عبد الله البردوني .. آخر شعراء الكلاسيكية الكبارالباب: وجوه

نشر بتاريخ: 2018-06-16 03:40:48

فكر - المحرر الثقافي

أحجار مرصوفة، وشاهد قبر في مقبرة (خزيمة)، ذلك كل ما منحته مدينة صنعاء لشاعرها عبدالله البردوني، لكن البردوني، وهو ينام في هذه الجبّانة المنهَكة التي قدم إليها في 30 أغسطس/آب 1999، لم ينس أن يكتب على شاهد قبره أبياتًا من شعره، يعلن فيها استعلاءه على أشكال التدجين والاحتواء.

إنه شاعر متمرد حتى وهو ميت.. قبل 19 عامًا رحل البردوني بعد حياة شعرية مثيرة، هادن فيها وتمرد، وصاحب وخاصم، وخالف المألوف، لكنه كان شاعرًا مخلصًا لمبادئه، وإنسانًا مسكونًا بالجمال.

يعد البردوني حالة خاصة في المشهد الشعري العربي، على مستويات متعدّدة؛ إنسانية وأدبية وسياسية. كان صاحب مجموعة "من أرض بلقيس" الصوت اليمني لجيل من الشعراء العرب الذي رفعوا أصواتهم عاليًا في صراعات الحرية والعدالة. ورغم أنه أصرّ على القصيدة العمودية بقافيتها وأوزانها العروضية كشكل، إلا أنه عرف "كيف يمدّها بطاقات المعاصرة"، كما قال عنه الناقد المصري محمد محمود رحومة في دراسة له عن أشعار البردوني بعنوان "الدائرة والخروج" (1993).

ولد عبدالله صالح البردوني في قرية (بردون) من أعمال مديرية الحدا محافظة (ذمار)، عام 1929، وأصيب بالجدري الذي كان يحصد آلاف من اليمنيين ففقد بصره وهو في العاشرة من عمره. ففقد بصره كليًا، وذهب ذلك "الجدري" لاحقًا لكن آثاره بقت على وجه شاعر اليمن كبثور صغيرة تشير تُذكِّر بالوباء القديم. وكان عندما يسأله أحدهم عن اليمن، يجيب بسخرية فريدة عُرف بها "إذا أردت رؤية صورة اليمن فانظر إلى وجهي". لاحقًا، لن يمنعه هذا العمى من التقدم في الحياة والنيل منها بعيون قلبه وعقله ليتحول إلى حالة شعرية وفكرية قلّ نظيرها في المساحة العربية، لقد أبدَلهُ الله، بصيرةً نافذة عابرة للزمن، وشاعرية فذة جعلت منه واحدًا من أروع الشعراء العرب، واستحق عنها لقب "مستبصر العرب"، وهو ما دفع عباس بيضون أن يكتب عنه قائلاً: "عبدالله البردوني بمعنى ما معجزة الشعر كما كان المعري من قبل وطه حسين من بعد معجزة النثر". كما أطلقوا عليه بعد وفاة الشاعر محمد مهدي الجواهري لقب آخر شعراء الكلاسيكية العربية الكبار.

بدأ كتابة الشعر عام 1949, وكان ينشر قصائده في الصحف المحلية, ومجلة (القلم الجديد) الأردنية.

رحلته العلمیة:

بدأ تلقي تعليمه الأولي في قريته (البردّون) حیث استهلها بتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن وهو في السابعة من العمر، وبعد عامين انتقل إلى قرية (المحلة) وهي من قرى(عئس)، ثم انتقل إلى مدينة ذمار وهناك التحق بالمدرسة الشمسية، وحين بلغ الثالثة عشرة من عمرة بدأ يغرم بالشعر وأخذ من كل الفنون إذ لا يمر مقدار يومين ولا يتعهد الشعر قراءة أو تأليفًا، قرأ ما وقعت عليه يده من الدواوين القديمة. انتقل إلى صنعاء قبل أن يتم العقد الثاني من عمره حيث درس في جامعها الكبير. اتُّهِم بالزندقة فدخل سجن ذمار ومنه نقل إلى سجن صنعاء، فقضى فيه مدة قصيرة. انتقل إلى دار العلوم في مطلع الأربعينيات وتعلم كل ما أحاط به منهجها حتى حصل على إجازة من الدار في (العلوم الشرعية والتفوق اللغوي) وحصل على ليسانس في اللغة العربية والفقه، ثم عين مدرسًا للأدب العربي في عام 1953.

