بين فلسفتين: بين تأليه الله وتأليه الإنسان 1الباب: مقالات الكتاب
أ.د. مهند الفلوجي لندن |
بين حـضارتين: مفارقـاتٌ بين الشرق والغـرب
(شهادة ُطبيبٍ عـربيّ في الغـرب)
للشرق العربي الإسلامي فضل كبير على الغرب الأوروبي النصراني (المُلحد حاليًّا): فضل في العلوم جميعها (كالطب والفلك)، بل وفي فلسفة الحياة أيضًا.
وفي الشرق كان (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) وكانت (الحكمة ضالّة المؤمن, أنّى وجدها فهو أحق الناس بها)، وكان (رأس الحكمة مخافة الله). كان شعار التوحيد (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) مهيمنًا معنىً وروحًا وتطبيقًا على أصقاع العالم الإسلامي كلها من تخوم الصين (شرق آسيا) وحتى جبال أطلس في المغرب (غرب أفريقيا)، ومن بلاد البلغار والفايكنغ والروس وبلاد الأندلس (قلب وشمال أوروبا) وحتى رأس الرجاء الصالح (جنوب أفريقيا). كانت العبودية لله تشكّل حرية الإنسان الحقيقية في مجالات الفكر والحياة (لا ديمقراطية العصر المزيّفة)، فالذي يُطأطئ رأسه لله الخالق المبدع لا يُمرّغ جبينَه للمخلوق الضعيف أبدًا.
وكان الأُنسُ كلّ الأُنس بمعرفة أسماء الله الحسنى يبعث في القلب راحة وطمأنينة بالقرب من الله القوي العزيز خالق الأكوان، جبار السموات والأرض؛ بل كانت معرفة الله تشكّل تناغمًا وتجانسًا مع الوجود ومع الطبيعة ومع خالق الوجود والطبيعة. (في المفهوم العربي الإسلامي الطبيعة هي الخليقة، كما عرّفها الفيروزآبادي صاحب «القاموس المحيط»؛ فالطبيعة في فلسفة المسلمين العرب هي مرادف لخلق الله). وكان هذا التآلف والقرب من الله فالق الأصباح، مكوّر الليل على النهار، وفالق الحبّ والنوى، وفاطر الإنسان، هو الذي يستحثّ العلماء والفلكيين والأطباء والفلاسفة ألاّ يكتموا علمهم، وأن يكتبوا نتاجاتهم العلمية دومًا فـ (زكاة العلم التعليم) و (العلمُ رَحِمٌ بين أهله، ملعونٌ من قطعه). ثم إن هذه الدنيا الفانية هي دار امتحان وعمل، ولا بد من التزود منها للآخرة: الدار الباقية دار الجزاء في جنات النعيم التي أعدّ الله فيها لعباده الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمِعَت، ولا خطرَ على قلبِ بشر.
كان علماء الإسلام قاطبةً، أطباءً كانوا أو فلكيين أو فلاسفة يبتدئون نتاجاتهم العلمية دومًا (بسم الله الرحمن الرحيم) ومن بعد حمد الله والصلاة على رسول الله، يبتدئون حديثهم التفصيلي عن مضمون كتبهم العلمية. ولا ينتهي كتاب أحدٍ منهم إلاّ بخاتمة الحمد الله تعالى والصلوات المباركات على المصطفى.
كانت العربية هي الوسط اللغوي للتعبير في 32 حقلاً من حقول المعرفة والعلوم أيام العباسيين:
يقول العلامة الشيخ محمد بن الطاهر عاشور رحمه الله (عن الدور العلمي والعالمي للغة العربية): «ومما تقدم إلى هنا: تعلم أن العلوم التي كانت تدرس وتدون يومئذٍ تنتهي إلى اثنين وثلاثين علماً (تُدَرّسُ بالعربيّة) هي: التفسير، والحديث، والسيرة، واللغة، والنحو، والصرف، والتصوف، والعروض، والفقه وأصوله، والتاريخ، والطب، وآداب العرب، والبلاغة، والفلك، والمنطق، والفلسفة، والهندسة، والحساب، والهيئة، والجغرافيا، والموسيقى، وعلم الحيوان، والطبيعة، والرواية والقصص، والكلام، والصيدلة، والكيمياء، والفلاحة، والمساحة، والجبر، وجرّ الأثقال والتحرك، وتتبعها علوم تتفرع عن بعضها مثل: مصطلح الحديث، والجدل، وآداب البحث، ونقد الشعر».
وعلم الهيئة المشار إليه آنفًا، كان علمًا عربيًّا صِرفًا ابتكره المسلمون، وهو يختلف عن علم الفلك في أنه يبحث أحوال الأجرام السماوية من أجل معرفة الجهات، من أجل تحديد موقع مكة (جهة القبلة) لإقامة الصلاة في تلك البلاد، ومن أجل تعيين مواقيت الصلاة اليومية، مع تقدير الأيام والشهور والسنوات واستخراج التقاويم السنوية، إضافةً إلى رصد هلال رمضان من أجل الصيام، وتعيين الأهلة وأحوال الشمس والقمر والنجوم، ومعرفة الكسوف والخسوف.
