رومانسية الحب بين الشرق والغرب- 2الباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2018-06-16 00:51:10

أ.د. مهند الفلوجي

لندن

التوصيف المجازي للحب الشرقي:

وعدا قدسية الحب الشرقي الحلال يفترق الشرق أيضًا عن الغرب في رومانسية الحب بتوصيف الحبيب مجازًا في الأدب العربي بالقمر والبدر والشمس والنجوم لعلو مكانته واحترامه الشديد في قلب الحبيب. ونرى عذوبة هذا التوصيف وتوظيف مفردات الجمال الكوني والطبيعي في قصائد طوق الحمامة:

غـزالٌ   قـد  حـكـى  بـدر   الـتــمــام   

                                     كشمسٍ  قد تجلّت من غـمام                  

سَـبـى  قــلـبي  بألحــاظٍ  مِـــــراضٍ

                                     وقدّ  الغصن في حسن القـوام                

خـضـعـتُ  خـضـوعَ  صَبٍّ  مُستكين

                                    لــه  وذللــتُ  ذِلـّـــة  مُـسـتهام                      

فصِلني  يا فـديتـُـك  فـي  حــلالٍ

                                    فما  أهـوى وصــالاً  في  حـرام

ولا يزال القمر رمزًا للحب العفيف في الشعر العربي الحديث:

فهذا نزار قباني الشاعر السوري المنشأ واللبناني واللندني الإقامة والعراقي الهوى والزوجة (زوجته بلقيس الراوي) والذي يعدّه الكثير (متنبي العصر الحديث).

         أأقــول  أحـــبّــكِ  يا قــمــري؟

                                        آهٍ   لــــو   كـانَ   بإمـكـاني

         فــأنــا  لا  أمـــلكُ  في  الــدنيــا

                                        إلا  عــيـنـيــكِ  وأحـــزانــي

         سُــفــني   في  المـرفـأ  باكـيــةٌ

                                        تـتـمـزّقُ  فــوقَ  الخـلـجـانِ

         يا صيفي  الأخضرَ  يا شمسي

                                        يا  أجمـلَ .. أجمـلَ ألـواني

         هــل  أرحــلُ  عـنكِ  وقـصّـتنا

                                        أحلى  من  عـودةِ  نيـسـانِ

         أحلى  من  زهــرةِ  غـارديـنيا

                                        في عُـتـمةِ شعـرٍ  إسـبـاني

         يا حـبّـي  الأوحـــدَ  لا  تبــكـــي

                                        فــدمــوعُكِ  تحـفرُ  وجـداني

         إنـي  لا  أمــلكُ   في   الــدنيـــا

                                        إلا   عـينيـكِ  ..  وأحـــزانــي

         أأقــــولُ   أحــبـكِ   يا قمـري؟

                                        آهٍ   لـــو   كـان   بإمـكـانـــي

الحب العذري: هو فرق فيصلي آخر بين الشرق والغرب حيث تهيمن في الغرب العلاقات الجنسية الحميمية والجسدية البحتة منذ بداية العلاقات العاطفية وقبل الزواج بل وقبل أي ارتباط مشروع.  ومن هنا يُعدّ الحب العذري ماركة شرقية مسجلة استثنائية, حيث يمثل الحب العذري تشبب عاشقٍ متيم بحبيبةٍ واحدة.  ويزخر الأدب العربي والإسلامي بقصص الحب العذري وتفاني الحبيب في محبوبته. والشعر العذري لونٌ من ألوان الشعر الذي يعبّر عن المشاعر العفيفة الطاهرة، ويصف الشاعر لوعته في الحب، وآلامه جرّاء فراق محبوبته، وعواطفه الجيّاشة تجاهها بدون فحش التصوير، أو الحديث عن محاسنها الجسديّة وصفاتها المحسوسة، وقد سُمِيَ هذا الشعر بالعذري نسبةً لقبيلة "عُذرة" كانت موجودةً في الجاهليّة، واشتهر أبناؤها برقّة مشاعرهم وكثرة العشاق منهم، والذين تميّزوا بالصدق في عواطفهم، حتى قيل أنهم كانوا يموتون حبًّا.

خصائص الشعر العذري: للشعر العذري مميزات تجعله يختلف عن غيره من أنواع الشعر، وتتلخّص فيما يلي:

• انعكاس الأخلاق على الشعر، والعفاف في مفردات الحب وتضمينه معانٍ رقيقةً بعيدةً عن الفحش والبذاءة.

مع عذوبة ورقة التصوير للأحاسيس (وبعد عن القسوة).

• الإخلاص لفتاةٍ واحدةٍ (المحبوبةً).

• مرور الشاعر في درجات العشق المختلفة والعذاب، من الحب إلى الهيام إلى الجنون، فالكثير منهم كانت نهاية قصصهم الهروب إلى الصحراء والبراري، أو الجنون وفقدان العقل، والتحدّث إلى الطير والحيوانات. وأحيانًا تنتهي بالموت.

