الوقت .. ومروره السريعالباب: حياتنا

نشر بتاريخ: 2017-03-20 19:45:35

فكر - المحرر الثقافي

عندما تتذكر يوم كنت جالساً في حصة مملة يمرّ الوقت فيها بمنتهى البطء وتشعر إن الدقيقة تمر كساعة .. وأيضاً يمكنك أن تتذكر عندما ذهبت في رحله ممتعه مع الأصدقاء قضيت معهم 8 ساعات ولكنك لم تشعر بالوقت .. لقد أنقضى بسرعة البرق هناك من يجري العمليات الحسابية المعقدة بمنتهى السرعة وهناك من يستطيع القراءة بسرعة .. البرق فهؤلاء لديهم خبرة تحريف الوقت فتمر المعلومات  إلى عقولهم بسرعة البرق ولقد تم أثبات ذلك علمياً بواسطة أينشتاين الذي أثبت  إن الوقت نسبي من فرد لأخر فهناك الكثير من الناس من خاضوا تجربة عرض شريط  حياتهم بالكامل كشريط سينمائي أثناء تعرضهم لحادث يهدد حياتهم .. ولقد أكتشف الباحثون أن دقيقة واحدة فقط في الحلم تبدو كما لو أنها ساعة بالنسبة للشخص الحالم.

من الناحية العلمية، لا توجد حقيقة ثابتة متعلقة بمسألة مرور الوقت بسرعة أو ببطء. فعلى الرغم من أن الدقيقة ثابتة ولم يتغير زمنها فهي ما تزال 60 ثانية، ورغم ثبات الساعة بكونها 60 دقيقة؛ إلا أن هناك العديد من النظريات التي حاولت تفسير مرور الوقت على نحو أسرع أو أبطء أحياناً.

درس الكثير من العلماء هذه القضية التي ما تزال عالقة، ومن أبرز هؤلاء كان ويليام جيمس الذي يعتبر الأب الروحي لعلم النفس الأمريكي، وكان ذلك في نهاية القرن التاسع عشر. تشرح نظريته لماذا يبدو الوقت أطول عندما تكون متجهاً إلى مكان لم يسبق لك الذهاب إليه من قبل، لكن طريق العودة يستغرق وقتاً أقصر ولا تشعر بطول الوقت رغم أن الزمن الذي استغرقته ذهاباً مماثل لذلك الذي استغرقته إياباً.

كما درس ويليام فريدمان، أستاذ علم النفس الفخري في كلية أوبيرلين، الكثير من مظاهر كيفية شعورنا بالوقت بما في لك النظرية التي تقترح أننا نشعر بمرور الوقت سريعاً كلما تقدمنا في العمر.

ويفسر فريدمان ذلك بقوله أن الطفل البالغ من العمل 5 أعوام لم يعش سوى 1825 يوماً مما يعني أن اليوم أطول كونه يمثل نسبة عالية من عمره، فيما يختلف الوضع بالنسبة لرجل يبلغ من العمر 50 عاماً إذ عاش الكثير من الأيام والبالغ عددها 18250 يوماً، مما يعني أن اليوم يشكل نسبة ضئيلة جداً من عمره المديد.

في المقابل، يدعي الكثير من الناس أن الزمن أصبح حقاً يمضي بسرعة في الآونة الأخيرة دون تقديم أي تفسير علمي أو نفسي لذلك. لكن لعل السبب يكمن في توفر الكثير من وسائل الرفاهية لدينا في الحياة الحديثة، والعديد من وسائل إضاعة الوقت. إلا أن ذلك لا يفسر سبب مرور الوقت بسرعة بالنسبة لمن لا يستخدم هذه الوسائل على الإطلاق.

فتقول الكاتبة باسمة أبو شعبان عند انخفاض درجة حرارة الجسم نقدر الوقت بأقل من حقيقته، وكلما زاد نشاط الجزء الأيمن من المخ، وهو المسؤول عن الفنون والابتكارات، يتكون عند الشخص إحساس بسرعة الزمن، فالمرء يشعر بسرعة مرور الوقت عندما يرسم أو يبتكر.

الإحساس بالوقت يختلف عما تسجله الساعة، فلدى كل منا الساعة البيولوجية الداخلية التي تعكس الإيقاع الداخلي، فإذا كان الإيقاع الداخلي للشخص بطيئاً يمر الوقت أسرع، وإذا كان الإيقاع الداخلي سريعاً يحدث العكس، 25 في المئة فقط من الأشخاص لهم القدرة على تقدير الوقت بصورة سليمة بنسبة إضافة أو نقص لا تزيد على عشرة في المئة، بينما 75 في المئة يقدرون الوقت بنسبة إضافة أو نقص تتراوح بين 50 إلى 25 في المئة.

عند انخفاض درجة حرارة الجسم يكون تقديرك للوقت أقل من حقيقته، الأشخاص الانطوائيون يشعرون ببطء مرور الوقت والعكس بالنسبة للانبساطيين، والأشخاص الأكثر سمنة لهم القدرة على تقدير الوقت أكثر من معتدلي الوزن.

وفي جامعة «مينيسوتا» (بلين شنايدر، وجوس) الأمريكية، توصل باحثان إلى اكتشاف يوضح بأن أعصاب العقل تستطيع وضع تصور للوقت ولقياسه وتفسير الشعور بسرعته وبطئه.