كان العرب والمسلمون بحقّ قادةَ وسادة العالم في العلوم كلها ومرشّديها ومطوّريها؛ وكانت حضارة الشرق الإسلامية تقوم على دعامتي العلم والإيمان. (للاستزادة يُراجع: معجم الفردوس، الجزء الأول، الفصل الأول).
وحتى حين انحرفت بوصلة العقيدة الإسلامية بعض الشئ بلوثة التراجم اليونانية (إذ كان لا بد من الاستفادة من علوم اليونان البحتة)، ظل الإسلام الجامع مهيمنًا بشموليته وبسماحته وببساطة مبادئه (وهي سرّ قوته). لكن تأثير هذه التراجم على أصحاب الكلام والفلسفة المسلمين (أمثال الفارابي وابن سينا وإخوان الصفا) في مسائل مثل: أزلية العالـَم (من القِدَم)؛ وأبدية العالـَم؛ وإنكارهم البعث؛ وحشر الأجساد؛ والتلذذ والتألم بالجنة والنار، حدا بالعالم أبو الحامد الغزالي البغدادي (1058–1111م) للتصدي بكل حزم للفلاسفة أنذاك، فشنّ عليهم حملةً شعواء في كتابه الماتع (تهافت الفلاسفة – Incoherence of philosophers)، والذي شكـّل مَعلمًا فيصليًّا في تاريخ الفلسفة العالمية. ولم يستطع الردّ على الغزالي أحدٌ من عصره: لا من الشرق ولا من الغرب، سوى عالمٌ آخر من عصر متأخر هو الطبيب الفقيه الفيلسوف ابن رشد الأندلسي (1126–1198م) بعـد 200 سنة تقريبًا في كتابه الرائع (تهافت التهافت – Incoherence of incoherence). حيث اعتبر أنّ الفلاسفة قد أُسيء فهمهم، لأنّ الفلسفةَ هي الحكمةً، والحكمة ضالـّة المؤمن، ورأس الحكمة مخافة الله، فلا بد إذن من توافق الفلسفة مع الإسلام.
وهذا يؤكد هيمنة العالم الإسلامي وإحكامه واستحواذه، بل واحتكاره الكامل لعلوم الفلسفة آنذاك.
وبسبب دفاع ابن رشد عن فلاسفة اليونان، رسم فنّان النهضة الأوروبية: الإيطالي رافائيل صورةَ ابن رشد ضمن حشد الفلاسفة في لوحة "مدرسة أثـيـنـاُ" (أكملها بين عامي 1509 - 1511 م) في الفاتيكان.
كان العلماء والأطباء في العالم الإسلامي (وأغلبهم فلاسفةٌ أيضًا كابن سينا وابن رشد وابن طفيل الأندلسي) موضع احترام وتقدير الخليفة شخصيًّا، وكان هناك توافق وانسجام بين الخليفة والعلماء ذوي الاختصاص الذين يقومون بجهد البحث العلمي الصحيح للوصول لنتائج صحيحة، يقدمونها للخليفة ليوظفها في خدمة البلاد والعباد. كان الخليفة هو الراعي للعلماء، والمحتضن لهم يوفر مناخ العمل العلمي ومتطلباته، فهذا الخليفة المأمون كان هو الذي رعى علماء الرياضيات لحساب قطر الأرض (لأنها كروية). بل إن الخليفة العباسي وأمير المؤمنين (المعتصم بالله) بجلال قدره وعظيم سلطانه، كان يأتي بالقردة من بلاد النوبة لطبيبه الخاص (يوحنا ابن ماسويه) ليشرّحها في قاعة التشريح على ضفاف دجلة، ليكتب له كتابًا في التشريح يفوق ما كتبه جالينوس! (لاحظ التسامح الديني الفريد، حيث أن الخليفة المسلم هو الذي يزود طبيبه النصراني بما يريد).
وببزوغ نجم الطبيب البارع أبي بكر الرازي (860–932م) في بغداد (عاصمة العالم الإسلامي آنذاك) وتألـّقه وانتشار شهرته في الأصقاع، صار الرازي مهيمنًا على حقول الطب وعلى المستوى العالمي آنذاك؛ حيث كتب كتابه الناقد: "شكوك على جالينوس" (فاستحقّ بذلك ان يكون أول أبٍ للنقد الطبي في العالم) (The First Father of Medical Critique in the World).