• الديمومة: فهو لا يأبه للقسوة بسبب الفراق، أو الملل لعدم لقاء المحبوبة.

• وضوح اللغة والعبارات: يتجلّى ذلك ببساطة الكلمات والألفاظ، وأكثر ما يتميز به هو الأسلوب المباشر في التعبير.

• وحدة الموضوع: فمعظم القصائد العذرية تقتصر على موضوع الغزل والتعلّق بالمحبوبة؛ حيث يبدأ الشاعر قصيدته بالوقوف على أطلال المحبوبة التي فارقته ورحلت عنه، ومن ثم يصف معاناته، ولوعة أشواقه.

شعراء الحب العذري

يجدر بالذكر أن فترة الجاهلية هي بداية الشعر العذري، ولما جاء الإسلام هذّب نفوس الناس وزرع التقوى في قلوبهم الأمر الذي أدى إلى لتقوية هذا الشعر، وقد بلغ الشعر العذري أوج تميّزه وإبداعه في ظلّ العصر الأموي نظرًا لانتشار حياة الثراء والترف والبذخ في ذاك الزمان.

الحب الأفلاطوني أو الحب العذري في مفهومه المعاصر هو حالة عاطفة أو حب غير مرتبطة بشهوة أو ممارسة جنسية. وتدور الكثير من الأفلام المصرية القديمة والأفلام الهندية حول الحب العذري، ورغم تغير الزمان تبقى علاقات الصداقة المعاصرة بين شخصين حبًّا عذريًا لا يخضع لأي مفهوم جنسي غالبًا.

يتميز الحب أو الغزل الصريح بأنه إباحيٌّ أو فاحش، ويسعى فيه الشاعر إلى تحقيق المتعة المادية من خلال وصف المفاتن الخارجية للمرأة، واستعراض لمغامراته معها، ولمجالس المجون والمتعة، ومن أشهر شعرائه بشار بن برد، وعمر بن أبي ربيعة، وأبو نواس.

عنترة العبسي في حبه العذري لابنة عمه عـبلة (التي تزوجها بعد معاناة شديدة):

ولولاهـــا  فـتــاةٌ  في الخِيـام  مُـقـيـمـةٌ

                                    لما اخترت قرب الدار يوماً  على  البُعـدِ

مُهـفـهـفةٌ  والسـِـحرُ  في  لـَحظاتـِهــــــا

                                     إذا  كلّـّمـت مـَيـتـاً يقـــوم  من اللحــدِ

أشارت  إليها  الشمس عـند غـروبهـا

                                    تقـول إذا اسـوَدَ الدُجى فاطلعي بعـدي

وقال  لها  البـدرُ  المُـنيـرُ  ألا اسـفـري

                                    فإنك  مثلي في  الكمـال  وفي السعـد

وسلت  حسامًا  من سواجي جفـونهـا

                                    كسَيفِ  أبيهـا القاطعِ المُرهـَفِ الحـَــــدِّ

تـقـاتـــل  عـينــاهـا  بـه  وهـو  مُـغـمـــد

                                    ومن عجبٍ  أن يقطع السيفُ  في الغِمدِ

مرنحة  الأعطاف  مهضومة  الحشـا

                                    مُنـعــمـة  الأطـــراف  مــائـســـة  القــدِّ

يبيت  فـتات  المسـك  تحت  لثامهــــــا

                                    فـيـزداد  من  أنـفاســــهـا  أرج   الــنـــد

ويطلع  ضوء  الصبح  تحت  جبينهـا

                                    فيغـشاه  ليلٌ من دُجى  شعـرها الجعـدِ

عروة بن حزام العذري: من شعراء صدر الإسلام وقد توفي عروة بن حزام سنة 30 هجرية - 650 ميلادية في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو شاعر من قبيلة بني عذرة، أحبّ ابنة عـمّه عـفـراء وهام بها، ولكنها أيضًا أجبرت على الزواج بغيره فتوفي كمدًا عليها فزارت قبره وانتحبت وتوفيت على قبره.

توبة بن الحمير: هو شاعر كان يعرف بأنه عاشق ليلى الأخيلية، ومات من شدة عشقه لها وماتت هي بعد أن سلمت عليه في قبره.

الشاعران الصديقان المتعاصران: جميل بثينة وكثير عزة

عاش الشاعران في زمن واحد. وكانا صديقين. بل إن بثينة وعزّة كانتا أيضًا صديقتين. كان كُثَيِّر عزَّة في بداية حياته الشعرية راوية لجميل بثينة يحفظ شعره ويرويه ويقدمه على شعره. وكان لجميل قدر كبير لدى كُثَيِّر، حيث اعتبره أستاذه.

