كم تتذكر الآن من هذه الأجهزة والتقنيات؟الباب: دبل كليك

نشر بتاريخ: 2019-02-05 19:01:16

فكر - المحرر الثقافي

كشفت دراسة أُجريت حديثًا النقاب عن أنواع التقنيات والأجهزة التكنولوجية التي نجحت في البقاء والصمود في وجه الزمن، وذلك مع استمرار الناس في التعرف عليها، إن لم يكن على مستوى مواصلتهم استخدامها. فهل يمكنك أنت وأولادك التعرف على تلك الأجهزة؟.

أصبح الأطفال أكثر قدرةً على التنقل بين أحدث التقنيات والأجهزة التكنولوجية بيسرٍ تام. ولكن ماذا عن التقنيات التي نشأ عليها آباؤهم، والتي عفا على الجانب الأكبر منها الزمن في الوقت الراهن؟

فهل يعرف أطفال اليوم ما هو القرص المرن أو جهاز "البيجر" ( Pager

للتعرف على إجابة لسؤال مثل هذا وغيره، أجرت شركة "يو غوف" لأبحاث السوق على شبكة الإنترنت دراسةً استطلعت فيها آراء أكثر من ألفي طفل وصبي تتراوح أعمارهم ما بين 6 و18 عاماً في المملكة المتحدة.

بداية، أظهرت الدراسة أن ثلثيْ الأطفال المستطلعة آراؤهم لا يعرفون ما هو "القرص المرن" أو " floppy disk" من الأصل. بل إن البعض من أفراد العينة عرّفوه على أنه رمز "الحفظ" في بعض البرامج المُستخدمة على جهاز الكمبيوتر.

إذا عدنا إلى الوراء قليلاً سنتذكر أن أول قرصٍ مرن طُوِّرَ على يد شركة "آي بي إم" في أواخر ستينيات القرن الماضي، ليحل محل وسيط تخزين سابق للبيانات كان يحمل اسم "محرك أشرطة" (Tape Drive).

وكان قياس هذا القرص يصل آنذاك إلى ثماني بوصات (20 سنتيمترًا)، وطُرِحَ في الأسواق خلال عقد السبعينيات. أعقب ذلك ابتكار الشركة للقرص المرن الذي لا يزيد قياسه على 5.25 بوصة (13 سنتيمترًا). وفي عام 1981 حذت شركة "سوني" حذو "آي بي إم" بطرح قرصٍ يبلغ قياسه 3.5بوصة (تسعة سنتيمترات).

وبعد ثلاث سنوات، أي في عام 1984، طرحت "آي بي إم" قرصًا مرنًا عالي الكثافة لاستخدامه كوسيط تخزينٍ من جانب مستخدمي أجهزة الكمبيوتر. وبلغت السعة التخزينية لذلك القرص 1.2 ميغابايت من البيانات، وهو ما كان يشكل قدرةً رائعةً على التخزين في ذلك الوقت.

لكن الزمن يتغير، فإذا عقدنا مقارنةً بين ذلك القرص ووحدة ذاكرة من نوع "يو إس بي" (USB flash drive) من تلك المُتاحة للمستخدمين اليوم، سنجد أن سعة تلك الوحدة يمكن أن تصل إلى اثنين تيرابايت، وهو ما يزيد بنحو 1.7 مليون ضعف على حجم المعلومات التي كان بوسع قرص "آي بي إم" المرن عالي الكثافة تخزينها.

وفي ذروة ازدهار سوق تلك الأقراص في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كان يُباع منها أكثر من خمسة مليارات قرص سنويًا في مختلف أنحاء العالم. أما الآن فربما ستعثر - إن كنت محظوظًا - على أحدها وقد علاه الغبار في درج مكتب نادرًا ما يفتحه أحد.

أمرٌ آخر كشفت الدراسة عن جهل أفراد العينة بشكلٍ كبيرٍ به، وهو خدمة بث النصوص المكتوبة تلفزيونيًا التي تُعرف باسم "Teletext"، والتي ازدهرت بين منتصف سبعينيات القرن الماضي وعام 2012 تقريبًا في بلدانٍ عدة.

ففي تلك الفترة كان المشاهدون يتابعون بتوقٍ شديد تلك الخدمة، بينما يتوالى عرض صفحاتها على الشاشة ببطء وعناء، حاملةً نتائج مباريات كرة القدم أو التوقعات الخاصة بالطقس.

وفي عام 1974 أطلقت "بي بي سي" خدمةً في هذا الشأن حملت اسم "سيفاكس" (Ceefax)، في إشارةٍ منها إلى أنها تتيح لمشاهديها عبرها رؤية الحقائق أو ما يُعرف بالإنجليزية بـ "See Facts".

