الروسي الأبيض ألكسندر روبتسوفالباب: فنون

نشر بتاريخ: 2020-10-02 02:33:28

فكر - المحرر الثقافي

قضى الرسام والمستشرق الروسي ألكسندر روبتسوف Alexandre Roubtzoff الذي ولد في 24 يناير 1884 في عائلة أحد النبلاء الروس. وتوفي في 26 نوفمبر 1949 معظم حياته في تونس.

ولد وترعرع في بطرسبورغ. لكن تونس أصبحت بالنسبة إليه موطنا ثانيًا. حضر إليها 1 أبريل/نيسان عام 1914 واستقر فيها إلى الأبد. وجد نفسه معزولاً عن الوطن بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى. واستأجر في عام 1915 شقة في شارع الجزيرة، أي على حد يفصل بين القسمين الأوروبي والعربي للعاصمة التونسية حولها إلى ورشة فنية له وأمضى فيها 35 سنة من عمره.

وأصبحت طبيعة المغرب وفنه المعماري ومناظره الخلابة موضوعًا رئيسيًا لأعماله الفنية. وأبدع خلال إقامته في تونس بما يزيد عن 600 لوحة فنية.

كانت تونس آنذاك محافظة فرنسية. وكان روبتسوف فيها ممثلاً لنخبة ثقافة العواصم، الأمر الذي مكنه من الانضمام إلى النخبة الفنية المحلية. واعتبر روبتسوف شخصية فنية بارزة في تونس بعشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي. ومن بين اصدقائه كان البارون دي أرلانجيه الفنان التشكيلي وممول الفنانين وأندريه دوبليه الوزير الفرنسي المفوض في تونس الذي يعتبر أول من أشاد بموهبته النادرة. وقد اشترت الحكومة الفرنسية وبلدية تونس عددًا من لوحاته. وتزين بعض لوحاته أبنية المؤسسات الاجتماعية في العاصمة التونسية.

وقد زار الرئيس الفرنسي آنذاك ڤنسان أريول معرض روبتسوف الشخصي الأخير المقام في باريس حيث أعرب عن دهشته بلوحته "امرأة عربية".

أعماله:

وكرس روبتسوف فنه كله تقريبًا إلى تونس التي أدهشته منذ حضوره إليها. وكان يبدع مستعينًا بأجناس الفن التشكيلي كلها بما فيها اللوحات الزيتية والمائية والغرافيك. واتصف أسلوبه الفني بغناء الألوان وتمازج الضوء والظل والمسحات الجريئة والانتقال المفاجئ من لون إلى آخر. ويعتبر روبتسوف أستاذًا في رسم الطبيعة التونسية ومشاهد حياة الشعب في السوق والشوارع والمساجد. وكانت انقاض قرطاج وشوارع سيدي بوسعيد أيضًا من مواضيع لوحاته المميزة. ولم يكن يربط نفسه بمدرسة أو مذهب في الفن المعاصر له، إذ إنه كان يستجيب لخواطره وأهوائه فقط. وكان مولعًا بسحر اللون والضوء التونسي سعيًا إلى تحقيق اتقان في عكس تجلياته. وكان يقول دومًا إن ضوء روسيا يختلف عنه في تونس حيث يحضر الانسجام والفوضى في آن واحد. وكانت مناظر الأصيل التونسي تجتذبه بصورة خاصة. كما اعتبر نفسه معجبًا بالمرأة العربية.

وكان مشاهير تونس الذين رسم روبتسوف لوحات البورتريه لهم معجبون بتواضعه ونزاهته وشهامته وأناقة هندامه ولامبالاته التامة بالعوائد المادية، ولم يكن يحتاج إلا لمنصة رسم وألوان وكرسي ومذكرات. وأطلق عليه في تونس لقب الروسي الأبيض ليس لانتمائه السياسي بل لشعره الأشقر.

ويعد تراثه الفني اليوم موضوعًا للدراسة من قبل خبراء الفن الأجانب. وتوجد في فرنسا جمعية روبتسوف الفنية التي تعمل على ترويج أعماله الفنية وأفكاره. وأقيم في باريس عام 1984 معرضه الشخصي بمناسبة مرور الذكرى الـ 100 لولادته.


عدد القراء: 4255

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-