كما أنه كان أول من استحدث طريقة تدريس طلبة الطب سريريًّا على المرضى في المستشفى (فاستحقّ أن يكون حقًّا أبو الطب والتعليم السريري Father of Clinical Medicine and Clinical Education )، وهو أول من اكتشف الكحول وصنّعه في مختبره الملحق بالمستشفى في بغداد واستخدمه في العلاج (فاستحقّ أن يكون حقًّا أبو الطب التجريبي Father of Experimental Medicine)، وكتب:(مقالة في العِـلـّة التي من أجلها يعرض الزكام لأبي زيد البلخي في فصل الربيع عند شمه الورد)، فكان أول من اكتشف حساسية الأنف لحبوب الطلع والورود في فصل الربيع (Allergic Rhinitis فاستحقّ أن يكون أبو الحساسية وطب المناعة Father of Allergies and immunology)، وكتب:(رسالة في محنة الطبيب، وكيف ينبغي أن يكون حاله في نفسه وبدنه وسيرته وأدبه)، فكان بذلك أول من قنن "أخلاقيات الطبيب" Father of Medical Ethics).
وكتب أيضًا (من لا يحضره الطبيب) فاستحقّ أن يكون أول من قنن "طب الأُسرة" Father of Domiciliary Medicine).
وفي بغداد (وهو رئيس الأطباء)، عالج الرازي مرضاه عمليًّا، وكان أول من فرّق سريريًّا في توصيف الجدري عن الحصبة؛ وكتابه (الجدري والحصبة) يُعدّ أول ما كُتب في وصف الجدري في العالم. وله (كتابُ ما الفارق؟) فهو أول من استخدم المفارقات للأمراض (Differential Diagnosis) عالميًّا.
كما ويُعدّ الرازي من أوائل الأطباء الذين أشاروا إلى أهمية التأثير العصبي والنفسي على الأمراض العضوية، بل كان أول من استخدم العلاج النفسي للمرضى (Father of Psychosomatic Diseases and Psychotherapy) واعتمد أطباء أوروبة كتاب (الحاوي في الطب) لأبي بكر الرازي بترجمته اللاتينية مرجعًا لتدريس الطب:
(Liber Continens in Medicine for Rhazes) في 23 مجلدًا اختزلوها في مجلدين كبيرين.
وخلّدت جامعة برنستون الأمريكية الرازي (كونه يمثّل التزاوج الطبيعي بين الطب والإيمان)، وذلك برسم صورته على الزجاج الملون لـنافذة مُصلاّها عارضةً: كتاب الحاوي مع بسم الله الرحمن الرحيم:
ومن بعد الرازي جاء ابن سينا (980 - 1037م) الذي صار يُعرف بـ (الشيخ الرئيس) في الطب في العالم الإسلامي، وقام أطباء أوروبا باعتماد النسخة اللاتينية لكتاب ابن سينا (القانون في الطب في 3 مجلدات - Canon of Medicine for Avicenna) جنبًا لجنب مع كتاب الرازي الكبير (قياسًا بـ - كتاب القانون- الأصغر حجمًا بالمقارنة): ومن اسم (ابن سينا Avicenna) اشتقت كلمة (الطب) بالإنجليزية Medicine from Latin medicina أي مادة سينا حيث لم يكن الطب قبله إلاّ ضربًا من السحر والشعوذة والكهانة وكان يُسمى بأسماء عدة: magic, quackery, and wizardry .
ولتخليد 1000 سنة على ولادة أكثر فلاسفة وعلماء الإسلام تأثيرًا قامت منظمة الأمم المتحدة للتعليم والعلوم والثقافة - اليونسكو (UNESCO) عام 1980 بإصدار مدالية تذكارية لابن سينا (ولد 980م وتوفي 1037م) كونه الطبيب ذو العلاج الكُـلـّيّ المثالي - Exemplary Holistic Approach لتخليده عالميًّا.
وقام بالتصميم نحَّات المداليات (فكتور دويك): على الوجه ابن سينا مُحاطًا بتلامذته وحوارييه (الصورة مستوحاة من مُصغـّرات التصاوير التركية للقرن 17 )، وعلى الوجه الآخر عبارة ابن سينا بالعربية واللاتينية مع توقيعه. وعبارة ابن سينا هي (ليتعاونوا على مصالح الإبدان ومصالح بقاء نوع الإنسان) وهي باللاتينية:
(Cooperari Ad Vilitatem Corporum Et Humanae speciei permanentiam) فلم يكن يتخرج أحد من أطباء الغرب وأوروبا آنذاك إلا بعد مذاكرة هذين المرجعين الأساس في الطب (الحاوي والقانون). ولقد صارت المصادر العربية بترجماتها اللاتينية آنذاك مصدر إلهام مهم للنهضة الأوروبية ذاتها.