وكانت "سيفاكس" تقدم لمشاهدي "بي بي سي" الفرصة للاطلاع على أحدث عناوين الأخبار ونتائج المنافسات الرياضية وجدول البرامج التليفزيونية ونتائج مسابقات اليانصيب.

وفي عصر ما قبل ظهور شبكة الإنترنت، كان البديل الوحيد لخدمة مثل هذه، هو انتظار موعد النشرة الإخبارية المقبلة؛ تليفزيونيةً كانت أو إذاعية. وقدمت قنواتٌ تليفزيونيةٌ بريطانيةٌ أخرى مثل " ITV" أو محطة " Channel 4" خدمة مُماثلة حملت اسم "Teletext".

وقد أظهرت الدراسة التي نتحدث عنها في هذه السطور أنه ليس لدى 86 في المئة من أطفال اليوم أي فكرة عن أي من هاتين الخدمتين.

نسبةٌ مماثلةٌ تمامًا من أفراد العينة أبدت حيرتها الكاملة إزاء الحديث عن جهاز "النداء الآلي" أو الـ"Pager"، وهو ما لم يبد مفاجئًا في عصر يمتلك فيه نحو ربع الأطفال في سن السادسة أو أقل من ذلك جهاز هاتف ذكي.

وقد طوِّرَ هذا الجهاز - الذي أصبح عتيقًا في الوقت الراهن - خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وبحلول ثمانينيات القرن العشرين، أصبحت أجهزة استقبال الموجات اللاسلكية الشخصية صغيرة الحجم هذه شائعة الاستخدام، إذ كان بوسعها استقبال وعرض رسائل صوتية أو أخرى تتألف من أرقام أو حروف، تبثها شبكة هوائيات تنقل إشاراتٍ لاسلكيةً.

غير أن أجهزة "النداء الآلي" تلك لم تندثر تمامًا في الوقت الراهن، فلا تزال تُستخدم في بعض الأماكن مثل المستشفيات ومن جانب بعض الجهات على غرار تلك العاملة في مجال التعامل مع الحالات الطارئة.

إذ أن هذه الأجهزة يمكن أن تكون أكثر كفاءةً من الهواتف المحمولة في ما يتعلق باستقبال الرسائل العاجلة.

ولا يختلف الحال مع أشرطة المواد المسموعة المعروفة باسم أشرطة "الكاسيت". فبالنسبة لبعضنا قد تثير تلك الوسائط السمعية ذكريات قريبةً إلى القلب، سواء ما يتعلق بتسجيل أفضل الأغنيات المحببة إلينا عليها من على أجهزة الراديو، أو إعداد أشرطةٍ خاصة منها تتضمن مجموعةً من الأغنيات المفعمة بالمشاعر، وذلك لإهدائها لمن نحب.

لكن بالنسبة لآخرين، لا تثير أشرطة الكاسيت أي مشاعر أو ذكريات، ومن هؤلاء 40 في المئة من عينة الدراسة. ولعل من المفيد هنا ذكر أن سلسلة "كاريز" - كبرى سلاسل بيع الأجهزة الإلكترونية بالتجزئة في المملكة المتحدة - توقفت في عام 2007 عن بيع أشرطة الكاسيت التي تحتوي على تسجيلاتٍ غنائية أو موسيقية.

وجاء هذا القرار بعد 15 عامًا متواصلة من التراجع البطيء لمبيعات تلك الأشرطة، بفعل انجذاب عشاق الموسيقى لما كان قد ظهر في تلك الفترة من وسائط تخزين جديدة وبراقة، تمثلت في الأقراص المضغوطة (Compact Discs )، ثم اهتمامهم الشديد بعد ذلك بتحميل الأعمال الغنائية والموسيقية من على شبكة الإنترنت.

مصيرٌ مماثلٌ لذاك الذي لاقته أشرطة الكاسيت، واجهته كذلك أجهزة العرض البصري للصور أو الصور المتحركة والمعروفة باسم "العارض الضوئي" أو الـ (Projector) والتي كانت تُشكِل في يوم ما إحدى الدعائم الرئيسية للصفوف الدراسية، جنبًا إلى جنب مع ما كان يصاحبها من معدات وأدوات مُساعِدة.

فالآن، لم يعد هذا الجهاز مُستخدمًا في الكثير من المدارس، وحلت محله أدواتٌ أكثر تطورًا تستهدف كذلك مساعدة المعلم على أداء مهمته، مثل الأجهزة اللوحية التي تنتجها شركة "آبل" والمعروفة باسم "آي باد".