الأعمال التي شغلها البردوني:

رأس البردوني لجنة النصوص في إذاعة صنعاء، ثم عين مديرًا للبرامج في الإذاعة إلى عام 1980، واستمر في إعداد أغنى برنامج إذاعي ثقافي في إذاعة صنعاء (مجلة الفكر والأدب) بصورة أسبوعية طيلة الفترة من عام 1964 حتى وفاته.

عمل مشرفًا ثقافيًا على مجلة الجيش من 1969 إلى 1975، كما كان له مقال أسبوعي في صحيفة 26 سبتمبر بعنوان «قضايا الفكر والأدب» ومقال أسبوعي في صحيفة الثورة بعنوان «شؤون ثقافية».

ويُعد البردوني من أوائل من سعوا لتأسيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وقد انتخب رئيسًا للاتحاد في المؤتمر الأول.

نصير المرأة

وأدى تعاطفه مع حقوق المرأة الشرعية إلى أن يصبح أبرز المدافعين عن النساء في المحاكم وبالذات المطلقات، واللواتي يتعرضن لاغتصاب الإرث من أخوتهن، حتى عرف حينها بمحامي المطلقات.

شعره:

وفي صنعاء العاصمة التقى عددًا من الشخصيات المستنيرة المتطلعة إلى حياة أفضل. عمد إلى التثقيف الذاتي فنهل من المكتبات الخاصة والعامة ولا سيما ما يتعلق منها بالفكر والأدب قديمه وحديثه مدفوعًا كغيره من معاصريه برياح التغيير التي دخلت اليمن بعد الحربين العالميتين مدركًا أن الذي أسقط الحركات الوطنية هو التخلف الاجتماعي للشعب، فتعاطى السياسة في شعره ونثره فانتقلت القصيدة في شعره من التقليدية إلى الرومنسية فالرمزية فالواقعية، والمقالة إلى البحث والدراسة. ويظهر هذا عند مقارنة دواوينه وكتبه القديمة بالجديدة التي تناول فيها مختلف القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية والأدبية معتمدًا على التداعيات ومبدأ الفكرة تجر الفكرة وشجون الأحاديث ويتعمد أحيانًا في سبيل ذلك افتعال المواقف على نحو لا يجرؤ عليه غيره ليحرك الماء الآسن وفق تعبيره.

تميز البردوني عن غيره اللغة الشعرية التي تمكّن من انتزاعها من البيئة المحلية اليمنية وإدراجها في سياق النص الشعري الفصيح، وتخصيب نصه بالرموز الإنسانية التي تمنح النص ثراء دلاليًا وتوسع أفقه الثقافي، واشتغال نصه الشعري على أسلوب المفارقة، الأمر الذي منحه طاقة جديدة، وفتح أمام المتلقي مفاجآت من شأنها أن تكسر أفق التلقي، واستلهام المعطيات السردية في النص، والشغف بالتجريب الذي لا ينبت عن الأفق الرؤيوي للشاعر.

البردوني علامة فارقة في مسيرة الشعر العربي الحديث، لأنه تمكن من تطويع القصيدة لمقتضيات حركة الحداثة الشعرية من زاويتي الرؤية والبنية، مع الحفاظ على الشكل الخليلي الذي ظل وفيًا له دون سائر شعراء العربية الذين جايلوه.

امتاز المنجز الشعري للبردوني بقربه من هموم بلاده وآلامها وإنسانيتها، حيث استطاع انتزاع المعاني من البيئة المحلّية اليمنية وتطويعها في النص الفصيح، وقد عُرف عنه كثرة استخدامه للمفارقات اللغوية، إضافة إلى قدرته على صياغة القصص شعرًا.

"البردوني"، كان حداثيًا، ولم يكن قبليًا. غلبت على "قصائده" الرومانسية القومية، وتميز أسلوبه بالسخرية والرثاء، وهو ما أودى به إلى السجن في عهد الإمام أحمد حميد الدين.

من موقعه كشاعر صار منذ الستينيات معروفًا خارج بلاده، لعب البردوني أدوارًا في الحياة السياسية اليمنية؛ إذ حاول أن يكون صوتًا شعريًا لمطالب الجماهير التي تتحرّق للانعتاق من جور الأنظمة السياسية التي تناوبت على حكم اليمن.

كان البردّوني عرضة لسلسلة من الانتهاكات من قبل نظام علي عبد الله صالح، تمثّل ذلك بالحجر على كتبه وقصائده غير المطبوعة، إضافة إلى إجراءات مالية واجتماعية تعسّفية.