وقصة "حيّ بن يقظان" رائعة ابن طفيل العربي الأندلسي (1105–1185م)، تشير كيف إن التفكير الفطري يقود لوجود الله، وأنه لا فرق بين العقل والنقل (من الكتب السماوية للرسل) وتمثل قمة الفلسفة العالمية آنذاك، بل وتحوي فلسفة التطوّر الصحيح للمعرفة البشرية. وهي رواية فلسفية استلهمها واستعارها من ابن سينا ومن الصوفية متجاوبًا مع كتاب الغزالي "تهافت الفلاسفة" كتبها ابن طفيل نحو 1185م. وتظهر التوفيق بين الفلسفة والوحي الإلهي. وتتحدث عن قصة طفل تُرك في مهده، وجرفه الماء لجزيرة حيث تبنَّته ظبية أو غزال أمّ (فقدت وليدها حديثًا).
ونما الطفل مع الحيوانات بالغابة حتى ماتت أمّه، فصُدمَ وبدأ يبحث عن روح أمه، ومن ثَمّ عن سر الحياة والموت، حتى وصل في رحلته الروحية الفلسفية إلى وجوب وجود خالق أعظم للمخلوقات والحياة (الله). إن الوصف التشريحي للظبي يدل على علم ابن طفيل الواسع في التشريح الحيواني. ورحلته كانت "على طريق البحث العلمي"، واكتشاف الذات، دون الاتصال مع أي كائن بشري آخر، وكتاب ابن يقظان هذا يُعَدَّ تحفة ورائعة أدبية عالمية مزجت الطب بالفلسفة. وقد ترجم ميراندولا (1494)، وبوكوك (1671)، الكتاب في أوكسفورد إلى اللاتينية تحت اسم عنوان «الفيلسوف الذي علّم نفسه» (Philosophus autodidactus) كما ظهر الكتاب في لغات عدة بترجمات من جامعة السوربون بالفرنسية وكذلك بالهولندية. وأفكار «حي» حول الجوانب المادية في الرواية قد نُسِخت أيضًا وحوّرت من قِبل كارل ماركس في المادية التاريخية. إنّ لقصة «حيّ بن يقظان» تأثيرًا عظيمًا في الأدب العربي والعالمي، بل صارت أكثر القصص المؤثرة مبيعًا في كلِّ أنحاء أوروبا الغربية في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وفي أمريكا الشمالية، نشرَ "كوتن ماثر" كتابه «الفيلسوف النصراني» عام 1721، وذكرَ تأثير «حيّ بن يقظان» فيه. وبالرغم من ذمّه للمحمديين (يقصد المسلمين–لاحظ النظرة الصليبية للمؤلف) ككفار في نظره! لكن "ماثر" ينظر إلى بطل الرواية: "حي" على أنه النموذج لفيلسوفه النصراني المثالي والعالم المؤمن بإله واحد. وينظر "ماثر" أيضًا إلى «حي» على أنه «النبيل الهمجي» مطبقًا ذلك في معرض كلامه لفهم الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين من أجل تحويلهم إلى النصرانية (لتطهيرهم)!
إنّ هذه القصة الروائية سبقت كلاًّ من قصة "روبنسون كروزو" لـ دانيال دوفو، وكتاب "إيميل أو عن التعليم" لـ جاك روسو. إنها تخبر عن طفل ربته غزال ونما بمعزل كامل عن البشر. ففي 7 مراحل من 7 سنين لكل مرحلة تمكن "حي" عبر تمرين وتدريب ملكاته ووحده من أن يتدرّج في جميع مراحل المعرفة البشرية. إنّ قصة حي بن يقظان قد نسِخت من قبل «إدجار رايس بوروز» في قصة طرَزان: الطفل الذي ترِك في جزيرة استوائية غير مأهولة حيث تبنته وربته أنثى الذئب، ثم نما الطفل مع الحيوانات في الغابة، وصار رجل القوة الكبيرة والحركة في الأدغال وعاش مع القرود (لاحظ أنّ اسم طرزان هو تحوير لاسم يقزان أو يقظان). وحوّرت قصة حيّ بن يقظان إلى قصة متأخرة هي "كتاب الأدغال" لـ روديارد كِبلنك (Jungle book for Rudyard Kipling) والقصة تتحدث أيضًا عن طفل مهجور في جزيرة استوائية، حيث ربته وأطعمته أمه الذئب.
إرهاصات وبدايات إنسلاخ العلماء من سلطان الكنيسة
المثير للاهتمام هو أن الأطباء العرب والمسلمين هم الذين صححوا عدة نظريات خاطئة للأطباء الإغريق (اليونان). فمثلاً مرجعية جالينوس التي أجبرت أجيالاً من الأطباء في أوروبا لتطبيق علومه في تشريح الحيوان تطبيقًا أعمى على الأجساد الإنسانية، قام الرازي بانتقاده وتصحيح الكثير من مزاعمه في كتابه (شكوك على جالينوس) وبنى الرازي وابن سينا وابن النفيس وابن طفيل مشاهداتهم في علم التشريح على الجثث الآدمية إضافة للتجارب الحيوانية. وعندما وقعت منابر العلم في أيدي الكنيسة، صارت (كتابات جالينوس)، كالأناجيل تحمل ختم سلطان الكنيسة وعصمتها من الخطأ، (حتى صححها العرب).
