أليف شفق أيقونة الأدب التركي الحزينةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2019-02-05 13:54:59

فكر - المحرر الثقافي

لا يُعرف الأدب التركي اليوم وخاصة الرواية التركية من دون ذكر أليف شفق الروائية التركية المميزة التي ترجمت أعمالها الروائية إلى أكثر من 30 لغة من حول العالم وطبعت في تركيا عشرات الطبعات وصارت الروائية الأكثر شهرة وانتشارًا.

لعل ميزة أليف شفق في كتاباتها وكذلك في مواقفها هو نظرتها المتوازنة لكثير من المتغيرات سواء في داخل بلدها تركيا أو ما يتعلق بالخارج وذلك ينطلق من معرفتها وملامستها عن قرب لثقافات الآخر وتفاعلها معه خاصة ان ترجمة أعملها دفعتها أكثر باتجاه المحيط العالمي للأدب فضلاً عن الحس الإنساني العميق.

وأما على صعيد انتشارها عربيًا فلا تكاد تمر بمكتبة في شارع عربي إلا وتجد واحدة أو أكثر من رواياتها المترجمة إلى العربية حتى صار لها جمهور عربي واسع وصارت رواياتها من الروايات الأكثر مبيعًا في العالم العربي.

يمكن القول إن روايتها الأشهر "قواعد العشق الأربعون" هي الأكثر شهرة في العالم العربي بل إنها تحولت إلى ما يشبه الموضة الأدبية على الكل قراءتها ومن فاتته خسر الكثير، في تلك الرواية الممتعة تغلغلت أليف عميقًا في صوفية العملاقين جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي بطريقة بالغة التأثير وبأسلوب رفيع وغير معتاد على صعيد الرواية التركية.

بيع من روايتها هذه أكثر من 750.000 نسخة منها، واحتلت بجدارة موقع الرواية  الأكثر الكتب مبيعًا في تركيا، وحازت على جائزة "ALEF" في فرنسا، ورشحت لنيل جائزة "دبلن" الأدبية العالمية عام 2012 وقام بترجمتها إلى العربية المترجم السوري خالد الجبيلي.

يشير الكاتب ممدوح النابي في مقال له عن عدد من القضايا التي تتناولها أليف شفق في رواياتها وواحدة من أبرزها هي قضية المرأة وحقوقها التي تُصارع من أجل الاعتراف بها في تركيا بصفة خاصة ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامّة، هذه الإشكالية  ظاهرة بصورة لافته في رواياتها "لقيطة إسطنبول" و "مرايا المدينة" و"المد والجزر" و"قصر الحلوى" و"قواعد العشق الأربعون".

في جميع هذه الروايات المرأة المهزومة حاضرة بفعل سُلْطة أبوية أو بفعل سُلْطة الأنساق الحاكمة، أو بفعل سلطة الحب، وكذلك بفعل سُلْطة الأُمُّومة كما طرحت في سيرة الأمومة (إن جاز الوصف) "حليب أسود" التي ناقشتْ فيها مفهوم الأمومة في الإبداع، وكيف أنّها انهزمت أمام هذا الإحساس الذي كانت ترفضه من قبل، وكأنّ المرأة في حبها على تعدّد الواقع عليه الحبّ؛ الأبناء، وكذلك الانتماء للهوية أو الدين، دائمًا مهزومة، لكنها ليست هزيمة المغلوب بقدر ما هي هزيمة المُحبِّ.

في تغريدة لها تبرز كثيرًا من ذلك مؤكدة على دور المرأة فيما يتعلق بالحقوق والحريات الأساسية.

في مقاربتها للأزمة الطاحنة التي تعيشها بلادها نشرت أليف شفق مقالاً مفصلاً في صحيفة الجارديان البريطانية في الرابع عشر من يوليو 2017 عبرت أليف عن بالغ حزنها للحالة التي وصلت إليها بلادها في اضطهادها للمثقفين بشكل خاص، تقول إن هنالك تهميش وإساءة للمثقفين من طرف أنصار الحكومة وهنالك تشويه بالغ للمثقفين في وسائل الإعلام الحكومية ووسائل التواصل الاجتماعي وهنالك مزيد من الاتهامات الكيدية والباطلة للمثقفين ووصمهم بصفة مساندة الإرهاب.

وتبرز أليف معاناة مثقفي بلادها بأنها تعود لكونهم يفكرون بطريقة مختلفة تمامًا وبأنهم يعيشون في وسط ما يعرف بالأجواء الديموقراطية ولكنها في واقع الأمر ليست إلا ديمقراطية هشة وهنالك معاناة حقيقية فيما يتعلق بحقوق الإنسان الأساسية.

تضيف أليف فيما يتعلق بقضية المرأة في بلادها في حديث لموقع بي بي سي: "في تركيا اليوم، كلما جرى الحديث عن المرأة تكون السياسة حاضرة، وأصبحت صور وأجساد النساء أرض معركة إيديولوجية. ويتمحور هذا النقاش دائمًا حول الأنوثة ورموزها، وتجدر الإشارة إلى أن قضية الحجاب هي من أكثر القضايا المثيرة للجدل في هذا المجال. لطالما كانت قضية المساواة بين الرجل والمرأة أساسية في تدعيم الأمة التركية الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية".

أخيرًا تجيب أليف عن سؤال، هل ثم قلق على تركيا؟ فتجيب:

"لا شك أنني قلقة على تركيا جراء حالة الاستقطاب العامة التي تشهدها البلاد، وإن استمرار هذا الاستقطاب بهذا الشكل، سيترتب عليه عواقب اجتماعية وخيمة، قد نكون قادمين من خلفيات مختلفة، كما قد نعطي أصواتنا إلى أحزاب مختلفة، ومن الممكن أن نفكر بطرق مختلفة، لكن كل ما سبق لا يشكل عقبة أمام حقيقة امتلاكنا لقيم مشتركة، نستطيع من خلال إعلائها أن نطور نمط حياة أفضل يحتضن الجميع.

الديمقراطية هي قبل كل شيء هي من أهم القيم المشتركة، وكذلك حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والتعددية وعدم نبذ الآخر، إن تحقيق ما سبق لا يعد مسألة مستحيلة، خاصة بالنسبة لبلد يمتلك ثقافة وتاريخًا بهذا الثراء ومجتمعًا فتيًا وديناميكيًا مثل تركيا، التي يجب عليها أن تتخلص من سياسة السيطرة الذكورية على الواقع السياسي.

أنني أؤمن بالتعددية الثقافية، ولا أؤمن بضرورة التشابه، فنحن أحفاد دولة متعددة الأعراق والملل والأديان، قد نكون اعتقدنا أننا متشابهين، إلا أن ذلك مجرد ظن ووهم، إذ لم نكن في يوم من الأيام متطابقين، ولا داعي أساسًا لأن نكون متطابقين في كل شيء، لأننا قادرون معًا على خلق قيمنا المشتركة".


عدد القراء: 6357

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-