمال غرب المدينة، للتمويه على جهة خروجه لتطير الأخبار باتجاهه شمالًا في حين أنّه صلى الله عليه وسلم متجه جنوبًا لفتح مكَّة شرفها الله.

* والتراجع الخادع feigned or feint retreat أي الانسحاب المصطنع حيث تتظاهر القوة العسكرية بالانسحاب، لأجل جذب العدو إلى كمين Ambush وهو أحد التكتيكات الصعبة عسكرياً لأنها تتطلب جنودًا منضبطين. ولطالما استخدم المغول تكتيك الانسحاب الخادع مع أعداءهم، وسبحان الله أنهم وقعوا بشراكه في معركة عين جالوت التي تُعـدّ من أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ العالمي والتاريخ الإسلامي على السواء.

معركة عين جالوت (25 رمضان 658هـ/3سبتمبر 1260م) تمثل هزيمة المغول لأول مرة وبشكل دائم في قتال مباشر على ساحة المعركة، وهي بداية العد التنازلي لذروة اتساع الفتوحات المغولية.  فبعد اكتساح المغول للعالم الإسلامي، سقطت الدولة الخوارزمية ثم اجتاحت جيوش هولاكو بغداد عام 1258 وأسقطت الخلافة العباسية، ثم اسقطت دمشق عاصمة الأيوبيين لاحقًا، ومعها سقطت مدن الشام وفلسطين. ثم أرسل هولاكو مبعوثين للقاهرة يطالب ملك المماليك قطز بتسليم مصر، فرد عليها قطز بقتل المبعوثين وتعليق رؤوسهم على باب زويلة في القاهرة. بعد ذلك بوقت قصير توفي ملك المغول الأكبر، فعاد هولاكو إلى منغوليا مع غالبية جيشه، تاركًا 10,000 جندي غرب نهر الفرات تحت قيادة الجنرال كتبوغا Kitbuqa. وخطط قطر وجنراله بيبرس للمعركة ونقلها خارج القاهرة لأن المغول ما حاصروا مدينة إلا واسقطوها بالحيلة وبالجواسيس وأذنابهم بل ومن دون قتال أحيانًا. فتقدم قطز بسرعة بجيشه من القاهرة نحو فلسطين وبموقع وخطة محكمة وضعها جنرال المماليك بيبرس.

انقض كتبوغا على صيدا قبل أن يتجه جيشه جنوبًا.  فتقدم إليه شمالاً جنرال المماليك بيبرس واستخدم تكتيكات الكر والفر ثم التراجع الخادع الوهمي (feint retreat) وكأنه هارب من المغول، فلحقوه فاستدرجهم لموقع عين جالوت المخطط له مسبقًا، حيث كمين جيش الملك المظفر قطز بانتظارهم خلف تلال المنطقة، وأحاط بهم جيشه وكسر جيش المغول فاضطروا للتقهقر نحو بيسان، فقاد المماليك هجومًا مضادًا نهائيًا بقيادة قطز وكان صوته يجلجل في أرض المعركة (وا إســلامـاه)، مما رفع الهمم واستبسل المماليك الأبطال حتى أسفرت المعركة عن مقتلة هائلة للمغول ومقتل العديد من قوادهم بما فيهم الجنرال كتبوغا نفسه. وتم في معركة عين جالوت توثيق أقدم استخدام لتقنية المدفع اليدوي والبارود في الصراع العسكري من قبل المماليك، استخدموها لتخويف وترعيب جيش المغول بما يسمى حديثًا تكتيك الصدمة والرعب shock and awe. وطارت أخبار وتباشير انتصار المسلمين، فثار أهالي دمشق وقتلوا الحامية المغولية هناك وقتلوا معهم أذنابهم وجواسيسهم، ووصل الملك المظفر سيف الدين قطز لدمشق نهاية رمضان ومطلع عيد الفطر المبارك. وبعدها بدأت كتائب بيبرس بتطهير المدن الشامية دمشق وحلب وحمص من قبضة المغول وانفرط عقد المغول فتساقطت مدن الشام الواحدة تلو الأخرى كحبّات المسبحة. وصار العيد عيدين: عيد الفطر وعيد النصر حيث تتبع المسلمون فقتلوا الحاميات المغولية المتبقية والهاربة وأعلن الملك المظفر سيف الدين قطز بتوحيد مصر والشام وكسرت شوكة المغول، وتأثر أحد زعماء القبيلة الذهبية (أكبر قبائل التتار)، بركة خان بالإسلام وهو ابن عم هولاكو (أسلم بركة عام 650هـ، وتولى زعامة القبيلة الذهبية في عام 652هـ) وبإسلامه دخلت أعداد كبيرة من القبيلة الذهبية المغولية في دين الإسلام، ولما وصل نبأ معركة عين جالوت، تزايد أعداد المسلمين في القبيلة (وللقلوب مفاتيحها) حتى أصبحت كلها تقريبًا مسلمة، وتحالف بركة خان  مع الملك الظاهر بيبرس ضد هولاكو.