فبينما كان العلماء والأطباء في العالم الإسلامي موضع احترام وتقدير الخليفة شخصيًّا، كان الوضع مختلفًا تمامًا في أوروبا، فقد كان الأطباء والعلماء يرزحون تحت وطأة الكنيسة الثقيلة ويكابدون صعوبات شديدة في مواجهة تعاليم الكنيسة، وذلك بالرغم من عصر النهضة الأوروبية.
ففي القرن الرابع عشر فإن أستاذ التشريح موندينو اللُّزي من بولونا في إيطالية (1275–1326م، والمعروف أيضًا بمجدد علم التشريح)، كان يعرِّض نفسه للحرمان الكنسي والعزل من عضويتها بسبب اقتراحه إمكانية الحصول على معرفة أفضل عبر تشريح جثة الإنسان، بدلاً من قراءة كتب جالينوس! موندينو كان أول من شرح الجُثث الآدمية في القرون الوسطى. وفي عام 1326، طبع (أناثوميا – أي التشريح) مَلزَمة في علم التشريح التي ظلت الكتيب اليدوي للتشريح قرابة قرنين. وقد استخدم عدة مصطلحات عربية، وبالرغم من التنقية المتأخرة للمصطلحات الطبية، بقي الكثير منها حيًّا (أي المصطلحات العربية).
اعتمد الطبيب (أندرياس فيزاليوس البلجيكي - من بروكسل 1514–1564م) تشريح الجثث البشرية، أسوة بأطباء العرب المسلمين ولـُقـّب لذلك بأبي علم التشريح البشري الحديث. كان يفضل البحث عن الأدلة والبراهين الموثّقة، ورؤية الفروق والاختلافات، وذلك عن طريق المشاهدة وتشريح جُثث الإنسان. وكان خصومه يطلقون عليه لقب: (خاطف الأجساد)! وقد رفض (فيزاليوس) الانصياع لسلطة (جالينوس اليوناني) في التشريح ومعلوماته المُستقاة من تشريح الحيوانات التي تختلف عن تشريح الإنسان (وكانت تعاليم جالينوس مدعومة بسلطة الكنيسة ومفروضة على الأطباء آنذاك بوصفها علومًا كنسية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها!). تعلم (فيزاليوس) اللغة العربية واللاتينية لأجل دراسة الطب (فالعربية تعينه في فهم نصوص المصادرالعربية، واللاتينية تعينه في فهم التراجم اللاتينية للمصادر العربية)، فكتب (تعليقًا على الفن الرابع لابن سينا) ومن ثم كتب أطروحته في بكالوريوس الطب (صياغة أخرى للكتاب التاسع للرازي) عام 1537م وطبعها في لوفين. ثم في بازل عام 1543م كتب (فيزاليوس) مشاهداته ورسم ألواح تشريح الجثث البشرية بنفسه في تحفته الفنية الرائعة:
(الكتب السبعة في أنسجة الجسم البشري Corporis Fabrica Libri Septem” (“De Humani
مُرفقة بدليل (الخلاصة “Epitome”) وصارا مَعلَمًا في تاريخ علم الجراحة الحديث وفن التصوير الطبي: ولم يكن في حقيقته إلاّ ثمرة المدارسة والبحث الدؤوب والنهل من علوم وفنون طب العرب والمسلمين.
وكان الطبيب الإسباني (مايكل سيرفيتوس) صديقًا حميمًا وزميلَ دراسة مع (أندرياس ﭭيزاليوس البلجيكي) ووافقه في كتاباته وفي معارضته الشديدة لمعلومات جالينوس المخطوءة (والمتبناة حرفيًّا من قبل الكنيسة بل والمفروضة على الأطباء بوصفها علومًا كنسية). وأكّـد (سيرفيتوس) – من حيث يدري أو لا يدري- اكتشاف ابن النفيس الدمشقي (قبله بحوالي 300 سنة) في دورة الدم الرئوية (الدورة الدموية الصغرى) في كتابه شرح تشريح القانون (وهو شرح ونقـد لكتاب القانون في الطب لابن سينا). وصرّح (سيرفيتوس) عن قصد أو دون قصد بأن الروح الأساسية (vital spirit) تتولد من الامتزاج في الرئتين بين هواء الشهيق المُتَنَفّس ودم بطين القلب الأيمن، ومن بعد تنقيته يُضخّ الدم المصفى إلى الجانب الأيسر من القلب لتوزيعه لجسم الإنسان. فأقامت الكنيسة عليه الدنيا ولم تقعدها إلا بتنفيذ حكم الإعـدام به حرقًا على النصب في 26/10/1553 عقوبةً على خطيئاته وتطاوله على سلطة جالينوس (والتي تُعدّ سلطة الكنيسة المعصومة)!!!