جميل بن معمر العُذْري القُضاعي (توفي 82 هـ/701م) أو جميل بثينة شاعر من عشاق العرب المشهورين. كان فصيحًا مقدمًا جامعًا للشعر والرواية. نسبته إلى عذرة (وهي قبيلة مشهورة بالعشق والجمال) وهي بطن من قضاعة من شعراء العصر الأموي. وكان جميل جميلاً على اسمه، حسن الخلقة، كريم النفس، شاعرًا، مرهف الحس رقيق المشاعر، وصاحبته بثينة وهما جميعًا من عذرة وكانت تُكنى (أمّ عبد الملك) والتي انطلق يقول فيها الشعر حتى وفاته، كقوله:

   يا أُمّ  عبدالملكِ  اصرميني        فبيّني صُرمكِ أو صليني

افتتن ببثينة بنت حيان العذرية، من فتيات قومه وهو غلام صغير، وانطلق ينشد بها الشعر في كل مكان، فلما كبر خطبها من أبيها فردّه وزوجها من رجل آخر؛ رفضت عشيرتها تزويجه خشية أن يظن أنّ زواجه منها سيحسب سترًا لعار التشهير الشعري الذي قام به جميل في حقها، فأجبرت على الزواج من رجل آخر، فازداد هيامًا بها، وكأن يأتيها سرًّا ومنزلها وادي القرى فتناقل الناس أخبارهما، كما في قوله:

 بثينة ُ قالتْ يَا جَميلُ أرَبْتَني     فقلتُ  كِلانَا،  يا بُثينَ، مُريبُ

وأرْيَبُنَا  مَن  لا يؤدّي أمــــانة     ولا  يحفظُ الأسرارَ حينَ يغيبُ

مات جميل وظل شعره ينبض بالحياة ويروي لنا قصة عاشق، ومن روائع شعر جميل:

خليلي عوجــا الـيـوم  حتى تسلما

                                على  عـذبة  الأنياب  طيبة  النـشـر

فإنكما  إن  عجتما  لي  ســاعــــة

                                 شكرتكما   حتى  أغيب  في  قبري

ألـّما  بها  ثم  أشفعا  لي  وسلـّما

                               عليها  سقاها  الله  من  سائغ  القطر

وبوحا بذكري عند بثينة وأنظرا

                               أترتــاح  يومًا  أم  تهـش  إلى  ذكـري

أعوذ بك اللهم أن تشحط النوى

                               ببثنة  في  أدنى حياتي  ولا حشري

لما بلغ بثينة خبر موته حزنت عليه حزنًا شديدًا وأنشدت فيه شعرًا تعزّيه فيه.

دخلت بُثينة وعزةُ (وكانتا متعاصرتين) عند عبدالملك بن مروان، فانصرفَ إلى عزَّة، ثم انْحَرَف إلى بُثَيْنَة

فقال: أنت بُثَيْنَةُ جميل؟

قالت : نعم يا أمير المؤمنين!

قال: ما الّذي رأى فيك جميل حتى لَهِج بذكرك من بين نساء العالمين؟

قالت : الذي رأى الناسُ فيك فجعلوك خليفتهم.

فضحك حتى بدَا له ضرس أسود لم يُرَ قبلَ ذلك، وفضَّل بثينة على عزة في الجائزة.

كثير بن عبدالرحمن الخزاعي: الملقب بـ "كثير عزة"، شاعر عربي متيم من أهل المدينة المنورة وشعراء الدولة الأموية والذي قضى هو الآخر عشقًا بعد أن مُنع من الزواج بمحبوبته: عزة بنت جميل بن حفص بن إياس الغفارية الكنانية.

هكذا بدأ الحب (انظر: د. عارف الكنعاني:  كُـثَـيِّر عـزَّة.. شاعـر الحظ السيء. جريدة الاتحاد 24/1/ 2013):  ولد في خلافة يزيد بن معاوية، وتوفي والده وهو صغير السن. وكان منذ صغره سليط اللسان وكفله عمه بعد موت أبيه وكلفه رعي قطيع له من الإبل لكي يحميه من ملازمة سفهاء المدينة. وفي يوم من الأيام كان كثير يقود قطيعه في منطقة على ساحل البحر الأحمر فلما بلغ موقع الخبت التقى نسوة من بني خمدة فسألهم عن أقرب موضع للماء ليقوم بسقاية إبله فأرشدنه وقامت منهن فتاة صغيرة السن بإرشاده إلى موضع الماء.. تلك الفتاة كانت عزّة.. وبينما كان يقوم بإرواء إبله.. جاءته تلك الفتاة الصغيرة الجميلة المثيرة:

- السلام عليك أيها الرجل.

- وعليكِ السلام أيتها الجميلة.

- خذ هذه الدراهم.

- دراهم؟ ولماذا تعطينني الدراهم؟

- النسوة اللواتي قمن بإرشادك إلى هذا الموضع جمعنها لك.

- وما حاجتي بالدراهم؟

- بل هنّ اللواتي يحتجن إلى كبشٍ من كباشك.. والدراهم ثمن للكبش إن وافقت.

- طبعًا لا أوافق.

- ترفض إعطاءنا الكبش.

- بل أرفض أخذ الدراهم.. أما الكبش فهذا هو.. خذيه لهنّ هدية بسيطة.

- تعطينا الكبش بلا مقابل..