الأخذ بالأسباب:

لقد تقدم الغرب لأنه أخذ بالأسباب واعتمد عليه لوحدها دون التوكل على الله (وفي هذا شرك وإلحاد). لكن المسلمين الأوائل بقيادة الرسول القائد صلى الله عليه وسلم أخذوا بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم توكلوا على الله (وكأنها لا شيء). ونحن اليوم لا نأخذ بالأسباب لكننا نتوكل على الله وفي هذا معصية كبيرة لأنه تواكل واتكال وليس توكل؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا) [حديث حسن للترمذي]. تغدو خماصًا، بمعنى: تخرج أول النهار، خماصاً أي: ضامرة البطون من الجوع، ثم تروح يعني: ترجع في آخر النهار إلى أوكارها، تروح بطانًا أي: ممتلئة البطون. من الشبع. قال الإمام البيهقي: هو أن الإنسان يبذل السبب، فهذه الطيور لا تبقى في أوكارها تنتظر رزق الله -تبارك وتعالى- فتمتلئ بطونها منه، وإنما هي تخرج في الصباح وتتسبب وتتكسب، ثم بعد ذلك ترجع إلى أوكارها في آخر النهار إذا كان الظلام.

روى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: "كان أهل اليمن يحجّون ولا يتزوّدون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) البقرة: 197 رواه البخاري.

وهذا لا يصلح لأن التوكل فعل للسبب أولاً ثم تفويض الأمر إلى الله، ولهذا جاء في حديث الترمذي: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أترك ناقتي وأتوكل أو أعقلها وأتوكل؟ قال (بل اعقلها وتوكل) (اعقلها أي أربطها) فعل السبب، ثم قال (وتوكل) بواو العطف لأنه شامل، الأول داخل في الثاني.  ومن التوكل: الأخذ بالأسباب، كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان يتزود لسفره صلى الله عليه وسلم، ولذلك جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله وقال له: إني حاج، فقال له: تزود، قال: إني متوكل، قال له: إذاً اخرج وحدك، فقال: لا، بل أخرج مع القوم، قال له: إذاً أنت متوكل على أزواد القوم. يعني: أنت لست متوكلاً على الله تعالى، وإنما متوكل على طعام القوم وشرابهم.

وقد رأى عمر رضي الله عنه أقواما جاءوا من اليمن وليس معهم زاد يحجون بيت الله الحرام فسألهم: من أنتم؟ فقالوا نحن المتوكلون، قال: (بل أنتم المتَّكلون - وفي رواية المتواكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبة في الأرض، ويتوكل على الله) من التواكل أي تفاعل يعني جعل غيره وكيلا له في ذلك. وكما أنكر عمر على الحجاج المتواكلين الذين قدموا للفرض بغير الزاد كذلك، أنكر على بعض أجلة الصحابة ترك الأخذ بالأسباب بالفرار من الطاعون.

فــمـفـهــوم قــول الله: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التوبة:51، وقال: (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) هود:123، هو ضرورةُ فعل الأسباب ومباشرتِها لأنه جزءٌ أصيلٌ من مفهوم التوكّل لا يصحُّ إلا به.