وبينما كانت حقيقة دوران الأرض حول نفسها كما أشار إليها القرآن الكريم: (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ) الزمر:4 ودورانها في فلك (مسار) حول الشمس، معروفة لدى العالم الإسلامي، وعند علماء الفلك المسلمين (خاصة عند البيروني وغيره)، وقام الخليفة المأمون برعاية العلماء لقياس قطر الأرض (لأن كرويتها كانت من المُسلـّمات العلمية عندهم) وأن العلماء المسلمين قد اخترعوا البوصلة، والاسطرلاب، وأنواع الساعات (ابتداءً من الساعة الشمسية، والساعة الميكانيكية، والساعة المائية) لحاجتهم إليها في أمور الدين، لمعرفة أوقات الصلاة اليومية، وتحديد اتجاه القبلة لبناء المساجد وتوجيهها (نحو الكعبة المشرَّفة في بيت الله الحرام العتيق في مكة المكرمة)، ولكنَّ هذا كان في العالم الإسلامي! أما في أوروبا فكان الوضع مختلفًا تمامًا.
فعندما حاول الإيطالي جَليلو جَليلي Galileo Galilei (1564-1642م) أن يعيد عرض نظرية مركزية الشمسHeliocentrism وترويجها في أوروبا القرن السابع عشر (بما يُسمى ثورة كوبرنيكوس- جَليلو- نيوتن وهي ثورة 3 من العلماء الذين أسهموا بالنهضة الأوروبية العلمية: البولندي-الإيطالي-الإنجليزي بالتتابع). وبذلك تحدَّى جاليلو نظرية الكنيسة بدوران الشمس حول الأرض Geocentrism (المبنية على نظرية بطليموس اليوناني – المصري الأصل). وأدى ذلك بجليلو إلى أن يُحاكم من قبل محاكم التفتيش في روما تحت ذريعة الهرطقة وأن يُحكم عليه بالإقامة الجبرية في بيته مرتين: عام 1616م وعام 1634م كيلا يؤثر على الآخرين، وحُكم عليه أن يتوب من نظريته هذه، وإلا يُعاقب بالقتل؛ فتاب تحت الضغط والخوف من القتل، لكنه قال قولته الشهيرة عام 1633م: (ومع ذلك فهي تدور – وبالانجليزية And yet it moves – وبلغته الإيطالية الأصلية: E pur si mouve). وتعرض لمعاناة طويلة من التعذيب النفسي والعُـزلة والمكابدة حتى مات في إقامته الجبرية في بيته (عام 1642م). وأسهم جَليلو بإسهامات أصيلة في طريقة البحث العلمي من خلال ابتداع تمازج فريد بين التجارب والرياضيات، ويُعدّ جليلو أبو الفيزياء الحديثة والإرصاد الفلكي الحديث.
ولم تتراجع الكنيسة الكاثوليكية عن حكمها الجائر على جَليليو لتبطله وتعفو عنه إلاّ حديثًا: عام 1965م فقط!!!
بالمناسبة اسم جَليلو جَليلي هو اشتقاق من العربية والعبرية ويعني: جليل الجليلي (أي النبيل من منطقة الجليل شمال فلسطين والعلاقة بين فلسطين المقدس وروما الإيطالية وثيق عبر التاريخ، مثل اسم موسوليني الإيطالي يرجع لعائلة إيطالية mussolini تتاجر بالنسيج الموصلي muslin بين الموصل شمال العراق وبين روما الإيطالية).
ويُقرن اسم العالم جَليلو بابن الهيثم، ذلك لأن الحسن بن الهيثم مع جَليلو هما آباء العالم في علم الفيزياء، وهما روّاد طريقة البحث العلمي والتجارب العلمية.
أبو علي الحسَن بن الهيثم (965–1039م) Alhazen البصري المولد، البغدادي النشأة والدراسة، والمتوفى في القاهرة (صورته تُرى على وجه عملة العشرة آلاف دينار العراقية. رياضيّ، كحّال (أي طبيب عيون)، عالم في علم البصريات وإسهاماته في حقل البصريات ظهرت في كتابه "البصريّات". يُعد ابن الهيثم أبو مذهب التثبّت العلمي بالشك والمسائلة؛ للتثبت من مصداقية الإدعاءات الخالية من الدليل التجريبي Father of Scientific skepticism or rational skepticism, or skeptical inquiry ويعتمد هذا المذهب على التفكير الانتقادي والاستنتاج الاستقرائي، عبر معارضة الإدعاءات غير المُثبتة، مثلاً: الادعاء القديم بأن الإبصار يكون بخروج إشعاع الضوء من العين البشرية لرؤية الأجسام الخارجية. وبذلك يكون ابن الهيثم أول من أثبت قانونه بأن الضوء إنما يشعّ (أو ينعكس) من الأجسام الخارجية قبل أن يدخل عين الإنسان (ويُدرَكُ في راتنة أو رصينة العين). وهو أول من اخترع الكاميرا أو بالعربية القمِرة أو الحجرة المظلمة camera obscura. وبذلك فتح ابن الهيثم الباب على مصراعيه للعلماء اللاحقين للتساؤل عن "طبيعة الضوء الذي يدخل عين الإنسان"؟ بناءً على تجارب ابن الهيثم. وقد تُرجمت مؤلفات ابن الهيثم وحظيت باهتمام وشهرة واسعة في الغرب.