دواوينه ومؤلفاته:

أصدر البردوني خلال مسيرته الأدبية ثماني دراسات، و 12 ديوانًا، هي وفق الصدور: (من أرض بلقيس)، (في طريق الفجر)، (مدينة الغد)، (لعيني أم بلقيس)، (السفر إلى الأيام الخضر)، (وجوه دخانية في مرايا الليل)، (زمان بلا نوعية)، (ترجمة رملية لأعراس الغبار)، (كائنات الشوق الآخر) ، (رواغ المصابيح)، (جواب العصور)، (رجعة الحكيم بن زائد). وقد صدرت هذه الأعمال في مجلدين عن الهيئة العامة للكتاب عام 2002 ، ثم أعيد طباعتها مرارًا.

مؤلفاته: منها: (رحلة في الشعر اليمني)، (قضايا يمنية)، (فنون الأدب الشعبي في اليمن)، (اليمن الجمهوري)، (الثقافة والثورة في اليمن)، (من أول قصيدة إلى آخر طلقة) ( دراسة في شعر الزبیري وحیاته).

وله مخطوطات لم تطبع :

(رحلة ابن من شاب قرناها) ديوان شعر، و(العشق على مرافئ القمر) ديوان شعر، و(العم ميمون) رواية، و(الجمهورية اليمنية) كتاب الجديد.

أعماله بلغات أخرى:

ترجم عدد من أعمال البردوني إلى لغات عالمية، منها:

• عشرون قصيدة مترجمة إلى الإنكليزية في جامعة "انديانا" في الولايات المتحدة.

• "الثقافة الشعبية" مترجمة إلى الإنكليزية.

• ديوان "مدينة الغد" مترجم إلى الفرنسية.

• "اليمن الجمهوري" مترجم إلى الفرنسية.

• كتاب بعنوان "الخاص والمشترك في ثقافة الجزيرة والخليج"، مجموعة محاضرات بالعربية لطلاب الجزيرة والخليج، ترجم إلى الفرنسية.

الجوائز:

نال جوائز عديدة، منها جائزة شوقي للشعر في القاهرة عام 1981م، والسلطان العويس في الإمارات عام 1993م، وأبي تمام في الموصل عام 1971، حصل على وسام الآداب والفنون من عدن 1982 , وصنعاء 1984, كما أصدرت اليونسكو عملة فضية تكريمية تحمل صورة البردوني 1981، وحصد جائزة مهرجان "جرش" الرابع بالأردن عام 1984م،

اكتُشف عبد الله البردوني عربيًا قبل أن يُكتشف يمنيًا وقد كانت قصيدته  (أبو تمام وعروبة اليوم) هي بوابة العبور

إلى عالم الشهرة، حين ألقاها في مهرجان الشعر العربي في الموصل بالعراق عام 1971 ، ويُروى أنه كان ضيف الموصل في مهرجان أبي تمام، وقيل إنه دُعي إلى المنصة، وقد كان بصيراً وبسيط الثياب، فلم يعره الجمهور ــ أول الأمر ــ أي شيء، لكنه ما إن صعد المنصة، وقرأ قصيدته الشهيرة التي خاطب فيها أبا تمام ناسجًا فيها بهدي قصيدة أبي تمام الشهيرة في فتح عمورية، التي جاء في مطلعها الشهير:

السـيف  أصدق  إنباء  من  الكتبِ

                                        في حــدِه  الحـدُ  بين  الجــد  واللعبِ

ويُقال ــ والعهدة على القائل ــ أن الجواهري الكبير لحظة سماعه هذه القصيدة، قام من مجلسه، وقال إن هذه القصيدة لا تُسمع إلا وقوفًا.

ومن هذا التاريخ أصبح للبردوني حضور وإشهار، ولا أقول «شعرية»، فهو شاعر كبير قبل مهرجان أبي تمام وبعده، ولكن الدعاية والإشهار، حصلا له بعد هذا المهرجان المهم.

فيما جاءت قصيدة البردوني على نسجها ولكن بمزاج آخر ومطلعها:

