الوجه الآخر لنزار قبانيالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2020-10-02 01:46:58

فكر - المحرر الثقافي

نعرفه جميعًا وجه نزار قباني «شاعر المرأة»، ولكن ماذا عن الوجه الآخر له؟ في ذكرى ميلاده التي تمر في يوم 21 مارس/آذار من كل عام نحاول التعرف على وجهٍ آخر لنزار قباني.

من القانون إلى السفارة:

الشاعر السوري نزار قباني مواليد دمشق عام 1923، ونشأ في ظل وجود الانتداب الفرنسي. كان منزل «توفيق قباني» والده مكانًا لاجتماع الثوار ضد الانتداب الفرنسي. حفظ نزار الأشعار الفرنسية خلال دراسته في مدرسة تحت الإدارة الفرنسية، كما اطلع على الشعر العربي.

تخرج في كلية الحقوق بالجامعة السورية عام 1945، وعمل في السلك الدبلوماسي، وبدأ عمله في السفارة السورية في مصر عام 1945، ثم سفيرًا في لندن مدة عامين، ثم أنقرة، ثم سفيرًا في الصين، وبعدها مدريد، واستقال من العمل الدبلوماسي بعد 20 عامًا في عام 1966 للتفرغ الكامل لكتابة الشعر.

أصدر أول دواوينه عام 1944 بعنوان «قالت لي السمراء» أثناء دراسته في كلية الحقوق، وقدم خلال مسيرته الأدبية 36 ديوانًا كان آخرها ديوان «أبجدية الياسمين» في عام 1998. توفي في لندن 30 أبريل/نيسان عام 1998، ودفن في دمشق تنفيذًا لوصيته.

انتحار أخته الكبرى بسبب الحب

في عام 1938، بينما كان قباني في الخامسة عشرة من عمره، انتحرت شقيقته الكبرى وصال، حينما رفض أهلها تزويجها ممن تحب، وأرغموها على الزواج من رجلٍ آخر. وقد كتب عنها قباني «صورة أختي وهي تموت من أجل الحب محفورة في لحمي».

قرر أثناء مشيه في جنازتها أن ينتقم شعريًا لها، عبر كتابة شعر الحب الذي «ترفضه مدائن الحجر وتطارده بالسكاكين»، وكان هذا أحد أسباب تركيز قباني على شعر الحب، معلنًا بذلك تحديه للمدن التي قتلت أخته.

ماذا تعرف عن شعره السياسي؟

من أبرز القصائد السياسية التي كتبها نزار قباني قصيدة «هوامش على دفتر النكسة» وكانت عقب نكسة 1967. وفي القصيدة هاجم قباني الوضع الذي قاد الوطن العربي إلى الهزيمة. نتيجة لهذا الهجوم، قررت الإذاعة المصرية عدم إذاعة الأغاني التي كتبها قباني.

في تلك الآونة، حاول البعض إيصال صورة مغايرة عن القصيدة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ولكن قباني أرسل نص القصيدة برفقة رسالة إلى عبدالناصر. حينها، أصدر عبدالناصر قراره بإعادة أغاني قباني إلى الإذاعة المصرية.

وقد سبقها بقصيدة أخرى في عام 1954 تحمل عنوان «خبز وحشيش وقمر»، والتي تسببت في مطالبة أحد مجلس النواب السوري بطرده من وزارة الخارجية، كما تطورت الأمور للمطالبة بتكفيره ومنع دخوله إلى دمشق.

كتب قباني قصيدة أخرى بعنوان «متى يعلنون وفاة العرب»، وقد منعتها الأنظمة العربية لاعتبارها هجاءً للعرب، لكن تمكنت الجماهير من الوصول إليها مما أدى إلى انتشارها.

«مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحر».. رسائل نزار قباني لوالدته

حينما عمل في الحقل الدبلوماسي، كان قباني كثير السفر، ولما كان شديد الارتباط بوالدته، كتب لها قصيدة «خمس رسائل إلى أمي» ليصف حاله من دونها، وقال فيها: «عرفت نساء أوروبا..

عرفت عواطف الإسمنت والخشب..

عرفت حضارة التعب.. 

وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر..

ولم أعثر..

على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر..

وتحمل في حقيبتها..

إليّ عرائس السكر..».

قتلوكِ يا بلقيس.. أية أمة عربية تلك التي تغتال أصوات البلابل

توفيت زوجته الثانية – وحبيبته – «بلقيس» خلال الحرب الأهلية في لبنان في حادث تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981 أثناء عملها هناك، وهنا كتب قصيدته التي تحمل اسمها، واتهم الأمة العربية بقتلها.

كان قباني قد التقى ببلقيس في العراق عام 1962، ولكن رفضت قبيلتها العراقية طلبه بالزواج منها، فسافر على عمله في إسبانيا، وظل على تواصلٍ مع بلقيس. وبعد مرور 7 أعوام، وافقت قبيلة بلقيس على الزواج.

فتزوجها قباني في عام 1969، وعاشا في بيروت حيث مقر عملها في السفارة العراقية هناك. وبعد الزواج بعشرة أعوام، كتب قباني قصيدته الشهيرة «إلا أنتِ».

وفاة «الأمير الدمشقيّ» توفيق قباني

قبل زواجه من بلقيس، تزوّج قباني من «زهرة أقبيق» أثناء عمله دبلوماسيًا في السفارة السورية في القاهرة عام 1946. كانت أقبيق ابنة القاضي وعضو مجلس النواب محمد أقبيق، واستمر زواجهما 6 سنوات.

أنجبت زهرة أقبيق ابنتهما الكبرى هدباء عام 1947، وتوفيق عام 1950. توفي توفيق في لندن عام 1972 أثناء دراسة الطب، ورثاه والده بقصيدة بعنوان «إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني».

الشعر ليس مستحيلاً بعد بلقيس

وكما أشرنا أنه كتب قصيدة رثاء بعد موت زوجته بلقيس، واتهم الأمة العربية بقتلها، فقد جاء في آخر أبيات القصيدة «نامي بحفْظِ اللهِ.. أيَّتُها الجميلَةْ، فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ.. والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ».

وعلى الرغم من هذا، إلا أنه أصدر ديوانًا بعنوان «الحب لا يقف على الضوء الأحمر» في عام 1985 أي بعد حوالي 4 سنوات من وفاة بلقيس. وتحدث نزار قباني فيه عن حب جديد لامرأةٍ جديدة أنسته النساء من قبلها، فقال:

«هل عشقت امرأةً قبلك يا فاطمة؟

إنني لا أتذكر..

هل سأهوى امرأة بعدك يا فاطمة؟

إنني لا أتصور».


عدد القراء: 5354

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-