ذلك أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون، ووضع له سنناً تنظّم سيرَه، وهي سننٌ كونيّةٌ ثابتةٌ لا تتغيّرٌ ولا تتبدّل، من بينها: الربط بين الأسباب ومسبّباتها، فقد جعل الله لكل شيءٍ سبباً، فلا ولد من غيرِ زواج، ولا حصادَ من غير بذرٍ وزراعة، ولا نجاحَ من غير جدٍّ واجتهادٍ ومثابرة، ولا شفاء بدون علاج بالدواء والغذاء والكي والجراحة. فالتوكّل إذن: اعتمادٌ على الله، وأخذٌ بالأسباب، فهذا هو التوكّل الذي أمرنا اللهُ به، وما سواه فهو اتكالٌ وتواكل. إن التوكّل الحقيقي لا يستوي على سوقِه إلا بالأخذ بالأسباب، وهذا ما استفاضت به آيات القرآن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) النساء:71، وقال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) الأنفال: 60. وإن سيّد المتوكّلين هو محمد صلى الله عليه وسلم ولقد كان يأخذ الزاد في السفر، ويوم الهجرة اختفى في الغار كي يتخفّى عن عيون أعدائه، ولما خرج من الغارِ إلى المدينة أخذ من يدلّه الطريق، ويوم أحد لبس درعين اثنين، ولم يستند على توكّله فحسب، وعندما دخل صلى الله عليه وسلم مكّة فاتحًا، كان يلبس البيضة على رأسه (اي خوذة الرأس) بالرغم من عصمة الله له ودفاعِه عنه: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة:67.  قال سهل: "من قال: التوكل يكون بترك العمل، فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ". إن قانون السببية من السنن التي وضعها الله تعالى في هذه الأرض، وترك الأخذ بالأسباب عند أهل العلم منقصة، وقد قيل: الالتفات إلى الأسباب [لوحدها] شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع، فالشرع أمر بالأخذ بها، والعقل الصحيح يثبت اعتبارها، لكن من يعتمد عليها وينسى مسبّبها [الله]، ويظن سبباً ما يستقل بالتأثير فقد أشرك بالله العلي القدير.

الجهاد طيف واسع (يُساء فهمه):

روى الترمذي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: ألا أخبرُكَ بِرَأسِ الأَمرِ كلِّهِ وعمودِهِ، وذِروةِ سَنامِهِ؟ قلتُ: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ، وذروةُ سَنامِهِ الجِهادُ). وعن أبي أمامة رضي الله عنه: أن رجلا، قال: يا رسول الله، ائذن لي في السياحة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله عز وجل) [حديث صحيح رواه أبو داود]

ويبين الحديث أنَّ العبادات توقيفية، لا يجوز للمسلم القيام بها إلا وفق الشرع الحنيف، لذلك بيّن النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل الذي أراد أن يسيح في الأرض لأجل العبادة، أنَّ هذا من عمل النصارى، وأن السياحة في الأرض هي نشر الإسلام فيها، وأن سياحة أهل الاسلام هي الجهاد في سبيل الله لإعلاء دين الله تعالى.

والجهاد لغة: بذل الجهد والطاقة في شتى مناحي الحياة بما فيها مجاهدة النفس والشيطان والمنافقين والكفار، ويشمل الدين كله؛ وتتسع مساحته الحياة كلها بسائر مجالاتها ولهذا يسمى: الجهاد الأكبر. وله معنى خاص هو القتال لإعلاء كلمة الله وهذا يشغل مساحة أصغر من الأولى ولهذا سُمِّىَ الجهاد الأصغر ففي حصر مفهوم الجهاد في القتال خطأ في فهم الكتاب والسنة، فإن الجهاد فيهما جاء بمعنى القتال، وجاء أيضًا بمعنى أكبر من ذلك وأشمل: قال تعالى: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) قال ابن عباس: وجاهدهم به أي القرآن. فالجهاد الكبير هنا ليس القتال، بل الدعوة والبيان بالحجة والبرهان، وأعظم حجة وبيان هو هذا القرآن، إنه حجة الله على خلقه، ومعه تفسيره وبيانه الذي هو السنة. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وليس المراد بجهاد المنافقين القتال، لأن المنافقين يظهرون الإسلام ويتخذونه جُنَّة والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقاتلهم بل عاملهم بظواهرهم، ولكن جهاد المنافقين يكون بكشف أسرارهم ودواخلهم وأهدافهم الخبيثة، وتحذير المجتمع منهم، كما جاء في القرآن.

وقال تعال: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) والمراد بالجهاد هنا مفهومه الشامل المتضمن نوعيه الأكبر والأصغر، فتفسير الآية (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا) أي جاهدوا في ذات الله أنفسهم وشهواتهم وأهواءهم وجاهدوا العراقيل والعوائق وجاهدوا الشياطين، وجاهدوا العدو من الكفار المحاربين، فالمقصود: الجهاد في معترك الحياة كلها.