يُعدّ ابن الهيثم صاحب المنهج الاستقرائي (Induction) (الاستدلال من الخاص على العام)، والمنهج الاستنباطي التجريبي (Deduction) (الاستدلال من العام على الخاص). وفي الحالتين كان يعتمد على الملاحظة وعلى التجربة. بل إنّ ابن الهيثم هو الذي استحدث الطريقة الصحيحة في البحث العلمي scientific method، التي لا تختلف عن طريقة البحث العلمي الحديث، والمبنية على تتابع الخطوات الآتية:
1. المشاهدة Observation.
2. تعيين المشكلة Statement of problem.
3. تكوين النظرية Formulation of hypothesis.
4. اختبار النظرية بالتجربة Testing of hypothesis using experimentation.
5. تحليل النتائج التجريبية Analysis of experimental results.
6. تفسير المعلومات وصياغة النتائج Data Interpretation and formulation of conclusion.
7. نشر نتائج البحث (تأليف الكتب) Publication of findings.
جوردانو برونو Giordano Brunoم(1548 - 1600)
فيلسوف ورياضي وفلكي إيطالي معاصر لـ جَليلو جَليلي، وذهب أبعد من نظرية كوبرنيكوس بدوران الكواكب حول الشمس، بل اقترح إن النجوم ما هي إلا شموس بعيدة، وكل منها محاطة بكواكبها الخارجية، واقترح إن هذه الكواكب قد تحتضن الحياة. وأصرّ أن الكون بلا نهاية وبلا جسم مركزي. وفجأةً في عام 1593م حوكم برونو بالهرطقة من قبل محاكم التفتيش الكاثوليكي الروماني بتهم شتى تتمحور حول رفضه لعدة مبادئ كاثوليكية أساسية (كرفضه الثالوث، وألوهية المسيح، وتحول الخبز والخمرة إلى دم المسيح) واعتقاده بوجود عوالم أخرى في الكون، واعتقاده بتقمص الأجساد للأرواح الشريرة. وبرغم الضغوط، تنازل برونو عن معتقداته، لكنه دافع بشدة عن وجود عوالم أخرى في هذا الكون الفسيح. فطالبه رئيس محاكم التفتيش بالتوبة الكاملة والعدول عن معتقداته، فرفض برونو (خلاف جَليلو)، فأصدر البابا كليمنت الثامن قرارًا بقتله. فأُحرق على المنصة في روما عام 1600م. وبعد قتله ذاع صيته في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وعُـدّ شهيدًا في سبيل العلم، بل ومَعلـَمًا في تاريخ الفكر الحر.
كذلك عارضت الكنيسة الكاثوليكية أكثر أعمال نيوتن (قوانين الحركة والجاذبية)؛ المبنية على براهين التجربة والاختبار بوصفها دليلاً للاعتقاد الخالي من التأثير فوق الطبيعي (الخارق للعادة) على العالم الطبيعي المادي (لأنه كان يرى أن الكون يعمل على نحوٍ دقيق متكامل على أسس آليةٍ ميكانيكيةٍ محددة سلفًا)! وبالمناسبة فإن نيوتن كان يعتقد «أن ثالوث النصارى» هو زيف وأن الأريانية هي الوجه الصحيح للنصرانية البدائية (الأريانية، اعتقاد آريوس أن المسيح لا يساوى الربّ بالجوهر).
كان تأثير الكنيسة على العلم والتعليم مُدمِّرًا؛ ففي عام 391 م، أحرق النصارى إحدى أعظم المكتبات في العالم: في الإسكندرية، التي قيل إنها كانت تضم سبع مئة ألف مخطوطة، كل كتب ملوك الغنوسطية (أصحاب مذهب العرفان عند بعض النصارى الذين اعتقدوا أن المادة شر، وأن الخلاص يأتي عن طريق المعرفة الروحية)، (36) جزءًا من الرُّخام السُّمّاقي (صخور سُماقية اللون)، مخطوطات (لَفَّات) أوراق البردي لـ(27) مدرسة من مدارس اللاهوت والأسرار، و(270.000) من الوثائق القديمة التي جمعها بطليموس فيلاديلفوس، كُلُّها أُحرقت. واُغلقت معاهد العلوم والمعارف القديمة. وانتهت كُلّ دراسة أو تعليم خارج الكنيسة لأي كان.