وتتضمن هذه الوسائل أيضًا شرح الدروس باستخدام برنامج "باور بوينت" الخاص بالعروض التقديمية. وأظهرت الدراسة التي نحن بصددها أن أكثر من 70 في المئة من أفراد العينة عجزوا عن التعرف على الوسائل التعليمية المُساعِدة هذه التي عفا عليها الزمن.

تقنيةٌ أخرى هوت عن عرشها تمثلت في أشرطة الفيديو، والتي كانت منتشرةً بشدة قبل أن يخطر على بال أحد ظهور خدمات لبث الأفلام بالطلب مثل "نتفليكس".

ففي عام 1971 طرحت شركة "سوني" أجهزة تسجيل أشرطة الفيديو الصالحة للاستخدام المنزلي. ورغم أن هذه الأجهزة لم تكن في بادئ الأمر في متناول غالبية الأسر، فقد أصبحت أسعارها في المتناول على نحوٍ أكبر بكثير بحلول أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

وقد أظهرت الدراسة أن 37 في المئة من أطفال عصرنا الحالي لم ينخرطوا يومًا في الجدل الذي دار في الماضي بين أنصار نظام "بيتاماكس" وخصومهم من مؤيدي نظام "في إتش إس"، وهما صيغتان للتسجيل على أشرطة الفيديو.

وإذا كنت محظوظًا بقدر يجعلك صغير السن إلى حدٍ لا يسمح لك بتذكر هذا الجدل، فدعنا نحكي لك قصة حرب صيغ التسجيل المتنافسة هذه، والتي اندلعت بين نظام "بيتاماكس" - الذي ابتكرته شركة "سوني" عام 1975 - ونظام "في إتش إس"، الذي طورته شركة "جيه في سي" في العام التالي لذلك مباشرة، والذي انتصر في هذه المواجهة في نهاية المطاف.

ومما سيثلج صدور محبي الاسطوانات الموسيقية من نوع أقراص الفونوغراف المعروفة باسم "أقراص الفينيل" - ممن لا يكفون عن التغني بمميزاتها - أن يعلموا أن نحو ثلاثة أرباع أفراد العينة من الأطفال والصبية كانوا قادرين على التعرف على جهاز تشغيل هذه الأقراص "الفونوغراف"، وهي نسبةٌ تفوق كثيرًا تلك التي تمكنت من التعرف على أشرطة الكاسيت.

ويبدو أن هذا النوع من الأسطوانات يشهد انبعاثًا ونهضةً في الفترة الحالية، لا سيما أن نتائج إحدى الدراسات تفيد بأن أكثر من نصف المستهلكين يفضلون النمط المادي الملموس من التسجيلات الموسيقية المتمثل في الاسطوانات، وهو رأيٌ شائعٌ بصفةٍ خاصةٍ بين الشبان في المرحلة العمرية ما بين 18 و24 عامًا.

توجهاتٌ إيجابيةٌ مماثلةٌ قوبلت بها أجهزة الآلة الكاتبة التي يبدو أنها تمكنت من اجتياز اختبار الزمن هذا بنجاح، إذ لم يعجز عن التعرف على اسمها سوى 27 في المئة من الأطفال. لكن ذلك لم يمنع من أن يصف أحد الأطفال المشوشين قليلاً من أفراد العينة الآلة الكاتبة بأنها "شيءٌ يكتب المرء عليه الأفلام".

ولعل أحد أكثر النتائج المفاجئة للدراسة هو قدرة 96 في المئة من أفراد العينة على التعرف على جهاز هاتفٍ عتيقٍ ذي قرصٍ دوارٍ، وذلك برغم أن هواتف اليوم تختلف كثيرًا في أشكالها عن سابقاتها التي كانت تُستخدم قديمًا.

وربما يكمن تفسير ذلك في إمكانية أن يكون بعض أجداد هؤلاء الأطفال لا يزالون يتشبثون بهذا النوع العتيق من أجهزة الهاتف. وقد يعود السبب إلى أن الرمز التعبيري الذي يشير إلى جهاز الهاتف يشبه بشكلٍ غريب الهاتف ذا القرص الدوار، وهو ما يعيد إلى الذهن حالة "القرص المرن" الذي يعرف بعض الأطفال شكله بسبب استخدام صورته رمزًا لأيقونة الحفظ الموجودة في برنامج "معالجة النصوص" (Word) مثلاً.

وهكذا، لا تزال التقنيات المُنقرضة تعيش بيننا - بشكلٍ أو بآخر - حتى وإن كانت تُستخدم في بعض الأحيان رمزاً للتقنيات التي حلت محلها.

 

المصدر: BBC Future

 


عدد القراء: 6047

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-