مـا أصدق السيف! إن لم ينضه الكذب

                                    وأكـذب السيف إن لم يصدق الغضب

بـيض  الـصفائح  أهـدى  حين  تحملها

                                     أيـد  إذا  غلـبت  يـعلـو  بــهـا  الغلب

وأقـبح  الـنصر...  نصر  الأقـوياء  بلا   

                                    فهم سوى فهم كم باعوا وكم كسبوا

أدهـى  مـن  الـجـهـل  علم  يطمئن  إلى  

                                      أنـصاف ناس  طغوا بالعلم  واغتصبوا

قـالوا:  هــم  الـبشـر  الأرقى  وما  أكلوا 

                                     شـيئًا.. كـما أكلوا الإنسان أو شربوا

مـاذا  جــرى... يـا أبا تمام  تـسـألـنـي؟   

                                     عفوًا سـأروي ولا  تسأل وما السبب

يـدمي  الــسـؤال  حــيـاءً  حـين  نــسـألــه

                                     كـيف  احتفت بالعدى  حيفا أو النقب

مـن  ذا  يـلبي؟  أمـا  إصـرار  معتصم؟  

                                     كلا  وأخزى من  الأفشين  مـا صلبوا

الـيوم  عـادت  عــلـوج  (الروم)  فاتحة  

                                     ومـوطنُ الــعَــرَبِ الـمسلوب والسلب

مـاذا  فــعـلـنا؟  غـضبنا  كـالرجال  ولم   

                                     نـصدُق.. وقـد صدق التنجيم  والكتب

وفي بعض أبياتها يقول الشاعر الراحل:

 

حبيبُ  وافـيتُ  من  صـنـعــاءَ  يحـمـلـني

                                     نسرٌ   وخـلـف  ضلوعي  تلهثُ  الـعـربُ

مـاذا  أحـــدثُ  عـن  صـنـعــاءَ  يـا أبـتـي

                                     مليحةٌ   عـاشـقـاهـا  الـسلُّ   والـجــربُ

مـاتت  بـصـندوق  (وضـاح) بـلا ثـمـــنٍ

                                     ولم  يمت  في  حشاها العشق والطرب

ويقول كذلك في القصيدة نفسها:

حبيب   مــازال  في  عـيـنـيـك  أســـــئـلــة

                                     بدو ..  وتنسى  حــكايــاهــا  فـتـنـتقـب

ومـــا  تــزال  بحــلــقــي  ألـــف  مــبــكـيــة

                                     من  رهـبـة  أبوح  تسـتـحيي  وتضطرب

يكـفـيـك  أن  عـــدانـا  أهــــدروا  دمــــنــا

                                     ونحن   من دمنا  نحــســوا  ونحـتـلـب

سـحـائب  الـغـزو  تـشـويـنـا  وتـحــجــبـنا

                                     يومًا  سـتحـبل  من أرعـادنـا السحب؟

ألا  تــرى  يــا  (أبـا تــمـــام)  بـارقـــنــــــا

                                    (إن  الـسـمـاء  ترجـى  حين  تحتجب)

تنبأ الشاعر اليمني بأحداث عدة في شعره، بما يكشف عن رؤى واضحة بعيدة المدى.. ففي قصيدته "أبو تمام وعروبة اليوم"، يتحدث عن حال العرب، وعن حلول الربيع العربي، كما تناول "ضياع صنعاء" بقصيدة، ينادي فيها صنعاء بالثورة والانتفاضة مثلما هي الآن.. يقول فيها:

صنعاء  يا أخـت  الـقبور           ثوري  فإنكِ لم  تثوري

صنعاء  من أين الطريق           إلى  الرجوع  أو  العبور

ما زال  يخذلكِ  الزمـان            فتبزغين  لكي  تغوري

يا شمس صنعاء الكسول           أمـا بدا  لكِ أن تدوري

أما قصيدة "سفاح العمران"، ففي كلماتها وصف للواقع اليمني الحالي، ويهجو فيها "البردوني"، شخصية القاتل والمدمر للعمران والمباني والمنازل، بأنه ورث عن فأر سد مأرب خطة الهدم اللعينة، وأنه سارق اللقمات، وناهب الغفوات من أجفان "صنعاء" السجينة، تشبيهاً دقيقاً لما تشهده العاصمة اليمنية صنعاء اليوم.

بل إن قارئ القصيدة، سيشعر، ومن عبارات هجو القاتل الهدام، أنها منطبقة تمامًا، على عبدالملك الحوثي زعيم جماعة الحوثيين، الذي يعبث هدمًا وتفجيرًا في اليمن، وكأنه ورثها عن فأر سد مأرب.. وها هي بعض أبياتها:

            يا قاتل  الـعمران .. أخـجـلت  المـعـاول ..  والمكينة

            مضيت  من  هــدم  إلى..  هــدم، كعاصفة  هجينة

            أخـرجتهـم  كاللاجئـين..  بـلا  معـين،  أو   مـعـيـنـة

            فمشوا  بلا هدف،  بلا.. زاد، سوى الذكرى المهينة

            يستصرخـون  الله  والإنسان..  والشمـس  الحـزينـة

            حتى المساجد،  رعت  فيها الطّهر، أقلقت السّكينة

            يا ســارق  اللّقـمات  مـن .. أفـواه  أطـفـال  المديـنة

            يا ناهب الغفوات،  من .. أجـفـان  "صنعاء"  السّجينة

            من  ذا يكفّ  يديك، عن  عـصـر  الجـراحـات  الثخينة

وفي قصيدته "صنعاء الموت والميلاد"، التي تنبأت بانتفاضة الشعب اليمني، وانتصاره لنفسه والتي كتبها البردوني عام 1970م، أي قبل 48 عامًا.. بدت، وكأنها كتبت بالأمس، وفي مواضع منها يقول:

