«نساء في مسيرة العلم»- 50 امرأة باسلة، رائدات ساهمن في تغيير العالمالباب: مراجعات

نشر بتاريخ: 2016-11-25 10:44:09

فكر - المحرر الثقافي

الكتاب: "نساء في مسيرة العلم"، 50 امرأة باسلة، رائدات أسهمن في تغيير العالم Women in science

المؤلف: راشيل انيوتوفسكي

الناشر: تين سبيد برس، نيويورك

تاريخ النشر: 2016

عدد الصفحات: 128 صفحة

الرقم المعياري الدولي: ISBN:  978 -1607749769

 

ارتبط تاريخ المسيرة العلمية في التاريخ الإنساني بالرجال، بينما قلة هن النساء اللواتي برزن في هذا المضمار. هذه هي المقولة السائدة بصورة عامّة منذ القدم حتى اليوم.

وبرغم كل ما يقال عن أن المرأة نصف المجتمع، تتفق آراء الكثير من الباحثين أن المكانة العلمية الرفيعة للرجال قابلها في الواقع تهميش دور المرأة، بل حرمانها إلى حد كبير من التربية والتعليم عمومًا، وخاصة حرمانها من حضور دروس المواد العلمية على وجه الخصوص.

لكن تلك الصورة السائدة عن الدور الهامشي للمرأة في المسيرة العلمية لا تعبّر عن الواقع. وهذا بالتحديد ما تريد الباحثة والرسّامة الأمريكية «راشيل انيوتوفسكي»، المعروفة بمساهماتها في صحيفة «نيويورك تايمز»، أن تثبته في كتابها الصادر مؤّخرًا تحت عنوان «نساء في مسيرة العلم»، وهي تقدّم فيه «50 امرأة باسلة، رائدات ساهمن في تغيير العالم»، كما يقول عنوانه الفرعي.

خصوصيّة هذا الكتاب وتفرّده إلى حد كبير في مجال الكتب المهتّمة بالعلوم وتاريخها: أن المؤلفة تجمع بين الجانب الفنّي ــ الإبداعي عبر ما تقدمه من «رسوم» للنساء ــ العاملات في حقل العلم وللإنجازات التي حققتها وبين التوثيق الدقيق لمسيرتهن العلمية من موقع الباحث الرصين.

تجدر الإشارة إلى أنه إذا كان الجانب الفنّي في هذا الكتاب من خلال تقديم إنجازات النساء العالمات المعنيات بارزًا عبر رسوم المؤلفة الشهيرة، فإن هذا لا يقلل من أهميّة ودقّة المضمون العلمي، لما يحتوي عليه من شرح السياق، الذي تمّت فيه المساهمات العلمية وتقديم نبذة عن سيرة حياة اللواتي كنّ وراء تلك المساهمات.

ومن الأفكار التي تؤكّدها المؤلفة أن ما قامت به النساء الرائدات الخمسون اللواتي تقدّم باختصار كبير مسيرتهن العلمية أثبتن للعالم أجمع أنه ليس هناك تمييز في عالم المعرفة بين الجنس، رجل أو امرأة، والعرق. بل إن جميع البشر قادرون على تحقيق إنجازات كبيرة.

والأسماء التي تقدّمها المؤلفة تضم نساء حصلن على شهرة عالمية، وعلى الاعتراف العام بهنّ كرموز في المسيرة العلمية الإنسانية، وليس أقلّهن شهرة «ماري كوري»، البولندية الأصل ثم اكتسبت الجنسية الفرنسية، التي شاركت بفعالية كبيرة مع زوجها «بيير كوري» باكتشاف الصفة الإشعاعية لبعض المواد.

وكانت المرأة الأولى التي حصلت مع زوجها بيير كوري على جائزة نوبل للعلوم الفيزيائية عام 1903. قدمت ماري كوري إلى باريس عام 1891 حيث وجدت نفسها، بعد عناء، طالبة في كليّة العلوم بين أغلبية ساحقة من الطلبة الشباب.

لكنها حصلت على الشهادة الجامعية في المرتبة الأولى بين دفعتها. وشرعت بدراسة الدكتوراه في مجال «الصفات المغناطيسية للمعادن». وفي عام 1894 أعلنت عن اكتشافها لمادة «البولونيوم»، التي تزيد قدرتها الإشعاعية 400 ضعف بالقياس إلى اليورانيوم.

