جمهورية الحروف العربية: الإسلام والتنوير الأوروبيالباب: مراجعات

نشر بتاريخ: 2018-10-12 12:34:11

فكر - المحرر الثقافي

الكتاب: "جمهورية الحروف العربية: الإسلام والتنوير الأوروبي"

المؤلف: الكسندر بيفلاكوا

الناشر: دار نشر جامعة هارفارد

سنة النشر: 23 فبراير  2018

عدد الصفحات: 360  صفحة

الرقم المعياري الدولي للكتاب: ISBN-13: 978-0674975927

 

يرصد الباحث تجربة التعارف الأولى بين القارة الأوروبية والعالم الإسلامي وبالتحديد في فرنسا عام 1679 عندما أصدر الفرنسي Batehlemey D’Herbelot الموسوعة الشرقية bliatheque Orientale.

كانت المرة الأولى التي يتاح فيها للقراء الأوروبيين الاطلاع على إنتاج عشرات من الكتاب العرب والفرس والأتراك. ويجادل مؤلف جمهورية الحروف العربية وهو أستاذ في جامعة ماسوتشسيتس بأن الموسوعة الشرقية نجحت في تغيير الإدراك الغربي عن الإسلام والعالم العربي. يمثل رجال مثل هيبريلو وجورج سيل مترجم القرآن و سيمون أوكلي مؤلف تاريخ الفتوحات العربي، يمثل هؤلاء الجيل الأول الذي فتح عقول أوروبا على قراءة جديدة للعالم الإسلامي تخالف قراءة أسلافهم التي لم تر في الإسلام سوى هرطقة قادمة من الشرق. ويرى المؤلف أن ما عزز هذا المسعى كان ازدهار التجارة العالمية، وبدء الإرساليات المسيحية في التوجه شرقًا. يشدد بافيلاكوا، على أن رجال الدين الكاثوليك والبروتستانت حين توجهوا شرقًا لدراسة الإسلام، لم يكن ذلك بسبب شكوك في عقيدتهم ولكن نتيجة لما طرأ على العالم من تطور معرفي حتم إعادة النظر في أحكام كثيرة مسبقة سادت العصور الوسطى. يثبت بافيلاكوا من خلال هذه الدراسة الشيقة أن ثمة علاقة قوية بين التطور المعرفي والتطور المادي صناعة الكتب. فإعادة النظر إلى الإسلام في الغرب لم يكن ليحدث لولا توافر الموارد المعرفية التي مكنت الباحثين من العودة إليها في القرن السابع عشر.

الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في الكتاب هو حجة المؤلف بيفيلاكوا بأنّ هؤلاء العلماء تنافسوا وتبادلوا الأفكار مع بعضهم بعضًا، وأثروا على مفكرين بارزين في التنوير مثل؛ مونتسكيو وفولتير. لسوء الحظ، فإنّ هذا الجانب غير واضح كثيرًا؛ حيث يسعى الكتاب لنثر سعة أكبر من المعلومات بدلاً من التعمق في التحليل والاستقراء، ومع هذا بدا العمل سعيًا جديًا لزراعة أفضل الأفكار، وإزالة أخرى هي المتداولة عما خصّ الإرث الإسلامي غربيًا.

بعد اكتشاف هذه الأعمال، التي أوردها الكتاب، في نهاية القرن السابع عشر، تعجب القرّاء الأوروبيون "بعد أن ابتلعوا الأكاذيب حول المسلمين وإيمانهم لقرون". ولكن من خلال البحث الدؤوب، ساعدت دائرة من المثقفين الأوروبيين على تقديم كنوز حقيقية في لغات جديدة، حتى وإن بدا عملهم "سيشكل وجهات نظر أجنبية للشرق الأوسط في العصر الحديث".

وفي دراسته الجديدة كليًا، يبدأ ألكسندر بيفيلاكوا بمهمة تقصي الكتب التي بدأ سعي الأوروبيين إليها منذ حوالي عام 1600، حين جمعوا آلاف المخطوطات العربية والتركية والفارسية من أسواق الشرق الأوسط، وانتهى الكثير منها في المكتبات "الشرقية" الكبرى في ليدن بهولندا وأكسفورد وباريس. كانت الكتب التاريخية والجغرافية تحظى بشعبية كبيرة والتي برع الكتاب المسلمون في تأليفها، لذا حظيت بأولوية، وكذلك كانت هناك الدراسات الاستقصائية للفقه الإسلامي والتاريخ، والترجمات العربية للنصوص اليونانية القديمة مرغوبة أيضًا. وتم "إرسال أنطوان غالاند، الدبلوماسي الفرنسي، إلى اسطنبول في عام 1679 مع قائمة تسوق مكتوبة في حوالي عشرين صفحة".

وبعد أن قسّمت حركة الإصلاح المسيحية الأوروبية التجمعات الدينية إلى معسكرين معاديين، تنافس الكاثوليك والبروتستانت ليس فقط مع بعضهما بعضًا من أجل الروحية الفكرية الأوروبية؛ بل سعيًا لإثبات نفسيها للعالم، بما في ذلك المسلمون، ولذا بذلوا اهتمامًا مشتركًا بالفكر الإسلامي، فقد كان على المسيحيين أن يفهموه، حسب رأي الطائفتين الكبيرتين.

هذا برز في عام 1698، فقد شاهد الكاهن الإيطالي لودوفيكو ماراتشي الترجمة اللاتينية للقرآن منشورة، مع اللغة العربية الأصلية فعمل على ما وصفه "دحض الإسلام"، بترجمة ودحض كل سورة في المقابل "لكن من خلال دراسة "إيمان غريب"، قام ماراشي ومعاصروه بخدمة كبيرة"، يقول بيفيلاكوا، فلم تعد الآراء الخادعة للقرون الوسطى عن الإسلام بوصفه "محاكاة ساخرة شيطانية" ذات مصداقية.

في عام 1650، نشر مستشرق إنجليزي وعالم في الكتاب المقدس، هو إدوارد بوكوك "عينة من تاريخ العرب"، وهي "لقطة فخمة للحياة والثقافة العربية". كذلك أنتج مستشرق إنجليزي آخر هو سيمون أوكلي "غزو سوريا، بلاد فارس ومصر، من قبل المسلمين"، ونشره كتابًا في عام 1708، كاشفًا عن عناية مزدوجة فاعلة للمسلمين "أسلحتهم وتعلمهم". ونقل بوكوك العشرات من الأعمال المتاحة حديثًا باللغة العربية في "عينة"، لا تضم فقط الأعمال الدينية الإسلامية ولكن تلك الطبية والعلمية التي وضعها ابن سينا، وهو طبيب فارسي، و موسى بن ميمون (المعروف باسم ميمونديس)، الفيلسوف اليهودي. لقد "ساعد هذا الشرق الأوسط على أن يبدو أقل غرابة"، كما يكتب بيفيلاكوا.

وعبر سلسلة من الاتصالات المعرفية هذه "أدرك الأوروبيون أخيرًا أنّ الثقافة الإسلامية متجذرة في القيم الغربية".


عدد القراء: 6365

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-