          ولــدت صـنعـــاء بسبتمـبـر.. كـي تلقـى المـوت بنوفمبـر

         لكـــن  كــي  تـولــد  ثـانـيـة ..  في  مايـو.. أو في أكتوبر

          في  أول كـانــون الثانـي .. أو في  الثانـي مـن  ديسمبـر

         مادامت  هـجـعـتـهــا  حبلــى .. فـولادتـهـــا لـــن  تـتـأخـر

         رغــم  الغثيــان  تحــن  إلـى..  أوجـاع  الطلق  ولا  تضجـر

         أشـــلاء تخفق  كالـذكـرى .. وتنــام  لـتـحـلــم  بالمحشر

         ورماد  نــهــار  صيـفــي .. ودخـــان  كالحـلــم  الأسـمـــر

         ونـــــداء  خـلف  نـــداءات .. لا  تنسـى  عبلـة  يـا عـنـتـر

         وتـمــوت  بـيـوم  مشهــور .. كـي تـولـد فـي يــوم أشهـر

         وتـظـل  تـمـوت  لكي  تحيا ..  وتـمـوت  لكي  تحيا  أكـثـر

وفاته:

توقف قلب البردّ وني النابض بالحیاة في الساعة الحادیة عشرة صباحًا، من یوم الاثنین،الموافق للثلاثین من شهر أغسطس، سنة 1999م. الموافق 18/ 5 / 1420 هـ.

عاش البردّ وني فیها حیاة فكر وأدب، وكان بحق شمعة أضاءت في دیاجیر الیمن في عصوره السوداویة، وكان رمزًا للأدیب المكافح، والشاعر المناضل، الذي قدم نفسه فداء لوطنه.

موقف بين الشاعرين نزار قباني وعبدالله البردوني

من المواقف التي لا تبرح الذاكرة حينما يستمع المرء إليها أو يقرأها، ما نشرته الأديبة أحلام مستغانمي ضمن صفحتها عبر مواقع التواصل عما دار بين الشاعرين نزار قباني وعبدالله البردوني أثناء حضورهما مهرجان جائزة "أبو تمام" في إمارة الأدب والثقافة والشعر العربي بمدينة الموصل بالعراق.

وتتلخص الحكاية في أنه بعد انتهاء قراءة الشاعر البردوني قصيدة "أبو تمام وعروبة اليوم"، ونالت استحسان الحضور، حرص الشاعر نزار قباني إلى الذهاب إلى حيث كان البردوني يجلس وقال له: نعتذر يا أستاذ عبدالله لأننا قرأنا قصائدنا وأنت بحضرتك!

فرد البردُّوني: ولماذا تعتذر؟!

فأجاب نزار: لأنك قلتَ كل ما نريد أن نقوله ولم نقدر.

فسألهُ البردُّوني: من أنت؟

قال: أنا نَزار.

فقال له البردُّوني: قل نِزار لا نَزار، لأن النَّزر هو الشيء القليل.

ضحك نزار ثم قال: اليوم عرفت اسمي.

 

المصادر:

- عارف الساعدي، «مهرجان أبو تمام» يجدد نفسه بحضور شعراء عرب، صحيفة الشرق الأوسط: العدد رقم: 14390، 22 أبريل 2018 م.

- معجم البابطين:

http://www.albabtainprize.org/encyclopedia/poet/0973.htm

- علي المقري، عبدالله البردوني درس الشريعة وأصبح محامي المطلقات، صحيفة الاتحاد، 14 فبراير 2008.

http://www.alittihad.ae/details.php?id=7183&y=2008

- مريم الجابر، مستبصر العرب.. شاعر كفيف تنبأ بأحداث اليمن قبل وقوعها، موقع العربية، 04 ديسمبر 2017.

http://ara.tv/8umet

- السخرية في شعر عبدالله البردّوني، رسالة ماجستير في الأدب: مساعد بن سعد بن ضحیان الذبیاني.

الرابط:

http://mohamedrabeea.net/library/pdf/c28eac3d-c860-490e-933d-a3574c36dc81.pdf

 


عدد القراء: 16936

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-