- يكفي أن تأتي إليّ وأتحدث معك.. ما اسمك أيتها الفتاة الصغيرة الجميلة؟

- اسمي عزّة..

- عزّة.. بنت الغزال.. ما أجمل هذا الاسم.

وهكذا بدأت القصة.. وكان ذلك الحب الخالد الذي تناقلت حكايته الأجيال من خلال شعر كثير. لم تكن عزة جميلة بمقاييس هذا الزمن الذي تتربع فيه النحيفات على عرش الجمال، بل كانت ضخمة الكفل والساقين والساعدين. ومنذ بدأ ذلك الحب العذري بين كثير وعزّة، بدأت القصائد تنهالُ واحدة بعد الأخرى. فما كان من أهل عزّة أمام هذا السيل المتدفق مـن شعر كثير إلا أن قاموا بتزويجها، بل وترك الجزيرة العربية والرحيل إلى مصر.. وهذا أدى إلى إثارة نيران الحب في قلبه فوقف واجمًا حزينًا على فراقها:

          فلَمْ أدرِ أن العين قبل فراقها

                                   غداةَ الشبا مِن لاعجِ الوجدِ تجمدُ

        ولم أرَ مثلَ العينِ ضَنّتْ بمائِها

                                  عليَّ  ولا مثلي على الدمع يحسدُ

ونكتة حول علاقة صداقة قامت بين معشوقتي الشاعرين بثينة وعزّة.. وقيل إنهما اتفقتا على أن تعبثا بكثيّر لامتحان مقدار صدقه في الحب الذي شاع في شعره.. فقالت عزّة لبثينة..

- تصدّي لكثيّر وأطمعيه في نفسك حتى أسمع ما يقوله لك..

فأقبلت إليه بثينة وعزّة تمشي وراءها متخفية..

قالت بثينة بدلال: أيها الشاعر الرائع.. ألم نعجبك.. ألا ترى جمالنا؟

قال كثير: وهل أبقيت لنا نظرًا لنرى غير هذا الجمال.

- فماذا تقول إذن؟

رمتني على عمــدٍ بثينة بعدما

تولى شبابي وارجحنّ شبابُها

وهنا كشفت عزّة عن وجهها لما سمعت غزله ببثينة.. وما كاد يراها ويفهم المؤامرة.. حتى أكمل قائلاً:

ولكنّما ترمين نفسًا مريضةً

لِعزّةَ منها صفوُها ولبابُها

فضحكت عزّة وقالت:

- آه منك.. لقد نجوت.

وانصرفت الصديقتان وهما تتضاحكان.

يقال ان الشاعر كُثير عزة دخل على عبدالملك بن مروان رحمه الله، وكان كُثير قصير القامة نحيل الجسم، فقال عبدالملك بن مروان: أأنت كثير عزة؟ قال: نعم؛ قال: أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه!! قال: يا أمير المؤمنين، كلّ عند محله رحب الفناء، شامخ البناء، عالي السناء؛ ثم أنشأ يقول:

ترى  الرجل  النحيف  فتزدريه     وفـى  أثـوابـه  أسد  هصـورُ

ويعـجـبـكَ  الطـريـرُ  إذا  تـراهُ      ويخلفُ  ظنكَ  الرجلُ  الطريرُ

بغـاث الطيـر أكثرهـا  فـراخًــا      وأم  الــصـقـر  مــقـلاة  نـزورُ

ضعـاف  الطير  أطولها  رقابًا      ولم  تطل  البزاة ولا  الصـقـور

لقد عَـظُـمَ البعير بغـيـرِ لـُـبٍّ      فلم يستغـنِ بالعظـم البعـيـرُ

فقال عبدالملك بن مروان : لله دره، ما أفصح لسانه، وأطول عنانه! والله إني لأظنه كما وصف نفسه.

توفيت عزّة في مصر حوالي سنة 80 هجرية.. ومما قاله الرواة حول قصة موتها.. أن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان عندما اجتمع بها قال:

- لم يبق إنسان في الشرق أو الغرب إلا سمع بقصة الحب بينك وبين كثيّر.

- هذا صحيح يا أمير المؤمنين.. وهو الذي أشقاني قبل الزواج وبعده.

- ألا تحبينه يا عزّة؟

- تريد الحقيقة؟

- لا أريد غيرها.. قولي يا عزّة.

- منذ أول لقاء بيننا وقلبي متعلق به..

- أعرف يا عزّة.. ولكن الآن بعد وفاة زوجك.. لماذا لا نجعل لقصة الحب نهاية سعيدة؟

- ماذا تقصد يا مولاي؟

- هل توافقين على الزواج؟

- بمن يا مولاي؟

- بكثير..

- أتزوج؟.. وبعد هذا العمر..

- لِمَ لا.. وافقي وأنا أرتب الأمر.

- ومن يعص لك أمرًا يا مولاي..

- إذن اتفقنا..