وأسماء شهيرة أخرى لنساء ــ عالمات تتعرّض لها في هذا العمل من بينها «ادا لوفلاس»، البريطانية، التي عاشت في القرن التاسع عشر، التي يتم اعتبارها بمثابة «المخترع الأول لبرنامج معلوماتية» و«المبرمج المعلوماتي الأوّل» من خلال عملها على «آلة تحليل حسابي» اخترعها «شارل باباج» التي يتم النظر لها بمثابة «أحد جدود» الحواسيب الإلكترونية الحالية.

و«ماي جاميسون»، الأمريكية ذات الأصول الإفريقية و«رائدة الفضاء» التي نفّذت مهمة فضائية عام 1992، وأمضت إجمالاً 190 ساعة و30 دقيقة في الفضاء. و«جان غودال» البريطانية التي كرّست جهودها لدراسة سلوك بعض الحيوانات، وكانت أوّل من اكتشف أن قرود «الشامبانزي» تستخدم أدوات لإعداد غذائها. وأسماء نساء أخرى رائدات في عالم العلوم.

وتشرح المؤلفة أن هيباتيا ذات الأصل اليوناني كانت مصرية ومن مواليد الاسكندرية وفيها ترعرت وعاشت. والدها هو الفيلسوف الشهير «تيون الاسكندراني»، وزوجها هو الفيلسوف «ازيدور» من غزّة. كان والدها من أشهر فلاسفة عصره، وكان عالمًا وأستاذًا في الرياضيات، حيث درّبها لولوج سبلهما. هكذا عملت مديرة لـ«المدرسة الأفلاطونية الجديدة» في الاسكندرية.

كذلك لا يعرف كثيرون ما قدّمته «أليس أوغست بال»، عالمة الكيمياء الصيدلانية والعقاقير الطبيّة. وكانت تلك الأمريكية ذات الأصول الإفريقية، المولودة في سياتل بولاية واشنطن، قد تخرّجت عام 1915 من جامعة هاواي حيث حصلت على الشهادة العليا في مجال الكيمياء. وكانت بذلك هي المرأة الأمريكية ــ الإفريقية الأصل تحصل على تلك الشهادة، بل والتي لم يكن قد نالها رجل أمريكي من أصول إفريقية.

المساهمة العلمية الكبرى التي قامت بها «أليس بال» تتمثل بأنها قامت، كما تشرح المؤلفة، بتطوير علاج لمرض الجذام ــ البرص ــ في أوائل القرن العشرين.

وكانت قد سعت أوّلاً إلى عزل «الجرثومة» المسببة للمرض. ثمّ طوّرت علاجًا بقي مستخدمًا في المستشفيات، وكان من الأكثر فعالية في معالجة المرضى حتى سنوات الأربعينيات من القرن العشرين عند انتشار المضادات الحيوية. لقد توفيت «اليس بال»، وهي في الرابعة والعشرين من عمرها في مسقط رأسها بمدينة سياتل.

في المحصّلة تقدّم مؤلفة هذا الكتاب عملاً يجمع بين البعد التربوي المهم وبين الجانب الجمالي ابتداء من الغلاف، ثمّ على الكثير من الصفحات الداخلية. ولا شكّ أن هذا الكتاب يشكّل مدخلاً مهمًّا للتعرف على المساهمات العلمية التي قدّمتها 50 امرأة في مختلف المجالات والعلوم ومنذ الحقب القديمة إلى اليوم.

وتحدد مؤلفة الكتاب القول: إن الميزة الكبرى التي تجمع بين النساء الخمسين اللواتي ساهمن في تقدّم مسيرة العلوم، أنهن برعن في هذا المشرب أو ذاك من العلم. ذلك أنهن أحببن المشارب العلمية التي كنّ يبحثن فيها، مهما كانت درجة صعوبتها ومهما كانت العقبات التي واجهت مسيرتهن. وأعطين كل الوقت والجهد لخوض غمار عالم المعرفة الرحب.

المؤلفة في سطور

راشيل انيوتوفسكي هي رسّامة وباحثة أمريكية. اشتهرت في الولايات المتحدة بما تقدمه من رسوم توضيحية في ما يخص الدراسات والمقالات العلمية المنشورة في صحيفة «نيويورك تايمز» منذ سنوات. هذا هو كتابها الأوّل.


عدد القراء: 7424

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-