من الجدير بالتأمل هنا المقارنة بين إسلام الشرق المُتحضِّر، وغرب العصور الوسطى النصراني: وهو أنه عند تفاعل الإسلام مع العرب البَدو، استطاع الإسلام تحويلهم إلى أرقى الناس حضارةً على وجه الأرض، ولكن عندما تفاعلت الكنيسة مع الأوروبيين، فإنها دفعت أوروبا إلى العصور الوسطى المُظلمة الدّامية التي استمر بها الحال حتى عصر النهضة الأوروبية الذي صار ممكنًا فقط بعد الاتصال بالشرق الإسلامي، وبعد القيام بجهود كبيرة وعلى نطاق واسع لترجمة الكتب والمراجع الدراسيّة العربية، ومن ثَمّ دراستها بالتفصيل (باللغة اللاتينية).
وبتطاول الكنيسة الظالم ضد العلم والعلماء، وزهق أرواح كبار علماء العصر: (جوردانو برونو) الإيطالي، و(مايكل سيرﭭيتوس)الإسباني، ومعاقبة (جَليلو جليلي) الإيطالي بالحبس والإقامة الجبرية حتى مات فيه كمدًا، ومعارضة الكنيسة لنظريات (إسحاق نيوتن) الإنجليزي، ما عاد أحدٌ من العلماء يأمن بوائق الكنيسة على حياته وأهله. وكُتمت الأفواه وانحسر الفكر العلمي الحُر، ورويدًا رويدًا صارت الأرضية خصبة للعلم والعلماء لإعلان التمرّد والإنسلاخ رسميًّا من سلطة الكنيسة الجائرة تحديدًا، ومن سلطان النصرانية عمومًا، بل والإنسلاخ من كل دين وعُرف وتقليد، وإعلانٌ مدوّيّ لألوهية الإنسان بدلاً من إله الكنيسة الظالم.
تغريد
اقرأ لهذا الكاتب أيضا
- جذور ثقافة الكراهية: «التشيع العربي والتشيع الفارسي» لنبيل الحيدري
- الفايكنغ والإسلام: تاريخ منسيّ يوثقه معجم الفردوس
- الفايكنغ والإسلام: تاريخ منسيّ يوثقه معجم الفردوس (2)
- تاريخ جراحة التجويف البطني - الإسهامات العربية (2-2)
- بين حـضارتين: مفارقـاتٌ بين الشرق والغـرب (شهادة ُطبيبٍ عـربيّ في الغـرب)
- بين فلسفتين: بين تأليه الله وتأليه الإنسان 1
- بين فلسفتين: بين تأليه الله وتأليه الإنسان 2
- بين فلسفتين: بين تأليه الله وتأليه الإنسان 3
- بين فلسفتين: بين تأليه الله وتأليه الإنسان 4
- بين دِفءِ الشرق وبرودةِ الغرب
- تاريخ جراحة التجويف البطني - الإسهامات العربية (1-2)
- الطهارة والقذارة بين الشرق والغرب -1
- الطهارة والقذارة بين الشرق والغرب – 2
- الطهارة والقذارة بين الشرق والغرب - 3
- رومانسية الحب بين الشرق والغرب- 1
- رومانسية الحب بين الشرق والغرب- 2
- التأثير العربي الإسلامي في الحضارة الغربية
- فلسفة المرض وحكمته البليغة وفن التعامل مع الألآم ومعاناة الحياة
- التأثير العربي- الإسلامي على الغرب في ثقافة الطعام والإتكيت
- التأثير العربي في ثقافة الخبز والقهوة والتمر والعسل
- بين مطبخين: الغـذاء، داء أم دواء ثقافة الطعام ودورها بنشر الأمراض والأوبئة
- الجائحة القاتلة: أسرار ڤَيروس كورونا المستجد ودور المسلمين التاريخي العالمي للقضاء عليه
- العالم بعـد كورونا: عِـبَـر وإعـادة نظـر
- لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون؟.. أسرار سيادة الغرب للعالم في ضوء التفسير النبوي للتاريخ
- تقدم الغرب وأسرار سيادته للعالم الأسرع إفاقة بعد مصيبة
- تميّز الغرب وتقدمه على العالمين
- توظيف الإعلام والتعليم في الغرب
- التفوق العسكري وتقدم الغرب: أوشكهم كرة بعد فرة
- فلسفة الغرب العسكرية: خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب
- ثورات العالم وتقدم الغرب بالتصنيع
- تقدم الغرب بديمومة البحوث والتطوير
- تقدم الغرب بضمان قاعدة اقتصاد قوية مستقرة ومستدامة
- تقدم الغرب: بين إنسانية شعوبه وحكوماته
- العـدل: الميزة الخامسة والأخيرة لتقدم الغرب
اكتب تعليقك