كتب عبدالملك بن مروان لكثيّر طالبًا منه الحضور بسرعة. أسرع كثير إلى دمشق للقاء الخليفة.. والزواج من حبيبته التي فرّقت بينهما العادات والتقاليد والأحكام الجائرة. فما إن وصل حتى طالعته جنازة عرف فيها جنازة عزّة فخرّ مغشيًا عليه ولمّا أفاق ذهب إلى قبرها ليرثيها بأرق وأعذب الشعر.

القـيسـان الشـاعـران المُـتـيـّمـان (مجنونُ لـُبنى ومجنونُ ليلى)

قيس بن ذريح الليثي الكناني والملقب بمجنون لبنى ( 625 – 680 م), أخو الحسين بن علي من الرضاعة، وشاعر من الحجاز. عاصر الخلفاء الأربعة أبا بكرٍ الصدّيق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان في القرن الأول من الهجرة.

نشأ قيس مع لبنى وعشقها وتزوجها، ثم طلقها بضغوط من أمه وأبيه لكونها لا تلد، فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش ويتغنى بحبّه العذري، وتزوجت بعده فلما مرت فترة من الزمن ساءت حاله وهام مجددًا بها بعد أن رآها، فخيّرها زوجُها بين أن تبقى معه أو أن يطلقها لترجع إلى قيس، فاختارت الطلاق والرجوع إلى قيس بن ذريح غير أنها بعد الطلاق ماتت، فمات على إثرها قيس بن ذريح.

قال: هجرني أبواي، اثنتي عشرة سنة، أستأذن عليهما، فيرداني، حتى طلقتها.  فلما أزمعت لبنى الرحيل بعد العدة جاء وقوض فُسطاطها فسأل الجارية عن أمرهم فقالت: سل لبنى، فأتى إليها فمنعه أهلها وأخبروه أنها غداة غد ترحل إلى أهلها فسقط مغشيًا عليه، فلما أفاق تبعها حين ارتحلت ينظر إليها، فلما غابت رجع يقبل أثر بعيرها، فليم على ذلك فأنشد:

وما  أحببتُ  أرضـكــم   ولكن      أقبـّل أثرَ مَن وطئ التـُرابا

لقـد  لاقيتُ  من  كلفٍ بلبنى      بـلاءً  ما أسيغُ له الشرابا

إذا نادى المنادي باسم لـُبنى     عييتُ فلا  أطيقُ له جوابا

ولما أجنه الليل أوى إلى مضجعه فلم يطق قرار فجعل يتململ ويتمرغ في موضعه ويقول:

بـتُ والهمّ يا لُـُبينى ضجـيعي

                             وجرت مـذ نأيتِ عني دموعي

وتنفـّستُ إذ ذكرتكُ حتى زالـ

                             ــت اليوم عن  فؤادي ضلوعي

يا لـُبنى  فدتكِ  نفسي وأهـلي

                            هـل  لدهرٍ مضى لنا من رجوعِ

فوطن البيت، ولما اشتد شوقه وزاد غرامه أفضى به الحال إلى مرض ألزمه الوساد واختلال العقل واشتغال البال من عشق لبنى، حتى صار يضرب به المثل في الحب، وقد قال فيها:

وكم قائـــلٍ قـد قال: تُبْ فعصيته

                                 وتلك  لعمري  توبة  لا أتوبها

فيا نفس صبرا لستُ والله فاعلمي

                                بأول نفسٍ غاب  منها حبيبها

فلام الناس أباه على سوء فعله فجزع وندم وجعل يتلطف به، فأرسل له طبيبًا وقينات يسألون عن حاله ويلهونه، فلما  يجدي نفعًا. ولما أيس أبوه ذُريح من ابنه استشار قومه في دائه فاتفقت آراؤهم على تصفح احياء العرب لعل عينه تقع على امرأة تستميل عقله فاقسموا عليه أن يفعل ففعل، واتفق أن نزل بحي من فزارة فرأى جارية قد حسرت عن وجهها برقع خزّ وهي كالبدر حُسنًا، فسأل عن اسمها فقالت: لبنى! فسقط مغشيًا عليه، فارتاعت منه ونضحت وجهه بالماء وقالت: إن لم تكن قيسًا فمجنون. فلما أفاق استنسبته فإذا هو قيس فأقسمت عليه أن ينال من طعامها، فتناول قليلاً وركب فجاء أخوها على أثره فأعلمته القصة وأقسم عليه أن يقيم عنده شهرًا، وأجاب فكان الفزاري يعجب به ويعرض عليه الصهارة حتى لامته العرب وقالوا نخشى أن يصير فعلك سُنّة فيقول: دعوني في مثل هذا الفتى يرغب الكرام، وقيس يقول له: إن فيكم الكفاية ولكني في شغل لا ينتفع بي معه. فألحّ عليه حتى عقد له على أخته ودخل بها فأقام معها أياماً لا تهشّ نفسه إليها، ولا يكلمها، ثم استأذن في الخروج إلى أهله، فأذنوا له فخرج إلى المدينة.

