متحف المتروبوليتان للفنالباب: قصة مكان

نشر بتاريخ: 2015-11-06 01:59:04

فكر - المحرر الثقافي

في عام 1866 التقت مجموعة من الأمريكيين للاحتفال في العيد الوطني الأمريكي الرابع من تموز/يوليو في مطعم (بوا دي بولون) بباريس، وكان من بين المجموعة جان جي حفيد واحد من القانونيين المعروفين في أمريكا الفتية آنذاك. واقترح على المجموعة قائلاً: «حان الوقت الآن لإنشاء معهد وجاليري للفن في نيويورك»، وقد استقبل الاقتراح بحماس, وبعد مرور سنة على ذلك اللقاء قاد جان جي الذي كان يرأس نادي النقابة في نيويورك حملة بين قادة المجتمع المدني وتجار الفن وأصحاب الجمعيات الخيرية من أجل إنشاء أول متحف أمريكي يضاهي متاحف أوروبا, وفي نهايات سبعينيات القرن التاسع عشر ولد متحف المتروبوليتان للفن الذي انتقل في عدة مواقع حتى استقر به الحال في موقعه الحالي على الجادة الخامسة شمال مانهاتن ليحاذي حديقة نيويورك الكبيرة السنترال بارك.

المتحف بطراز معماره القوطى أخذ بالاتساع شيئاً فشيئاً حتى أصبح واحداً من أكبر متاحف الفن في العالم وقد وصفه فيليب دي مونتيبيلو مدير المتحف الحالي بدائرة معارف نيويورك ويذهب بعيداً قائلاً: «إنه دائرة معارف الفن في العالم»، ومن الممكن أن تشاهد فيه ما يعكس ثقافات شعوب عدة بدءاً من الفن الآشوري والمصري، ومروراً بفن فلورنسا، وحتى ما يعكس ثقافة غينيا بيساو الجديدة وهضبة التبت الصينية.

ويعد متحف المتروبوليتان للفن أكبر متاحف الولايات المتحدة، وهو الأكبر في مدينة نيويورك، وهو من المتاحف الكبيرة في العالم.

تبلغ مساحة المتحف أكثر من مليوني قدم مربع ويضم أكثر من  3 ملايين قطعة: من الفن الحديث والقديم من مختلف دول العالم، ويضاف إلى ذلك أن هذا الصرح يضم أيضاً قطعاً من الآلات الموسيقية والعسكرية المتنوعة تعود إلى أحقاب زمنية من تاريخ البشرية متنوعة. وفي البداية اقتصر المتحف على الفن الأوربي وقليل من الفن الأمريكي، ولكن مع مرور الزمن اتسع المتحف ليضم مجموعات كبيرة من القطع الفنية والتحف، إضافة إلى جناح خاص بفن التزيين والتصميم الأمريكي، ويحتوي هذا الجناح على 12 ألف قطعة من نماذج الأثاث والتصاميم الأمريكية. وقد انتهى المعماري ريتشارد موريس هونت خريج مدرسة الفنون الجميلة في باريس من تصميم وإنجاز المتحف بطرازه القوطي عام 1926 ومع ذلك بقيت الإضافات مستمرة حتى أخذ شكله النهائي.

واعتباراً من عام 2012 ، احتل المتحف مساحة حوالي 2.000.000 قدم مربع (190.000 م 2 ).

ولا يمكن الزائر لنيويورك تجاهل متحف المتروبوليتان نظراً لموقعه وطرازه المعماري الذي يختلف كلياً عن المعمار الحديث الذي ميز مدينة نيويورك حيث البنايات العالية ذات الواجهات الزجاجية. فالمتحف لا يغري عشاق الفن فحسب، وإنما يغري محبي التصاميم وديكورات القصور الكبيرة وتصاميم الأزياء. والمتحف في نظامه وطريقة عرضه للأعمال الفنية يتجاوز الشكل التقليدي أو الكلاسيكي، الذي ميز متاحف أوروبا خصوصاً متحف اللوفر بباريس أو البرادو في مدريد.

فهو لم يقتصر على الأعمال الفنية وإنما تجاوز ذلك ليشمل عرض آلات موسيقية وعسكرية وأثاثًا قديمًا إضافة إلى جناح خاص بتطور الأزياء حتى العصر الحديث. وما يلفت للنظر ضمه مجموعة من أزياء مغنيي ومغنيات الأوبرا والبعض منها لمصممي أزياء معروفين على رأسهم الإيطالي الراحل فرساشي. وإذا تميز متحف المتروبوليتان بحيازته على مجموعة كبيرة من الفن المصري والآشوري القديم غير أنه يتفاخر بأكبر مجموعة لديه من الفن الإسلامي.