ووفقاً لما نشرته (الديلي ميل) البريطانية، فقد بدأ الباحثان تجاربهما عن طريق وضع قردين في أحد الغرف أمام شاشة تظهر بها نقطتان وتختفيان خلال ثانية، ودُربت القرود لمتابعة هذه النقاط بأعينها، ولاحظ الباحثان أن القردين باتا قادرين على التنبؤ بظهور النقطة وأصبحت أعينهما تنتقل من نقطة إلى أخرى خلال ثانية واحدة فقط بعد أن تقلصت أنشطة الأعصاب في المخ.

وقد اعتبر العلماء أن هذا التقلص في النشاط هو السبب في معرفة القردين للوقت بالتحديد، وأن ذلك قد يسمح للإنسان بالتحكم بالوقت من خلال أعصاب المخ، كما أنه يوضح الأسباب وراء الشعور بأن الوقت يمر سريعاً أو بطيئاً أحياناً، فالأعصاب هي التي تضع التصور للوقت.

تقدم السن يشعر الإنسان بسرعة مرور الوقت:

 كلما تقدم الإنسان في العمر، كلما زاد شعوره بسرعة مرور الوقت، فهل هذا حقيقي وما هي الأسباب في رأى علماء النفس؟

ذكر موقع ( Deutsche Welle ) إن بعض علماء النفس من جامعة لودفيج ماكسيميليان في ميونخ يحاولون التحقق من هذا الأمر، حيث قاموا باستطلاع مع أشخاص تتراوح أعمارهم بين 14 و94 عاماً وسألوهم عن تقييمهم عن مدى سرعة مرور السنوات العشرة الأخيرة من عمرهم.

وأضحت الدراسات أن هذه المقولة صحيحة بشكل عام، وأن الأشخاص الأكبر سناً شعروا بمرور الوقت سريعاً مقارنة بالشباب، لكنهم في الوقت نفسه لاحظوا أن هناك نتائج متباينة جداً.

وأرجح بعض العلماء يرجعون هذا الأمر إلى عملية حسابية يبتكرها عقل الإنسان بشكل أوتوماتيكى معتمداً على الفترة التي عاشها من حياته، فالعام الواحد يمثل ثلث الحياة بالنسبة لطفل في الثالثة من عمره، على عكس كهل في الثمانين، فالسنة الواحدة تشكل جزءاً واحداً من ثمانين جزء بالنسبة له، ما يعنى أن إدراك عقل الإنسان لمرور الزمن مسألة تتناسب بشكل طردي مع عمره.

وأشير إلى أنه على رغم أن العملية الحسابية منطقية إلا أن هناك اختلاف في آراء الباحثين، إذ يرى بعض الباحثين أن الأشخاص الذين يتقاعدون وأعمارهم 65 سنة يشعرون أيضاً بأن الوقت يمر ببطء، لانشغالهم باكتشاف حياتهم الجديدة بدون عمل، ما يعنى ابتعادهم عن روتين الحياة اليومية. ويشير علماء النفس إلى دور الذاكرة في سرعة مرور الوقت، إذ يرون أن كثرة التذكر تجعل الوقت يمر ببطء.

وقد أصدرت الباحثة البريطانية كلاوديا هاموند كتابها (دوران الوقت) وتوصلت إلى أن هناك عدة عوامل تؤثر في شعور الإنسان بالوقت ومدى إحساسه بسرعة أو بطء مرور الساعة.

ومن تلك العوامل السن والحالة الصحية، وكذلك المشاعر الخاصة والحالة النفسية، وهي كلها أشياء تؤثر على مخ الإنسان وتجعله يشعر بالوقت بشكل مختلف في مواقف مختلف وفي فترات النهار أيضاً.

وخلص البحث إلى أن الوقت يمر أسرع ولا يشعر به الإنسان كلما كان سعيدا وفي حالة استرخاء وهدوء نفسي، وإذا كان لا يشعر بالخوف أو القلق.

بينما يحدث العكس ويمر الوقت بطيئا عندما تتغير الحالة النفسية ويصبح الإنسان في حالة اكتئاب أو غضب أو يتملكه الخوف سواء لأسباب معروفة أو غير معروفة.

والمثير أن سرعة الوقت تتغير أيضا وفقا لطباع الإنسان وخصاله وأسلوب تعامله مع المواقف المختلفة، فالأشخاص الذين يتمتعون بروح الدعابة والمرح ويحاولون الاستمتاع بأوقاتهم ويميلون إلى الفكاهة لا يشعرون عادة بالوقت ودائما ما تمر عليهم الساعة بشرعة أكبر مرتين من الأشخاص الآخرين الذين يعيشون في أجواء الكآبة، والضيق ويشعرون بالقلق من التعامل مع الآخرين.

وقد أثار هذا الكتاب اهتمام الكثيرين سواء من الباحثين أو المواطنين العاديين الذين كانوا يحاولون دائما الوصول إلى حل شفرة الوقت، ومعرفة الأسباب التي تجعل الوقت يمر بسرعة أو ببطء، ولا يستطيعون إنهاء جميع أعمالهم المطلوبة منهم في الأوقات المحددة لعدم قدرتهم على التحكم بالوقت.

ووضع الكتاب العديد من الحلول التي يمكن اللجوء إليها لتعزيز الاستفادة بالوقت، أبرزها التخلص من الخوف والقلق دائما، والعمل على الوصول إلى الراحة والاسترخاء أثناء التعامل مع المشكلات والقضايا الهامة، حتى لا نشعر بالوقت ولا يتسبب القلق في زيادة الضغوط النفسية والشعور بمرور الوقت سريعا وعدم القدرة على الإنجاز في الوقت المحدد.


عدد القراء: 8744

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-