وكان له بالمدينة صديق فأعمله أن لبنى قد بلغها تزويجه فغمّت لذلك وقالت إنه لغـدّار وإني طالما خُطِبتُ فأبيتُ والآن أجيبُ هذا وإن أبا لبنى قد اشتكى قيسًا إلى معاوية أن قيسًا يشبب بابنته، فكتب إلى مروان بهدر دمه، وأمره أن يزوج ابنته بخالد بن خلدة الغطفاني وهو كندي حليف قريش فجعل النساء ليلة زفافها يغنينها:

(لبنى زوجها أصبح لا حر يوازيه له فضل على الناس وقد باتت تناجيه وقيس ميت حقًّا صريع في بواكيه فلا يبعده اللّه وبعداً لنواعيه)، ولما بلغ قيسًا تزويج لبنى، اشتد به الغرام فركب حتى أتى محلة قومها فقالت له النساء ما تصنع هنا وقد رحلت مع زوجها فلم يلتفت حتى أتى موضع خبائها فتمرغ به وأنشد:

فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها

                                  مقالة واش  أو   وعيد  أمـيـر

فلن يمنعوا عينيّ من دائم البكا

                                 ولن يذهبوا ما قد أجن ضميري

إلى  اللّه  أشكو  ما ألاقي  من الهوى

                                  ومن  كــرب تعـتـادني  وزفــير

ومن  حرق  للحب  في  باطن  الحشا

                                  وليل  طويل  الحزن غير قصير

ســأبكي  على   نفسي   بعين  غـزيرة

                                   بكاء حزين في الوثاق أسير

وكنا   جميعًا   قبل   أن  يظهر النوى

                                   يا نعم حالي غبطة وسـرور

فـمـا  برح  الـــواشــون  حتى  بدت لنا

                                  بطون الهوى مقلوبة  بظهور

لقد كنت حسب النفس لو دام وصلنا

                                  ولكـنـمـا  الـدنـيا  متاع غـرور

زواجه من لبنى للمرة الثانية: انتقى قيسٌ ناقةً من إبله وقصد المدينة ليبيعها فاشتراها زوج لبنى (وهو لا يعرفه)، ثم قال له ائتني غدًا في دار "كثير بن الصلت"  أقبضك الثمن، فجاء وطرق الباب فأدخله وقد صنع له طعامًا، فقالت لبنى لخادمتها (وقد أحس قلبها به): (سأليه ما بال وجهه متغيرًا شاحبًا) فتنفّس الصُعداء وقال: (هكذا حال من فارق الأحبة). فقالت استخبريه عن قصته فاستخبرته فشرع يحكي أمره فرفعت الحجاب وقالت: حسبك قد عرفنا حالك!  فـبُهِت حين عرفها لا ينطق ساعة، ثم خرج لوجهه فاعترضه الرجل، وقال: (ما بالك عدلت قبض مالك وإن شئت زدناك)، فلم يكلمه ومضى فدخل الرجل فقالت له: ما هذا الذي فعلت؟ إنه لقيس!  فحلفَ أنه لا يعرفه، وأنشد قيس معاتبًا لنفسه:

أتبكي  على  لبنى  وأنت  تركتها

                                 وكنت  عليها  بالمــلا  أنت أقــدر

فإن  تكن  الدنيا  بلبنى  تقـلـبت

                                  فللدهر  والدنيا  بطون  وأظــهــر

كأني  في  أرجـوحــة  بين   أحــبل

                                  إذا فكرة منها على القلب تخطر

وقيل أنه حين جاء ليقبض ثمن المطية رأى لبنى فعاد مبهوتًا فسأله أأنت قيس قال نعم قال ارجع لنخيرها فإن اختارتك طلقتها وظن الرجل أنها تبغض قيسًا فخيرها فاختارت قيسًا فطلقها لوقته.

يغلب الذكر أن لبنى بعد أن تطلقت من زوجها خرجت وماتت في العدة وأن قيسًا خرج حين بلغه ذلك حتى وقف على قبرها وأنشد:

مـــات  لبينى  فموتها  موتي     هل ينفعن حسرة على الفوت

إني  ســأبكي  بكاء   مـكتئب     قضى حياة  وجدًا على  ميت

فبكى حتى أغمي عليه ومات على إثرها سنة 61 هـ.