الجناح الخاص بالفن الإسلامي يبرز هذا الجناح تطور هذا الفن منذ القرن السابع الميلادي وحتى القرن التاسع عشر، وليس من المبالغة القول إن الجناح يقدم رؤية شاملة للفن الإسلامي. فالجناح يحتوي على أعمال فنية تمثل مراحل مختلفة من الفن الإسلامي، ولا تقتصر على الخط العربي والمنمنمات والزخارف الإسلامية، وإنما تشمل أيضاً قطعاً فنياً تعكس تطور المعمار الإسلامي وصناعة النسيج وتطور فن السيراميك. والجناح يضم أعمالاً من العالم الإسلامي القديم من الجزيرة العربية والأندلس ومصر وسوريا والعراق والهند وفارس ومنغوليا الهندية. وقد تكون تحفة هذا الجناح هي القاعة الدمشقية التي تجسد رفعة الفن الإسلامي المعماري، ولا يقتصر المتحف على ما لديه من مجموعات فنية وإنما يقوم بين حين وآخر بتقديم عروض فنية لفنانين من العالم أو تقديم عروض خاصة لمراحل فنية معينة أو لبلد أو قارة معينة.

وأول ما يواجه الداخل للمتحف بوابته الكبيرة التي تقوده إلى ساحة الاستقبال للمعلومات، وحيث تكون قاعة الآثار المصرية على يمين الزائر ثم مكتبة المتحف الكبيرة ومن هناك إلى جناح خاص لفن القرون الوسطى الأوروبية.

وقد توزعت أجنحة المتحف على قاعات خاصة كبيرة منها جناح خاص بالثقافة والفن الأمريكيين، بدءاً من القرن السابع عشر وحتى بدايات القرن العشرين.

وهناك جناح خاص بفن الشرق الأدنى القديم ويضم أعمالاً من حقبة الألفية السادسة قبل الميلاد وهي من وادي الرافدين وسورية والأناضول، ولعل ما يميز هذا الجناح هي الأعمال التي تعود إلى الحقبة الآشورية ومن بينها جداريات وتماثيل للثور الأشوري المجنح الشهير.

ثم يأتي جناح كبير من أهم أجنحة المتحف وهو جناح الفن البدائي ويضم أعمالاً من أفريقيا ومن سكان الأمريكيتين الأصليين الهنود، ويحتوي على تماثيل وقطع فنية ذات مواصفات عالية من بنين نيجيريا ومن شرق وجنوب أفريقيا.

ويلي هذا الجناح قاعة كبيرة خاصة بالفن الآسيوي القديم تزينها أعمال وقطع فنية وتماثيل من جنوب شرق آسيا ومن الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وكلها تنتمي إلى مرحلة ما قبل الميلاد. ومن ثم يأتي الجناح الخاص بالأزياء الذي يعكس تطور الأزياء في العالم.

وبعد هذه الرحلة تفاجأ بالجناح الخاص بالفن المصري القديم، والذي يضم أعمالاً من المرحلة الأولى للمملكة الجديدة في مصر القديمة، ولا يقتصر الجناح على أعمال السيراميك والقطع الطينية، بل يضم مجموعة من التماثيل والبورتريهات لملوك المملكة الجديدة في مصر القديمة.

وإذا واصلت السير بعد التجوال في الجناح المصري ستجد نفسك أمام قاعة خاصة بالتخطيط والرسم الأوروبي، وهي تضم أعمالاً لفناني أوروبا الكلاسيكيين بدءاً من عصر النهضة حتى فناني المدرسة الانطباعية بالفن.

وقد توزعت الأعمال الفنية هذه على دول أوروبية عديدة، منها إيطاليا وفرنسا وأسبانيا وبريطانيا وهولندا والدنمارك ويقدم الجناح صورة متماسكة عن تطور فن الرسم في أوروبا ولا يخلو المعرض من أعمال فنانين مشهورين مثل رامبرانت وجويا وروبنز وسيزان ولوتريك وفان كوخ. غيرهم من فناني أوروبا المشهورين وبعد هذه الصالة يأتي الجناح الخاص بفن النحت والديكور الأوروبيين، ويحتوي على أعمال نحتية بدءاً من العصر المتوسط حتى بدايات القرن العشرين، ومن بين هذه المجموعات لدى المتحف مجموعة خاصة بالفنان الفرنسي رودان.

وأما بقية الأجنحة فهي تتوزع ما بين الفن اليوناني والروماني القديم.

إضافة إلى جناح خاص في الفن الحديث الأوروبي والأمريكي وهو يضم أعمالاً فنية لأشهر فناني القرن العشرين مثل ماتيس وبيكاسو وكاندنسكي ومودلياني وفرناندو ليجير وجورج براك وخوان ميرو وآخرين. إضافة إلى أعمال أشهر فناني أمريكا مثل جورجيا أوكيف ووليم ديكوني وجاكسون بولوك واندي وارهول وغيرهم.

ومن بعد ذلك هناك جناح خاص لآلات الموسيقى من أوروبا وإيران وأفريقيا وهو يضم آلات متنوعة من بينها البيانو والعود والجيتار وغيرها من آلات الموسيقى, وما يميز متحف المتروبوليتان ضمه مجموعات خاصة لمحبي الفن أشهرها مجموعة روبرت ليهمان، وقد حرص المتحف على تقديم هذه المجموعة في دليله نظراً لما تضم من أعمال فنية رفيعة. وقد يكون مسك الختام زيارة القاعة الخاصة بفن التصوير الفوتوغرافي، وهي تضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية تمتد من أواسط القرن التاسع عشر حتى عام 1946 من القرن الماضي، وتتنوع المجموعة على أعمال مصورين من أوروبا وأمريكا.


عدد القراء: 10039

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-