وفي السنة النبوية بين النبي صلى الله عليه وسلم أنواع الجهاد بمفهومه الشامل فقال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). قال ابن القيم: الجهاد أربع مراتب: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين.

والمراد بجهاد القلب هنا هو بغضهم وبغض حالهم وهي جزء من عقيدة الولاء والبراء؛ بدونها لا يصير الإنسان مؤمناً؛ سمى النبي صلى الله عليه وسلم فعل القلب هذا جهادًا، كما سمى فعل اللسان جهادًا، ومن باب أولى أن يسمى فعل اليد جهادًا. وعن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أجاهد؟ قال: (ألك أبوان) قال: نعم، قال: (ففيهما فجاهد). وأمثلة هذا من السنة كثيرة يسمى فيها بعض الأعمال الصالحة أو يجعلها بمنزلة الجهاد؛ كقوله صلى الله عليه وسلم :(الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله). وهكذا يتضح لنا مدى اتساع دائرة الجهاد. وحتى عندما يكون جهاد القتال مع العدو، فإن لكل فرد بالمجتمع جهاده: الطبيب بخبرته الطبية، وأهل الإغاثة بإغاثتهم، وأهل الإعلام بإعلامهم، وأهل الأموال بأموالهم، وحتى من يقومون بشؤون البلاد ويخلفون المجاهدين في أهليهم بالخير والرعاية والحراسة هو جهاد. والجهاد شرعًا ينقسم إلى قسمين رئيسيين يتفرع تحتهما أقسامه الأخرى الكثيرة؛ هما:

جهاد فرض كفاية على فئة محددة من المسلمين يندرج تحته جهاد الطلب لفتح أراضي جديدة لا تعرف الإسلام ويندرج تحته جهاد الدعوة للدفاع عن المسلمين والإسلام والقرآن وجهاد التعليم لنشر تعاليم الإسلام وقوانينه على الحياة والمجتمع باعتباره دينٌ صالحٌ لكل الشعوب واللغات وخلاص الأرض من كل الظلمات.

 وجهاد فرض عَينْ على كل مؤمنٍ بالإسلام، ويندرج تحته كل من جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الدفع للدفاع عن أراضي الوطن من عدو خارجي أو الدفاع عن المسلمين.

وأعجب العجب أن الغرب يعيب على المسلمين الجهاد (كي يتركوا الجهاد!)، في الوقت الذي يصرف الغرب بلايين الدولارات على الجهاد والدفاع الحربي على جيوشه وحروبه الصليبية المقدسة!!! 


عدد القراء: 3327

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

التعليقات 3

  • بواسطة الاستاذ خالد القيسي من
    بتاريخ 2022-10-07 08:12:14

    مقال رائع ودراسه عميقه مستفيضة للتفوق العسكري وتقدم الغرب .. سلمت يداك عليه.

  • بواسطة د. زكي القدسي من المملكة المتحدة
    بتاريخ 2022-10-06 06:17:09

    مقال رائع اتحفنا به الدكتور مهند الفلوجي ، نعم الإعداد والتخطيط وتوضيب الاموال والبحوث والاختراعات اساس كل أمر ثم يأتي بعد ذلك التوكل وليس التواكل . المسلمون عامة اصابهم الوهن ( حب الدنيا وكراهية الموت في سبيل الله ) بل جلهم يناضل من اجل حزبه ومن اجل متاع الدنيا ، فتعددت الاحزاب وتشتت الجهود واصبح النزاع والتقاتل حتى بين افراد العشيرة الواحدة ، وكل ذلك يغذى من اعدائهم . نحن مثلاً نصدر الوقود لمن يحوله الى سلاح ضدنا ويغرقنا بالديون . السبات لن يدوم ولكن متى الاستيقاض امر لا يعلمه الا الله ( ونُريد ان نَمُنَّ على الذين آستضعفوا في الارض ونجعلَهم ءَإمةً ونجعَلَهم الوارثين . ونُمَكِّنَ لهم في الارض ). كل التوفيق للدكتور مهند على مقالاته الرائعة .

  • بواسطة Dr Intesar El Ramley من كندا
    بتاريخ 2022-10-05 15:20:14

    Great article from very well know excellent author

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-