مجنون ليلى (قيس بن الملوح): أشهر شعراء الحب العذري

أحب قيس بن الملوح ابنة عمه ليلى بنت سعد العامري حيث تربيا سويًا وكانا يرعيان مواشي والديهما فأحب أحدهما الآخر في الطفولة والصبا وعشقها وهام بها. وعندما كبرت ليلى حجبت عنه (كما هي العادة في البادية)، فهام قيس على وجهه ينشد الأشعار في حب ابنة عمه ويتغزل بها، ومن ثم تقدم قيس لعمّه طالبًا يد ليلى بعد أن جمع لها مهرًا كبيرًا: خمسين ناقة حمراء، فرفض أهلها أن يزوجوها إليه، حيث كانت العادة قديمًا عند العرب من أيام الجاهلية تأبى تزويج من ذاع صيتهم بالحب إذ تشبب (أي تغزّل) بها علانية في شعره، لظنّهم أن تزويجَ المُحِبّ المُشهر عشقه بين الناس عار وفضيحة.  في الوقت نفسه تقدم لليلى خاطب آخر من ثقيف يدعى (ورد بن محمد العُقيلي)، وبذل لها عشرًا من الإبل، فاغتنم والدُ ليلى الفرصة وزوّجها لهذ الرجل رغمًا عنها.  ورحلت ليلى مع زوجها إلى الطائف بعيدًا عن حبيبها ومجنونها قيس. ويقال أنه حين تقدم لها الخطيبان كذب أهلها فقالوا له: (نحن مخيّروها بينكما، فمن اختارت تزوّجته)، ثم دخلوا إليها وهددوها بالقتل فقالوا : (والله لئن لم تختاري وردًا لنمثلنّ بك)، فخافت واختارت وردًا مجبرةً وتزوجته على الرغم منها.

فهام قيس على وجهه في البراري والقفار ينشد الشعر ويأنس بالوحوش ويتغنّى بحبه العذريّ، فيُرى حينًا في الشام وحينًا في نجد وحينًا في الحجاز، إلى أن وُجد مُلقًى بين أحجار وهو ميت.

يُحكي أن قيس قد ذهب إلى ورد زوج ليلى في يوم شاتٍ شديد البرودة وكان جالسًا مع كبار قومه حيث أوقدوا النار للتدفئة، فأنشده قيس قائلاً:

بربّك  هل  ضممتَ  إليك  ليلى

                                 قُبيل  الصبح أو  قـبّـلت فـاهـا

وهل  رفّــت  عليك  قــرونُ  ليلى

                                 رفيفَ   الأقـحوانة  في  نداها

كأن  قرنفلاً  وسـحـيقَ  مِـسـك

                                وصوب الغانيات قد شملن فاها

فقال له ورد: أما إذ حلّفتني، فنعم.

فقبض قيس بكلتا يديه على النار ولم يتركها حتى سقط مغشيًا عليه.

ولقيس بن الملوح ديوان شعري في عشق ليلى  ولقصته التأثير الكبير في الأدب العربي والآداب الفارسية و التركية والأوردية بل وفي الأدب العالمي عمومًا حيث يُعرف في الإنجليزية بالمجنون أو ليلى والمجنون: (Majnun or Layla and Majnun) وما قصة "روميو وجوليت" لـ شكسبير إلا اقتباسٌ وتحوير لقصة "قيس وليلى".

من أبياته في حبيبته ليلى:

أمر على الديار  ديار ليلي     أقبل ذا  الجدارَ  وذا  الجدارَ

وما حب الديار شغفن قلبي   ولكن حب من سكن الديارَ

وقال:

أما  عـاهـدتـني  يا قلب أنّي   إذا ما تبتُ عن ليلى تتوبُ

فها أنا تائبٌ  عن حبّ  ليلى     فما لكَ كلما ذُكِرَت تذوبُ

وقال:

فياليت إذ حان وقت حمامها

                           أحكم في عمري لقاسمتها عمري

فحل بنا الفراق في ساعه معا

                           فمت ولا تدري وماتت ولا أدري

وقد كانت ليلى تبادله العشق فقالت فيه:

كلانا مظهر للناس بغضا       وكل عند  صـاحـبـه  مكين

تحدثنا  العيون  بما أردنا      وفي القلبين ثم هوى دفين

توفي قيس بن الملوح عام 68 هـ الموافق 688م، وقد وُجد مُلقى بين أحجار وهو ميت، فحُمل إلى أهله. وروي أن امرأه من قبيلته كانت تحمل له الطعام إلى البادية كل يوم وتتركه فإذا عادت في اليوم التالي ولم تجد الطعام، تعلم إنه ما زال حيًا. وفي أحد الأيام وجدته لم يمس الطعام فأبلغت أهله بذلك فذهبوا يبحثونَ عنه حتى وجدوه في وادي كثير الحصي قد توفي ووجدوا بيتين من الشعر عند رأسه خطهما بإصبعه هما:

تَوَسَّدَ  أحــجــارَ  المهامــةِ  والقفرِ

                              وماتَ جريح القلبِ مندملَ الصدرِ

فياليت هذا الحِبَّ  يعشقُ  مرةً

                             فيعلمَ  ما يلقى المُحِبُّ من الهجرِ

توصية لذوي الحب العذري:

إن فشل الحب العذري وعدم انتهاءه بالزواج إنما يتمحور على ثلاثة أسباب:

1. الإشهار بحب الحبيبة في قصائد العاشق وانتشارها بين العامة مما يُفضي لمفهوم الفضيحة خطأً. والحلّ يكمن في سرّية علاقة العشاق بطهارة لحين الخطبة والزواج، درئًا للحسد وتدخل الغرباء وأقاويلهم.

2. تعضيل الآباء وإجبار البنت على الزواج من غير الحبيب المتقدم لزواجها.  فإنه لا يجوز للأب أن يرفض زواج ابنته ممن يُرضى دينه وخلقه تحت أي ذريعة وحجة، ويعتبر هذا شرعًا من العضل، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967)، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي".  فساد عريض أَيْ كَثِيرٍ، لِأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوهَا إِلَّا مِنْ ذِي مَالٍ أَوْ جَاهٍ، رُبَّمَا يَبْقَى أَكْثَرُ نِسَائِكُمْ بِلَا أَزْوَاجٍ، وَأَكْثَرُ رِجَالِكُمْ بِلَا نِسَاءٍ، فَيَكْثُرُ الِافْتِتَانُ بِالزِّنَا، وَرُبَّمَا يَلْحَقُ الْأَوْلِيَاءَ عَارٌ، فَتَهِيجُ الْفِتَنُ وَالْفَسَادُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسَبِ، وَقِلَّةُ الصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: "لَا يُرَاعَى فِي الْكَفَاءَةِ إِلَّا الدِّينَ وَحْدَهُ " مرقاة المفاتيح " (5/2047) وعَنْ عَبْداللَّهِ بن مسعود قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) متفق عليه (الباءة أي النكاح أو الجماع، الوجاء أي الوقاية) وقال رجل للحسن البصري: "قد خطب ابنتي جماعة فمن أُزَوِّجُهَا؟ قَالَ: مِمَّنْ يَتَّقِي اللَّهَ، فَإِنْ أَحَبَّهَا أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها" من "إحياء علوم الدين" (2/ 41).

3. عدم فدائية واستقتال العاشقين لبعضهم البعض وأخذ زمام الأمور بأيديهم للزواج عند تعضيل الآباء، إذ لا يُعبأ برأيهم أمام الشرع، حيث اتفق الإمامان أبو حنيفة النعمان والقاضي أبو يوسف على أن الزواج عقد كعقود البيع والشراء، وتستطيع المرأة البالغة أن تعقد عقد زواجها مع من تشاء وتحب (بطهارة) من دون الحاجة لولي (أو بولاية أخيها متعاطف معها).


عدد القراء: 11815

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

التعليقات 2

  • بواسطة عبد الله العزي من بريطانيا العظمى
    بتاريخ 2018-07-06 11:23:24

    بمناسبة الحب العذري احببت ان أسوق لكم هذه القصة كما يرويها الأصمعي عن حالة عشق وحب ... الأصمعي والعاشق ؟! يقول الأصمعي : بينما كنت أسير في البادية ، إذ مررت بحجرٍ مكتوبٍ عليه هذا البيت : أيــا مـعشر الـعشاق بالله خــبّروا إذا حلّ عشقٌ بالفتى كيف يصنعُ؟ - فكتبت تحته البيت التالي : يــداري هــواه ثــم يـكـتم ســرهُ ويخشع في كل الأمور ويخضعُ - يقول : ثم عدت في اليوم التالي فوجدت مكتوباً تحته هذا البيت : وكيف يداري والهوى قاتل الفتى وفـــي كـــلّ يــومٍ قـلـبه يـتـقطّعُ - فكتبت تحته البيت التالي : إذا لـم يـجد صـبراً لـكتمان سـرهِ فليس له شيءٌ سـوى الموتُ ينـفعُ - يقول الأصمعي : فعدت في اليوم الثالث ، فوجدت شاباً مُلقىً على ذلك الحجر ميتاً , ومكتوب تحته هذان البيتان : سـمـعـنا أطـعـنا ثــم مـتـنا فـبـلّغوا سلامي إلى من كان بالوصل يمنعُ هـنـيـئاً لأربـــاب الـنـعيم نـعـيمهمْ ولـلـعاشق الـمـسكين مــا يـتـجرعُ

  • بواسطة الدكتور عبد الرحمن ياسين من الأردن
    بتاريخ 2018-06-19 21:39:14

    اخي مهند .. كما عودتنا دائما سررت كثيراً وأنا أقرأ ( رومانسية الحب بين الشرق والغرب ) فقد تغنى العرب وشعرائهم خاصة بالحب وكما ذكرت سميا الشعر العذري والحب العذري كتعبير عن الطابع العفيف الطاهر بعيداً عن العلاقات الجنسية الحميمية الذي في الغرب حتى ارتبطت هذه العلاقات بالحب فأطلقوا على ممارسة الجنس حباً وسموها ( make love ) .. في حين يصف شاعرنا لوعته أو سعادته في حب محبوبته دون الحديث عن محاسنها الجسدية.. ففي الحب العذري انعكاس الاخلاق والعفاف في الحديث عن الحب والاخلاص لفتاة واحدة وإتخاذها محبوبة وعدم التوجه لغيرها من النساء ... انه حقا مقال رائع أبحرت عند قراءته مع الحب والرومانسية مع هذه الكوكبة من شعراء الحب العذري الأصيل .. شكرا لك مع اطيب التحيات وأحلى الأمنيات

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-